بعد وفاة الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، تولى الخلافة بعده سيدنا
عمر رضي الله عنه.. وهو ثاني الخلفاء الراشدين..
وكان الصحابي سارية
بن زنيم الدؤلي الكناني أحد قادة جيوش المسلمين في فتوحات بلاد الفرس سنة
645م الموافق للسنة 43 هجري .
وبينما كان يقاتل
المشركين على أبواب نهاوند ببلاد الفرس ، تكاثر عليه الأعداء من كل حدب وصوب ..
ودخل الجيش الإسلامي في خطر كبير .. وفي نفس اليوم كان أمير المؤمنين عمر بن
الخطاب رضي الله عنه يخطب يوم الجمعة على منبر رسول الله (ص) في المدينة ، وإذا
بعمر رضي الله عنه ينادي بأعلى صوته أثناء خطبته :
" ياسارية
الجبل، الجبل، من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم "
فانبهر الصحابة
واحتاروا في هذا النداء الموجه إلى سارية وهو في حربه مع الفرس وبعيد عنهم تماما..
وبعد إنتهاء الخطبة
تقدم الناس نحو عمر بن الخطاب وسألوه عن هذا الكلام فقال :
" والله ما
ألقيت له بالا، شيء أتى على لساني "
ثم قالوا لأمير
المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه :
" ما هذا الذي
يقوله عمر؟ وأين سارية منا الآن ؟ "
فقال :
" ويحكم دعوا
عمر ، فإنه ما دخل أمرا إلا خرج منه "
وبعد مدة ، قدم سارية على عمر في المدينة فقال :
" يا أمير
المؤمنين ، تكاثر العدو على جنود المسلمين وأصبحنا في خطر عظيم ، فسمعت صوتا ينادي
:
" يا سارية
الجبل ، الجبل، من إسترعى الذئب الغنم فقد ظلم " وعندئذ إلتجأت مع أصحابي إلى
سفح الجبل واتخذت ذروته درءا لنا يحمي مؤخرة الجيش، وواجهنا الفرس من جهة واحدة ،
فما كان إلا ساعة حتى فتح الله علينا وانتصرنا عليهم "..
فلقد كان سيدنا عمر
بن الخطاب رضي الله عنه ، قد ألهمه الله تلك القدرة على التنبؤ بالخطر الذي
حدق بجيوش المسلمين وقت حربهم مع الفرس بقيادة الصحابي سارية بن زنيم الدؤلي الكناني.. كما ألهمه بتلك القدرة على مخاطبة قائد الجيش
الإسلامي ونصحه بالتوجه لسفح الجبل الذي سيعصمهم من الخلف ويحميهم من هجومات
الفرس..
هذه الحادثة مشهورة
في تاريخ الصحابة تحت عنوان " سارية الجبل " مما يبعث على التأكيد من أن
سيدنا عمر رضي الله عنه هو أول من إستعمل التخاطر في الحالات الغير عادية كحالات
الحرب مثلا.. كما يبعث على التأكيد أيضا من صحة علم التخاطر..
والقصة رواها أحمد
في (فضائل الصحابة) ، وأبو نعيم في (دلائل النبوة ) ، وإبن حجر في (الإصابة ) والضياء
في (المنتقى من مسموعاته) ، وابن عساكر (في تاريخه) ، والبهقي في (دلائل النبوة )،
والهيثمي في (الصواعق المحرقة).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق