يبدو أن هناك أشياء تحدث لنا في حياتنا اليومية بصورة غير معقولة تماما..
وبصورة غير طبيعية.. ونحن لا نعطيها أي إهتمام...
وهي تلك الأمور التي تلفت إنتباهنا بشدة إلى تلك الحوادث الباراسايكولوجية
أو الميتافيزيقية ، غير أن إنتباهنا إليها يكون أصما بأتم معنى الكلمة في صورة من
التجاهل وعدم الإهتمام..
فكثيرا ما يتصرف الإنسان بصورة تكون إرادته فيها مشلولة تماما ، وتخضع
لحتمية سايكولوجية أو باراسايكولوجية ليس
له عليها أي سلطان ، يضبطها قانون لازلنا نجهله تماما..
هذه الأمور التي تحدث لنا ، نجهل تفسيرها ، ولا نعرف لها أي سبب معقول..
ولا نستجيب لها إلا باستجابة طفولية تتمثل في عملية الرفض أو الهروب أو التجاهل
واللامبالاة ..
إننا نرفض الإعتراف بوجود الفكرة ونهرب منها ، مثلما يرفض الطفل الصغير الإعتراف
بوجود آخ له ينافسه في علائقيته بأبويه..
وأبحاث العلماء في هذا الشأن لا تزال في مهدها وبدايتها.. ومعظمهم يعتبرون
ذلك ضربا من الخيال والوهم .. ولم تأتينا لحد الآن بدراسات مقنعة..
فقد تقرر الخروج يوما ما من دارك على ساعة معينة .. ثم تتأخر عن هذا الخروج
.. حيث تشعر وكأنما شيء ما يثنيك عن عزمك ويرجعك إلى الوراء .. ويطول الوقت.. وأنت
تتردد بين الرغبة في الخروج وبين تأخيره إلى أجل مسمى .. وإذا بضيف قادم من بعيد
يطرق بابك.. فتقف قائلا :
" سبحان الله ، وكأنني كنت في انتظاره.."
وتكاد تجزم بأنك كنت في إنتظاره فعلا دون أن تتعمد ذلك..
ولقد كنت في إنتظاره بكل تأكيد ، بفعل عملية تخاطر حدثت بينكما ، دون أن
يدري احد منكما..
كما يحدث أن تقف أمام بابك في
وضعية الإنتظار دون تعمد ، ودون أن تدر بذلك .. وبالرغم من أنه ليس من عادتك أن
تجلس أمام بابك..
وقد تريد أن تغادر الباب ، لكن وكأن شيء ما يمنعك..وإذا بصديق يأتي إليك
وهو يقول :
" كنت أتمنى أن أجدك أمام الباب ، والحمد لله وجدتك "
وقد تسير على الطريق ذهابا لمكان
ما ، ثم تغير إتجاهك مع طريق آخر .. دون أي هدف ..وهذا الطريق لم تتعود على المرور
منه.. وإذا بك تلتقي مع أحدهم وأنت في حاجة إليه.. أو كان هو في حاجة إليك..
وفي كثير من الحالات ، تلتفت أحيانا بصورة سريعة في إتجاه ما ، فترى أن
أحدهما كان ينظر إليك ، ويترصد حركاتك وسكناتك ..وكأن شيء ما قد نبهك بهذا الأمر.
وتذكر يوما أنك كنت تكتب رسالة لصديق ما ، تطرح فيها بعض الأفكار التي تجول في ذهنك.. وتتفاجأ
حينما يقول لك هذا الصديق بأن ما كتبته كان إجابة عن الأسئلة التي كانت تدور في
ذهنه .. وتضايقه..
وقد حدث لك في كثير من المرات أن تشعر بفرحة كبيرة وابتهاج لم تشعر به من
قبل.. ولم تعرف سببه أبدا.. وإذا ببشرى مفرحة فعلا تأتيك في ذلك اليوم..
لقد فرحت بالبشرى قبل أن تصلك..
أو قد يخطر ببالك أن شيء ما سيحدث لا محالة ، وإذا به يحدث فعلا..
كما يحدث أن يشم أحدنا رائحة أحد أصدقائه الذي هو على بعد مئات الأميال
منه.. أو شم رائحة أحد من أهله.. وبعد ساعة يلتقي معه.
ويمكن أن تسمع صوت صديقك أو واحد من أهلك يناديك.. وبعد ساعات تلتقي به..
وهناك من الأشخاص من لم ترغب في رؤيتهم أو مكالمتهم أو معاشرتهم إطلاقا..
لكنك في لحظة ما تشعر بأنك تنجذب نحو أحدهما ، وتنقاد إليه دون إرادتك.. بل تسير
إليه دون هدف ، حتى تقف أمامه ، وكأنك تنتظر منه شيئا.. وقد حدث هذا مرارا
وتكرارا..
وكثيرا ما يكون الإنسان يخط على ورقة خطوطا أوكتابة عشوائية .. فيكتب إسم
مدينة من المدن.. أو إسم صديق من الأصدقاء.. دون أن يتعمد ذلك .. وإذا به قد تتهيأ
له الأسباب فيصل إلى تلك المدينة دون أن يكون قد فكر في الذهاب إليها من قبل.. أو
يأتيه شخص هام من تلك المدينة..أو يلتقي مع الشخص الذي كتب إسمه ..
ويحدث كثيرا أن تنادي صديقك بإسم آخر غير إسمه الحقيقي .. وقد تتساءل لماذا
ناديته بهذا الإسم.. وبعد فترة تكتشف أن هذا إسم ثاني له.. وتتساءل كيف عرفت ذلك..
ولا تعرف..
وعندما يكون أحد الأولاد غائبا عن الدار لظروف ما ، فإن أمه تتنبأ بكل ما
يحدث له من مشاكل أو آلام أو دخوله في ظروف غير ملائمة..وهذه الحالة تكاد تكون
بديهية لا لزوم لإنكارها..
وقد تقف البنت موقف المحتارة من غياب أبيها عن الدار للدرجة التي تتنبأ
فيها عن كل ما يحدث له.. وكذلك يتأثر الولد بأمه بنفس تأثر البنت..
وقد تحدث هذه المشاعر أيضا بين الإخوة والأخوات ، خصوصا تأثر البنت من
أختها التي تليها مباشرة سواء التي تصغرها أو تكبرها.. ونفس الشيء بالنسبة للأولاد
الذكور..
ويكون الأمر واضحا في التوأم خصوصا إذا كانا من نفس الزايغوت.
والأمثلة كثيرة في هذا الموضوع ولا يمكننا الإحاطة
بها كلها..وهي من المؤشرات التي تلفت إنتباهنا إلى أن هناك سؤال لم يجب عنه
العلماء ولم يأخذ إهتمامهم بالحجم المكافئ لهذا السؤال ..وقد يمكننا هذا الإنتباه
من التركيز في وضع فرضية التخاطر التي تتطلب التجارب التطبيقية والإستنتاج الدقيق
والموضوعي.. وهو ما سنتطرق إليه في المواضيع القادمة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق