من المؤسف جدا أن بعض القراء يقرؤون ويفكرون بعاطفتهم لا بعقولهم .. وقد
إستاء كثير منهم من العالم الروحاني " أوشو " الذي كتب كتابا تحت عنوان
" موت الآلهة " ، ونحن لا ندري سبب هذا الإستياء..
فإذا كان أوشو قد كتب كتابا واحدا عن موت الآلهة .. فعلينا نحن المسلمون أن
نكتب آلاف المجلدات عن موت هذه الآلهة...
ألم يهجم النبي محمد (ص) عن هذه الآلهة في فتح مكة وحطم أصنامها من جذورها
؟
ألم يدعو الإسلام إلى قتل هذه الآلهة ونبذها من العقل ؟
ألم تنزل سورة :
" قل ياأيها الكافرن ، لا أعبد ما تعبدون.."
ألم تأت هذه السورة لقتل آلهة قريش ؟
ألم يدعو الإسلام إلى الإيمان بالإله الواحد ؟
عندما تقرأ بعاطفتك يظهر لك أن آلهة أوشو هي آلهتك..
أما عندما تقرأ بعقلك فستكتشف بسرعة أن آلهة أوشو ليست آلهتك ، وإلا
تكون قد أشركت..
وأنه لا بد من موت هذه الآلهة..
هذا الكتاب يستاء منه المسيحيون وليس المسلمون..
المسلمون يهللون لهذا الكتاب لأنه يخدم عقيدتهم الشريفة ..
وكما دعت كل الانبياء والمرسلون والأولياء لموت الآلهة .. دعا أوشو أيضا
لموت هذ الآلهة وما دام كذلك ، فليس من الغريب أنه توصل لمعرفة الإله الواحد
بعقله..
غير أنه لم يكن له الحظ في قراءة ذلك من القرآن مباشرة وباللغة العربية
، وليس من القرآن المترجم إلى لغة أخرى ..
لأن ترجمة القرآن فيها أضرار وخيمة جدا على غير الناطقين بالعربية..
ولها أضرار حتى على الإسلام والمسلمين..
وقراءة القرآن بلغة أخرى هي كارثة كبرى..
تكاد السماوات يتفطرن وينشق القمر..
وكيف بترجمة القرآن ونحن لازلنا نجهل تفسيره ؟..
لا زلنا لم نفسر ولو كلمة واحدة منه.. بسبب إنقيادنا وراء ما يقوله الغير..
ولذلك يقول الإمام الشعراوي رحمه الله :
" ما نظن أنه تفسير للقرآن ما هو إلا خواطر نحو القرآن "
كما نشير إلى أن هناك فرق كبير بين عقيدة العالم وبين علمه..
وعندما نقول عالم روحاني ، ليس معناه عالم ديني..
وليست الروح هي الدين ، بل أن الروح جزء ضئيل جدا من الدين..
أما الدين فهو يشمل النفس والجسم والروح والكون وما وراء هذا الكون ،
والمخلوقات الأخرى من الجن والشياطين والملائكة ، والعلم الذي يضبط هذه الأشياء
جميعا...والألوهية والملكوت.. والعلاقة مع الله..و..
الدين شيء والروح شيء آخر تماما..
ولا يمكننا أن نقارن بين قطرة ماء وبين البحر..
ولقد نزلت الآية الكريمة :
" ويسألونك عن الروح ، فقل الروح من أمر ربي ، وما أوتيتم من
العلم إلا قليلا "
وما أن نزلت هذه الآية حتى تقوقع الناس وتجمدوا حول أنفسهم ، وراحوا
يعتقدون أنه بحكم هذه الآية ، فإنه لا يمكن البحث في الروح على الإطلاق..
إن هذا الجمود والتقوقع نتج عن القراءة العاطفية للآية بدلا من
قراءتها قراءة عقلية ..
وهذه القراءة العاطفية ضخمت من حظ أعداء الإسلام كثيرا ..
فالآية السابقة لم تضع حدا للنشاط البشري من أجل البحث في الروح..
هذه الآية لم تمنعنا من البحث في الروح بل جاءت بحكم عام ينطبق على جميع
الأشياء ولم تأت بحكم خاص..
فهي أشارت إلى أن الروح من أمر ربي.. مثلما هو الجسم أيضا من أمر ربي..
والنفس أيضا من أمر ربي.. والسماوات والأرض والجبال م أمر ربي..و..
كل شيء من أمر ربي..
ففهمنا لكلمة من أمر ربي فهما عاطفيا قد حدد الطريق نحو الجمود والتقوقع
اللامشروع ، فدخلنا في اللاعلم واللاإسلام ونحن نعتقد بأننا مسلمون ..
ألم يبحث العلماء الأجلاء في علم اليوغا بالرغم من عدم توحيدهم لله ،
ووصلوا إلى نتائج باهرة ؟ وهل منعتهم عبارة ( الروح من أمر ربي )؟
ألم يبحثوا في علم الكارما ووصلوا إلى نتائج مثيرة للعجب والتعجب ؟
ألم تشاهد وتقرأ عن ( الإسقاط النجمي ) الذي تجاوز الحدود الجسدية ليسافروا
به خارج الجسم وعبر الكون ؟ ..
أما إذا وصلنا إلى الإنجازات التي قام بها أهل الصوفية الكرام ، عن طريق
علم الروح فإننا سنغرق في بحر معرفة جديدة خفية جدا عن عالم الإنسانية وأهل التعصب
والجهل والأنانية..
فالإنجازات الشريفة والمقدسة التي توصل إليها أهل الصوفية ، كشفت الغطاء عن
الأعداء الحقيقيين للإسلام الذين يختفون تحت راية هذا الإسلام .. كما كشفت عن
الوهميات المادية التي تتراءى وراء معطيات الحواس الخمس وبرهنت عن وجود حاسة
إضافية روحية تتحكم في البقية الأخرى من الحواس ..
وفوق كل هذا ، فإن رجوعنا للآية :
" قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك
طرفك"
يجعلنا نلاحظ :
(علم من الكتاب)..
فما هو هذا العلم ؟ أليس هو علم الروح ؟
وكيف إمتلك هذا الإنسان علم الروح ، والآية تمنعه من هذه الملكية ؟
أخرجوا من هذا التناقض .. وفروا إلى الله.. واعلموا أنكم ذهبتم ضحية
تفسيرات خاطئة فسقطتم في قبضة الأعداء..
إن هذا الجمود والتقوقع الناتج عن الفهم العاطفي للأحكام لا يخدم
مصالحنا على الإطلاق.. فسقطنا للأسف في قبضة الجهل الذي سلمنا بدوره إلى العدو
الذي لا يعرف سوى الحكم بالإعدام دون محاكمة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق