في كثير من الأحيان يوقف بعض أساتذة
الجامعات محاضراتهم ، ويخرجون عن نطاقها ، لينتقلوا بالطلبة إلى نوع هام من
فسلجيات الفكر ..
ويتم هذا الإنتقال بطريقة خيالية بحتة ،
بدون أي داعي أو مقدمة ، أو إرتباط بالمحاضرة التي يلقونها ..
ويدخلون مباشرة في تعريف السحرعلى أنه إتفاق
بين الساحر والشيطان مقابل القيام بأعمال محرمة ترضي هذا الشيطان ..
ويقوم هذا الشيطان في مساعدة الساحر على
القيام بأعماله السحرية التي يؤدي بها التأثير على الطبيعة بما فيها الإنسان..
هذا الإجراء يتم نتيجة لإبرام إتفاقية كاملة
بين الإنسان والشيطان ، فيقوم الطرف الأول بأعمال كفرية ، ويقوم الطرف الثاني
مقابل ذلك بتلبية رغبات الساحر والوصول به إلى قمة تقنيات السحر..
وهذه الاعمال التي ترضي الشيطان ، عبارة عن
كتابة آيات القرآن بقذارة .. وبصورة معكوسة مخالفة لقول الله عز وجل.. ووضع هذه
الآيات أسفل قدميه ، أو وضع المصحف الشريف في فخذه والدخول به للمرحاض.. وكتابة
طلسمات .. واسماء الشياطين .. وعبارات مبهمة تحمل معاني كفرية.. إلى آخر ذلك من
الكلام الفارغ..
ولم يدر هؤلاء بأن السحر جاء في القرآن تحت
مفهوم :
" النفاثات في العقد "
وليست الطلسمات .. وليست كتابة آيات القرآن
بقذارة .. أو كتابتها بصورة معكوسة.. أو مخالفة لشرع الله ..
وإنهم بهذا الكلام يخالفون التعريف الذي
أنزله الله في كتابه العزيز..
إنه هروب وابتعاد عن الحكم بآيات الله ،
والحكم بكلام الإنسان..
فالقضية طرحت للإختيار بين قول الله وقول
الإنسان..
فالله سبحانه وتعالى أخبرنا بأن السحر هو
النفث في العقد..
والإنسان أخبرنا بأن السحر هو قيام الساحر
باتفاق مع الشيطان..
وعلينا الإختيار.. من هو الكلام الذي نستمع
إليه ؟..
هل نستمع لكلام الله أم نستمع لكلام الإنسان
؟..
فإن إستمعنا لكلام الله ، فإن هذا يعني
الصراط المستقيم..
وإن إتبعنا كلام الإنسان فإن هذا شرك وكفر
بالله..
ثم لا بد من الرجوع إلى البعد التاريخي ...
فالسحر كان موجودا قبل نزول القرآن بما يزيد
عن سبعة آلاف سنة..
وحتى قبل نزول التوراة ..
فمن أين جاء الفراعنة المصريون بهذا السحر
إذن ؟ .. حيث لم يكن لا قرآن.. ولا كتابة آياته بقذارة .. ولا آيات معكوسة ؟ ...
ولم يوجد كتاب سماوي في ذلك الوقت ليخالفه
الساحر من أجل إكتساب مصداقية سحره..
وهم بهذه الصورة يحملون إلى إعتقاد الناس –
دون تعمد- بأن القرآن نفسه سحر ، مادامت كتابة آياته سحرا.. ولذا أصبحت كلمات
القرآن الكريم ، ترمى في المزابل والمراحيض ، أو تبول الناس عليها حينما يجدونها
مكتوبة على أوراق من أجل التداوي بها..
ويقول هؤلاء بأن قراءة القرآن بشكل رقيا هو
أمر شرعي في حين أن كتابته هي شرك وسحر.. وهي نفس الفكرة التي تقول بأن القرآن
سحر..
فالمنطق الذي شرّع للناس جواز أمر قراءة
القرآن من أجل التداوي به ..
هو نفس المنطق الذي حرم كتابته من أجل هذه
المداوات..
وهو نفس المنطق الذي يرمي إلى سحرية القرآن
والعياذ بالله..
ألم يكن شيخ الإسلام إبن تيمية نفسه ، يكتب
آيات القرآن من أجل التداوي بها ؟ ويقول بصريح العبارة بأنه وجد التداوي بكتابة
آيات القرآن أنفع من التداوي بقراءته..
ألم يكن حجة الإسلام ، الشيخ أبوحامد
الغزالي رحمه الله يكتب القرآن من أجل مداوات الناس به ؟..
ألم يقل معظم العلماء المسلمين ، بأن كتابة
القرآن ، لأغراض إستشفائية أنفع من كتابته سبعين مرة ؟..
والإيمان بان سحرية القرآن تنطوي وراء
كتابته ، يعدم تماما كرامات القرآن التي إنعدمت من الكتب السماوية الأخرى ..
ثم أن هذه الكرامات لا توجد إلا في التداوي
بكتابته..
وإعدام كرامات القرآن تعني إعدام القرآن
نفسه.. وبالتالي إعدام الإسلام..
وإننا لنطالب هؤلاء بتقديم دليل أكيد من
الكتاب أو السنة ينص بأن كتابة القرآن سحرا..
وإلى جانب ذلك يقوم هذا النفر من الأساتذة ،
خارج مجال محاضراتهم ، باعتبارات مؤسفة ، ليقولوا للطلبة بان أهل الصوفية مشركون ،
ويستخدمون الجن في أغراضهم الدنيوية ..
ولم يدر هؤلاء بأن أهل الصوفية لا يعرفون في
حياتهم إلا إناء الماء من أجل الوضوء .. والفراش
الذي يسجدون عليه..
والسبحة التي يرددون بها أسماء الله في كل
زمان ومكان ..
حتى تحولت أنفاسهم الطيبة كلها لذكر الله ..
يصومون النهار ويقومون الليل ..
ولا يعرفون إلا عمل الخير من أجل الخير..
ولا يعرفون من الكلام الدنيوي إلا الوعظ
والإرشاد للناس..
ولا تنشط أرجلهم إلا لعمل الخير..
ولا تتحرك أياديهم إلا لسبل الصلاح..
ثم لا يعرف هؤلاء من بعض أساتذة الجامعات
أنه بفضل رجال الصوفية في الجزائر ، تم الإنتصار على قوات الإستعمار والحلف
الأطلسي ..
وأنهم بفضلهم أصبحوا يتمتعون بتلك المناصب التي
يستعملونها للطعن في رجال أبرياء ..
والطلبة بحكم إصابتهم بعقدة الإتكالية التي
تظهر بمظهر التقديس للآخرين.. يعتقدون بأن هؤلاء الأساتذة يملكون أسمى مقاليد المعرفة
، فيصدقونهم و للأسف في كل ما يقولون .. ولا يعلّمونهم
بأن كرامات أولياء الله الصالحين هي بمثابة المعجزات النبوية التي تبرهن بدورها
على ما جاء به الإسلام من صدق في الأحكام.
كيف تنظر النزعة الإستعمارية اليوم إلى رجال
الصوفية التي إنتزعت منها حلمها الأبدي من إحتلال للوطن العربي وزرع لعقيدتها
المسيحية واليهودية ؟
يجب على هؤلاء الأساتذة أن يعلموا بأن الأسباب
السياسية العالمية وخاصة اليهودية منها تقف وراء الحركة المعادية لأولياء الله
وأهل الصوفية لما خلقوه من مساندة لحركات التحرر في العالم ولما قامت به من خلق أجيال
إستطاعت أن تطرد أقوى أمبراطورية في العالم بما فيها فرنسا وقوات الحلف الأطلسي .
قد يؤدي تحليل الموضوع والرجوع به إلى
الوراء إلى تراجع هؤلاء الأساتذة وتفطنهم ثم كفهم عن ضرب أقدس أناس عرفهم التاريخ
على وجه الكرة الأرضية ، وذلك حينما يعلموا بأن هذه الفئة الطاعنة عرفت منذ القديم
بالعدوانية للعرب والرسالة التي يحملونها .. وهجمت هجوما عنيفا على الرسالة
السماوية وقت نزولها .. فلم ينجو الرسول من ضربات ألسنتهم ومكايدهم .. كما لم تنجو
الرسالة من متابعتهم .. وما زالت إلى اليوم تحرف التعاليم الإسلامية ، وتضرب
روادها ومشايخها وقادتها العرب بالضرب المبرح..
وإني لأكاد أجزم بأن هذه الفئة من الأساتذة
قابلة للتصليح ، طالما لم تكن متعمدة لهذه العدوانية النكراء ، وطالما هم يحملون
الطبشور الذي هو بمثابة السلاح في مواجهة أعداء الإسلام والوطن ، وأعداء لمشايخه
وقادته .. بل هم جزء من هؤلاء الأولياء ، إنما راحوا ضحية فكر معاد للعرب منذ
نشأتهم وسيفيقوا من غشيتهم عاجلا ..
وأشكر الباقي من الأساتذة الذين لم يتأثروا
بضربات الرياح العاصفة ، والذينهم وقفوا صامدين تجاه أي فكر يضرب عقيدتهم ومشايخهم
وقادتهم العظماء..
وإنه لمن الواجب علينا أن نقف كل يوم وقفة
خشوع ترحما إلى شهدائنا الأبرار إبتداء من حمزة عم النبي(ص) إلى آخر شهيد بالثورة
الجزائرية المباركة.. وشهداء الدول العربية الأخرى.. وإلى آخر شهيد في فلسطين..
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق