الثلاثاء، 9 يونيو 2020
الخميس، 4 يونيو 2020
الأحد، 31 مايو 2020
الجمعة، 29 مايو 2020
الثلاثاء، 26 مايو 2020
الأحد، 24 مايو 2020
الأرض سجل تاريخي
الأرض سجل تاريخي
أهمية التاريخ في المعرفة
يقوم التاريخ على بعدين زمنيين أولها معرفة
ماضي الأمم وحضاراتها ، وثانيها توصيل الرسالة للأجيال القادمة ، وذلك عن طريق
الأبحاث التي يقوم بها العلماء والمؤرخون .
ويعتمدون في ذلك على مجموعة من الوسائل أهمها
الوثائق المعبرة عن مرحلة ما من مراحل التاريخ البشري ، أو ظاهرة من ظواهر النشاط الإنساني
أو الطبيعي
التاريخ والمنهج التجريبي
غير أن التأكد من مصداقية المؤرخين في مجال
التاريخ ، لم ولن يكون على مستوى الواقع لأنه يعدم إمكانية التجريب من حيث أنه ليس
منهجا تجريبيا
فلو أردنا دراسة الأسباب التي أدت إلى إندلاع
الحرب العالمية الثانية مثلا ، فإننا لا نستطيع خلق هتلر وموسيليني والحزب النازي
من أجل القيام بدراسة تجريبية وصولا للإستنتاج العلمي المكتوب على صفحة الواقع
وبذلك فعلم التاريخ ليس منهجا تجريبيا ولا
يمكن الإستدلال العلمي به
وعلى العكس ، لو أردنا التحقق والتأكيد من أن
التركيب الضوئي أو التمثيل اليخضوري يحدث في أوراق النباتات الخظراء مثلا عن طريق
ما يثبته الواقع لا ما تمليه الظنون
فإنه بالإمكان التام تحضير ورقة نباتية خظراء
إلى المخبر ومعاملتها معاملة تجريبة فنصل إلى النتيجة التي يمليها العلم لا التي
تمليها فلسفة الإنسان
وبذلك فعلم البيولوجيا وعلم الأحياء هو علم
تجريبي و يمكننا الإستدلال به
ذاتية المؤرخ والتاريخ
وكتابة التاريخ عموما تعتمد على الإنسان
الكاتب لهذا التاريخ
وهذا الإنسان الكاتب للتاريخ يتأثر بعوامل ذاتية
محضة ، وهو ما يجعل تاريخ معظم الحوادث يطبعها طابع الشك والإرتياب
فلو رجعنا إلى بعض المفاهيم التي يقدمها
التاريخ، لرأينا الإختلاف واضحا جدا بين المؤرخين في مسائل هامة نتيجة لتدخل
ذاتيتهم في أبحاثهم ، حسب الإتجاه المنبعث من خلفياتهم الفكرية الذي تفرضه عليهم هذه
الذاتية
فلو كتب مؤرخ نازي ، عن الحرب العالمية
الثانية فإنه ينصف ألمانيا ويراها مظلومة
أما لو كتب مؤرخ ضد هذه النازية فإنه يرى أن
ألمانيا ظالمة ويأتي بأسباب للحرب العالمية الثانية تختلف عما ذكره ذلك المؤرخ
النازي وهذا واضح تماما في التاريخ
ولو كتب مؤرخ فرنساوي عن الإحتلال الفرنسي لبعض
الشعوب لنفى مقولة الإحتلال وردها إلى ما يسمى بعملية الإنتداب
بينما لو كتب مؤرخ ينتمي لتلك الدول التي
خضعت للإستعمارفي حلقة زمنية ما عن هذا الإحتلال فإنه ينفي تماما عملية الإنتداب
ويراها بما لا يقبل الشك بأنها عملية إحتلال
الأرض هي المصدر الحقيقي للتاريخ
لكن الذي يصحح هذا الإختلاف بين هذين الطبقتين
هو الأرض وما عليها من آثار تاريخية بجكم أنها سجل تاريخي لا يعرف مقولة الإرتياب
ولا أي أثر للذاتية
فآثار الإستعمار لبعض الشعوب على وجه الأرض واضحة
وتعدم الجدل القائم بين المؤرخين مما يعني إعدام ذاتيتهم اللامشروعة في كتابة
التاريخ
وطيات الأرض تحوي من المفاهيم والمفاجآت ما
لا يمكن أن يصل إليه التاريخ أبدا مهما كانت الإمكانيات القائمة في البحث
ففي مجال علم الأحياء ، توصل علم الجيولوجيا
وعلم المستحاثات إلى معرفة حيوانات كانت تعيش على وجه الأرض منذ آلاف وملايين
السنوات ، إلى جانب موجات بشرية يصعب تصنيفها في قائمة علم الأحياء إستدلالا
بهياكلها العظمية
فالإنسان القديم الذي كان يعيش على المعمورة
يختلف شكلا ومضمونا عن الإنسان الحالي
والحظارات القديمة والتي لم يكشف عنها
التاريخ دلت على تطوريتها العلمية في مختلف الميادين من حيث كان في إمكانياته
دراسة حتى الفضاء الخارجي وما يحويه من كائنات تشبه الإنسان ، وجبال الطاسيلي في
الجزائر وأهرام مصر وغيرها خير دليل على ذلك
وفي مجال الدفائن والكنوز ، برهنت الأرض على
قدرتها في نزع الغطاء عما تحويه بداخلها من بنوك أرضية لأجيال سابقة في التاريخ تحوي
أمولا طائلة من الذهب والمجوهرات وبعض المعادن الثمينة
ولهذا جاءت الآيات الكريمة تطالب باعتماد
الأرض كوسيلة أساسية لدراسة التاريخ
الآيات التي تدعم إعتماد الأرض كوسيلة أساسية
لدراسة التاريخ
جاء في الذكر الحكيم مجموعة كبرى من الآيات
الحاثة على الرجوع لقراءة صفحات التاريخ الحقيقي ، ومها قوله تعالى بعد بسم الله
الرحمن الرحيم
قل سيروا في الارض ثم انظروا كيف كان عاقبة
المكذبين
الأنعام / 11
في هذه الآية يأمرنا سبحانه عز وجل بالسير في
الأرض ، كتكليف إلهي يستوجب التنفيذ
ومخالفته هي مخالفة للأوامر الإلهية
والسير في الارض لا يعني ذلك المشي على الارض
أو على المركبات من أجل أن يكتشف الإنسان ما تخبئه هذه الارض في طياتها الباطنية ،
ولأن ذلك لا يكشف عما تخبئه هذه الأرض من مجاهيل ظلت مختفية طيلة الملايين من
السنين ، بل أن السير في الأرض يدل على البحث والتنقيب فيها عن طريق الحفر من أجل
الوصول لتاريخ الأمم السابقة وحظارتهم وما إكتنزته من أموال الدنيا
فتاريخ هذه الأمم لا يوجد على وجه الأرض
لندركه بالسير على الأقدام بل هو في باطن هذه الأرض وندركه بالحفر والتنقيب
مصداقية البحث في الأرض وأدلتها
لقد ظل التاريخ يتساءل لمدة طويلة عن المهندس
الذي بنا الأهرام بمصر ، دون ان يهتدي لشيء ، وقد رجع المسلمون للقرآن الكريم من
أجل إيجاد الجواب مصداقا لقوله عز وجل بعد بسم الله الرحمن الرحيم
ما فرطنا في الكتاب من شيء
الأنعام/38
وفعلا فقد وجدوا في القرآن الكريم الخبر
اليقين من لدن العزيز العليم في أن إسم هذا المهندس هو هامان وفقا للآية بعد بسم
الله الرحمن الرحيم
وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله
غيري فأوقد لي ياهامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع على إله موسى
القصص/38
وفي آية أخرى
وقال فرعون يا هامان أبن لي صرحا لعلي أبلغ
الأسباب
غافر/36
فالله سبحانه وتعالى أخبرنا عن المهندس الذي
بنى الأهرام وإسمه هامان
وجادت الأرض بجودها وكرمه وبعثت إلينا برسالة
لتحبرنا بمعلومتها بعد الحفر والتنقيب إلى أن إسم المهندس الذي بنى الأهرام هو آمون بنفس النتيجة التي جاء بها القرآن
الكريم أي هامان
وليس
منا من يجهل بأن رمال الصحراء تشير إلى أسبقية وجود بحر في هذه المنطقة منذ آلاف
السنوات الغابرة
وعند الحفر في هذه الرمال تصطدم بصخور رسوبية
تكونت بعامل الترسب ، وعن تكسيرها والبحث فيها بالدقة العلمية نجد هياكل عظمية
لأسماك ، وهياكل أخرى لمعظم الحيوانات المائية الفقارية وقواقع لحيوانات مائية لا
فقارية تعيش في البحر
ولولا الحفر ما علمنا بأن مناطق الصحراء كانت
منذ آلاف السنوات بحارا
والباحثون في الأرض المنساقون وراء إشباع
غريزة حب الإستطلاع وتنمية الجانب المعرفي ، كثيرا ما يجدون بقايا أثرية تلفت
الإنتباه لمفاهيم لم يعرفها الإنسان ولم يكشف التاريخ عنها أصلا
الخلاصة
فالعالم أو المؤرخ أثناء بحثه وكتابته في
التاريخ ، قد يتأثر بتدخل ذاتيته وأفكاره المسبقة نحو الموضوع بسبب ما يحويه من
خلفيات فكرية تؤدي به إلى الإقصاء من ميدان المعرفة العلمية .
أما الارض فلا ذاتية لها ، ولا تعصب ، ولا
أنانية .... تقدم الحقيقة صادقة بصدق واقعها وتقدمها كما هي تحت واقع أمرها ، وكما
كانت لا كما يجب أن تكون ، خالية من اي تدخل وهمي ، ولذلك دعا الله إلى العلم في
مائة وسبعون آية ، كما دعا إلى البحث في الارض في كثير من الآيات الكريمة
وهي تجيب بكل صراحة ووضوح على أسئلة لم يجب
عليها التاريخ كونها مدوّن واسع و مجلّد ضخم ، وسجل تاريخي لم يكتبه واحد من البشر
، بل كتبه الله بنفسه
دمتم
في رعاية الله وحفظه
رابح ميساوي
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)