اعلان

الخميس، 14 مايو 2015

فوبيا السحر في الجزائر(2)



                                          
العوامل الأخرى المساعدة على تنمية فوبيا السحر
غريزة حب البقاء وميكانيزم التعويض:
بطبيعة الحال ، توجد لدى الإنسان مجموعة من الغرائز الفطرية المتنوعة ، ومن بينها غريزة حب البقاء التي تتحكم في مصير سلوكياته ، بالصورة التي تميز نشاطه بالسعي وراء إيجاد السبل التي تمكنه من تحقيق الأمن الكامل من أجل هذا البقاء ..
ويرى أن هذه السبل تتأرجح بين التزود الكافي بالمال.. أو الظهور بمظهرالقوة ..أو في التفوق العلمي والثقافي ...
فالجري وراء المال ، والسعي خلفه ، هو وليد غريزة حب البقاء المطالبة بتحقيق الأمن الإقتصادي ..
وبالمثل الجري وراء القوة الذي يطالب بتحقيق الأمن الجثماني أي الجسدي ..
ولا تشذ الرغبة في التفوق عن الإثنين قاعدة ، إذ يرى صاحبه بأن الأمن يكمن وراء الإطلاع عن المعارف الكامنة لإيجاد طرق مواجهة الحياة ومكافحتها ..
لكن كثيرا ما تتعرض هذه النشاطات كلها إلى الإخفاق والفشل في تحقيق هذه المطالب والرغبات .. فيميل إلى تحقيقها عن طريق التعويض[1]..
 سيعوض هذا الفشل والإخفاق عن طريق السحر الذي كان على مرالدهور والأزمنة يلعب دور المساعد على تحقيقها ، مساعدة يلعب الخيال فيها الدور البارز .. وفي النهاية يجد نفسه بأنه كان يطارد خيط دخان..
عقدة الإتكالية( الإعتمادية ):
كما تلعب عقدة الإتكالية دورا كاملا في تمسك الإنسان بمعطيات السحر وتأثيراته الوهمية التي خلقت بدورها مرضا عضال يتميز بأعراض الفوبيا ..
وهذه العقدة تتميز بالرغبة الجامحة للإنسان في الحصول على مطالب الحياة كاملة دون أي عناء أو جهد .. مثلما كان يتحصل عليها من الأبوين إبان طفولته.. ويرجع ذلك مباشرة إلى العلاقة المزدوجة التي كانت بينه وبين أمه في مرحلة الرضاعة التي تسمى بالمرحلة الفمية[2]..
طغيان العقل(الفكر) على البصيرة:
عندما يتجه الإنسان إلى الرغبة في التفوق من أجل تحقيق رغباته المتميزة بالطالبة بالأمن ، فإن نشاطه سوف يخرج من الطور الإشباعي إلى الطور المعرفي إعتمادا على العقل..
لكن هذا العقل غير متحرر من التبعية لفكر الآخرين.. فهو يعتمد عليهم في كلامهم وفكرههم و تفسيراتهم الخاطئة في أغلب الأحيان ، فيأخذ توجها فكريا أعمى وتنعدم بصيرته بالموضوع وهنا تكون الطامة الكبرى..
فالإنسان ما فتئ واقفا منذ نشأته في صراع بين معطيات العقل وبين إحساس الإنسان بهذه المعطيات[3] ..  
وبهذا كان السحر ولا يزال يسيطرعلى المعتقدات البشرية عبر العصور .. بحيث تجاوز الطابع المعرفي للإنسان إلى طابع التأثير في النشاط الفكري لهذا الإنسان من حيث لم يسلم منها حتى إيمانه  الديني ، الذي أصبح متزعزعا باهتزاز ينطلق من تصورات خاطئة .. نتيجة لفقدان هذه البصيرة وتراجعها أمام المعطيات العقلية المنبثقة عن فكر الآخرين..
الآليات الإستعمارية :
خلل البصيرة يؤدي إلى خلل الإطلاع على الترابط الموجود بين الكل وأجزائه[4] .. وهو ما مهد إلى ظهور آليات إستعمارية صارمة .. جعلت القاضي بهذا المنظور والذي يتخذ موقفا إستعماريا ، يقوم بتفكيك الكل إلى أجزائه الأولية .. ثم يبدأ في تحطيمها وإعدامها واحدا واحدا .. مما يجعله في النهاية يقضي على هذا الكل بكامله ..
والإعتماد على هذه المعادلة الخبيثة ، هو الخطة التي ينتهجها الإستعمار الحديث ، والتي تختفي على العيون بألف غطاء .
فتحريف مفهوم السحر كجزء من معادلة كلية ، يؤدي إلى تحريف معظم الحقائق التي جاء بها القرآن ، ولا ريب في ذلك إذ تتنافس الناس بين هيئاتها ، في إعطاء مفاهيم عشوائية حول حقيقة هذا السحر التي تعاكس ما جاء ثابتا في القرآن الكريم.. فراح كل واحد  يعرفه بمفهومه الخاص.. تعريفا متناسبا مع ما يمليه عليه المجتمع المتشبع بالأفكار السحرية الوهمية .. وما تمليه عليه السيادة الأجنبية من الخارج .. وعن طريق القنوات الخاصة والمخصصة لهذا الشأن.. و الكتب ، خاصة منها الشارحة للرقيا بصفة عامة ، والجرائد والمجلات .. بمفاهيم تعاكس تماما ما جاء ثابتا وواضحا في القرآن الكريم..
ولا يوجد موضوع إستحق الإهتمام ، بالشكل الذي ظهر في موضوع السحر، ظهورا تعدى حدود القرآن الكريم ، مما يبعث على الشك في مصدر هذا الإهتمام ..
وهذا الإهتمام تجاوز أو تخطى التفسير العلمي لظواهر الكون ليستبدلها بذلك التفسير السحري لهذه الظواهر.. مما يلزمنا بالرجوع خطوات سريعة إلى الوراء .. إلى حيث نزول الكتب السماوية الأربعة .



- أحد الوسائل الدفاعية التي يتخذها المريض في مواجهة الصراع الناتج عن الغخفاق والفشل[1]
- عد إلى موضوع " أسباب الإختلاف" من هذه المدونة[2]
- موضوع " عد من حيث أتيت " من نفس المدونة[3]
- المدرسة الجشتاتية[4]

الأربعاء، 13 مايو 2015

علاج الضعف الجنسي بالرقيا





بكل إختصار.. مجرب صحيح.. مئات المرات وفي جميع الحالات.. وحتى في حالة إرتفاع نسبة السكر في الدم..
-       إختر وقتا مناسبا ومن الأحسن بعد صلاة الظهر أو بعد صلاة العشاء قبل أن تصلي الشفع والوتر.. أي بين الصلاتين ( بين صلاة العشاء ، وصلاة الشفع والوتر) ..
-       طهّر عقلك من الشرك ، وذلك بما يلي:
    1/ ألغ الإعتقاد تماما بأنك مصاب بالسحر أو الربط أو المس الجني.. لأن هذا الإعتقاد يصنع حاجزا ضخما يحول دون وصول كلمات القرآن الكريم إلى أعماق روحك.. حيث أنه من جهة يقول سبحانه عز وجل :
" ولا يفلح الساحر حيث أتى "
ومن جهة أخرى أنت تؤمن بأن هذا الساحر أفلح في سحرك وربطك..
هذا التناقض هو الذي يخلق ذلك الحاجز الذي يمنع كلمات القرآن الكريم من وصولها إلى هدفها..
ولهذا السبب يشكو الكثير من عدم جدوى العلاج بالرقيا ، ذلك لأنهم لا يدركون شروطها..
     2/ ألغ تماما من ذهنك علامات الشرك الأخرى ، مثل الإيمان بأن قراءة القرآن أمر شرعي في حين أن كتابته سحرا.. بل القرآن هو القرآن سواء كتبته أم قرأته.. وكتابته أحسن من قراءته سبعين مرة..
فإذا كنت تعتقد بأن كتابة القرآن شركا ، فأنت ظننت سوء بالقرآن الكريم ولن تصل كلماته إلى أعماق روحك ..
     3/ دع جانبا كل إنشغالاتك ، لا تفكر في شيء آخر.. فأنت في هذه اللحظة في جلسة مقدسة ، ومع الله لا غيره.. دع مشاكلك جانبا ، فالجلسة الآن مختصة في علاج نفسك لا في حل مشاكلك.. وعندما تنتهي الجلسة فأنت حر في الرجوع للتفكير في أمور أخرى..
-       بعد كل هذا إستلق على فراش طاهر وعلى ظهرك ، وبحيث يكون يداك ممدودتين على جانبي جسمك  ..
-       أغمض عينيك باسترخاء تام
-       تخيل الفراغ المطلق.. لاشيء في مخيلتك سوى الفراغ الكامل.. لا شيء يشغلك ويشركك عن ذكر الله..
-       إقرأ سورة الفاتحة سبعة مرات سرا في قلبك ، بهدوء وبطء تام..
-       أغلق يدك اليمنى بحيث تكون أصابعك محكمة..
-       إبدأ في قراءة الآيات التالية سرا وبهدوء وبطء تام مع المحافظة على مخارج الحروف.. وكرر هذه القراءة سبع مرات .. وهذه الآيات هي :
" بيم الله الرحمن الرحيم ، قال رب إشرح لي صدري ، ويسر لي أمري ، واحلل عقدة من لساني ، يفقهوا قولي ، واجعلي وزيرا من أهلي ، هارون أخي أشدد به أزري ، وأشركه في أمري ، كي نسبحك كثيرا ، ونذكرك كثيرا ، إنك كنت بنا بصيرا ، قال قد أوتيت سؤلك ياموسى "
وعندما تصل إلى " .. واحلل عقدة من لساني.." كررها ثلاثة مرات
-       في الوقت الذي تبدأ فيه في القراءة لهذه الآيات الشريفة ، إبدأ في نفس الوقت في فتح أصابع يدك بهدوء إلى أن تفتحهما تماما..
-       أحرص على أن تنتهي آخر خطوة في فتح الأصابع مع آخر خطوة في القراءة الأخيرة للآيات الشريفة..
-       ثم أغلق أصابع يدك اليسرى بإحكام..
-       إبدأ في قراءة سورة الإنشراح سبع مرات بنفس المواصقات السابقة ، مع فتح الأصابغ بهدوء .. على أن تنتهي آخر خطوة في الفتح مع آخر خطوة في القراءة..
-       أغلق أصابع اليدين مع بعض..
-       إبدأ في قراءة الآيات الأولى التي ذكرناها في فتح أصابع اليد اليمنى ثلاثة مرات ، ثم سورة الإنشراح أربعة مرات ، فيكون المجموع سبعة مرات.. وفي نفس الوقت الذي تبدأ فيه القراءة ، إبدأ في فتح الأصابع أيضا ، على أن تنتهي آخر خطوة في الفتح مع آخر خطوة في القراءة..
-       وفي النهاية إقرأ سورة الفاتحة حمدا لله على شفائك بكل إيمان ثلاثة مرات.. ومن الأحسن سبعة مرات..
ملاحظة :
إن كنت تقوم بهذا العلاج لنفسك فقم بالقراءة سرا.. وإن كنت في علاج غيرك كأحد أصدقائك ، فقم بالقراءة جهرا بترتيل وبطء كبير..
هذه الرقيا مجربة وصحيحة ، في حالة تطبيق الشروط التي ذكرناها في مقدمة هذه الصفحات..
تحياتي الطيبة لكل قارئ..  

الاثنين، 11 مايو 2015

فوبيا السحر في الجزائر(1)



فوبيا السحر في الجزائر(1)

مرض الفوبيا:
مرض الفوبيا أو الرهاب هو نوع من الخوف الغير طبيعي ، والغير منطقي ، يصل بالإنسان إلى درجة الهلع الشديد عند التعرض لمواقف معينة.
ويتمثل هذا الخوف الشديد في اشياء معينة ومتعددة لا يمكن الإحاطة بها كلها ، لكن يمكن تصنيفها إلى ما يلي :
1/ الخوف من الناس (الرهاب الإجتماعي) :
ويتمثل ذلك في عدم القدرة على مواجهة الناس والخوف منهم خوفا ليس له أي مبرر .. وتختص بعض حالات الفوبيا بالخوف من الغير أسوياء كالمجانين ، والسكارى ، والمجرمين ، والمعوقين...
2/ الخوف من الحيوانات :
ويختلف هذا الخوف من شخص إلى آخر ، حسب طبيعة الفوبيا لديه .. فمنهم من يخاق القطط ، ومنهم من يخاف الكلاب ، الحصان.. الأبقار.. الحشرات كالعناكب... العقارب .. البعوض.. الميكروبات..
3/ الخوف من العمران :
مثل البنايات المرتفعة ، والممرات الضيقة .. الحفر .. الآبار.. الغرف ذات الأبواب المغلقة ... النوافذ....
4/ الخوف من الكوارث الطبيعية :
مثل الزلازل ، الرعد ، البرق... العواصف ، سقوط الأمطار بغزارة ، الثلوج... النار والحرائق ...
5/ الخوف من الأمراض باختلاف أنواعها.. الأوساخ.
6/ الخوف من القيام بسلوكيات غير موفقة..
7/ الخوف من الأرواح الشريرة ، والمس الجني ، والسحر ..
وهو ما يأخذ الجانب الأكبر من الفوبيا في الجزائر بصفة خاصة..
وتقف مدارس علم النفس وقفة إختلاف في المنظور حول أسباب مرض الفوبيا ، وكل مدرسة ورأيها الخاص الذي يختلف عن المدرسة الأخرى ..
فالمدرسة السلوكية كعادتها في النظر إلى السلوكيات الشاذة بإيجاز ، ترى أن مرض الفوبيا كغيره من الأمراض ، هو سلوك متعلم من طرف المريض في مرحلة معينة من مراحل حياته .. والعلاج يكمن وراء المواجهة التدريجية للشيء المخيف..
غير أن هذا النوع من العلاج لا يدوم  طويلا ، إذ تعود الأعراض بعد فترة من زوالها إلى الرجوع إلى ساحة الوعي ، وقد يكون تأثيرها أشد وطأة من الأعراض السابقة..
وهو ما يحدث في العلاج بالرقيا بصفة عامة.. فبعد أن يشف المريض تعود الأعراض إليه ولو بعد حين ، تهدده بقوة مضاعفة عن القوة الأولى ويصعب عندئذ العلاج في ما بعد ..
لكن المريض لا ينتبه إلى عدم جدوى العلاج بالرقيا ، بل يظن بأن المس الجني أعاد كرته ، أو سحروه مرة أخرى.. وهنا يزداد الطين بلة..
إن فشل العلاجات السلوكية على إختلاف تقنياتها يجعلنا نلجأ لمدرسة أخرى أشد توضيحا للمشكلة وأحسنها تشخيصا وعلاجا مثل مدرسة التحليل النفسي..
وترى هذه المدرسة بانه مادامت الأعراض تعود ثانية بمفعول العلاجات السلوكية ، فإن هذا يفرض نتيجة لا مناص من الهروب منها ، وهي الأسباب الداخلية للمرض.. بمعنى وجود صدمة نفسية مقرها اللاشعور ، تظهر بشكل إسقاط على أشياء أخرى ذات الموقف المشابهة للصدمة الموجودة في العقل الباطني لدى المريض..
