اعلان

الاثنين، 11 مايو 2015

فوبيا السحر في الجزائر(1)



فوبيا السحر في الجزائر(1)

مرض الفوبيا:
مرض الفوبيا أو الرهاب هو نوع من الخوف الغير طبيعي ، والغير منطقي ، يصل بالإنسان إلى درجة الهلع الشديد عند التعرض لمواقف معينة.
ويتمثل هذا الخوف الشديد في اشياء معينة ومتعددة لا يمكن الإحاطة بها كلها ، لكن يمكن تصنيفها إلى ما يلي :
1/ الخوف من الناس (الرهاب الإجتماعي) :
ويتمثل ذلك في عدم القدرة على مواجهة الناس والخوف منهم خوفا ليس له أي مبرر .. وتختص بعض حالات الفوبيا بالخوف من الغير أسوياء كالمجانين ، والسكارى ، والمجرمين ، والمعوقين...
2/ الخوف من الحيوانات :
ويختلف هذا الخوف من شخص إلى آخر ، حسب طبيعة الفوبيا لديه .. فمنهم من يخاق القطط ، ومنهم من يخاف الكلاب ، الحصان.. الأبقار.. الحشرات كالعناكب... العقارب .. البعوض.. الميكروبات..
3/ الخوف من العمران :
مثل البنايات المرتفعة ، والممرات الضيقة .. الحفر .. الآبار.. الغرف ذات الأبواب المغلقة ... النوافذ....
4/ الخوف من الكوارث الطبيعية :
مثل الزلازل ، الرعد ، البرق... العواصف ، سقوط الأمطار بغزارة ، الثلوج... النار والحرائق ...
5/ الخوف من الأمراض باختلاف أنواعها.. الأوساخ.
6/ الخوف من القيام بسلوكيات غير موفقة..
7/ الخوف من الأرواح الشريرة ، والمس الجني ، والسحر ..
وهو ما يأخذ الجانب الأكبر من الفوبيا في الجزائر بصفة خاصة..
وتقف مدارس علم النفس وقفة إختلاف في المنظور حول أسباب مرض الفوبيا ، وكل مدرسة ورأيها الخاص الذي يختلف عن المدرسة الأخرى ..
فالمدرسة السلوكية كعادتها في النظر إلى السلوكيات الشاذة بإيجاز ، ترى أن مرض الفوبيا كغيره من الأمراض ، هو سلوك متعلم من طرف المريض في مرحلة معينة من مراحل حياته .. والعلاج يكمن وراء المواجهة التدريجية للشيء المخيف..
غير أن هذا النوع من العلاج لا يدوم  طويلا ، إذ تعود الأعراض بعد فترة من زوالها إلى الرجوع إلى ساحة الوعي ، وقد يكون تأثيرها أشد وطأة من الأعراض السابقة..
وهو ما يحدث في العلاج بالرقيا بصفة عامة.. فبعد أن يشف المريض تعود الأعراض إليه ولو بعد حين ، تهدده بقوة مضاعفة عن القوة الأولى ويصعب عندئذ العلاج في ما بعد ..
لكن المريض لا ينتبه إلى عدم جدوى العلاج بالرقيا ، بل يظن بأن المس الجني أعاد كرته ، أو سحروه مرة أخرى.. وهنا يزداد الطين بلة..
إن فشل العلاجات السلوكية على إختلاف تقنياتها يجعلنا نلجأ لمدرسة أخرى أشد توضيحا للمشكلة وأحسنها تشخيصا وعلاجا مثل مدرسة التحليل النفسي..
وترى هذه المدرسة بانه مادامت الأعراض تعود ثانية بمفعول العلاجات السلوكية ، فإن هذا يفرض نتيجة لا مناص من الهروب منها ، وهي الأسباب الداخلية للمرض.. بمعنى وجود صدمة نفسية مقرها اللاشعور ، تظهر بشكل إسقاط على أشياء أخرى ذات الموقف المشابهة للصدمة الموجودة في العقل الباطني لدى المريض..
وغالبا ما تكون هذه الصدمة لها علاقة كبيرة بالنوازع الجنسية المحرمة من طرف المجتمع بصفة عامة ، ومن طرف أحد الأبوين بصفة خاصة..
فالشخص الذي يخاف الحصان مثلا ، يكون خوفه الأصلي له غلاقة بخوفه من عقاب أبيه له ..
ونتيجة في أن أبيه كان ملازما لركوب الحصان .. خصوصا يوم عقابه له بالصورة التي خلقت الصدمة.. فإنه يتذكر حادثة العقاب كلما رأى الحصان ،  فيعبر عن خوفه من أبيه عن طريق إسقاط هذا الخوف على الحصان بسبب شعوره بالذنب[1]..
فالإرتباط الشرطي الذي حدث بين الآب والحصان هو الذي ساعد على القيام بهذا الميكانيزم الدفاعي المتمثل في عملية الإسقاط..
والطفل بطبيعة الحال يصعب عليه الإعتراف بان مصدر الفوبيا لديه هو الخوف من عقاب الآب نتيجة لشعوره بالذنب تجاه أبيه ، فيعمد إلى حيلة يسقط فيها خوفه من الحصان ليتجنب هذا الشعور بالذنب..
وقد تكون فوبيا السحر التي أكلت مجتمعنا أكلا لما ، راجعة إلى الخوف اللاشعوري من عقاب الآب أو من الأم ..
وتقوم البئة التي يعيش فيها المريض بمثابة المدرسة التي تتولى تنمية هذه الفوبيا تنمية مضاعفة من حيث الإيمان بالتأثير الوهمي للسحر أو المس الجني .. فتترعرع في نفسه تلك المخاوف منذ طفولته والمقترنة في الحقيقة بالمخاوف اللاشعورية من العقاب وفي ما يسمى بالخصاء[2] ..
والإنسان بطبيعة الحال ، ليس له القدرة عادة على مناقشة الفكرة من بابها الصحيح ، نتيجة لفقدانه لتلك النزعة العلمية والإنتقادية لما يسمعه من الآخرين..
و لو فكر قليلا في الأمر لوجد أنه منذ طفولته وهو يسمع عن السحر ، لكنه لم يره أبدا يوما على أرضية الواقع ، بل يكتفي فقط بكلمة قالوا و سمعنا..
إن الإستماع لما يقوله الناس خاصة منهم أشباه العلماء ، مرفوض تماما من القاموس العلمي الذي لا يعترف إلا بالرؤيا بالعين المجردة..
والإنسان تأكيدا ما دام على قيد الحياة لن ير السحر بعينه طوال حياته ، بل يسمع عنه بأذنيه فقط .. ولا بد له أن يعرف بأن هناك طائفة كبيرة من الناس لها فوائد كبيرة من وراء ترويج مسألة السحر ، على حساب مصائب هؤلاء الناس ، كما نرى ذلك في الصفحات القادمة إستشهادا بما جاء به القرآن الكريم باعتباره المصدر الواحد والوحيد لإثراء وتوضيح المفاهيم العلمية والحياة الشرعية.
إذن فالفوبيا بالمنظور السايكولوجي هي عبارة عن صدمة نفسية سقطت في اللاشعور ، وأصبحت تلوح بعلامات مرضية تتميز بطابع الخوف الرهيب من مواقف معينة ذات الصلة الشبيهة بالصدمة الأولى[3] ..
وبالمنظور الأنتروبولوجي ، فإنها وليدة ثقافة البئة وما تحمله من أوهام..
وهذه الثقافة تزيد من تعزيز قوة الصدمة بحيث يصعب على الشخص المريض الإعتراف بالوهم الذي جاء في مسألة ترويج السحر.. خصوصا إذا تطرقوا به إلى المعطيات التي جاء بها القرآن الكريم بصورة مظللة في فهمهم للآيات التي جاء بها هذا القرآن.
................................................................. (يـتـبـع)........


- هذا الموضوع يتطلب دراسة من طرف المختصين في علم النفس الإكلينيكي ، ولذلك عالجناه معالجة بسيطة في إطار الثقافة الشعبية..[1]
- توقع العقاب نتيجة للقيام بالإتصال  الجنسي بالمحارم[2]
- مدرسة التحليل النفسي- سيجموند فرويد[3]

ليست هناك تعليقات: