اعلان

الأربعاء، 20 مايو 2015

أليس له عينين ولسان وشفتين؟



                      

يقوم أهل الرقيا بعلاج حالة من الأمراض التي تنتاب بعض الناس ، حيث تظهر عليهم  أعراض إزدواج في الشخصية ، كما لو كانت هناك شخصية ثانية بداخل نفس المريض تقوم بسلوكيات تختلف عن الأولى ، من حيث الكلمات التي تقولها ، أو التصرفات التي تقوم بها..
ويفسر أصحاب الرقيا هذه الحالة على أنها عبارة عن جني سكن في داخل هذا المصاب نتيجة لأسباب معينة.. ومن أجل خروجها من هذا الجسد ، يقومون بقراءة القرآن تحت مفهوم الرقيا الشرعية .. وعندها يتكلم هذا الجني حسب زعمهم ليخبرهم عن سبب مجيئه لهذه الجثة وإيذائها.. وغالبا ما تكون الأسباب راجعة إلى قيام المصاب بظلم هذا الجني عن طريق الإصطدام به دون أن يره.. أو صب عليه الماء الساخن في بعض الأماكن أو..
لكنهم غالبا ما يقولون أنه جاء بسبب إرسال قام به أحد السحرة..
يقوم السحرة حسب زعم هؤلاء الرقاة ، بإرسال الجني إلى شخص ما ليسبب له المتاعب والآلام والإضطرابات النفسية من أجل هدف ما.. وليس لهذا الساحر القدرة حتى على إرسال ذبابة..  
ويكون أغلب هؤلاء السحرة حسب زعمهم ممن يحملون كتاب الله ، ويقومون بمداواة الناس عن طريق كتابة القرآن على أوراق ، وتطبيقها بمواصفات معينة كالشرب والدهن والتعليق..
ويقولون أن هذا الساحر يتفق مع الشيطان على أداء أعمال محرمة مقابل مساعدة هذا الشيطان له في القيام بأعمال سحرية..
وهذه الأعمال المحرمة تتمثل في مخالفة شرع الله ، كالصلاة لغير القبلة ، والوضوء بالنجاسة ، وإهانة القرآن الكريم إلى غير ذلك..
لكن ما هو ثابت في القرآن الكريم أن الشيطان يوسوس للإنسان من أجل إسقاطه في الزلل..وما أن يسقط الإنسان في هذا الزلل حتى يقول له هذا الشيطان :
" إني بريء منك ، إني أخاف الله رب العالمين"
ومن هنا أصبح من الواضح وضوحا لا جدال فيه بأن الشيطان لا يتفق مع الإنسان ، بل يهرب ويبرّئ نفسه منه..
وسيأتي دور قراءة القرآن التي يسمونها بالرقيا الشرعية فيعتبرونها سحرا أيضا في يوم من الأيام ..
وعندما يقوم الراقي بتلاوة القرآن على المريض ، فإنه يركز على الكلمات المفتاحية الباعثة للإعتقاد بالمس الجني.. أي الآيات التي تحمل كلمة (الجن) .. وعند ذلك يصاب المريض بحالة من الصرع أو فقدان الوعي.. ويبدأ الجني الوهمي في الكلام مع هذا الراقي الذي يسأله عن سبب دخوله لهذه الجثة ..
وبطبيعة الحال ، فإن أي إنسان مصاب بحالة هستيريا ، يتعرض للصرع في شكل يشبه التنويم المغناطيسي ، عندما يستمع إلى القرآن الكريم..
وذلك راجع إلى الإعجاز الموجود في القرآن من حيث ترتيب الآيات بداخل السورة التي يقرأها الراقي ، ومن حيث ترتيب الكلمات بداخل الآية ، ومن حيث ترتيب الحروف بداخل هذه الكلمات ، فتعطي في النهاية صوتا متميزا عن باقي الأصوات الأخرى التي يسمعها الإنسان والتي تؤثر بدورها على بعض المراكز العصبية لدى الإنسان المصاب بالهستيريا ، فيسقط إما في غيبوبة ، وإما في حالة فقدان الوعي..
وما يعمله الراقي ، يعمله أيضا الطبيب المتخصص في التنويم المغناطيسي عن طريق بعض التقنيات التي يقوم بها..
غير أن الطبيب المنوّم له قدرة فائقة عن الراقي بسبب إمكانياته العلمية التي جاء بها العلم وجاء بها القرآن الكريم..
وعندما يبدأ العقل الباطني أو الشخصية الثانية لدى المريض في الكلام .. فإن هذا الكلام يوهم المستمع في أن الجني هو الذي يتكلم ..
ويجيب هذا الجني الوهمي بانه جاء لأسباب معينة ، وغالبا ما يكون مجيؤه هذا بسبب ساحر من حملة القرآن الكريم أرسله بطرق سحرية معينة...
إنهم يقولون بأنهم يكلمون الجن على ألسنة البشر..
ولماذا لا يتكلم هذا الجن بلسانه وبشكل مستقل عن البشر ؟
ألم يكن له عينين ولسان وشفتين ؟
ولقد خلق الجن قبل الإنسان بمدة زمنية كبيرة ، فكيف كان يتكلم عندئذ في غياب الإنسان الذي ما زال لم يخلق بعد ؟
ومن هذا المنظور ، يكون هذا الجني بقي مدة زمنية أبكما لا يتكلم ، إلى أن خلق الله الإنسان وعند ذلك فرج الله كربه بالكلام..
وكيف كان سليمان بن داود عليه السلام يتكلم مع الجن ؟
هل كان يضطر لإحضار البشر من أجل هذه المكالمة ؟
سيردون بطبيعة الحال ، على أن هذه المكالمة للجن ، هي مكالمة خاصة بسيدنا سليمان بن داود عليه السلام وليس لبقية البشر..
لكن أليس هذه سنة من سنن الأنبياء والتي تستوجب على البشر إتباعها بنفس المواصفات؟
لم يثبت في تاريخ الأنبياء أبدا أن نبيا قام بسنة تستعصى عن بقية البشر المؤمنين..
وسيردون أيضا بأن الآية التي نزلت في دعاء سليمان تستثني بقية البشر من القيام بهذا الإمتياز كما هي واضحة :
"..... رب هب لي من لدنك ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي....."
إنه اليقين المطلق بطبيعة الحال الذي لا جدال فيه.. لكنه يقين عام وليس خاص..
بمعنى أنه إذا حكمنا بهذه الآية ، فإن مكالمة الجن على العموم ممنوعة من التصريف سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة عن طريق ألسنة البشر..
وبطبيعة الحال ، فإن الجن له جسم يتوفر على كل الأجهزة والأعضاء المناسبة له كجن.. فله عينان وأذنان وأنف وله فم ولسان مع كامل جهازه الصوتي ..
فمن غير المعقول أن يكون هذا الجهاز كله متوقف وعاطل عن العمل ، إلى أن يدخل في الإنسان فيكون عندئد له إشارة المرور إلى الكلام..
بعض الناس يشهدون بأنهم سمعوا الجن يتكلم بصورة مستقلة عن الإنسان كما يحدث في بعض الأماكن المهجورة التي تسكنها الارواح.. فلماذا تكلم الجن خارج وجود الإنسان ؟
أم أن الجن على نوعين ، نوع مستقل في كلامه ، ونوع مسكين ترتبط حياته بحياة الإنسان ..
أم أن الجن الذي يعرفه أهل الرقيا شيء ، والجن الحقيقي شيء آخر..
ولقد ألبسوا هذا الجن سروالا ومعطفا ، وقميصا ، ووضعوا له نظارات تجميلية ، وأعطوه من الإمكانيات الخارقة التي لا يصدقها العقل.. فهو يطلع الغيب خلافا لما جاء به القرآن الكريم ، ويعرف ما يقوم به بعض الناس من سحر بداخل ديارهم ذات الأبواب والنوافذ المحكّمة والتي لا يطلع عليها سوى الله وحده ..
وقد يستدلون بآيات أو أحاديث يظهر في مجملها على أنها تتكلم على إمكانية مس الجني لبني البشر.. بينما لو تمعنا فيها جيدا ، وتدبرناها ، لوجدنا أنها تتكلم عن شيء آخر يختلف تماما عما يقولون..
ففي حديثه (ص) :
" إن الشيطان يجري مجرى الدم في العروق "
نرى بأنه يشير إلى قدرة الشيطان على الوسوسة للإنسان بطرق فنية رائعة ، تجعل هذه الوسوسة تأخذ الإنسان من قدميه إلى رأسه ، كما لو كانت تجري مع دم الإنسان في عروقه..
بينما غيّروا مجرى الحديث إلى معنى آخر مخالف تماما ويرون بأن الشيطان يدخل جسم الإنسان ويجري مع الدم سابحا في العروق..
وإذا سلمنا بأن للساحر قدرة تماثل قدرة سيدنا سليمان عليه السلام في إرسال الجني.. فإن هذا الساحر يقوم بالنفث على العقد كما جاء ذلك واضحا في الآية :
" من شر النفاثات في العقد "
وليس بكتابة القرآن على أوراق كما يزعمون..
إنه إتهام خطير زعزع القرآن وحملته زعزعة خطيرة بالنسبة للآجيال القادمة التي تصبح تشك في عدم مصداقية القرآن الكريم ما دامت كتابته سحرا ..
وسيأتي دور زعزعة الرقيا لا محالة في يوم من الأيام القريبة..
لأن الأمر أمر إستدراج نحو الهاوية وليس إستدراج نحو الحقيقة..
وسنكشف بإذن الله ، بكل دقة ووضوح أمر المس الجني في هذه المدونة تحت عنوان :
" المس الجني والعقل الباطني لدى الإنسان "
فترقبوا ذلك ، وأستودعكم الله ..

ليست هناك تعليقات: