اعلان

الاثنين، 27 يوليو 2015

فرضية التخاطر




لقد قلنا في الموضوع السابق تحت عنوان ( مؤشرات التخاطر) ، بأن هناك مجموعة من الملاحظات التي صاغها الإنسان عبر العصور السابقة والعصر الحالي ، والتي تلفت الإنتباه بأن هناك أشياء تفرض نفسها على ساحة المعرفة ، وتلزمنا بالإنتباه إليها بالتفاتة علمية من أجل تفسيرها ، وتوضيح جوانبها الخفية وألغازها المبهمة ..
ولا يجهل أحدنا أبدا بأن هناك أمور غير طبيعية ، أو غير عادية ، تحدث لنا في كثير من المرات ، على مدار الحياة ، غير أننا  نجهل تفسيرها وأسبابها..
جهل التفسير للحوادث وعدم معرفة أسبابها ، لا يرجع إلى الفشل في المعرفة فحسب ، وإنما يرجع بالدرجة الأولى إلى عدم الإهتمام ، اللامبالات والتجاهل ورفض الإعتراف بالواقع..
ورفض الإعتراف بالواقع هو نوع من التحدي الذي يستعمله الإنسان الخائف والفاقد للشعور بالأمن.. حيث أن رفضه للفكرة في أي مجال كانت ، هو رمز للشجاعة والإنتصار بالنسبة إليه..
فعندما يرفض الإنسان الإعتراف بفكرة ما ، فإنه يشعر بنشوة الإنتصار على الذي طرح هذه الفكرة.. وإنما ذلك إنتصار وهمي ومؤقت إذ تعود الفكرة تراوده في يوم من الأيام ولم يجد لها سبيل ، بحكم ضياع وقتها ومناسباتها التي حدثت فيها..
والحادثة العلمية لا يمكن دراستها إلا بالعلم ، ولا مجال للميادين الأخرى من مناقشتها مهما كانت أدلتها الوهمية..
وإذا تدخل العلم في تفسير هذه الحوادث المعقدة ، والألغاز المبهمة ، فإنه يبدأ  بتطبيق خطوات المنهج التجريبي في دراسته التي تبدأ كالعادة بمجموعة من الخطوات ، وأولها الفرضية ..
لتدخل بعد ذلك خطوة التحقق من هذه الفرضية والتحقيق فيها عن طريق التجربة..
ثم خطوة الملاحظة..
ثم خطوة الإستنتاج..
ونعني بالفرضية تلك الخطوة التي يبدأ بها العالم في دراسته لظاهرة من الظواهرالتي  أثارت إهتمامه ، حيث يضع تفسيرا مبدئيا أو إفتراضيا لتلك الظاهرة.
أما التجربة ، فنعني بها تلك الإجراءات التي يتخذها العالم من أجل التحقق من تلك الفرضية التي وضعها..
ويلي التجربة مباشرة ، خطوة الإستنتاج الذي نعني به الإنتقال من الحكم الذاتي على الظاهرة إلى الحكم الموضوعي ، حيث يتمكن العالم من وضع التفسير الأخير لهذه الظاهرة ، والذي لا يختلف عنده إثنان ، مهما إختلفت جنسياتهم أو عقيدتهم .
حينما يضع العالم فرضيته ، فإن تفسيره للظاهرة يكون ذاتيا ، مع تدخل المعارف المسبقة في هذا التفسير التي تشكل عائقا  إبستيمولوجيا ..
وحينما يصل لخطوة الإستنتاج ، فإنه ينتقل من الحكم الذاتي إلى الحكم الموضوعي ، حيث تتلاشى في كثير من الحالات المعارف المسبقة بحكم خطئها ، وتتلاشى العوامل الإبستيمولوجية تحت ضوء المعطيات الباشلارية.
وفي مثل موضوعنا هذا ، فإن العالم يفسر الظاهرة التي أشرنا إليها تحت مفهوم التخاطر..
أي أن العالم بعد ملاحظته لتلك الظواهر المعرفية والشعورية والعاطفية التي أدت إلى حدوث تواصل بين إنسان وآخر دون أي وساطة .. يفسرها بمفهوم التخاطر..
ونعني به ذلك التواصل الذي يحدث بين إنسان وآخر ، دون أي وساطة ، في زمان معين ، وفقا لأسباب وشروط مجهولة..
ويقوم الإفتراض على أساس وجود قدرة خاصة لدى الإنسان تمكنه من إرسال أفكار أو مشاعر أو عواطف إلى إنسان آخر لديه القدرة أو الإستعداد لاستقبال هذه الأفكار..
وبهذا يصبح لدينا مبدئيا مفهومين أساسيين في فرضية التخاطر وهما :
الإرسال:
وهو المبادرة التي يقوم بها إنسان ما من أجل التواصل مع إنسان آخر تواصلا مجردا من أي جهاز..في زمان ومكان معين.
الإستقبال :
هو ذلك الإستعداد الذي يملكه الإنسان في لحظة ما ، من أجل تلقيه لأفكار مرسولة من طرف غيره.
غير أن هذه المفاهيم التي جاءت بها الفرضية ، هي مفاهيم ذاتية ، كأي رأي من طرف أي إنسان ، ليس لديه أي دليل علمي في ذلك الحكم.. وهو ما يرفضه العلم رفضا قاطعا ، إذا لم يتم التحقق منه عن طريق التجربة والملاحظة والإستنتاج ، حيث يدخل الحكم في إطاره الموضوعي بدلا من إطاره الذاتي .. وهو ما سنتطرق إليه في المواضيع القادمة ، حيث نقوم بتطبيق تجارب من أجل التأكد من صحة الفرضية ، والتأكد من صحة التخاطر.

الأحد، 26 يوليو 2015

وكل شيء أحصيناه في إمام مبين




 العمليات الذهنية اليومية ، تحدث لنا مرارا وتكرارا ، عبر مدار السنة.. وتفاجئنا بغيبياتها أو تظاهراتها الخارقة وألغازها المبهمة .. دون أن نعرف لها سببا..أو نعرف لها أسبابا.. ولا نستجيب لها إلا باستجابة التجاهل أو اللامبالاة وعدم الإهتمام.
ولا زال العلم بطبيعة الحال يحاول أن يكشف الغطاء عن هذه الألغاز المبهمة ، والطلاسم المعقدة ، دون أن يهتد لشيء من أسرار هذه الحوادث المجهولة الأسباب..
غير أننا لا نستطيع القول في أن العلم فشل في محاولاته ، نتيجة لقصوره وإخفاقه في المعرفة .. لكنه فشل نتيجة لتدخل العقليات البدائية للإنسان باعتبارها عائق إيبستيمولوجي خطير على المعرفة العلمية ، وعلى النشاط المعرفي للإنسان في جميع المجالات.
فحينما يكون الإنسان لديه تفسير مسبق لحادثة من الحوادث ، فإنه يظل عبدا لهذا التفسير دون أن يسمح لنفسه بتلقي تفسير آخر، ظنا منه بأنه وصل إلى الحقيقة المطلقة ، في حين أن هذا التفسير ما هو إلا سراب يحسبه الظمآن ماء..
وعقليتنا البدائية ترد الحوادث الغريبة  إلى الصدفة التي ليس لها أي قانون يضبطها..
ونحن بطبيعة الحال في معرفتنا وثقافتنا لا نملك سوى كتابا صغيرا يحوي صفحة واحدة مكتوب عليه أربعة كلمات فقط :
الصدفة..
الجن..
السحر..
لقرين..ا
فعقولنا لا زالت لم تتحرر من عقلية الإنسان البدائي ..
هذه المفاهيم الأربعة سيطرت على عقولنا فأصبحنا عنوانا كبيرا في حديقة الجهل.. بعد أن كنا في القرون الماضية نتولى صدارة العلم..
في حين أن هذه العوامل الأربعة يستجيب لها العلم إستجابة الرفض ، ولا تختلف عن إستجابة القرآن الكريم ، بين أمة خصها الله بكلمة " إقرأ " في أول مخاطبة من هذا القرآن..
فأمة " إقرأ " تملك آلاف المجلدات في العلم وليس صفحة واحدة مكتوب عليها أربعة كلمات وهمية..
ويحق لنا نعترف إلى جانب السيد رئيس الأطباء أبو علي بن سينا وزملائه من العلماء ، في أنه لا مكان للصدفة في العلم ، حيث يقول رحمه الله في كتابه الإشارات والتنبيهات
" لو أمكن للإنسان أن يعرف ما في الكون جميعا وعناصره وطبائعه وتمكن من معرفة العلاقات بين الظواهر لتمكن في نفس الوقت من معرفة ما يحدث في الكون مستقبلا بما فيه الإنسان.. "
قالها ابن سينا في الوقت الذي كان فيه علماء الإسلام لا يزالوا عاكفين على تفسير الظواهر العلمية بالشيطان . وقد هز الأمة الإسلامية آنذاك هزة عنيفة بهذا التصريح جعلت السلطان محمود يحكم عليه بالإعدام .. لكن شجاعته وآراءه الحرة وفهمه الإسلام بشكله الصحيح.. وفهمه للعلم بشكل يجعل الفصل بينه وبين الدين أمرا مستحيلا.. جعلته يضرب الإفرنج ضربة عنيفة إصطكت منها أسنانهم حينما أعلن هذا المسلم أن الظواهر العلمية متسلسة مع بعضها البعض بالشكل الذي يجعلنا نعترف بأن توفر الشروط الواحدة يؤدي إلى حدوث الظاهرة وأن نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج.. وأن الظواهر العلمية مهما تعقدت مسالكها فإنها تخضع لمفهوم الحتمية...
العلية والحتمية والسببية والمنطقية و.. هي الأسلحة أو المفاتيح التي حملها العرب آنذاك وبرهنوا للعالم على أن الدين الإسلامي هو دين علم ، لا دين شيطان وشعوذة .
ولم يعرف الإفرنج هذه الحقائق إلا بعد أن تعلمها عن المسلمين..
فالأحداث تجري وراء سلسلة من الأسباب إذا ما توفرت أدت إلى حدوث الظاهرة دون تدخل الشيطان في ذلك تماما.. مثل المعادلات الكيميائية.. فإضافة الأوكسوجين إلى الأيدروجين يعطي ماء بالضرورة.. وواضح جدا أن الشيطان لم يتدخل في هذه العملية على الإطلاق .
إن عدم القدرة على دراسة الظاهرة دراسة موضوعية تستند على المنهج التجريبى ..  يكمن وراء عدم القدرة على التطبيق وإجراء التجربة ، بسبب إنتهاء المهمة بالفشل نظرا لعدم القدرة على معرفة مجاهيلها..
وبالمثل مشى الخوارزمي، وأبوبكر الرازي،والحسن بن الهيثم، وابن الطفيل، ومجموعة كبرى من علماء ذلك العصر ، حيث سيطروا على العالم آنذاك سيطرة علمية كاملة في جميع المجالات المعرفية..
ولم يكن بحث هؤلاء العلماء في الجانب المادي من الكون والحياة فحسب ، بل كانوا علماء للروح أيضا ، حيث بحثوا في الجوانب المختلفة والمختفية فيها ..
فكان الواحد منهم طبيبا مثلا ، لكنه كان في نفس الوقت فقيها ذكيا ماهرا بالدرجة التي تساعده حتى على إصدار الفتوى في المسائل الفقهية المعقدة.. ومع ذلك لم يثنيهم عن عزمهم الفهم الخاطئ للآية:
" وسألونك عن الروح، فقل الروح من أمر ربي ، وما أتيتم من العلم إلا قليلا "
وعلموا من خلال الشرح الصحيح للآية بأن الروح من أمر ربي، مثل كليات الأشياء من أمر ربي أيضا.. فالجسد من أمر ربي ومع ذلك بحثت فيه العلماء.. والكون أيضا من أمر ربي لكنه لم يسلم من غزو العلماء له..
بمعنى أن الآية كانت تصدر حكما عاما وليس خاصا.. مما يحطم القيد الذي يمنعنا من البحث..
وراح العلماء يصولون ويجولون في علم الروح.. فتوصل سيدنا أبوحامد الغزالي رحمه الله إلى ما لم يتسع ذكره في هذا المقام.. وعلماء الصوفية من بعده.. ثم توصل علماء الإفرنج إلى نتائج باهرة في اليوغا والكارما والتأمل ، ومنه إلى فكرة الخروج عن الجسد أو ما يسمى بالإسقاط النجمي..
وما دامت الصدفة مرفوضة من الساحة العلمية ، فإنها مرفوضة أيضا من القرآن الكريم..
فقد جاءت الكثير من الآيات لتنص على أن كل شيء في الكون مدبر تدبيرا كاملا وفقا لحسابات دقيقة ، وتقدير مضبوط ضبطا كميا وكيفيا..
ومن بين هذه الآيات :
" وكل شيء أحصيناه في إمام مبين "
وفي آية أخرى :
" وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو ، ويعلم ما في البر والبحر ، وما تسقط من ورقة إلا ويعلمها ، ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين "
والآية :
" وكل شيء عنده بمقدار"
وهكذا فقد تكاثفت الآيات في القرآن الكريم مبرهنة بأنه لا مجال للصدفة ، بل كل شيء مدروس دراسة إلهية ومقدرة تقديرا كاملا ، حتى أن الورقة التي تسقط من الشجرة مقدر مسارها تقديرا كاملا وفق حسابات دقيقة.
وهو ما يجعلنا ننتبه إلى أن هناك شيء لم نعطيه إهتماما وفقا لما جاء في القرآن الكريم.. إنه التخاطر.

الاثنين، 20 يوليو 2015

مؤشرات التخاطر




يبدو أن هناك أشياء تحدث لنا في حياتنا اليومية بصورة غير معقولة تماما.. وبصورة غير طبيعية.. ونحن لا نعطيها أي إهتمام...
وهي تلك الأمور التي تلفت إنتباهنا بشدة إلى تلك الحوادث الباراسايكولوجية أو الميتافيزيقية ، غير أن إنتباهنا إليها يكون أصما بأتم معنى الكلمة في صورة من التجاهل وعدم الإهتمام..
فكثيرا ما يتصرف الإنسان بصورة تكون إرادته فيها مشلولة تماما ، وتخضع لحتمية سايكولوجية أو باراسايكولوجية  ليس له عليها أي سلطان ، يضبطها قانون لازلنا نجهله تماما..
هذه الأمور التي تحدث لنا ، نجهل تفسيرها ، ولا نعرف لها أي سبب معقول.. ولا نستجيب لها إلا باستجابة طفولية تتمثل في عملية الرفض أو الهروب أو التجاهل واللامبالاة ..
إننا نرفض الإعتراف بوجود الفكرة ونهرب منها ، مثلما يرفض الطفل الصغير الإعتراف بوجود آخ له ينافسه في علائقيته بأبويه..
وأبحاث العلماء في هذا الشأن لا تزال في مهدها وبدايتها.. ومعظمهم يعتبرون ذلك ضربا من الخيال والوهم .. ولم تأتينا لحد الآن بدراسات مقنعة..
فقد تقرر الخروج يوما ما من دارك على ساعة معينة .. ثم تتأخر عن هذا الخروج .. حيث تشعر وكأنما شيء ما يثنيك عن عزمك ويرجعك إلى الوراء .. ويطول الوقت.. وأنت تتردد بين الرغبة في الخروج وبين تأخيره إلى أجل مسمى .. وإذا بضيف قادم من بعيد يطرق بابك.. فتقف قائلا :
" سبحان الله ، وكأنني كنت في انتظاره.."
وتكاد تجزم بأنك كنت في إنتظاره فعلا دون أن تتعمد ذلك..
ولقد كنت في إنتظاره بكل تأكيد ، بفعل عملية تخاطر حدثت بينكما ، دون أن يدري احد منكما..
كما يحدث أن  تقف أمام بابك في وضعية الإنتظار دون تعمد ، ودون أن تدر بذلك .. وبالرغم من أنه ليس من عادتك أن تجلس أمام بابك..
وقد تريد أن تغادر الباب ، لكن وكأن شيء ما يمنعك..وإذا بصديق يأتي إليك وهو يقول :
" كنت أتمنى أن أجدك أمام الباب ، والحمد لله وجدتك "
وقد تسير على  الطريق ذهابا لمكان ما ، ثم تغير إتجاهك مع طريق آخر .. دون أي هدف ..وهذا الطريق لم تتعود على المرور منه.. وإذا بك تلتقي مع أحدهم وأنت في حاجة إليه.. أو كان هو في حاجة إليك..
وفي كثير من الحالات ، تلتفت أحيانا بصورة سريعة في إتجاه ما ، فترى أن أحدهما كان ينظر إليك ، ويترصد حركاتك وسكناتك ..وكأن شيء ما قد نبهك بهذا الأمر.
وتذكر يوما أنك كنت تكتب رسالة لصديق ما ، تطرح  فيها بعض الأفكار التي تجول في ذهنك.. وتتفاجأ حينما يقول لك هذا الصديق بأن ما كتبته كان إجابة عن الأسئلة التي كانت تدور في ذهنه .. وتضايقه..
وقد حدث لك في كثير من المرات أن تشعر بفرحة كبيرة وابتهاج لم تشعر به من قبل.. ولم تعرف سببه أبدا.. وإذا ببشرى مفرحة فعلا تأتيك في ذلك اليوم..
لقد فرحت بالبشرى قبل أن تصلك..
أو قد يخطر ببالك أن شيء ما سيحدث لا محالة ، وإذا به يحدث فعلا..
كما يحدث أن يشم أحدنا رائحة أحد أصدقائه الذي هو على بعد مئات الأميال منه.. أو شم رائحة أحد من أهله.. وبعد ساعة يلتقي معه.
ويمكن أن تسمع صوت صديقك أو واحد من أهلك يناديك.. وبعد ساعات تلتقي به..
وهناك من الأشخاص من لم ترغب في رؤيتهم أو مكالمتهم أو معاشرتهم إطلاقا.. لكنك في لحظة ما تشعر بأنك تنجذب نحو أحدهما ، وتنقاد إليه دون إرادتك.. بل تسير إليه دون هدف ، حتى تقف أمامه ، وكأنك تنتظر منه شيئا.. وقد حدث هذا مرارا وتكرارا..
وكثيرا ما يكون الإنسان يخط على ورقة خطوطا أوكتابة عشوائية .. فيكتب إسم مدينة من المدن.. أو إسم صديق من الأصدقاء.. دون أن يتعمد ذلك .. وإذا به قد تتهيأ له الأسباب فيصل إلى تلك المدينة دون أن يكون قد فكر في الذهاب إليها من قبل.. أو يأتيه شخص هام من تلك المدينة..أو يلتقي مع الشخص الذي كتب إسمه ..
ويحدث كثيرا أن تنادي صديقك بإسم آخر غير إسمه الحقيقي .. وقد تتساءل لماذا ناديته بهذا الإسم.. وبعد فترة تكتشف أن هذا إسم ثاني له.. وتتساءل كيف عرفت ذلك.. ولا تعرف..
وعندما يكون أحد الأولاد غائبا عن الدار لظروف ما ، فإن أمه تتنبأ بكل ما يحدث له من مشاكل أو آلام أو دخوله في ظروف غير ملائمة..وهذه الحالة تكاد تكون بديهية لا لزوم لإنكارها..
وقد تقف البنت موقف المحتارة من غياب أبيها عن الدار للدرجة التي تتنبأ فيها عن كل ما يحدث له.. وكذلك يتأثر الولد بأمه بنفس تأثر البنت..
وقد تحدث هذه المشاعر أيضا بين الإخوة والأخوات ، خصوصا تأثر البنت من أختها التي تليها مباشرة سواء التي تصغرها أو تكبرها.. ونفس الشيء بالنسبة للأولاد الذكور..
ويكون الأمر واضحا في التوأم خصوصا إذا كانا من نفس الزايغوت.
والأمثلة كثيرة في هذا الموضوع ولا يمكننا الإحاطة بها كلها..وهي من المؤشرات التي تلفت إنتباهنا إلى أن هناك سؤال لم يجب عنه العلماء ولم يأخذ إهتمامهم بالحجم المكافئ لهذا السؤال ..وقد يمكننا هذا الإنتباه من التركيز في وضع فرضية التخاطر التي تتطلب التجارب التطبيقية والإستنتاج الدقيق والموضوعي.. وهو ما سنتطرق إليه في المواضيع القادمة..

الاثنين، 13 يوليو 2015

عندما تتكلم الأشياء





إجلس على الأرض .. وأمامك طاولة.. عليها باقة من الأزهار الإصطناعية..
لا يهم إن جلست في وضعية القرفصاء..أو وضعية اللوتيس.. أو تمددت على فراشك..
بل المهم أن تشاهد .. وتراقب.. وتتأمل تلك الباقة من الأزهار..
بكل إسترخاء..
إنها تظهر في ألوان زاهية من ألوان الطيف..
ألوان الطيف عددها سبعة.. وما يظهر أمامنا إلا بعضها في كثير من الأحيان..
ولقد علمنا أن الشيء يمتص معظم الألوان ، ويعكس لونا واحدا معينا..
فعندما يظهر اللون الأبيض مثلا على الزهرة ، معناه أن هذه الزهرة عكست هذا اللون الأبيض وامتصت الألوان الباقية..
لقد أوحت لنا هذه الزهرة الإصطناعية بدرس بيولوجي وفيزيائي في نفس الوقت ، وكأنها تعلمنا ما لم نكن نعلمه ، أو أرادت أن تذكرنا فقط بعجائب صنع الله..
لكن تمهل.. رويدك.. فكر ببطء.. والوقت لازال صبحا..
هناك ألوان أخرى.. هي الألوان ما فوق البنفسجية أو ما تحت الحمراء.. والتي لا يمكننا رؤيتها.. وقد تكون هذه الألوان هي التي تخفي الأشباح والجن.. بدليل إنتشارها في الظلام.. أي في الوقت الذي يبدأ فيه نشاطات المخلوقات الغريبة والكائنات الغير مرئية.. خصوصا إذا تطرقنا للآية :
" خلق الإنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان من مارج من نار"
ولقد فسر العلماء مارج النار  على أنه ما ينتشر من النار أثناء توهجها..
هذا التفسير كان في زمن لا يدرك فيه العلماء إلا سر الألوان الظاهرة للعيان(ألوان الطيف السبعة)..
أما الألوان المختفية فلم يعلموا عنها شيئا..
ومارج النار قد يكون هو تلك الأشعة البنفسجية وما تحت الحمراء..
والآية التي يكون لها معنى في زمن ما ، قد يكون لها معنى آخر في زمن آخر.. ذلك لأن القرآن صالح لكل زمان ومكان..
فقديما كان تفسير الآية :
" إنا جعلنا الرياح لواقح "
يقتصر على التلقيح الذي يحدث في السحاب.. حيث يلتقي السحاب في السماء حاملا شرارات كهربائية موجبة مع سحاب آخر يحمل شرارات كهربائية سالبة.. مما يؤدي إلى البرق والرعد.. والمطر...
ولما تطور العلم وصولا إلى مفاهيم الوراثة .. أصبح معنى التلقيح هو ما تحمله الرياح من حبيبات الأزهار الذكرية لتلقيها على الأزهار الأنثوية فيحدث تلقيح هذه النباتات..
ثم وصل الأمر إلى تعريف معنى الأمشاج التي جاءت في الآية :
" إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه "
وأصبح معنى الأمشاج هو تلك الحبيبات الموضوعة على خيوط الشبكة الخلوية والمسؤولة عن الوراثة في الإنسان والحيوانات والنباتات..
هذه الزهرة الإصطناعية أوحت لنا بكل هذه الأشياء ، ومع ذلك فهي تظهر أمامنا جامدة لا شيء فيها..
وفي الحقيقة أننا نحن الجامدين..
نحن الذين لم نفكر..
وبكلمة أصح نحن الذين لم نتأمل في عجائب صنع الله..
الشيء القليل قد يعلمنا الكثير والكثير..
والشيء التافه قد يعلمنا بأمور ذوات بال..
تمهل من فضلك.. رويدك .. من أين جاءت هذه الزهرة ؟..
إنها من صنع الإنسان..
الإنسان هو الذي صنع هذه الأزهار بوحي من أشياء أخرى..
لقد أوحت الزهرة الحقيقة إلى الإنسان في أن يصنع زهرة إصطناعية إنطلاقا من مواد معينة..واعتمادا على موهبته الفنية..
ومن أين جاءته هذه الموهبة ؟
لقد جاءته هذه الموهبة من تأمله للأزهار الحقيقة طبعا ..
إنهم يقولون بأن الفن هو إنعكاس للطبيعة على الذات..
ويقولون بأن الميول الفنية هي  ضرب من التعبير عن الأفكار المكبوتة..
وأيهما الأصح ؟
لقد دخلت بنا هذه الزهرة إلى مشكلة فلسفية..
ثم أننا لا ندري فيما إذا كانت هذه المشكلة هي مشكلة فلسفية أم معرفية..
لكن الفلسفة تطلب المعرفة..
والمعرفة تحتاج إلى الفلسفة..
وتلك هي المشكلة الفلسفية..
وما الداعي لكل هذا ونحن لسنا بفلاسفة ؟ وما نحن بطلاب فلسفة .. دعنا وشأننا من هذا الموضوع..
قل للزهرة تخبرنا عن أصلها أولا..
لقد جاءت من مادة البلاستيك..
يخبرنا العلم بأن بقايا الكائنات الحية من عظام الحيوانات والنباتات ، وخاصة الاشجار التي دفنت في الأرض بعوامل جيولوجية قد تعرضت لعملية تخمر بعامل الضغط وعبر آلاف وملايين السنين وتحولت إلى بترول ..
ومن البترول تم إستخلاص مادة البلاستيك التي نراها أمامنا الآن..
ويقول القرآن الكريم :
" ..الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون "
ومعنى هذا أن الزهرة الإصطناعية جاءت لتخبرنا عن عدة أشياء..
ومنها عملية التخمر التي حدثت عبر آلاف وملايين السنين في باطن الأرض..
ثم عملية التحول إلى بترول..
ثم الوقت الذي إستغرقته هذه العملية..
ثم التاريخ الذي لا يمكن أن يخبرنا به أحد عدا القرآن الكريم..
ثم أخيرا القرآن الذي علمتنا إياه هذه الزهرة الإصطناعية البسيطة..
تمهل.. رويدك.. ما هذا ؟
لقد كان في البداية أمامنا زهرة..
وبتأملنا تحولت هذه الزهرة إلى بلاستيك..
وتحول هذا البلاستيك إلى بترول..
وأصبحنا وكأننا نرى البتول أمامنا لكن في زمن آخر..
يعود هذا الزمن إلى آلاف وملايين السنوات..
وكأنه أمامنا كتاب تاريخ حقيقي.. وليس تاريخ مزيف يحكي أمورا نابعة من ذاتية المؤرخ..
الزهرة لا ذات لها .. فهي تحكي الحقيقة التاريخية كما كانت..
ثم أن هذه الأشجار التي تخمرت ، كانت هي الأخرى عليها أزهار حقيقية..سقطت هذه الأزهار منها وتخمرت في باطن الأرض عبر ملايين السنوات وتحولت إلى بترول إستخلصنا منه مادة البلاستيك ، التي صنع منها الإنسان الفنان هذه الزهرة التي هي أمامنا ..
أي أن هذه الزهرة الإصطناعية كانت في الماضي البعيد زهرة حقيقية..
لقد عاد إليها شكلها دون أن تعود إليها روحها..
وإني لأكاد أجزم بأنها عادت إليها روحها أيضا ، مادامت قد أعطتنا كل هذه المعلومات والتفاصيل التي كانت خفية عنا..
أم أن هذه الزهرة هي نفسها كتاب..
وأنها صورة رمزية لذاتها الحقيقية..
إن الزهرة التي هي أمامنا الآن ، ليست زهرة إصطناعية فحسب بل هي زهرة حقيقية ، عاد إليها شكلها ولونها وروحها بعد آلاف السنوات..
وكأنها كانت نائمة في سبات عميق لآلاف السنوات..
إن هذا ليذكرنا بقصة أهل الكهف.. كما يذكرنا بقدرة الله اللامحدودة..
كل هذا جاءت به الزهرة..من وراء عملية التأمل..
وهو ما جاءت به الآية :
" إنه يبدأ الخلق ثم يعيده "
كأن هذه الزهرة تشرح لنا هذه الآية بالتفصيل المفصل.. وبإجابات تطبيقية .. من الواقع الملموس..
عندما تقرأ هذه الآية بعقلك فإنك لا تعيرها أي إهتمام..
أما عندما تقرأها بإحساسك وبصيرتك المنطلقة من وراء التأمل .. فإن فهمك لها واهتمامك بها يختلف كل الإختلاف..
ولذلك جاء في القرآن 270 آية تدعو إلى التأمل.. مقابل 170 آية تدعو إلى العلم..
لا نريد أن نتوقف هنا.. من فضلك .. تمهل..
هذه الأشجار التي تخمرت في باطن الأرض من أين جاءت ؟
لقد جاءت طبعا من بذور.. وغرسها الإنسان الفلاح..
إذن الإنسان الذي غرس تلك البذور هو نفسه الإنسان الذي قام بصنع تلك الأزهار الإصطناعية ؟ ..
لقد كان في الماضي فلاحا.. وأصبح الآن فنانا..
من الفلاحة إلى الفن.. لم أفهم هذا..
المزيد من التأمل يساعدك على الفهم..
طيب.. إسأل الزهرة..
من أين جاءت هذه البذور ؟
جاءت من تراب طبعا ..
يقول العلماء بأن التراب يحوي ذرات لمواد معدنية يصل عددها إلى مائة وعشرة عنصر..
ولقد سن الله هذه المواد المعدنية التي إستخلصها من التراب بعلمه بحيث شكل منها تلك البذور المختلفة في عملية الخلق..
وهو ما تشير إليه الآية :
"وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون...."
فكل ذرة تحوي مدارات عليها إلكترونات ..
وكل إلكترون يحوي شحنة موجبة أو سالبة..
وعملية المزاوجة بين هذه المواد المعدنية بإلكتروناتها المختلفة والمدارات التي تدور حولها هذه الإلكترونات ، تعتمد على مفاهيم رياضية وفيزيائية و كيميائية وبيولوجية ..
وهو ما يشير إلى مفهوم كلمة " مسنون "  التي جاءت في الآية الشريفة..
لقد إختفت الزهرة تماما من أمامنا.. وأصبحنا نرى تلك المواد المعدنية التي باشر الله بها سبحانه عز وجل عملية خلق النبات والحيوان والإنسان..
لكن تمهل .. لحظة واحدة.. لا تسرع..
من أين جاءت هذه المواد المعدنية..؟
من التراب طبعا ..
ومن أين جاء هذا التراب ؟
يقول العلماء بان الأرض مثل بقية الكواكب والنجوم الأخرى إنفصلت عن الشمس.. وبهذا فقد كانت الكرة الأرضية كلها عبارة عن كرة نارية ملتهبة..
ويتعين علينا حسب هذه الفرضية أن التراب جاء من النار ، بعد أن بدأت الكرة الأرضية تبرد شيئا فشيئا عبر ملايين السنين..
وما يدلنا على ذلك هو إحتواء الكرة الأرضية في باطنها على النار التي تخرج أثناء البراكين ..
ثم المشابهة المعدنية بين الأرض والشمس..
فعند تحليل التراب من الارض تبين أن الكرة الأرضية تتكون من مجموعة من المعادن يغلب عليها عنصر الحديد والنيكل..
وعند تحليلنا للحزمة الضوئية القادمة من الشمس تبين أنها تتكون من مجموعة من المعادن يغلب عليها عنصر الذهب..
آسف.. لقد إختفت الزهرة تماما .. وأصبحت أمامنا كرة نارية ملتهبة..
لكن تمهل.. هل هذه الزهرة هي معلم ؟
لا.. بل كتاب تاريخ..
وأين هو هذا الكتاب ؟
إنه يتحول كل مرة إلى شيء جديد .. حسب المعلومة التي يريد أن يقدمها..
إن المفاهيم التي يقدمها ليست عبارة عن خطوط مكتوبة.. بل حقائق مصورة.. لن يرفضها العقل على الإطلاق.. بسبب أدلتها الواقعية..
آه.. تمهل.. لا تقل لي كتاب.. بل مخبر..
وهل للتاريخ مخبر..؟
ليس هذا غريبا .. مادامت الآية تقول:
" قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين "
والسير في الأرض هو ما يطرحه علم الجيولوجيا .. وعلم الآثار..
لقد ذهبنا بعيدا فعلا..
ومعنى هذا أن هذه الزهرة تعطينا تاريخا مصورا ومتحركا .. وليس خطوط في التاريخ..
فعلا.. هذا ما يجب أن يقوم به التاريخ..
إنه نفس الإشكال بين النظري والتطبيقي..
بين قال فلان.. وقالت الحادثة التاريخية..
بين شيء نقرأه في كتاب.. وشيء نستخلصه من المخبر..
الواقع أغنى من النظرية..
ثم ماذا ؟
طبعا نسأل الزهرة عن علة هذه النار..
من أين جاءت هذه النار ؟
يقول العلماء بأن الكون كله كان في الحالة الغازية..
وتحول إلى الحالة السائلة..
ثم إلى الحالة الصلبة..
ويقول سبحانه عز وجل :
"... ثم استوى إلى السماء وهي دخان..."
ولم يختلف العلماء مع قوله عز وجل..
ولم تختلف الزهرة أيضا..
وقد أشار الله في حقها بالآية :
" وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عنها وهم عنها معرضون "[1]
تمهل .. تمهل.. من فضلك إسأل الزهرة عما وراء هذا الدخان..
من أين جاء هذا الدخان ؟
قد يكون الفراغ المطلق..
لكن العلماء يقولون بأنه لا فراغ في الكون..
كل شيء يتكون من شيء..
وكل شيء ينتهي إلى شيء..
سلسلة من العمليات والعلل والأسباب.. بحيث أن الواحد منها يسبق الآخر..
ومن هو الذي وراء كل هذه الأشياء ؟
إنه الله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوء أحد..
لا إله إلا الله.. محمد رسول الله..
لقد كنت في السابق تقول شهادة التوحيد بعقلك.. لكن دون أي ذوق..مجرد ترديد لكلمات فقط..
أما الآن فتقولها بإحساسك.. والذوق يتبع الإحساس ولا يتبع العقل..
إنك الآن سوف تقولها من أعمق الأعماق عندما تأملت في تلك الزهرة..
ولذلك يقول حبيبنا محمد (ص) :
" تأمل ساعة خير ممن عبادة سبعين سنة "


-سورة يوسف[1]

السبت، 11 يوليو 2015

عدة تسميات لمسمى واحد





التخاطر عن بعد..
قراءة الأفكار..
إنتقال الأفكار..
التأثير عن بعد..
نعني بها تلك القدرة على التواصل ونقل المعلومات من إنسان إلى آخر دون أي وساطة ..
إنما كيف يمكن الحصول على هذه القدرة ؟..
وهو ما سنتطرق إليه في المواضيع القادمة..
وأول من قام بهذه الظاهرة هو أمير المومنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة " سارية الجبل " سنة 645م الموافق لسنة 23 هجري..[1]
وفي سنة 1882م ، صاغها فريدريك مايرز تحت مصطلح التخاطر..
 وبناء على ما قاله روجر لوكهرست .. حيث أنه بعد التقدمات العلمية الكبيرة في مجال العلوم الفيزيائية  ، تم تطبيق بعضها على المجال السايكولوجي للإنسان بعد الوصول لمفهوم " إدخال الأفكار وانتزاعها من المخ " .
كما تقود الملاحظة إلى  أن بعض المرضى النفسيين المصابين بحالة الفصام يعتقدون أن هناك من الأفكار ما هو دخيل عليهم بصورة لا إرادية..
وهناك من الأفكار ما تنتزع منهم بصورة قسرية أيضا ..
هذا إلى جانب ما قام به رجال الصوفية من خوارق في مجال التخاطب عن بعد كما يؤكد ذلك بن خلدون ..
وإذا تطرقنا إلى التوأم الذي يكون من نفس الزايغوت ، لرأينا كيف أن أحد التوائم يحس بما وقع لأخيه فيتألم بآلامه..ويشعر بشعوره..بالرغم من البعد الكبير الذي بينهما..
ولم يبق من شك في صحة عملية التخاطر بعد أن وصل العلم الحديث لمفهوم البرمجة العصبية..
والتنويم المغناطيسي ماهو إلا نوع من التخاطر الذي يحدث بين الطبيب ومريضه في غياب أو كبت عملية الوعي..
والإيحاء الذاتي عموما يكشف عن مدى التخاطر الذي يحدث بين الإنسان ونفسه وليس بين الإنسان والآخر..
وهو ما أسميه أنا شخصيا بالتخاطر الذاتي أو التخاطر الفردي والذي سوف نتطرق له بالتفصيل في أحد الصفحات القادمة..
وعموما فإن كل ما يحدث في المجال الروحي للإنسان من عمليات خارقة ليس لها تفسير من وجهة النظر العلمي ، كالتنبو الفجائي عن حدوث ظاهرة ما من حوادث الكون ، أو كالأحلام وما يظهر فيها أحيانا من تنبؤ خارق .. إنما لها علاقة وطيدة بما جاء به علم التخاطر الذي لا يزال في بداية حداثته..
وحسب قول العلماء في هذا الشأن فإنه  للتخاطر أنواع كثيرة منها :
التخاطر المتأخر:
وهو تلك الفترة التي تمتد بين إنتقال الأفكار واستقبالها..
وقد يحدث ذلك عندما تنطلق الفكرة من شخص ما في فترة محددة .. وتظل تدور عبر المجال الأثيري[2] لمدة طويلة من الزمن ، كأنها تائهة ، نتيجة لفقدان القدرة على إستقبالها من شخص آخر لأسباب غير معروفة.. وفي الوقت الذي يتم الإستعداد لاستقبالها يكون قد مضى من هذا الوقت كثيره ..
وقد يحدث هذا كثيرا حتى في بعض الإتصالات اللاسلكية إذ قد تظل الإشارة تدور لمدة طويلة من الزمن في الفضاء الخارجي ، ولم تستقبلها المحطات الأرضية إلا بعد سنوات..  
التخاطر التنبؤي:
إنتقال الأفكار في الماضي أو الحاضر أو المستقبل بين إنسان وآخر.. فالابعاد الزمانية هي المحور الأساسي لانتقال هذه الأفكار بين شخصين..
تخاطر العواطف:
وهو عملية إنتقال الأفكار والأحاسيس..
فبمجرد ما يبدأ الإنسان يفكر أو يشعر بشيء ما ، فإن هذه الأفكار والأحاسيس تنطلق بصورة تلقائية إلى الإنسان الذي هو في مهمة الإستقبال عبر الزمان والمكان..
تخاطر الوعي اللاطبيعي:
وهو الوصول إلى الحكمة الموجودة عند بعض البشر..
ومهما تعددت المفاهيم حول عملية التخاطر ، فإن المحور الأساسي فيه هو إنتقال الأفكار أو المشاعر و العواطف بين إنسان وآخر دون أي وساطة ، حسب مدة زمنية معينة  قد تطول أو تقصر وفقا لأسباب معينة .
أنانية الإنسان وجهله وضعت جدارا ضخما وحاجزا طويلا وعريضا بينهم وبين أهل الصوفية وما جاءوا به من حقائق حول عملية التخاطر التي فتحوا فيها بابا عريضا عن المعلومات الدقيقة المحيطة بها..
















- أرجع إلى موضوع " أول حالة تخاطر في العالم "[1]
- هو المجال الذي تنطلق فيه الأفكار إلى جانب بعض الحركات الروحية والروحانية وسنتطرق إلى مفهومه في حينه[2]

الطائر أبوعميرة

رقص الجدبة