وغالبا ما تكون هذه الصدمة لها علاقة كبيرة بالنوازع الجنسية المحرمة من طرف المجتمع بصفة عامة ، ومن طرف أحد الأبوين بصفة خاصة..
فالشخص الذي يخاف الحصان مثلا ، يكون خوفه الأصلي له غلاقة بخوفه من عقاب أبيه له ..
ونتيجة في أن أبيه كان ملازما لركوب الحصان .. خصوصا يوم عقابه له بالصورة التي خلقت الصدمة.. فإنه يتذكر حادثة العقاب كلما رأى الحصان ،  فيعبر عن خوفه من أبيه عن طريق إسقاط هذا الخوف على الحصان بسبب شعوره بالذنب[1]..
فالإرتباط الشرطي الذي حدث بين الآب والحصان هو الذي ساعد على القيام بهذا الميكانيزم الدفاعي المتمثل في عملية الإسقاط..
والطفل بطبيعة الحال يصعب عليه الإعتراف بان مصدر الفوبيا لديه هو الخوف من عقاب الآب نتيجة لشعوره بالذنب تجاه أبيه ، فيعمد إلى حيلة يسقط فيها خوفه من الحصان ليتجنب هذا الشعور بالذنب..
وقد تكون فوبيا السحر التي أكلت مجتمعنا أكلا لما ، راجعة إلى الخوف اللاشعوري من عقاب الآب أو من الأم ..
وتقوم البئة التي يعيش فيها المريض بمثابة المدرسة التي تتولى تنمية هذه الفوبيا تنمية مضاعفة من حيث الإيمان بالتأثير الوهمي للسحر أو المس الجني .. فتترعرع في نفسه تلك المخاوف منذ طفولته والمقترنة في الحقيقة بالمخاوف اللاشعورية من العقاب وفي ما يسمى بالخصاء[2] ..
والإنسان بطبيعة الحال ، ليس له القدرة عادة على مناقشة الفكرة من بابها الصحيح ، نتيجة لفقدانه لتلك النزعة العلمية والإنتقادية لما يسمعه من الآخرين..
و لو فكر قليلا في الأمر لوجد أنه منذ طفولته وهو يسمع عن السحر ، لكنه لم يره أبدا يوما على أرضية الواقع ، بل يكتفي فقط بكلمة قالوا و سمعنا..
إن الإستماع لما يقوله الناس خاصة منهم أشباه العلماء ، مرفوض تماما من القاموس العلمي الذي لا يعترف إلا بالرؤيا بالعين المجردة..
والإنسان تأكيدا ما دام على قيد الحياة لن ير السحر بعينه طوال حياته ، بل يسمع عنه بأذنيه فقط .. ولا بد له أن يعرف بأن هناك طائفة كبيرة من الناس لها فوائد كبيرة من وراء ترويج مسألة السحر ، على حساب مصائب هؤلاء الناس ، كما نرى ذلك في الصفحات القادمة إستشهادا بما جاء به القرآن الكريم باعتباره المصدر الواحد والوحيد لإثراء وتوضيح المفاهيم العلمية والحياة الشرعية.
إذن فالفوبيا بالمنظور السايكولوجي هي عبارة عن صدمة نفسية سقطت في اللاشعور ، وأصبحت تلوح بعلامات مرضية تتميز بطابع الخوف الرهيب من مواقف معينة ذات الصلة الشبيهة بالصدمة الأولى[3] ..
وبالمنظور الأنتروبولوجي ، فإنها وليدة ثقافة البئة وما تحمله من أوهام..
وهذه الثقافة تزيد من تعزيز قوة الصدمة بحيث يصعب على الشخص المريض الإعتراف بالوهم الذي جاء في مسألة ترويج السحر.. خصوصا إذا تطرقوا به إلى المعطيات التي جاء بها القرآن الكريم بصورة مظللة في فهمهم للآيات التي جاء بها هذا القرآن.
................................................................. (يـتـبـع)........


- هذا الموضوع يتطلب دراسة من طرف المختصين في علم النفس الإكلينيكي ، ولذلك عالجناه معالجة بسيطة في إطار الثقافة الشعبية..[1]
- توقع العقاب نتيجة للقيام بالإتصال  الجنسي بالمحارم[2]
- مدرسة التحليل النفسي- سيجموند فرويد[3]

الأحد، 10 مايو 2015

les mediums الوسطاء الروحانيون




  
تتكون الحزمة الضوئية من سبعة ألوان ، منها الألوان الأساسية ، والألوان الغير أساسية.. وهي تخضع للرؤيا بالعين المجردة..
بينما توجد ألوان أخرى من غير ألوان الطيف السبعة ، لا تخضع لرؤية العين ، وتسمى بألوان ما فوق البنفسجية أو ما تحت الحمراء..
وحسب النتائج العلمية ، فإن الحيوانات لا ترى من ألوان الطيف السبعة إلا لونين إثنين ، هما اللون الأبيض واللون الأوسود ، بينما لها القدرة على عكس الإنسان ، من رؤية الألوان ما فوق البنفسجية.. ولذلك يتوقف الحيوان أحيانا فجأة في مكان ما ، ويبدأ في النظر بنظرات غريبة يتخللها الهلع والخوف ، ولا يستطيع إقتحام تلك الطريق التي توقف فيها إلا بتغيير مسار مشيته .. مما يدل على أنه يرى أشياء وقعت في مجاله البصري والتي لم يتمكن الإنسان من رؤيتها..
وهذه الأشياء عبارة عن أشباح تم خلقها بصورة تختلف عن خلق الإنسان ، فهي خلقت من تلك الأشعة ما فوق البنفسجية .. ولهذا جاءت الآية الكريمة :
" .... وخلق الجان من مارج من نار"
ومن هذا المنطلق يكون مارج النار هو تلك الأشعة التي لم تخصع للمجال البصري لدى الإنسان ، وخضعت للمجال البصري الحيواني ، وظهرت تحت مفهوم الأشعة ما فوق البنفسجية أو ما تحت الحمراء..
ويقول العلماء[1] في هذا الشأن بأنه من غير الحيوان ، يرى الأطفال الذينهم في سن الثالثة والرابعة أيضا هذا النوع من المخلوقات الغريبة ، وكثيرا ما يحاولون إخبارنا عن    أشياء تمر أمام أعينهم في أوقات معينة ، بينما نتجاهل كلامهم الغير واضح أحيانا..
وقد إستطاع العلماء من صنع أجهزة لها القدرة على إلتقاط هذا النوع من الأشعة ، وتمكنوا من رؤية مخلوقات غريبة جدا عن الإنسان ، وتمكنوا من إدخال بعضهم إلى المخبر من أجل التجريب والدراسة[2]..
وهناك نسبة قليلة جدا من الناس ، لديهم القدرة على رؤية الأشباح ويسمون بالوسطاء..
هذه الفئة لديها صفات جسدية متميزة يتمتعون بها ، وأهمها الشكل الدائري للعيون.. حيث أن هذا الشكل الدائري يتمكن من إلتقاط الأشعة التي تقع على القطر الكبير للعين على عكس العيون المتطاولة ، خصوصا في فترة المساء حيث تكون أشعة الشمس مائلة على سطح الكرة الأرضية.. مما يجعلها تسقط على العين بشكل مائل أيضا.
ويسود الإعتقاد بأن العدسات الدائرية للنظارات قد تساعد الإنسان من رؤية هذه الأشباح في فترة زمنية ما قد لا تتجاوز عدة ثواني..
ويقول بعضهم بأن الحيوانات المتسكعة ليلا في الظلام قد يكون بعضها لا ينتمي لعالم هذه الحيوانات ، إذ هي من الأشباح ، ولذلك ينهى عن ضربها والإساءة إليها..
ويتطرق بعضهم من المجربين إلى أنه من أجل التأكد من حقيقة هذا الحيوان ليلا يجب رصده بمرآة ، فإن إرتسم خياله على هذه المرآة فهو مجرد حيوان.. أما إذا لم يرتسم خياله فإن ذلك من الأشباح وبكل تأكيد..
وفيما يتعلق بهؤلاء الوسطاء ، فإنهم جاءونا بأوصاف لهذه الأشباح والمخلوقات الغريبة ، ويقولون بأنهم يوجدوا على أوصاف مختلفة ، وكل واحد منهم لا يشبه الآخر في أغلب الأحيان.. ولكل واحد شكله المميز والخاص به.. يجيبون عن الاسئلة التي تطرح لهم بلسان عربي دون أي صعوبة في الكلام أو اللغة.
وكان البعض من حملة القرآن الكريم يقومون بكتابة معينة على كف الوسيط ، ويشرعون في قراءة القرآن إلى أن ير الوسيط نزول أحد من الجن في كفه ويبدأ المعني بالأمر في طرح اسئلة معينة والجن يجيب عنها حسب قولهم باعتبارات صادقة في الكلام شريطة أن تكون هذه الأسئلة لا علاقة لها بالأمور الغيبية.. ويسمى هذا النوع من العمل بالإستنزال.. ويعللون ذلك بان للجن علاقة مباشرة مع الوسيط الذي تتوفر فيه شروط الوساطة.. ومن بينها علامات مميزة كالشكل الدائري للعيون ، وشكل الأنف المتطاول ، لكنهم يركزون على وجود خطوط بالكف تعطي العلامة المميزة للوسيط .
في الجزائر يمى هذا النوع من الناس بالزهريين ، أما في بقية الدول العربية الأخرى فيمونهم بالوسطاء ، وفي الدول الأجنبية:
Les mediums
ويقوم العلماء الإختصاصيون في كثير من الدول الأجنبية بتحضير أرواح الموتى والتخاطب معهم حسب زعمهم ، إعتمادا على هؤلاء الوسطاء..
هؤلاء الإختصاصيين يحضون في الخارج باسم علماء أما عندنا فيحضون باسم مشعوذين.. 
وتؤكد أقوالهم بأنهم إستطاعوا أن يحضروا أرواح شخصيات كبيرة في العالم ، وأجابتهم عن أدق الأسئلة وكانت تتكلم بنفس أساليب أصحابها..
ويرد البعض كعادتهم في تفسير الأمور العلمية بالرجوع إلى التفسير الشيطاني ، ويذهبون في قولهم تارة بملابسات الشيطان والجن ، وتارة أخرى ما يسمى بالقرين ..
أما نحن ، فيجب علينا أن نقف وقفة علم في تساءل باهتمام وتركيز.. هل ما يقوله هؤلاء الوسطاء هو حقيقة أم وهم ؟
هل ما يقولونه يدل على واقع علمي لازلنا نجهله أم هو مجرد هلوسة بصرية ؟




1- لا نقصد بالعلماء تلك الطائفة التي تقوم على الأحكام النظرية التي ليس لها برهان منطقي.. بينما نقصد بالعلماء تلك الطائفة التي تقوم على أساس التجريب
- عن مجلة العلم والإيمان[2]

السبت، 9 مايو 2015

إستفتوا أنفسكم



                                     

ينقسم الناس من حيث ثقافتهم إلى قسمين :
- قسم يكتسب ثقافته ومفاهيمه العامة من وراء ثقافة الغير ، حيث يأخذ بأقوالهم ، وآرائهم ووجهة نظرهم .. فيصدق بكل ما يقولون .. ويتبع آثارهم بالبحث عنهم في الكتب والمجلات والجرائد والقنوات المختلفة وفي مواقع الأنترنيت ..
إنه يعتمد على أذنيه في إكتساب المعرفة ، دون أن يعتمد على عينيه..
وهو بهذه الحالة يكون تابعا تبعية كلية إلى ما يقوله غيره ، دون أن يكون لمبادرته الذاتية أي دخل في الموضوع ..
وهو يرى أن تلك المطابقة التي تحدث بين تصوره للفكرة .. وبين الكلام الذي جاء به الغير ، حقيقة مطلقة لا يمكن طعنها.. لأن المعرفة أو الحقيقة في نظره هي ذلك التطابق الذي يحدث بين الفكرة والتصور..
في حين أن المطلق لا يكمن وراء تلك المطابقة العقلية.. نتيجة لغياب عنصر الواقعية المنبثق عن التجريب.. لأن فكر الإنسان شيء والواقع شيء آخر.
عندما نؤمن بفكرة ما ، فإن تصورنا لها يكون قد هيأ الأرضية الصالحة للإقتناع بها .. وعند ذلك نتعرض للصراع دون أن ندري .. الصراع بين ما نأخذه من الواقع الخارجي عن طريق آراء الناس وأفكارهم .. وبين إحساسنا بهذه الأفكار والآراء.. والغلبة في الصراع ترجع بطبيعة الحال إلى إلى ما ينطلق من إحساسنا الداخلي .. بينما نحن في حاجة إلى تغليب ما يأتينا من الواقع الخارجي ، لا من الواقع الداخلي ، مما يلزمنا إلى إتخاذ موقف يساعدنا على حل أزمة هذا الصراع ..
و لا نجد هذا الحل إلا في البحث عن المؤيدين لهذه الفكرة ، وسنجد لا محالة طائفتين .. إحداهما مؤيدة.. والأخرى رافضة .. وهنا تدخل ذايتنا من الباب الواسع ، حيث نختار حتما ما يوافق تصورنا للفكرة.. وعند ذلك يصبح كل ما نسمعه من هؤلاء صحيحا ..
وسنرى أن كل كلمة يقولونها دليلا ، وكل حركة صادرة منهم هي دليل أيضا.. خصوصا إذا أخذ المقاييس الغيرعلمية والغير خاضعة للتجريب كوسيلة للبرهنة..
وما يرجع ذلك إلا إلى تلك المطابقة التي تحدث بين ما نتصوره وبين ما نستمع إليه ، أو بين ما نقرأه مع تدخل ميكانيزم ذاتيتنا..  
- قسم يعتمد على رؤيته الداخلية للموضوع ، النابعة من قرارة ذاته ، عن طريق إحساسه الداخلي أو بصيرته ، وعن طريق الفطرة التي خلقه الله عليها.. خالية تماما من أحكام الغير ، وتعتمد على مبادرته الخاصة.
إنه يختلف عن صاحبه الأول الذي يستمع لأحكام الغير ..
يختلف عنه باستماعه إلى جوهره الميتافيزيقي الموجود في نفسه ، وباتباعه إلى تلك الفطرة الإلهية فيه .. كما يعتمد على أبحاثه الخاصة في الموضوع ، والنابعة من قرارة ذاته ، طبقا لحديثه (ص) :
" إستفتوا أنفسكم "
وتتجلى مهمة هذا الحديث الشريف في مهمة طبية قبل كل شيء.. ذلك لأن هناك قاعدة طبية أساسية تخبرنا في أن الإنسان إذا قلد الآخرين في أقوالهم وأفعالهم ، فقد شخصيته.. وفقدان الشخصية يعني فقدان الأنا ، أي فقدان الجوهر الروحي للإنسان.. وهو بهذه الحال يكون قد أعدم نفسه إعداما كاملا دون محاكمة.
فالأنا يطالبه بمسك زمام الأمور بنفسه ، لا بنفس الآخرين ، وبمواجهة الحياة بواقعه النفسي الذي فطره الله عليه ، والواقع بطبيعة الحال أغنى من النظرية[1]..
غير أن أناه قد ذاب في أنا الآخرين بأحكامهم التي قد تكون صحيحة ، وقد تكون خاطئة ..
والنظرة البشرية لشيء ما تختلف من شخص لآخر مهما كانت معلوماته واستعداده العلمي .. فهي تقف وراء الخلفية الفكرية التي يتميز بها..
فمثلا ، النظرة التي ينظرها عالم النبات إلى الشجرة غير النظرة التي ينظرها الفلاح.. وغير النظرة التي ينظرها الشاعر.. وغير النظرة التي ينظرها الرسام...وغير النظرة التي ينظرها الفيلسوف.. وغير النظرة التي ينظرها الساحر..
فعالم النبات لا يرى من هذه الشجرة إلا تلك الأوراق التي تقوم بعملية التركيب الضوئي.. وتلك الفروع التي تقوم بنقل النسغ الصاعد والنسغ النازل..والجذور التي تقوم بعملية الإمتصاص للمواد المعدنية والأملاح عن طريق الشعيرات الجذرية وما عليها من أوبار ماصة.. والرؤية الإجمالية لتلك الشجرة بين النباتات والأشجارالأخرى وحتى بين الحيوانات ، من حيث المشابهة المورفولوجية الموحية بعملية التطور..
أما الفلاح .. فما يرى منها إلا ما تحتاج إليه من عملية سقي أو تقليم أو مداوات ، إنتظارا لما تنتجه من فواكه إن كانت مثمرة .. أو ما تأتي به من فوائد أخرى.
والشاعر لا يراها على الإطلاق في أنها شجرة.. بل هي ذلك الشبح الذي يشبه مفقوده الداخلي الذي ترن برنته أحاسيسه وعواطفه .. وما أن يرى الشجرة حتى يترنح سكرانا بخمرة الطبيعة ، فتلج في نفسه قوافي الشعر والأوزان ..
إنه يرى تلك الشجرة ، كما لو كانت حبيبته التي فارقها منذ زمان .. وهي تناديه  وتترجاه في الإنضمام إليه ومحاورته حوارا ينطلق من وراء زقزقة العصافير ، ودبيب النمل ، وصهيل الخيل .. وأصوات الحيوانات الدنيا.. وهي تطلب منه تبادل الحب والعطف والحنان الذي ينطلق في أجنحة النحل.. والفراشات .. وضربات الرعد ، وومضات البرق ، وطيات السحاب.. 
والرسام يختلف تماما ويراها من وراء تلك الموهبة الفنية التي يعدم فيها ما هو مشوه منها وتحويله إلى جمال ينطوي وراء جمال الطبيعة ، ليسمو به إلى جمال الكون كله..
أما الفيلسوف فيخرج عن القاعدة تماما ويرى تلك الشجرة في أنها رمز أو صورة للشجرة الحقيقية التي مازالت لم تظهر بعد.. فهي ليست شكلا ولونا كما يراها الإنسان العادي بل هي تعبير صادق يدور حول إسجلاء الشكل الحقيقي للحياة..
أما الساحر أوالذي يؤمن كثيرا بأوهام السحر نتيجة للبئة التي عاش فيها.. يرى أن كل شيء سحرا.. وما يفسر الأحداث إلا تفسيرا سحريا..
فعندما يشعر بآلام في منطقة ما في جسمه ، لا يردها إلى أسبابها الحقيقية ، بل يفسرها تفسيرا سحريا.. وما يرى من تلك الشجرة إلا صلاحيتها للقيام بمواصفات سحرية معينة..
فالشجرة الجرداء من أوراقها في نظره .. غير الشجرة التي توجد بها أوراق.. فتلك صالحة لعمل كذا ، والأخرى صالحة لعمل كذا و كذا..
والشجرة المنتجة للفواكه ، غير الشجرة التي لا تنتج هذه الفواكه.. وتواجد الشجرة في فصل الخريف غير تواجدها في فصل الربيع.. من حيث صلاحيتها للأعمال السحرية،
وما هو من الحقيقة في شيء سوى الظلال و الوهم..
إن نظرتنا للأشياء توجهها خلفياتنا الفكرية ، فتوسمها أحيانا بالإنحراف عن معرفة الحقيقة .. وتطبعها بطابع التعصب والأنانية الذي لا يخرج من دائرة الأحكام الذاتية.. والتخلي عن الأحكام الموضوعية..
كما تجعلنا نختار الأشخاص الذين يجب أن نسمع إليهم ، وهي التي تجعل على عيوننا غشاوة بصرية تدلنا على صحة أحكامهم ولو كانوا خاطئين.
فالعدد 2 لا يمكنه أن يكون إلا نتيجة للمجموع 1+1 في نظرهم ..
غير أن العدد 2 يمكنه أن يكون نتيجة للمجموع +4 ، -2  أيضا...
ويمكنه أن يكون نتيجة للمجموع -5 ، +3...
وخلاصة القول هو أن عالم المثقفين ينقسم إلى قسمين.. قسم يرى بعينيه وقسم يري بعيني غيره..
وبعبارة أوضح .. إنه يرى بأذنيه..
لكن ما سبب هذا الإختلاف في الرؤيا نحو موضوع ما ؟
يرجع سبب ذلك إلى مرحلة متقدمة جدا من عمر الإنسان..
إلى أيام الطفولة الأولى .. وهي تلك التي تسمى بالمرحلة الفمية..
المرحلة الفمية ترتبط بالعلاقة المزدوجة التي تحدث بينه وبين أمه في فترة الرضاعة.. حيث يكون الطفل مرتبطا إرتباطا كاملا بأمه نتيجة للعلاقة البايولوجية التي تحدث بينهما.. إلى جانب تلك العلاقة السايكولوجية ..
فالأم وما تقدمه للطفل من الرضاعة ، تجعل هذه الرضاعة تخضع لآليات يمكنها أن تؤثر في شخصية إبنها مستقبلا ، وتحدد حتى إتجاهه الفكري.. وقد تتسبب في إصابته ببعض الأمراض المتعلقة بالجهاز الهضمي والتي توضع تحت إسم الإضطرابات الغذائية.. ومن بينها قرحة المعدة ، أو إضطرابات القولون[2] في كبره.
وقد يخطأ الأطباء حينما يرونها أنها نتيجة لإنتانات جرثومية تستلزم العقاقير الطبية .. فالمرض لا يحدث إلا في المنطقة التي يكون لها الإستعداد لهذا المرض..الإستعداد العصبي بطبيعة الحال.. وما دور الميكروب إلا ذلك الدور المتأخر من مراحل المرض.. حيث يهجم عندما تكون منطقة الإصابة جاهزة.
والطفل يتلقى هذه الرضاعة من أمه طبقا لحالتين مختلتين :
- الحالة التي يتلقى فيه الطفل الرضاعة من أمه مباشرة بعد البكاء والصراخ والتعبير عن الشعور بعدوانية هذه الأم نحوه.. وما يتلقاها إلا بعد نحيب وألم ومعاناة كبيرة..
إنه في هذه الحالة يتعلم ميكانيزما أوليا يتراءى له فيه بأن الحياة قاسية ، ومتعبة ، ولا تؤخذ الأمور فيها إلا بعد جهد ومعانات ، يتم فيها الإعتماد على نفسه ، ومواجهة الحياة مواجهة عدوانية وبالقوة التي تستحقها..
وتجد مثل هؤلاء يميلون لحب السلطة من أجل مسك زمام الأمور بأيديهم.. كما تسيطر عليهم غريزة حب التملك  la possession..
كما تجدهم ضحية السجون والمحاكمات القانونية نتيجة لانقيادهم وراء الشعور بالعدوانية..
أما الفئة المثقفة منهم ، فيميلون إلى الإنتقادات اللاذعة والهدامة في كثير من الأحيان.. ولا يعترفون إلا بما هو ملموس من معطيات العلم التي تتراءى وراء التجريب..
فالأحكام النظرية ، والمقولات السمعية ، التي يستبدل فيها الإنسان عينيه بأذنيه ، ملغية ومحذوفة تماما من منهجهم المعرفي .. وقد تجد مبادراتهم الذاتية ساطعة في أي موضوع كان ، فيميلون للبحث بأنفسهم لا في الإستماع لغيرهم..
- الحالة التي يتلقى فيها الطفل هذه الرضاعة من أمه كأول مصدر بيولوجي وسايكولوجي ، بصورة لا تتطلب أي مجهود .. فهو ينال حليب أمه في كل وقت دون بكاء أو صراخ أو معاناة..
فأمه تعطيه ثدييها بصورة مبكرة ومسبقة قبل أن يشعر الطفل بحاجته إليهما.. وقبل أن يشعر بالجوع..
لقد قامت أمه بإعدامه دون أن تدري.. لم تترك الفرصة لنمو أنا طفلها نموا طبيعيا ، فذاب في أناها..
هذا الطفل يتعلم ميكانيزما أوليا يتراءى له أن الحياة سهلة وبسيطة ولا تتطلب أي معاناة ولا مجهود.. ينال الإنسان نصيبه دون التعبير عنه.. إنه سيتلقى ما يحتاج إليه من أمور الحياة ، وما يحتاج إليه من معرفة من خلال الآخرين دون أي جهد أو تعب .. وهنا يبدأ الإستعداد لانفصال الأنا عنه ليعيش بأنا الآخرين نتيجة لاعتماده عليهم مثلما كان يعتمد على أمه في كل شيء.
فمبادرته الخاصة في الموضوع ، إنعدمت بانعدام هذا الأنا الذي ذاب في أنا أمه ، وسيزداد ذوبانا في شخصيات الآخرين ..
سيبحث عنهم بطبيعة الحال في الكتب ، والجرائد ، والمجلات ، والقنوات التلفيزيونية ، ومواقع الأنترنيت.. وفي نظره أن كل كلمة يقولونها هي صحيحة لأبعد الحدود..
ولا يستطيع أن يعرف أن مجموع الواحد مع الواحد هو إثنين إلا إذا سألهم عن صحة ذلك.. وهو ما يسمى بمرض الإرتياب..
تتعرض هذه الفئة إلى حالة فقدان الثقة بالنفس ، والتعرض لمرض الإرتياب.. إلى جانب إنعدام جوهرهم الميتافيزيقي المتمثل في فقدان الأنا ، وزوال تلك الفطرة الربانية فيهم..
سيتغلب الجانب السمعي على الجانب الحسي لديه.. أي تتغلب أذناه على عينيه..
وبالتالي تتغلب الرؤيا الخارجية عن رؤيته الداخلية ، ومن هنا تبدأ المعاناة في شكلها الحقيقي دون أن ينتبه إليها ، بطبيعة الحال لأن إنتباهه لا يمكن إلا بواسطة الأنا الذي إنعدم بضربات الجلاد القادمة من خارج نفسه..
ومن الأعراض الشائعة لهذه الحالة هو شعور الإنسان بأن زمام أمره قد أفلت من يده.. لا يستطيع أن يقوم بشيء.. ولا أن يعمل شيئا.. خائر القوة ، فاقد الإحساس بطعم الحياة ذلك لأنه يشعر بشعور الآخرين ويأكل بفمهم .. وسيعلل ذلك باسباب أخرى ، كالشعور بالكبر مثلا.. أو السحر.. أو المس الجني .. أو الحسد ..
وما عليه أن يعلل ذلك إلا باعترافه بأن أناه قد سيطرت عليه أنوات أخرى. وأصبح معدوما ومشلولا لا يستطيع العمل إلا بالغش للمعلومات الخاطئة في كثير من الأحيان..
كما يتعرض هؤلاء إلى حالة التقديس..
فمن تقديس الأبوين ، كمنزهين عن الأخطاء.. إلى تقديس المعلمين والأساتذة .. إلى تقديس بعض الشخصيات من المجتمع.. إلى تقديس أشباه العلماء.. إلى تقديس الأئمة والمفسرين.. إلى الكارثة..
وتتنثل الكارثة في ظهور أعراض بسيكوسوماتية يصعب تشخيصها..
وخلاصة القول هو أن المثقفين يتواجدون على قسمين :
قسم يحفظ المعلومات عن الآخرين خارج إطار نفسه..
وقسم يبحث عن هذه المعلومات داخل إطار نفسه..
قسم يعتمد على التقاط المعلومات إعتمادا على العقل الذي يقف فاشلا في تفسير معظم الأحداث.. ذلك لأنه إستبدل عينيه بأذنيه..
وقسم يعتمد على إلتقاط هذه المعلومات إعتمادا على إحساسه الداخلي وبصيرته..
وشتان فرق بين العقل والبصيرة..
قسم يطل من الشباك باحثا عن أصحاب المعلومات.. كما لو كان في شباك سجن محكم..
وقسم يطل من وراء بصيرته بالموضوع..
قسم يستفتي الناس في كل شيء..
وقسم يستفتي نفسه ، إستجابة لحديث نبيه (ص) :
" إستفتوا أنفسكم "
ذلك لأن الحقيقة هي ذلك الجوهر الذي بعث الله به في قلوب الناس كلهم منذ انحدارهم للحياة.. وما ياتي العالم إلا فقط ليذكرك بها ، لا أن يعلمك إياها.. لأنك تعرفها معرفة اليقين ، وأنت تتجاهلها فقط نتيجة في أنك أعدمت الأنا باستماعك إلى أنا الغير.. ولذلك يقول سبحانه وتعالى :
" وعلم آدم الأسماء كلها "
فأنت تعلم حقائق كل الأشياء في هذه الحياة ، وهي مختبئة في عقلك ، لكنها محجوبة عنك ، بسبب تغطيتها بمعلومات الآخرين.. ولو نزعت الغطاء لعرفت الحقيقة [3].. فلا داعي في أن تتعلمها مغشوشة من الآخرين.. وخذها من داخل نفسك الطاهرة بالطهارة التي خلقك الله عليها..

       



[1] -  إقرار العلماء
[2] - راجع الأمراض البسيكوسوماتية
[3] - في المواضيع القادمة في التأمل سنتعلم تطبيقيا كيفية نزع هذا الغطاء المريب ، وتشاهد الحقيقة بنفسك..