النظرة المغناطيسية2
تحتلف نظرة الناس لبعضهم البعض بين نظرة الحب
ونظرة العدوان
نظرة الحب تبعث بطاقة إيجابية ، ونظرة
العدوان تبعث بطاقة سلبية
فإذا كان الإنسان يملك طاقة إيجابية فإن ذلك
يؤدي به إلى جذب الناس لمحبته من ذكور وإناث .
وإذا كان يملك طاقة سلبية فإن ذلك يؤدي إلى
بغض الناس له والنفور منه ، ذلك لأن الخير ينجذب نحو الخير ، والشر ينجذب نحو الشر
، وبالمثل ينجذب الحب نحو الحب والعدوان نحو العدوان
الطاقة الإيجابية المنطلقة من الحب تظهر على
وجه الإنسان وخاصة نظرات عينيه ، بمثل ما تظهر الطاقة السلبية المنطلقة من العدوان
أيضا ، ولذلك يبقى السر كامنا في نظرات العيون والتمرن عليها
هذه النظرة تجعلك محبوبا من طرف الجميع سواء
من الجنس المقابل أو غيره ، وتجعلك جذابا لكل الأطراف من ذكر وأنثى ، ويهم على
الخصوص الفتيات اللائي في سن الزواج حيث يصبحن مطلوبات على سنة الله ورسوله
كما يساعد كثيرا العمال وترقيتهم من طرف
المصالح المعنية بهذه الترقية وكذلك لنجاح التجار وأصحاب المناصب العليا ، والطلبة
وغير ذلك من أمور الدنيا
ويتم ذلك عن طريق إتباع أسلوب في السلوك
الأخلاقي يختلف عن السلوك الماضي ويتمثل في التخلص من مشاعر العدوانية واستبدالها
بمشاعر الحب والتمرن على هذا الحب خطوة خطوة كما يتدرب الطفل الصغير على المشي
هذا الأسلوب يتطلب إرادة قوية بكل حزم وعزم
يوما بعد يوم وكل يوم يحدث تحسن أكثر من اليوم الذي قبله ويتم ذلك حسب المعلومات
التالية
يقول العلماء بأن ما يدور في ذهن الإنسان من
قلق واكتئاب وتوتر واضطراب في المشاعر والسلوك ينعكس على وجهه ويكسبه صفة غير
محمودة وغير محبوبة من طرف الآخرين ، فيظهر أمامهم بصفة قبيحة المنظر ويظهر أمامهم
بأنه عدواني حتى ولو لم يكن عدوانيا أصلا
العدوانية تظهر صفاتها على ملامح الوجه
فتصبغه بمنظر قبيح ، مما يؤدي إلى نفور الناس منه ووجه
الإنسان عبارة عن مرآة ينعكس عليها كل ما يدور في نفس هذا الإنسان سواء كان ذلك حب
أو عدوان ولذلك يقول سبحانه عز وجل بسم الله
الرحمن الرحيم سيماهم في وجوههم من أثر السجود
الفتح/29
بمعنى أن علامات العبادة وعلامات التقوى
وجميع السمات الأخلاقية تظهر على وجه الإنسان
هذا الإنعكاس يضفي على الإنسان المحب صفة
جمالية ، وعلى الإنسان العدواني صفة لاجمالية مما يؤدي لى نفور الناس منه ، ذلك
لأنه يكتسب طاقة سلبية يؤثر بها على نفسه وعلى غيره من الناس بدلا من طاقة إيجابية
تفيده وتفيد غيره
وعلامة الإنسان العدواني التي تظهر بداية هي الظهور
بمظهر الكبرياء ، ويرافق ذلك رفض الإعتراف بالواقع خاصة الواقع العلمي والعلماء ،
إلى جانب الغرور بالنفس ، والغيرة الشديدة لدرجة الإضطراب خصوصا عندما تمدح شخصا
أمامه ويصاحب كل هذا شدة الإنتقاد الجارح المنطلق من عاطفته لا من عقله
وعدوانية الإنسان تأخذ واحدة من ثلاثة
إتجاهات فقد لا يظهر عليه الإتجاه الأول ويمضي إلى الثاني ، وقد لا يظهر عليه
الثاني فيمر إلى الثالث وهكذا
الإتجاه الأول تظهر فيه عدوانيته بالعقوبات
الجسدية للناس والعنف تجاههم ولا يعرف سوى الإشتباكات والضرب وهذا النوع من
العقوبات تكون فيه اليد هي الوسيلة الوحيدة للتعبير عن عدوانيته
أو قد يتخذ منحى آخر يستعمل فيه اللسان
كوسيلة للتعبير عن هذه العدوانية ، فيحاول إبراز أخطاء الناس وزلاتهم ، وانتقادهم
إنتقادات جارحة حتى ولو كانوا علماء خصوصا إنتقاد المفاهيم العلمية
والإجاه الثاني تظهر فيه عدوانيته تجاه نفسه
فهو يقوم بعقوبات جسدية لنفسه لا لغيره كما في حالات الإنتحار ، فقد يضرب نفسه أو
يقوم بجروح عميقة في جسده أو تمزيق ثيابه إلى غير ذلك
وفي الإتجاه الثالث تظهر عدوانية الإنسان نحو
الأشياء فيقوم بتكسيرها مهما كان ثمنها ، قطع النباتات ، تمزيق الصور التزيينية
إلى غير ذلك
هذا الدرس طبعا طويل جدا والكلام فيه يخرجنا
عن الموضوع الذي نحن بصدده وإنما ليعلم الطالب الأشكال المختلفة للعدوانية فيعرف
كيف يتعامل مع معطيات هذا الدرس أثناء المحاولات التطبيقية
فالطاقة السلبية التي يكتسبها ممثلة في
عدوانيته تجعله غير محبوب كشخص منبوذ ومطرود من خلال الجميع ، لا يحبه أحد فيقول
عندئذ بأنه ليس لديه حظ وهكذا بطبيعة الحال يخسر نفسه ويخسر المحيط الذي حوله كما
يعيش فاشلا في جميع الأحوال وقد يشعر بأن الأبواب كلها مغلقة عنه لا ينجح في أي
شيء يتوجه إليه كما لو كان لديه شخص يعرقل مساعيه ويخطط لفشله
في كثير من الأحيان تكون هذه العراقيل
والمحبطات بصورة ملموسة جدا يكاد الإنسان يراها بعينيه ويلمسها بيديه فيذهب به
الظن بأنه مسحور أو ممسوس فيتبع الرقاة ودون جدوى
قد يكون الباب مفتوحا لكن لما يصل إليه ينغلق
في وجهه ، وتحدث هذه الأمور بصورة متكررة حتى تصبح أمورا معتادة فيعبرعن هذه
الأشياء بنقص في الحظ أو الإصابة بالسحر أو الجن أو الحسد
لكن أأكد للقارئ أن هذا يحدث بسبب وجود طاقة
سلبية خطيرة جدا سببها العدوانية الشيطانية النكراء التي تسكن مشاعره وأحاسيسه
وعواطفه ويكتسبها الإنسان من أحد ثلاثة أشياء مختلفة
فإما أن يكتسبها الإنسان بسبب صدمة عاطفية
حدثت في طفولته وتعرضت لطيات النسيان وسكنت في اللاشعور وأصبحت تلوح بأعراض
العدوانية والغيرة كما تقر بذلك مدرسة التحليل النفسي
أو
يكتسبها بسبب الظروف المحيطة به والمليئة بالفشل والمعتقدات اللاعقلانية كما تراها
المدرسة السلوكية
أو
يكتسبها بسبب العدوى النفسية من غيره ، فقد يحتك بشخص أو بأشخاص عدوانيين
ومتشائمين يتميزون بطاقة سلبية عالية يؤثرون بها على غيرهم ، كما يؤكد ذلك العلماء
الروحانيون وعلى رأسهم الدكتورة مريم نور
وقد
يوجد هؤلاء في الدار ، في الشارع ، في المتجر أو في مقر الدراسة أو العمل ، وتكتشفهم من خلال كلامهم بسهولة كالإنتقاد
الجارح مثلا ، الميل إلى النميمة ، إبراز أخطاء الناس ، يستشهدون بغيرهم ممن
يوافقون أهواءهم وأمزجتهم
والمهم ماذا يعمل الإنسان إذا أحس بهذه
الأشياء ؟
وكيف يتخلص منها ؟ كيف
يمكنه إكتساب نظرة مغناطيسية بحيث تنجذب الناس لمحبته من ذكر وأنثى ؟ وبعبارة أوضح
ماذا يعمل الإنسان إذا أحس بأنه غير محبوب من طرف الناس ومشلول في جميع الأمور ؟
أول خطوة يجب عليه أن يعترف لنفسه بأنه يملك
طاقة سلبية وقد جاءته بسبب
الإضطرابات النفسية أو بسبب العدوى . وهذه
الطاقة إنعكست على وجههه وتصرفاته ومختلف سلوكياته مما أدى إلى نفور الناس منه
ونفور الأشياء من حوله وطبعته بطابع العدوان والتشاءم ، وما عليه إلا أن يحارب هذه
العدوانية بحرب ضروس لأيام معدودة دون فشل أو تراجع وذلك عن طريق الحب طبقا لقوله
تعالى بسم الله الرحمن الرحيم إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
الرعد/11
تبرز هذه الآية بإعجازها العلمي العظيم وتشير
إلى المحور الأساسي في علم الروحانيات وتمدنا بالمدخل الأولي لعلم التأمل حيث ينطلق
المتأمل من داخل نفسه لا من خارجها ويبدأ بالتغيير إنطلاقا من هذا الداخل . هذا الدواء
الروحي العظيم جاءنا منذ أربعة عشر قرنا وحجبته أنانيتنا النكراء بابتعادنا عن
القرآن وعن كلام الله وإتباعنا لكلام الإنسان
التغيير له علاقة بما هو خارج ذات الإنسان أي
ما قلنا عنه سابقا تحت موضوع النظرة الخارجية للأشياء ، والتي تتم بواسطة العقل ، أما
النفس فهي تمثل الوعاء الداخلي لهذا الإنسان وتمثله تلك النظرة الداخلية لهذه الأشياء
والتي تتم بواسطة البصيرة . وخلاصة القول هو أن إرادة تغيير الخارج تتم أولا من
الداخل
ليس
للعدوانية دواء إلا الحب فهو الترياق الوحيد لها ويبدأ أولا بحب الأشياء من حوله
فيعطي بذلك إشارة التغيير إلى عقله الباطني ، ويتمثل هذا الحب مثلا في الكتاب ،
الكراس ، القلم ، الجدران ، الأشجار ، الغرف ، الأزهار إلى غير ذلك
ومن أجل التأكد من ذلك يقوم بالتجربة التالية وقبل
التجربة ندعوك لقراءة قوله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم وكأين من آية في
السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون
يوسف/105
تشير هذه الآية الكريمة من الذكر الحكيم إلى
أن الكثير من الأشياء التي تتواجد من حولنا والتي لا ننتبه لها ولا نعيرها أي
إهتمام ، وقد ننظر إليها بأنها تافهة وليس لها أية قيمة أو معنى ، هي في الحقيقة
عبارة عن آيات عظيمة إذا بحثنا فيها نصل من وراءها إلى أسرار كثيرة مثل ما حدث لكثير
من العلماء وهو ما يماثل هذه التجربة
لاحظ نفسك في المرآة وركز إنتباهك على عينيك فتراهما
ضيقتين نوعا ما ، ثم باشر التمرين الذي نشرحه الآن وذلك لمدة عشرة دقائق أو أقل من
ذلك ، وبعدها أعد النظر إلى المرآة فترى إتساع حدقة العينين وبروزهما بشكل واضح
إتساع حدقتي العينين يدل على أنك كنت فعلا
حائزا على طاقة سلبية وأنك بدأت في إستبدالها بطاقة إيجابية
لقد بدأ جهاز الإستقبال للحب ينفتح بعد أن
كان مغلقا وبدأت العدوانية الشيطانية تتلاشى شيئا فشيئا ويوما بعد يوم ، وكلما
تحطم جزء من العدوانية حل جزء من الحب محلها وهو مؤشر بأنك بدأت في إكتساب الطاقة
الإيجابية وبدأت الطهارة الروحية تملأ قلبك ، وكل من كان عدوا لك ينقلب إلى صديق
حميم
ويقول المولى عز وجل
بسم الله الرحمن الرحيم وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ
وَلِيٌّ حَمِيمٌ فصلت/34
إدفع بالعدوان تنقلب قلوب الناس لك بالمحبة الدائمة
وبعد المراقبة الأولى للمرآة وتأكدك من نجاح
العملية إبدأ في هذا التمرين ، إمسك أي شيء في يدك وليكن كتاب مثلا وتخيل بأنك
تحبه حبا جما ، لا تستطيع أن تضعه من يدك ، قبله وضمه إلى صدرك ، وانظر إليه بحب
كامل ، ثم تخيل بأنه هو يحبك أيضا ويبادلك نفس الشعور وتمتع جيدا بهذا الحب
تخيل بأن هذا الحب ليس حديث العهد بل أنت
تحبه من زمان وهو كذلك ، ثم ضعه من يدك وأنت تقرر عودتك إليه من شدة حبك له وبعدها
أنظر في المرآة تجد أن الفرق كبير جدا . ولو قمت بقياس ضغط الدم في هذه الفترة
بالضبط لتأكدت من تهدئة نبضات القلب بشكل كبير
وبعد التمرن والتدريب على حب الأشياء كما
ذكرنا ، تنتقل لحب الحيوانات كالقطط والكلاب ، العصافير ، زقزقة هذه العصافير إلخ....
وبعدها يتحول إلى حب بني الإنسان صافح
أصدقاءك بحرارة ومن كل الأعماق وعانقهم بشوق وحنان ..الإبتسامة دائما على شفتيك
ودع ما تعتقد عنهم من سلبيات فقد تكون فقط من زيغ الشيطان وكذلك تفعل الأنثى مع صديقاتها الإبتسامة
تعتبر سلاح ذو حدين
فمن جهة تحطم بها العدوانية الشيطانية النكراء فتكتسب طاقة إيجابية ومن جهة أخرى تمد تلك الطاقة
الإيجابية إلى غيرك ، ولهذا يقول الرسول (ص) إبتسامة في وجه أخيك صدقة إنها
صدقة مضاعفة ، فقد تصدقت على نفسك حينما عتقتها بتحطيم عدوانيتك فاكتسبت بسبب ذلك
طاقة إيجابية ثم تصدقت على غيرك حينما أعطيته تلك الطاقة الإيجابية أيضا.
وبهذه الطاقة التي إكتسبتها تستطيع التأثير
في الأشياء التي حولك حيث أن الباب إذا كان مفتوحا يبقى مفتوحا وإذا كان مغلقا
ينفتح أيضا ، والمهام والمقاصد والأهداف تقضى بكل سهولة ، وكل من كان عدوا ينقلب
من أشد أحبائك وتنقاد لك الناس بالمحبة والمودة الدائمة
وخلاصة القول هو أن إستبدال العدوانية بالحب
يمنح الإنسان طاقة إيجابية وهذه الطاقة الإيجابية تنعكس على وجه الإنسان فتعطيه
جمالا في اللون وجمالا في الروح .
الجمال الروحي يتعامل مع المحيط حوله في شكل
تخاطري أو في شكل جذب كوني حيث تنجذب الناس لحبه دون إرادتهم ويصبح مالكا لزمام
أمرهم
تقوى الله أيضا تنعكس على وجه الإنسان وعلى
روحه بحيث يملك القلوب قبل العقول ذلك لأن التقوى طاقة روحانية عظيمة ، ولذلك
بعثنا لكم محاضرات روحانية كثيرة تتكلم في هذا الصياغ
بعد أن يكتسب الإنسان تلك الطاقة الإيجابية
يصبح متصرفا في الأشياء والناس من حوله دون تعمد ودون أدنى جهد أو إجهاد وقد يتم
ذلك بقوة جذب تخاطري وفي إنتظار
موضوع خاص بالجذب التخاطري تقبلوا مني أخلص التحيات
رابح ميساوي