اعلان

الجمعة، 30 أكتوبر 2020

الدرس العاشر في الروحانيات

 


علم الحركات

كل المحاضرات التي بعثنا بها إليكم تتمحور حول ذلك السر الروحاني الذي يظهر في الرقم خمسة ، كما هو في الوضعيات الخماسية التي شرحناها لكم .

فلقد لاحظنا بأن الحرف ينطوي على خمسة وضعيات وهي الوضعية الفردية والثنائية والثلاثية والرباعية والخماسية .

وفي هذه المحاضرة نتطرق معكم إلى علم الحركات وهي الفتحة ، والضمة ، والكسرة ، والسكون ، إضافة إلى الشد والمد ، التي تظهر على الحروف في وضعية خماسية أيضا .

هذه الحركات هي التي تخلق الصوت وتحدده ، سواء على مستوى الحرف أو على مستوى الكلمة بأكملها ، حيث أن حرف الباء مثلا عليها فتحة تختلف عنها في حالة الضمة وفي حالة الكسرة وفي حالة السكون وكذلك في حالة الشد والمد .

تمديد الصوت يخلق حروفا بالضرورة ، فلو كتبنا حرف الباء مفتوحا ومددنا صوته لصار با وأدى ذلك إلى خلق حرف الألف وكذلك الكسرة تخلق حرف الياء والضمة تخلق الواو والشدة تؤدي إلى تكرار الحرف المكتوب عروضيا ، أما السكون فتؤدي إلى إعدام هذه الحروف بطبعها حركة ساكنة .

الحركات الثلاثة بالتمديد خلقت ثلاثة حروف وهي الألف ، والواو ، والياء ، وهي حروف ساكنة تدل على التوقف ونهاية الفعل أي نهاية الحركة وتفيد في توقيف بعض السلوكيات السلبية كالتوقف عن إدمان الخمر والمسكرات عموما وتوقيف النزاع بين الزوجين ، وتوقيف العلاقة بين إثنين مجتمعين على فساد ، وتوقيف الألم من الجسم ، توقيف إرتفاع درجة الحرارة ، ونسيان شخص ما ، توقيف الموانع عن الكنوز المطلسمة ، وأمور كثيرة .

الفتحة والضمة في أعلى الحرف تتولى البنية الخارجية بالنسبة للإنسان ، أما الفتحة فتتولى البنية الداخلية له .

تنطلق الفكرة من جوف الإنسان أي بنيته الداخلية ويمثله في ذلك الكسرة ويصلح ذلك في عمليات التخاطر فتبنى كلمات الإرسال بشكل مكثف على الحروف المكسورة أولا ثم الكلمات المفتوحة والمضمومة مع الإبتعاد كلية عن الحروف الساكنة لأنها تقطع الإرسال .

أما الإدغام أو ما يسمى بالشدة ، فهو يظهر في الحروف الشمسية على غرار الحروف القمرية ، فلو كتبنا كلمة الشّمس تظهر الشدة فوق حرف الشين مما يجعلنا نكرر حرف الشين في كتابتها العروضية وهي عندئذ حذفت الشين الثانية كما حذفت النطق بالألف واللام ، والشين الأولى في هذه الحالة هي متحركة أما الثانية فهي ساكنة وبالمثل بقية كل الحروف الشمسية ، ومنه نستنتج بأن كل الحروف الشمسية تمثل الحركة والسكون في آن واحد أي الشيء ونقيضه في وقت واحد .

هذه الحروف الساكنة والمتحركة في نفس الوقت ، وفي شكل من التناقض ، ينطبق على ما ذكرناه حول النقطة كما ينطبق على إسمه الله الذي يدل على إخراج الأشياء من العدم إلى الوجود كفعلين متناقضين مع بعضهما .

وإذا تطرقنا لإسمه الله ، نجد أن حرفي الألف واللام هما حرفان أصليان فيه على عكس الاسماء الشريفة الأخرى التي تأخذ هذين الحرفين بالإضافة فقط  كما في حالة المعرفة والنكرة ، ولا يوجد ما يطابق هذا الإسم من الأسماء الحسنى سوى إسمه اللطيف ، ويوافقه من الآيات قوله تعالى بعد بسم الله الرحمن الرحيم اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ       

الشورى/19                                                                                          وفي ذلك سر عظيم لمن يريد الرزق .

لو حذفنا الألف من إسمه تعالى الله أو اللطيف يبقى الإسم قائما وثابتا دون أن يتأثر بهذا الحذف ، وكذلك لو حذفنا اللام الأولى أو الثانية ، ذلك لأن إسمه الله هو إسم الذات الإلهية وهو منزه عن الكيفية .

بالمنظور الظاهري للمفاهيم نرى أنه لا يمكننا أن نتصور شيئا موجودا ومعدوما في نفس الوقت ، لكن بالمنظور الباطني نرى ما هو عكس ذلك تماما كما يبرهن على ذلك إسمه تعالى الله .

لكل حرف بمعية حركته صدور صوت يختلف عن صوت الحرف الآخر ويضرب في مواقع معينة من الإدراك أو الذاكرة فيخلق التنبيه والإثارة كما يخلق إستجابة أو رد فعل قد تكون إجابية أو سلبية ، وتختلف درجة تأثير الصوت حسب الترتيب الفني أو التقني للحروف والكلمات في شكل من البيان أو القوة البلاغية ولذلك يقول الرسول الكريم إن من البيان لسحر ويؤيد القرآن هذا الحديث مما يدل بأنه صحيح .

التقنيات الإلهية في ترتيب الحروف والكلمات فاقت كل تصور بحيث تصل بالإنسان الذي له حسن الذوق وإرهاف في الحس إلى السكر المشروع وقد يفقد صوابه في كثير من الأحيان كما يظهر ذلك على النبي ص أثناء نزول الوحي ، وكما يظهر على بعض أولياء الله الصالحين عند الوصول لحالة المكاشفة الباطنية ، كما يظهر جليا حالة العلاج بالقرآن الكريم لبعض المرضى حيث يفقد المريض صوابه ويبدأ في الكلام بما يوجد في عقله الباطني ، وللأسف الشديد ينخدع المعالج في أنه يتكلم مع جني .

وللصوت الناتج عن حركة الحروف بداخل الكلمة بحركاتها المختلفة ، علاقة كبيرة جدا بحاسة السمع ، ولذلك لما أراد سبحانه وتعالى تنويم أهل الكهف أوصد حاسة السمع لديهم كما في قوله بعد بسم الله الرحمن الرحيم فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا    الكهف / 11

عندما تجتمع الحروف لتشكيل الكلمة ، تجتمع معها مجموعة من الأصوات المختلفة الناتجة عن إختلاف الحركات ، واختلاف هذه الأصوات بين الحرف الواحد أو بين مجموعة من الحروف يخلق صوتا موسيقيا يضرب الوجدان .

وصل الإفرنج إلى هذه الحقيقة في عصرنا الحالي وأصبح يعالج بواسطتها حتى الأمراض المستعصية عن طريق الإختيار العلمي لبعض الكلمات ، في حين نعتبرها نحن نوعا من الشعوذة والدجل بالرغم من توجيهات القرآن ، فكان من المفروض أن نتول نحن صدارة هذا العلم من حيث أنه وصلنا عن طريق الوحي ، في حين تولاه الإفرنج الذي وصلهم عن طريق العقل ، وشتان فرق بين الوحي والعقل .

العلاج بالكلمات وصل إليه الإفرنج خاصة الصين واليابان بعد دراسات طويلة تطورت إلى مفهوم ما يسمى بالشعور الجمعي الموحد الذي نكتسبه نحن المسلمون من صلاة الجماعة ، وذلك في شكل طاقة متكونة من الروح الجماعية أثناء إتحادهم في المشاعر والأحاسيس والمعتقدات .

هذه الاصوات بالمفهوم الظاهري نسميها بالصوت الموسيقي ، أما بالمفهوم الباطني فنسميها بصوت الطاقة من حيث التاثير على الطبيعة وما فيها وما عليها من كائنات ، كما يظهر ذلك في بعض الأبيات الشعرية والأغاني حيث يؤدي بعضها إلى الحماس ، وبعضها الآخر يؤدي إلى الإبتهاج ، وبعضها يؤدي إلى الحزن والبكاء ، والبعض يؤدي إلى التذكر وهكذا حسب التخصص الذي ترمي إليه هذه الأصوات .

هذه الظواهر تحدث بسبب تأثير الصوت الطاقوي الذي جاء من تموقع الحروف على بعض المراكز الواعية في المخ بسبب ترتيبها الحسي كما جاء من ترتيب الكلمات ترتيبا حسيا أيضا ، بحيث يسيطر على العواطف والوجدان .                                              ألم تر أن الخيل تشرب بالصفير؟ وأن موسيقى الحرب تؤدي إلى الشجاعة والإقدام ؟ وصوت الطبل والمزمار يؤدي إلى حركات جسدية راقصة وقد يؤدي في كثير من الأحيان إلى السقوط في غيبوبة والنطق بكلمات غيبية ؟ ألم تر ذلك يظهر جليا عند أصحاب الحضرة المقدسة عندما يتطرقون لذكر الله والصلاة على نبيه ، ذكرا يتم بعمق إحساسهم ، وبحركة ألسنتهم ، وحركة أجسادهم طبقا لقوله بعد بسم الله الرحمن الرحيم وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ                                                                                   الإسراء/44

لاحظ الآن المثال الأول الذي تم من صنع الإنسان :                                          لقد خلق الله الإنسان من الطين في تقويم جيد .                                                هذه الجملة هي من تعبير الإنسان الذي لا يحسن ترتيب الحروف والكلمات بسبب جهله لفنياتها ، فهي لا تأثير لها على الإدراك إلا بشكل ضعيف .                                    ولاحظ الآن المثال الثاني الذي تم من صنعه عز وجل : بسم الله الرحمن الرحيم هو الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين                                             السجدة / 7                                                                                          إنك بتأملك لهذه الكلمات الشريفة وحسن ذوقك لها ، تلمس طاقة منطلقة من هذه الكلمات لتسري مع العروق إلى المراكز العصبية والإدراك فتشعر بنشوة عظيمة وهي النشوة التي تحدث عند التأثير البلاغي و ما خلقته طاقة الحروف والكلمات المرتبة في صورتها الفنية الرائعة .

حركة الشدة تحدث بضغط اللسان على نقطة معينة من اللثة فهي تشير إلى عملية توتر ، والتوتر بدوره يشير إلى إسمه تعالى القابض ، ويعاكسها المد الذي يشير إلى الإسترخاء ، وهذا الإسترخاء بدوره يشير إلى إسمه تعالى الباسط .                                     ولاحظ الآن أن هناك مفاهيم إلتقت كلها في نقطة واحدة وهي نقطة العدم والوجود ، ونقطة الحركة والسكون ، وهذه المفاهيم هي :                                                    النقطة ، الله ، اللطيف ، القابض ، الباسط ، وفي ذلك أسرار عظيمة جدا .

القبض والبسط عمليتان توجدان في كل حركة من حركات الكون ، وفي كل حركة من الحركات الحيوية للجسم ، في مثل حركة القلب من إنقباض وانبساط ، وحركة المعدة ، والحركة الدودية للأمعاء ، وأجفان العيون من غلق وفتح ، وحركة الرئتين من شهيق وزفير ، وحركة العضلات من شد ومد ، إلى غير ذلك ، وقد يدفعنا ذلك إلى الشك في أن لهذين الإسمين علاقة باسم الله العظيم الأعظم والله أعلى وأعلم ، وإذا كان كذلك فإن الاسماء الخمسة التي نبحث عنها والممثلة في العلاقة خمسة هي :                              الله ، اللطيف ، القابض ، الباسط ، ويبقى الإسم الخامس قيد البحث .

إذا كتبنا حروف الإسمين الشريفين بدون تكرار لحروفها يكون ذلك كالتالي :                    ا ، ل ، ق ، ب ، ض ، س ، ط ، وهي سبعة حروف .                                  الالف واللام والباء هم الحروف المشتركة بين حروف الإسمين ، وذلك ما يتناول تعديل الدورة الدموية في الجسم ، وتعديل نسبة السكر في الدم ، وخلق التوازن النفسي ، كما سنشرح ذلك في المحاضرة المتعلقة بأسماء الله الحسنى بإذن الله .                        وتقبلوا سادتي الطلبة ، وسيداتي الطالبات أخلص التحيات يبعثها إليكم رابح ميساوي .

 

  

السبت، 13 يونيو 2020

تقنيات التخاطر


تقنيات التخاطر
بسم الله الرحمن الرحيم

التخاطر هو نوع من التخاطب عن بعد بين شخصين إعتمادا على الإمكانيات الروحانية والباراسايكولوجية لكل منهما ، ويتم وفقا لتوفر ظروف معينة وشروط أساسية ، وينقسم إلى قسمين رئيسيين وهما
التخاطر التلقائي:                                                                                                وهوالذي يحدث بين شخصين دون تعمد أو دون قصد وبصورة تلقائية أوعفوية بسبب وجود رابطة عاطفية بينهما في الغالب تتوفر على الحب الكامل والتآلف التام في الطباع والميول والمشاعر و الأحاسيس ، وطبقا للبنية النفسية لكل منهما والظروف التي يتواجدان فيها.          وقد يحدث بصورة مباشرة تحت واقع أمره أي في حالة اليقضة ، كما قد يحدث بصورة غير مباشرة كما هو في حالة النوم حيث يظهر على شكل أحلام ، قتتذكر شخصا ما وتبدأ صورته تدور في ذهنك دون أدنى سبب لذلك ، أو تراه في حلمك  دون سابق تفكير فيه ، أو سابق تفكير من طرفه ، وهو ما يدل على حدوث تخاطر تلقائي أي دون تعمد .                                   وسبب ذلك هو وجود تشابه تام في الأحاسيس والعواطف والمشاعر لكل منهما في ظرف معين ، أو تعرض كل منهما لمشكلة واحدة مشابهة ، كما لو أن كل منهما سقط في مشكلة دين مثلا مع التعرض للتهديد أو ما شابه ذلك ، أو دخول كل منهما في أيام فرح كالعرس مثلا ، وكل الأمور التي تؤدي إلى وحدة الشعور أو المصير المشترك                                                 وطبعا كما هو معلوم بأنه إذا تعرض إثنان لنفس المصير المشترك فإنهما يتحابان دون قصد وهذا الحب الذي حصل بينهما هو الذي يلعب دور الوساطة في عملية التخاطر التلقائي
التخاطر المتعمد :                                                                                      وهو الذي يحدث بصورة متعمدة أو مقصودة من شخص تجاه شخص آخر، بينهما نفس الرابطة العاطفية مع وحدة المشاعر والأحاسيس ، وذلك وفقا لتقنيات معينة تساعدهما على الدخول في حقل التخاطر ، والمهم فيها هو شروط معينة تسمى بشروط ما قبل التخاطر .                       وشروط ما قبل التخاطر تتمحور حول تلك التدريبات المسبقة التي يقوم بها الطالب عن طريق التكرار المستمر                                                                                         هذا التكرار المستمر يقوم به الطالب كشرط أساسي لمدة طويلة من الزمن ، لكي تتلاءم روحه وتتكيف مع عملية الإرسال والإستقبال ، وهو ما يسمى بالرياضة الروحية عند الروحانيين                                                          
                                                                             نجاح عملية التخاطر                                                                                                             قد ينجح بعضهم في عملية التخاطر عن جدارة ، بينما يفشل البعض الآخر ، فيوسمه  بوهميته وبطلانه وعدم التصديق به ، وهكذا يكون قد خسر بابا مهما في العلم بسبب جهله للشروط التي يجب عليه أن يتبعها .                                                                                شروط القيام بعملية التخاطر لا يكمن في صعوبتها ، بل يكمن في ارادة الطالب ومدى تمسكه بالشروط المطلوبة. هذه الشروط تنقسم إلى ثلاثة أقسام وهي كما يلي   
القسم الأول                                                                                              تهيئة الظروف المناسبة لعملية التخاطر                                                              أول شيء يجب أن يعلمه الطالب ويحفضه جيدا ، بل ويقوم بتنفيذه حرفيا هوعملية التهيئة المناسبة للعمل ، وهذه التهيئة في الحقيقة ليست خاصة بعملية التخاطر فحسب وإنما عامة ولكل العمليات الروحانية المختلفة والمتشعبة التي يقوم بها الطالب بما فيها حتى العلاجات النفسية ، والتخاطب مع العقل الباطني ، والجذب الكوني وما إلى ذلك . وتقوم هذه التهيئة على مجموعة من العوامل كما يلي 
الوقت المناسب
أي في الوقت الذي يكون فيه الطالب مسترخيا وهادءا ، إنتباهه غير مشتت بين الأشياء ، ماسك لزمام أمره ، يستعمل أناه الفطري فيه ، لا ذلك الأنا الذي ذاب في أنوات الآخرين .  فظروف العمل أو الدراسة أو نواجد الطالب في حالة التفكير في مشكلة ما ، من شأنها أن تجعل أعصابه متوترة ، ولهذا يكون الوقت المناسب للدخول في حقل التخاطر هو وقت الخروج من العمل أو الدراسة أو أي مثيرات نفسية تسبب له التوتر
المكان المناسب والثابت
يجب أن يكون المكان هادئا خاليا من الضجيج والضوضاء ومن جميع العوامل التي يكون من شانها تشتيت الإنتباه ، كما يجب أن يكون ثابتا ، وذلك لأن المكان الثابت يكون مشبعا بالذبذبات والطاقة الكونية بفعل التعود الناتج عن التكرار وهو ما يساعد على نجاح عملية التخاطر                                                                                                عندما يكون المكان الذي تجرى فيه عملية التخاطر يوما بعد يوم ثابتا ، فإن ذبذبات هذا التخاطر تنتشر بنفس المكان وتبقى في إنتظارالطالب القائم بالتجربة ، مما يساعد على نجاح العملية
اللباس الواسع أو الفضفاض
عملية الإسترخاء التي تمهد لعملية التخاطر أو أي عملية روحانية ، لا يمكنها أن تحدث بثياب ضيقة .                                                                                                الثياب الواسعة تساعد على عملية الإسترخاء وعدم الشعور بالإنزعاج أو الضيق .           وبطبيعة الحال فإن هذا الإسترخاء الذي ينعكس على العضلات سواء العضلات الإرادية أم العضلات اللاإرادية ، ينعكس بدوره على المراكز العصبية في شكل شعور بالراحة .            هذا الشعور بالراحة هو تأشيرة الدخول في حقل التخاطر أو الدخول في أي شيء من العمليات الروحانية الأخرى بمعنى أنه الدليل الرسمي على بداية نجاح العملية .                            وهو ما يجعلنا نعترف عن جدارة بأن الإسترخاء هو مفتاح التواصل مع العقل الباطني الذي هو مسؤول بدوره عن نجاح عملية التخاطر عن طريق التنفيذ للأوامر المقدمة له على شكل إيحاءات تكون بمثابة الإلزام المستمر
الإيحاء أو البرمجة المسبقة
الإيحاء هو تلك الكلمات التي يوجهها الطالب إلى عقله الباطني بصورة مكررة مرتبطة بتخيلاته في شكل من الهمس .                                                                                   هذه الكلمات التي يكررها الطالب لها علاقة بالجانب الواعي في الإنسان أي بعقله الواعي ، أما التخيلات فلها علاقة بالجانب الباطني في الإنسان أي بعقله الباطني . ولذلك يجب أن تكون هذه الكلمات الإيحائية مرتبطة بقوة مع تخيلات الطالب من أجل أن يحدث إنسجام بين العقلين الواعي ، والباطني ويزول الإختلاف الواقع بينهما ، ومن أجل إقناع العقل الباطني بالأفكار المقدمة إليه وتعويده على هذا النوع من الفكر ليقوم بتطبيقه وتنفيذه ، ويترتب على ذلك لزومية القيام وتكرار لكلمات وجمل مرتبطة مع قوة التخيلات قبل الدخول في حقل التخاطر، بحيث تكون هذه الكلمات بمثابة المفتاح المساعد على الدخول والنفوذ للعقل الباطني ، كأن يردد الإنسان في نفسه ما يلي
أنا في حالة إسترخاء تام ، وتوازن نفسي ، واطمئنان ، منتبه ومتفاعل مع العالم من حولي
ولدي الثقة الكاملة في قدرتي على القيام بما أريد
ترديد هذه الكلمات باستمرار وتكرارها ، يهيء العقل على محو المعتقدات القديمة التي تسمى بالبراديم كما سنشرحها في المحاضرات القادمة ، واكتساب معتقدات جديدة بحيث يتم التلاءم معها والإستعداد لتنفيذها
هذه التقنية من شأنها ان تعيد برمجة العقل الباطني وتجبره على المسير وفق مفاهيم جديدة تهيء الوضع المناسب للدخول في حقل التخاطرأوالعمليات الروحانية الأخرى .         والغريب أن بعضهم يطالب بإرسال هذه المواضيع بسرعة واختصارها في سطرين أو ثلاثة مع أن ذلك مستحيل جدا ، ولم يكن الرد بوسعي لأنهم لا يفهمونه ففضلت التأني لغاية ما يفهمون هذا المستحيل بأنفسهم
القسم الثاني                                                                                         إستعمال المفاتيح المناسبة للدخول في حقل التخاطر
إننا نعلم جيدا بأن معالجة أي نص من النصوص الأدبية ، أو أي إشكال فلسفي ، أو تفسر لآية ما في الذكر الحكيم ، يعتمد على مفاتيح من أجل القدرة على الدخول لإشكالياتها.                    كذلك الأمر بالنسبة للدخول للمسائل الروحانية بما فيها التخاطر. ومن بين هذه المفاتيح ما يلي
المعقولية
ونعني بها تلك الأفكار التي هي في حدود الإمكان ، وفي مجال المستطاع ، وتخضع وتستجيب للمنطق السليم ، فلا نطلب من شخص ما مثلا أن يقوم بشيء غير محبب لديه أو لديه عقدة من هذا الجانب أو ليس في متناوله أصلا .                                                                      فقد تقوم طالبة ما على سبيل المثال بإرسال موجات تخاطرية إلى شخص معين ليتقدم لخطوبتها كزوجة ثانية.                                                                                            هذا الشخص يعاني من عقدة في نفسه دون أن يتذكرها وهي أسبقية أبيه بالزواج مع ثانية وتعرض أمه للآلام النفسية وجرى ما جرى ، ففي حالة تلقيه للرسالة ، تتحرك عقدته النفسية وتدخل في صراع مع الرغبة في تنفيذ ما هو مطلوب منه ، وبذلك قد تفشل العملية.      هذه الحالة قد تفسرها الطالبة بوهمية عملية التخاطر وبطلانها مع أن تفهمها للمشكلة تجعلها تقوم برسالة أخرى لحل الإشكال القائم وبذلك تنجح خطتها. هذا إلى جانب مئات الامثلة الأخرى .                                                         
الصلة العاطفية المسبقة بين المرسل والمرسل إليه
يعترف العلم والعلماء بوجود علاقة عاطفية قوية جدا بين التوأمين إذا كانا من نفس الزايغوت حيث تصل هذه الرابطة العاطفية لدرجة تنبأ أحدهما بما يحدث للآخر ولو كان بينهما آلاف الأميال .                                                                                                            هذه العلاقة العاطفية إذا توفرت بين إثنين وكانت قوية جدا بإمكانها أن تخلق موجات تخاطرية بينهما سواء كان ذلك تلقائيا أم تعمديا .                                                              ولهذا يجب أن يكون هناك سابق تعارف بين المرسل والمرسل إليه ، يتخلله التبادل العاطفي الذي يتوفر على الحب والإنسجام ، وأي إختلاف يحدث بينهما يؤثر على مسيرة العملية التخاطرية بأي شكل من الأشكال
الطابع العاطفي للأفكار
عندما يكون القائم بتطبيق عملية التخاطر حديث العهد ، أي ليس لديه تجربة مسبقة عن التخاطر ، يجب أن تكون الأفكار المرسلة عاطفية يتخللها طابع الحب والعطف والحنان
والعكس من ذلك ، إذا كان لديه خبرة نابعة عن تجارب مسبقة ناجحة ، يمكنه الخروج من قيد العواطف إلى عالم العقل فيقوم بإرسال أي فكرة تهمه
محدودية الفكرة المرسلة
أي أن تكون الفكرة المرسلة قصيرة قدر الإمكان بالنسبة للمبتدئين ، أما القدماء فيمكنهم الإطالة والتعداد في الأفكار
الإسترخاء الجسدي والنفسي
ويتم خلاله التخلص من أي توتر عضلي أو نفسي بموجب التقنيات التي يعرفها في الإسترخاء
تركيز الإنتباه
يجب أن يكون الإنتباه مركزا لدرجة كبيرة أثناء القيام بالتخاطر وذلك عن طريق إلغاء التفكير في أي شيء ، وقد يساعد الإسترخاء في اكتساب القدرة على التركيز في أي شيء يوما بعد يوم
التلقائية
لكي لا يكون التركيز في شكل من الإجهاد نتركه يمشي بصورة تلقائية وذلك لأن الاجهاد يعمل في اتجاه عكسي
البطء
إرسال لفكرة ببطء وتجنب السرعة عامل أساسي لنجاح عملية هذا الإرسال ، وذلك لكي تتمكن الموجات الاثيرية من الوصول إلى مركز الاستقبال بسهولة ، وهو ما يشبه المحطات الأرضية تماما.                                                                                                موجات آلفا وموجات بيتا في الجهاز العصبي يساعد على فهم الموضوع بسهولة فليرجع إليها الطالب
التكرار
ويؤدي التكرار إلى تثبيت الفكرة الإيحائية وإجبار العقل الباطني على ارسالها وفق الموجات الاثيرية
الترابط بين الأفكار
عندما كنت تلتقي بصديقك ، كانت هناك عبارات متداولة بينكما ، ترددانها غالبا ، من مثل كيف الأحوال ؟ هل من جديد ؟ أنا في مساعدتك ، وهذه العبارات تسمى بالعبارات الواقعية ويجب أن نختار من بينها ما هو أقرب إلى العقل الباطني وهذا حسب طبيعة الشخص المرسل إليه أي حسب توجهه أو حسب قياسه للقيمة الأخلاقية .                                                              فإذا كان من النوع الذي يقيس الأخلاق بالقيمة المادية أو الإقتصادية فإن أحسن عبارة التي يكون عقله الباطني في إنتظارها هي أنا في مساعدتك مثلا وإذا كان من النوع الذي يقيس الأخلاق بالقيمة الجمالية مثلا فإن العبارة التي ينتظرها عقله الباطني هي أنت جميل هذا اليوم وهناك من يقيس القيمة الأخلاقية بالقوة ، وهناك أمثلة كثيرة في هذا الموضوع.                                     وفي الحقيقة فإن هذا الموضوع بالضبط طويل جدا ويتطلب محاضرة خاصة به.                 وإلى جانب العبارات الواقعية هناك العبارات التخيلية .                                        العبارات التخيلية هي تلك العبارات التي تريد إرسالها لصديقك من مثل تعال غدا ، أو نلتقي في مكان ما .                                                                                              ويجب ان تكون الفكرة الواقعية لها إرتباط مع أحد العبارات التي كنت تقولها له ، أي مع العبارة التخيلية                                                                                                  فمثلا العبارة الواقعية كانت هي انا في مساعدتك ، والعبارة التخيلية هي تعال غدا              وعندئذ يجب الربط بينهما كما يلي : انا في مساعدتك تعال غدا
وعليه يجب دائما أن تكون الفكرة مكونة من عبارتين قصيرتين أحدهما يمثل الجزء الواقعي ، والآخر يمثل الجزء التخيلي
الطابع النفعي في الافكار المرسلة
وهو اهم مفتاح في عملية التخاطر
الفكرة المرسلة تكون في صالح المرسل إليه
العبارة انا في مساعدتك هي التي يكون العقل البطني في انتظارها وفي اشد الحاجة إليها وطبعا هذا حسب مقياسه الذي يقيس به القيمة الأخلاقية
القسم الثالث
 إجراء عملية التخاطر
1/ إشارة الإنطلاق                                                                                      يبدأ المرسل عمليته بالإستلقاء على الفراش في أسترخاء ، او يقوم بتطبيق وضعية وردة اللوتيس ثم إغماض العينين ، ثم يقوم بإشارة الإنطلاق                                                          إشارة الإنطلاق هامة جدا في العمليات الروحانية وتهدف لبعث الإستعداد للعقل الباطني لتقبل الفكرة وتنفيذها ، وهو أن يحسب الطالب سرا من واحد إلى ثمانية وعشرين أي بعدد الحروف الهجائية وبكل هدوء وبطء ، ثم يأخذ نفسا عميقا خمسة مرات
2/ الصورة الذهنية                                                                                    وبعد هذه الإجراءات التمهيدية ، يستحضر صورة ذهنية للشخص المرسل إليه إستحضارا تاما كأنه فعلا ماثلا أمامه .                                                                                       لكن يجب أن تكون هذه الصورة الذهنية مأخوذة عن آخر يوم رآه فيه ، وبنفس الثياب التي كان يلبسها ، وماذا كان يحمل في يده ، ويتذكر حسب المستطاع الكلمات التي دارت بينهما في ذلك اليوم                                                                                                    3/طابع البطء في الإرسال                                                                             عندما تستحضر الصورة الذهنية الكاملة ، تبادله بنظرة بطيئة جدا وبحيث تكون هذه النظرة مليئة بالحب والعطف والحنان لفترة نسبية .                                                                  ثم تقول له بكل بطء العبارة المركبة من جزئين ، الجزء الواقعي والجزء التخيلي كما قلنا سابقا وهي أنا في مساعدتك تعال غدا وتكرر العبارة ببطء عدة مرات وفي الغالب ثمانية وعشرون مرة                                                                                                    4/قوة التخيل                                                                                          تلعب قوة التخيل دورها الاساسي في نجاح العمليات الروحانية على إختلاف أنواعها بما فيه عملية التخاطر وذلك لأن التخيل هو لغة العقل الباطني                                             يتخيل الطالب بتركيز وإيمان بان صديقه ماثلا أمامه و يسمعه جيدا وهو يهم بتنفيذ ما أمره به ويكرر العبارة وهو واثق من قدرته على الارسال
 5/آلية التكرار                                                                                            و نشير إلى أن عدم النجاح في اول مرة لا يعني الفشل في عملية التخاطر، بل يعني بان الفكرة لا تزال هائمة في الفضاء ، وستصل في يوم ما ، وإنما التكرار و التعود يخلق من العملية سرعة نفاذيتها وعدم ضياعها في الفضاء
كما أن السر الأساسي في نجاح العمليات سواء كانت روحانية أم غيرها ، يكمن في آلية التكرار ، وهذا التكرار هو الذي يصنع العادة والعادة بدورها تؤدي إلى الثبات والثبات والإستقرار هو النجاح بأصله
وتقبلوا فائق الشكر والتحيات