اعلان

الخميس، 14 مايو 2015

فوبيا السحر في الجزائر(2)



                                          
العوامل الأخرى المساعدة على تنمية فوبيا السحر
غريزة حب البقاء وميكانيزم التعويض:
بطبيعة الحال ، توجد لدى الإنسان مجموعة من الغرائز الفطرية المتنوعة ، ومن بينها غريزة حب البقاء التي تتحكم في مصير سلوكياته ، بالصورة التي تميز نشاطه بالسعي وراء إيجاد السبل التي تمكنه من تحقيق الأمن الكامل من أجل هذا البقاء ..
ويرى أن هذه السبل تتأرجح بين التزود الكافي بالمال.. أو الظهور بمظهرالقوة ..أو في التفوق العلمي والثقافي ...
فالجري وراء المال ، والسعي خلفه ، هو وليد غريزة حب البقاء المطالبة بتحقيق الأمن الإقتصادي ..
وبالمثل الجري وراء القوة الذي يطالب بتحقيق الأمن الجثماني أي الجسدي ..
ولا تشذ الرغبة في التفوق عن الإثنين قاعدة ، إذ يرى صاحبه بأن الأمن يكمن وراء الإطلاع عن المعارف الكامنة لإيجاد طرق مواجهة الحياة ومكافحتها ..
لكن كثيرا ما تتعرض هذه النشاطات كلها إلى الإخفاق والفشل في تحقيق هذه المطالب والرغبات .. فيميل إلى تحقيقها عن طريق التعويض[1]..
 سيعوض هذا الفشل والإخفاق عن طريق السحر الذي كان على مرالدهور والأزمنة يلعب دور المساعد على تحقيقها ، مساعدة يلعب الخيال فيها الدور البارز .. وفي النهاية يجد نفسه بأنه كان يطارد خيط دخان..
عقدة الإتكالية( الإعتمادية ):
كما تلعب عقدة الإتكالية دورا كاملا في تمسك الإنسان بمعطيات السحر وتأثيراته الوهمية التي خلقت بدورها مرضا عضال يتميز بأعراض الفوبيا ..
وهذه العقدة تتميز بالرغبة الجامحة للإنسان في الحصول على مطالب الحياة كاملة دون أي عناء أو جهد .. مثلما كان يتحصل عليها من الأبوين إبان طفولته.. ويرجع ذلك مباشرة إلى العلاقة المزدوجة التي كانت بينه وبين أمه في مرحلة الرضاعة التي تسمى بالمرحلة الفمية[2]..
طغيان العقل(الفكر) على البصيرة:
عندما يتجه الإنسان إلى الرغبة في التفوق من أجل تحقيق رغباته المتميزة بالطالبة بالأمن ، فإن نشاطه سوف يخرج من الطور الإشباعي إلى الطور المعرفي إعتمادا على العقل..
لكن هذا العقل غير متحرر من التبعية لفكر الآخرين.. فهو يعتمد عليهم في كلامهم وفكرههم و تفسيراتهم الخاطئة في أغلب الأحيان ، فيأخذ توجها فكريا أعمى وتنعدم بصيرته بالموضوع وهنا تكون الطامة الكبرى..
فالإنسان ما فتئ واقفا منذ نشأته في صراع بين معطيات العقل وبين إحساس الإنسان بهذه المعطيات[3] ..  
وبهذا كان السحر ولا يزال يسيطرعلى المعتقدات البشرية عبر العصور .. بحيث تجاوز الطابع المعرفي للإنسان إلى طابع التأثير في النشاط الفكري لهذا الإنسان من حيث لم يسلم منها حتى إيمانه  الديني ، الذي أصبح متزعزعا باهتزاز ينطلق من تصورات خاطئة .. نتيجة لفقدان هذه البصيرة وتراجعها أمام المعطيات العقلية المنبثقة عن فكر الآخرين..
الآليات الإستعمارية :
خلل البصيرة يؤدي إلى خلل الإطلاع على الترابط الموجود بين الكل وأجزائه[4] .. وهو ما مهد إلى ظهور آليات إستعمارية صارمة .. جعلت القاضي بهذا المنظور والذي يتخذ موقفا إستعماريا ، يقوم بتفكيك الكل إلى أجزائه الأولية .. ثم يبدأ في تحطيمها وإعدامها واحدا واحدا .. مما يجعله في النهاية يقضي على هذا الكل بكامله ..
والإعتماد على هذه المعادلة الخبيثة ، هو الخطة التي ينتهجها الإستعمار الحديث ، والتي تختفي على العيون بألف غطاء .
فتحريف مفهوم السحر كجزء من معادلة كلية ، يؤدي إلى تحريف معظم الحقائق التي جاء بها القرآن ، ولا ريب في ذلك إذ تتنافس الناس بين هيئاتها ، في إعطاء مفاهيم عشوائية حول حقيقة هذا السحر التي تعاكس ما جاء ثابتا في القرآن الكريم.. فراح كل واحد  يعرفه بمفهومه الخاص.. تعريفا متناسبا مع ما يمليه عليه المجتمع المتشبع بالأفكار السحرية الوهمية .. وما تمليه عليه السيادة الأجنبية من الخارج .. وعن طريق القنوات الخاصة والمخصصة لهذا الشأن.. و الكتب ، خاصة منها الشارحة للرقيا بصفة عامة ، والجرائد والمجلات .. بمفاهيم تعاكس تماما ما جاء ثابتا وواضحا في القرآن الكريم..
ولا يوجد موضوع إستحق الإهتمام ، بالشكل الذي ظهر في موضوع السحر، ظهورا تعدى حدود القرآن الكريم ، مما يبعث على الشك في مصدر هذا الإهتمام ..
وهذا الإهتمام تجاوز أو تخطى التفسير العلمي لظواهر الكون ليستبدلها بذلك التفسير السحري لهذه الظواهر.. مما يلزمنا بالرجوع خطوات سريعة إلى الوراء .. إلى حيث نزول الكتب السماوية الأربعة .



- أحد الوسائل الدفاعية التي يتخذها المريض في مواجهة الصراع الناتج عن الغخفاق والفشل[1]
- عد إلى موضوع " أسباب الإختلاف" من هذه المدونة[2]
- موضوع " عد من حيث أتيت " من نفس المدونة[3]
- المدرسة الجشتاتية[4]

ليست هناك تعليقات: