اعلان

الاثنين، 24 أغسطس 2015

التجربة الأولى في التخاطر



التجربة الأولى في التخاطر

مهما تكلم العلماء في موضوع التخاطر، فإن كلامهم يبقى دائما في إطاره النظري وفي شكله الإفتراضي ، بعيدا عن جادة الصواب العلمي ، مالم يتدخل التجريب في دراسة هذه الظاهرة ، ليدخل ذلك في إطاره التطبيقي أو العملي بكل موضوعية ، بعيدا عن الملابسات الذاتية ، والمفاهيم الوهمية ..
وحقيقة.. توجد مجموعة من التجارب التطبيقية ، الهادفة للإثبات والبرهنة على صحة عملية التخاطر.. وسنقوم بأول تجربة في هذا الصياغ ، على أن نزيد من هذه التجارب حتى ندرجها كاملة في المواضيع القادمة .. ليتسن لكل قارئ أن يقوم بهذه التجارب بنفسه ، وليباشر في ما بعد عمليات الإرسال أو الإستقبال بكل نجاح بعد عمليات التدريب التي يتلقاها من خلال ما يقرأه في هذه المواضيع التي ندرجها عبر هذه المدونة ..
تجربة السكون المزدوج :
 وفيها يقوم المجرب أو المعني بالأمر في تأخير ساعة نومه ليلا حتى الساعة صفر.. بل من الأحسن حتى الساعة الثانية صباحا..
في هذا الوقت بالضبط تكون الحركة والأصوات شبه منعدمة ، أو منعدمة تماما ، خصوصا في القرى والمدن الصغيرة والأرياف .. وهو ما يؤدي إلى الشعور بسكون الطبيعة ليلا ووصوله إلى ذروته وقمته ..
وهذا الوقت بالضبط يناسب كثيرا الكتاب والمؤلفين والشعراء ، وأصحاب الابحاث العلمية.. وخصوصا من هم في إستعداد للإمتحانات العامة..
ويترافق الشعور بسكون الطبيعة مع الشعور بسكون الأعصاب وراحتها ، مما يؤدي إلى حالة من الشعور بالقدرة الكاملة على التركيز اللامقصود أو اللامتعمد..
فالحركة والصخب والضجيج والفوضى باستمرار تؤدي إلى الشعور بالقلق والتوتر وتعب الأعصاب وضعف القدرة على التركيز.. وعلى العكس ، كلما إزداد سكون الطبيعة ، كلما إزداد الشعور بالراحة العصبية ، والقدرة على التركيز.
هذا التركيز المكتسب بصورة تلقائية هو العامل الأساسي المساعد على الدخول في حقل التخاطر.
سكون الليل وسكون الأعصاب في آن واحد يسمى بالسكون المزدوج..
الشعـور الموحــد:
في حالة السكون المزدوج الذي يحدث في نفس الإنسان وفي الطبيعة ،  يحدث التطابق كاملا بين شعور الإنسان بذاته .. وشعوره أو إحساسه بهذه الطبيعة التي حوله ..
هذا التطابق هو الذي يخلق تلك الهيئة الموحدة بين المشاعر الموجة للذات والمشاعر الموجهة لخارج هذه الذات أي للطبيعة..وتكون هذه المشاعر لها نفس الإدراك الحسي لما في الذات وما في خارجها..
فكما يشعر الإنسان بنفسه وجسده ، يشعر أيضا بالطبيعة حوله كما لو كانت جزء منه ، وباعتبار أن هذه الطبيعة هي الجسد الثاني له..
القدرة على التوحد مع الأشياء الخارجة عن ذاتنا ، هي قدرة أصيلة فينا وولدت معنا .. حيث تخضع للسلوك الفطري لدى الإنسان ..
فالطفل الصغير في المرحلة الاولى من نموه أي تلك المرحلة المسماة بالمرحلة الفمية ، لا يستطيع التفرقة بينه وبين الأشياء حوله ، فيرى جسده وجسد أمه كأنهما شيئ واحد .. ويعجز تماما أن يفصل بينهما .. كما يرى أن جسمه والجدار والأشياء التي أمامه شيئ واحد أيضا..  وهي الحالة التي يسميها العلماء بمرحلة اللاتمايز.. أي أن الطفل لا يستطيع التمييز بين ذاته وبين الأشياء الخارجة عن هذه الذات..وهو المفهوم الذي الذي يزيد في توضيح عملية التوحيد أو التوحد..
الذات الداخلية و الذات الخارجية للإنسان :
شعور الإنسان بذاته هو ذلك الشعور الداخلي ، ويسمى بالذات الداخلية للإنسان..
وشعوره بالطبيعة هو ذلك الشعور الخارجي ويسمى بالذات الخارجية لهذا الإنسان..
و في حالة السكون المزدوج يحدث التطابق بين الذاتين ..
الذات الداخلية..
والذات الخارجية..
أي تكون ذات الإنسان كاملة وموحدة بين خارجها وداخلها..
وفي هذه الحالة يكون الإنسان أكثر إستعداد للتجاوب مع الطبيعة تجاوبا تخاطريا يتميز بالإستقبال والإرسال.
وعلى القارئ أن يتمسك جدا ويتشدد ويركز على الفهم الجيد لهذه المصطلحات ، لأن ذلك يهمه بالنسبة للمواضيع القادمة.
حالـة التنبـؤ:
وعندما يصل الإنسان إلى هذه الهيئة الموحدة بينه وبين الأشياء ، أي بينه وبين الطبيعة وكأنهما شيء واحد.. وبصورة مستمرة .. فإنه يكون بإمكانه قوة التنبؤ بما يحدث خارج ذاته..
أي يصبح للذات الداخلية قوة الإمكانية في الشعور بما يحدث للذات الخارجية.. وذلك لأنها موحدة معها.. وهذه الوحدة تحدث علاقة التنبؤ والإحساس والشعور الخارجي كما لو كان داخليا..
ولتوضيح ذلك أكثر..
تخيل أن روحك توجد خارج جسمك..
وفي هذه الحالة يوجد إنفصال بينهما ..
إنفصال بين الجسد والروح ..  
فلا تشعر أبدا بما يحدث لجسمك من آلام حتى ولو كانت شديدة ومركزة..وذلك نتيجة للإنفصال الذي حدث بين الظاهرتين :
ظاهرة الروح..
 وظاهرة الجسد..
مثل حالة التخدير التي يتعرض لها المريض في العمليات الجراحية ، فهو لا يشعر بأي ألم في جسمه نتيجة للفصل بين روحه التي يشعر بواسطتها وبين جسده..
بينما لما يزول مفعول التخدير يعود الإحساس بالجسم وما يحدث له من ألم أو لذة أو راحة.. نتيجة لحالة التوحد بين الظاهرتين السابقتين..
العلاقة بين الروح والجسد تماثل تماما العلاقة بين الإنسان والطبيعة.. ذلك لأن جسد هذا الإنسان هو جزء من هذه الطبيعة..وهذه الطبيعة هي جسد ثاني للإنسان.
الإنسان والطبيعة شيء واحد.. أو ظاهرة واحدة.. بينما يشعر الإنسان بانفصال الطبيعة عنه.. أو بانفصاله عن هذه الطبيعة ، نتيجة للتخدير الذي يتعرض له طوال يومه أو طوال حياته.. فظروف العمل ، والدراسة ومشاغل الدنيا ومشاكلها ، تفصل بينه وبين الإحساس بما يحدث في الطبيعة من آلام أو ملذات..وهو ما يفسر سر الإضطراب الذي تتعرض له البشرية جمعاء[1].
فالإنسان والطبيعة حالتان منفصلتان عن بعضهما بحكم ظروف العيش..
ولكي يصل الإنسان للإحساس والشعور بما يحدث في الطبيعة الخارجة عن ذاته أو المنفصلة عنها يجب أن يصل لحالة التوحد مع هذه الطبيعة..
وحالة التوحد تحدث نتيجة للقوة والقدرة على التركيز الذي يحدث تلقايئا وقت السكون ..
حيث يصبح الإنسان والطبيعة شيء واحد و موحد .. وحيث تكون هذه الطبيعة بمثابة جسده ، فيحس ويشعر بكل ما يحدث فيها من أشياء.. مثلما يشعر بجسمه .. وهو بذلك قد إكتسب القدرة على الإرسال والإستقبال في التخاطر..
عملية الإرسال:
التأثير على الذات الداخلية :
في الحالة التي يكون فيها الإنسان موحدا ومتحدا مع ذاته الداخلية ، فإنه يستطيع التأثير في هذه الذات تأثيرا إيجابيا أو تأثيرا سلبيا .. أي أنه يمكنه التأثير على جسمه أو نفسه عن طريق إرسال إيحاءات إليه.. وذلك بالطريقة التالية :
تمدد على فراشك ، مستلقيا على ظهرك.. بثياب واسعة تمكنك من خلق الإستعداد لعملية الإسترخاء .. في وسط ساكن ومظلم بطبيعة الحال يتوفر فيه الشعور بالهدوء..
إبدأ في العد بكل بطء من 1 إلى 100 على الاكثر..
ثم إبدأ في توجيه تخيلاتك بالإسترخاء في كل أعضاء جسمك بصورة مجزأة إبتداء من القدمين إلى الرأس بكل بطء وهدوء..
تخيل بان الإسترخاء قد حدث بالقدمين .. فالساقين والفخذين..والبطن والصدر ..ثم الذراعين والرقبة والرأس.. ثم الظهر والكتفين..
إبق مدة دقيقتين على الأكثر وأنت تتمتع بالشعور بالإسترخاء..
تمتع متعة كاملة بهذا الإسترخاء..
وبعد دقائق معدودة يحدث الإسترخاء فعلا في كل جسمك بصورة ملموسة وملحوظة دون شك أو ريب ..
عندئذ يمكنك التأكد في أن ما حدث لجسمك من إسترخاء ، إنما نتج عن قيامك بعملية إيحاء .. أي عملية إرسال الأفكار إلى جسدك..
يمكنك تكرار التجربة مرة ومرات للتأكد من صحة الفكرة..
وهناك مئات التجارب التي تؤكد للإنسان إمكانياته في القيام بعملية اإرسال الأفكار إلى جسده .. وبنفس الطريقة يمكن إرسال هذه الأفكار إلى النفس أيضا[2]..
التأثير على الذات الخارجية:
عندما ينجح المجرب في التأكد من عملية الإرسال من النفس إلى الجسد .. يكون بإمكانه أن يتأكد من هذا الإرسال إلى الجسد الثاني أي الطبيعة الخارجية وما عليها من أناس وأشياء .. ذلك لأننا وضحنا في أن الطبيعة هي أيضا جسم للإنسان بمفعول عملية التوحد..
وطالما أن الإنسان في فترة السكون قد توحد مع الطبيعة حوله ، أي مع جسده الثاني ، فإنه يبدأ في الشعور والإحساس بما يحدث فيها باعتبارات حسية تتمثل بالدرجة الأولى عن طريق السمع .. إذ أنه كما هو مجرب حقيقة مئات المرات ، يبدأ في الإستماع إلى أصوات آدمية تطرق ذهنه مرة بعد أخرى بكل شفافية ووضوح.. منها ما يستطيع أن يميز صاحبها بالضبط .. ومنها ما لا يستطيع تمييز صاحبها..
ومن أمثلة ذلك الكلمات التالية :
" أنا جاي"
" قل له يبتعد عن ... "
" ما تبطاش .."
" هو نائم.. "
الكلمات التي يسمعها هي كلمات بالدارجة ومبعثرة وغير متسلسلة مع بعضها البعض ، مما يثبت بانها لا تنتمي لشخص واحد.. بل هي عبارات منطلقة عبر الفضاء لمجموعة من الأشخاص بحيث لا توجد علاقة لأحدهما بالآخر..
وهذه الأفكار المنطلقة عبر الفضاء تكون من عمق البئة التي يعيش فيها المستمع الحائز على إمكانية الإستقبال .. ولها صلة كبيرة بمعتقداته وثقافته وطبيعة شخصيته .. وهو ما يمهد للتطرق لما يسمى بالرمزية [3]، في الفصول القادمة والتي تمكن القارئ من التوغل أكثر في موضوع التخاطر..
القدرة على إستماع هذه الأصوات تؤكد دخول الإنسان في حقل التخاطر.. كم تؤكد له إمكانية الإستعداد الكامل للإرسال و الإستقبال..
ومع تكرار التجربة مرارا ، يستطيع القارئ أو المبادر بالتجربة إلى التأكد التام من صحة التجربة بنفس التأكد من إستعداده التام لعملية التخاطر التي بدأت تظهر بمفعول علاقته بالطبيعة..
أهمية الإقتناع :
وتكرار التجربة مرارا ضروري جدا من أجل أن يصل القارئ أو المجرب إلى عملية الإقتناع الكامل ..
الإقتناع جزء هام أيضا في عملية التخاطر..ولولاه يظل الموضوع قاتما برغم وضوحه.. حيث أن الصراع القائم بين :
الإعتراف والإيمان بفكرة التخاطر..
وبين :
رفض هذا الإعتراف..
يشكل حاجزا روحيا يمنع الإنسان من الدخول في حقل التخاطر، ويعيش محروما من متعة المعطيات الباراسايكولوجية وليدة العصر..
ولكي يصل الإنسان لدرجة الإقتناع ، عليه بتكرار التجارب التي قلنا بها ، كثيرا من المرات حتى يصل بعقله إلى التأكد من صحة هذه التجارب عن طريق الإستنتاج المنطقي السليم.



-راجع الصفحات الخاصة بالتأمل[1]
- علم الإيحاء[2]
- الرمزية هي أول لغة نطق بها الإنسان وهي ام اللغات جميعا التي توحد بينها[3]

ليست هناك تعليقات: