اعلان

السبت، 9 مايو 2015

إستفتوا أنفسكم



                                     

ينقسم الناس من حيث ثقافتهم إلى قسمين :
- قسم يكتسب ثقافته ومفاهيمه العامة من وراء ثقافة الغير ، حيث يأخذ بأقوالهم ، وآرائهم ووجهة نظرهم .. فيصدق بكل ما يقولون .. ويتبع آثارهم بالبحث عنهم في الكتب والمجلات والجرائد والقنوات المختلفة وفي مواقع الأنترنيت ..
إنه يعتمد على أذنيه في إكتساب المعرفة ، دون أن يعتمد على عينيه..
وهو بهذه الحالة يكون تابعا تبعية كلية إلى ما يقوله غيره ، دون أن يكون لمبادرته الذاتية أي دخل في الموضوع ..
وهو يرى أن تلك المطابقة التي تحدث بين تصوره للفكرة .. وبين الكلام الذي جاء به الغير ، حقيقة مطلقة لا يمكن طعنها.. لأن المعرفة أو الحقيقة في نظره هي ذلك التطابق الذي يحدث بين الفكرة والتصور..
في حين أن المطلق لا يكمن وراء تلك المطابقة العقلية.. نتيجة لغياب عنصر الواقعية المنبثق عن التجريب.. لأن فكر الإنسان شيء والواقع شيء آخر.
عندما نؤمن بفكرة ما ، فإن تصورنا لها يكون قد هيأ الأرضية الصالحة للإقتناع بها .. وعند ذلك نتعرض للصراع دون أن ندري .. الصراع بين ما نأخذه من الواقع الخارجي عن طريق آراء الناس وأفكارهم .. وبين إحساسنا بهذه الأفكار والآراء.. والغلبة في الصراع ترجع بطبيعة الحال إلى إلى ما ينطلق من إحساسنا الداخلي .. بينما نحن في حاجة إلى تغليب ما يأتينا من الواقع الخارجي ، لا من الواقع الداخلي ، مما يلزمنا إلى إتخاذ موقف يساعدنا على حل أزمة هذا الصراع ..
و لا نجد هذا الحل إلا في البحث عن المؤيدين لهذه الفكرة ، وسنجد لا محالة طائفتين .. إحداهما مؤيدة.. والأخرى رافضة .. وهنا تدخل ذايتنا من الباب الواسع ، حيث نختار حتما ما يوافق تصورنا للفكرة.. وعند ذلك يصبح كل ما نسمعه من هؤلاء صحيحا ..
وسنرى أن كل كلمة يقولونها دليلا ، وكل حركة صادرة منهم هي دليل أيضا.. خصوصا إذا أخذ المقاييس الغيرعلمية والغير خاضعة للتجريب كوسيلة للبرهنة..
وما يرجع ذلك إلا إلى تلك المطابقة التي تحدث بين ما نتصوره وبين ما نستمع إليه ، أو بين ما نقرأه مع تدخل ميكانيزم ذاتيتنا..  
- قسم يعتمد على رؤيته الداخلية للموضوع ، النابعة من قرارة ذاته ، عن طريق إحساسه الداخلي أو بصيرته ، وعن طريق الفطرة التي خلقه الله عليها.. خالية تماما من أحكام الغير ، وتعتمد على مبادرته الخاصة.
إنه يختلف عن صاحبه الأول الذي يستمع لأحكام الغير ..
يختلف عنه باستماعه إلى جوهره الميتافيزيقي الموجود في نفسه ، وباتباعه إلى تلك الفطرة الإلهية فيه .. كما يعتمد على أبحاثه الخاصة في الموضوع ، والنابعة من قرارة ذاته ، طبقا لحديثه (ص) :
" إستفتوا أنفسكم "
وتتجلى مهمة هذا الحديث الشريف في مهمة طبية قبل كل شيء.. ذلك لأن هناك قاعدة طبية أساسية تخبرنا في أن الإنسان إذا قلد الآخرين في أقوالهم وأفعالهم ، فقد شخصيته.. وفقدان الشخصية يعني فقدان الأنا ، أي فقدان الجوهر الروحي للإنسان.. وهو بهذه الحال يكون قد أعدم نفسه إعداما كاملا دون محاكمة.
فالأنا يطالبه بمسك زمام الأمور بنفسه ، لا بنفس الآخرين ، وبمواجهة الحياة بواقعه النفسي الذي فطره الله عليه ، والواقع بطبيعة الحال أغنى من النظرية[1]..
غير أن أناه قد ذاب في أنا الآخرين بأحكامهم التي قد تكون صحيحة ، وقد تكون خاطئة ..
والنظرة البشرية لشيء ما تختلف من شخص لآخر مهما كانت معلوماته واستعداده العلمي .. فهي تقف وراء الخلفية الفكرية التي يتميز بها..
فمثلا ، النظرة التي ينظرها عالم النبات إلى الشجرة غير النظرة التي ينظرها الفلاح.. وغير النظرة التي ينظرها الشاعر.. وغير النظرة التي ينظرها الرسام...وغير النظرة التي ينظرها الفيلسوف.. وغير النظرة التي ينظرها الساحر..
فعالم النبات لا يرى من هذه الشجرة إلا تلك الأوراق التي تقوم بعملية التركيب الضوئي.. وتلك الفروع التي تقوم بنقل النسغ الصاعد والنسغ النازل..والجذور التي تقوم بعملية الإمتصاص للمواد المعدنية والأملاح عن طريق الشعيرات الجذرية وما عليها من أوبار ماصة.. والرؤية الإجمالية لتلك الشجرة بين النباتات والأشجارالأخرى وحتى بين الحيوانات ، من حيث المشابهة المورفولوجية الموحية بعملية التطور..
أما الفلاح .. فما يرى منها إلا ما تحتاج إليه من عملية سقي أو تقليم أو مداوات ، إنتظارا لما تنتجه من فواكه إن كانت مثمرة .. أو ما تأتي به من فوائد أخرى.
والشاعر لا يراها على الإطلاق في أنها شجرة.. بل هي ذلك الشبح الذي يشبه مفقوده الداخلي الذي ترن برنته أحاسيسه وعواطفه .. وما أن يرى الشجرة حتى يترنح سكرانا بخمرة الطبيعة ، فتلج في نفسه قوافي الشعر والأوزان ..
إنه يرى تلك الشجرة ، كما لو كانت حبيبته التي فارقها منذ زمان .. وهي تناديه  وتترجاه في الإنضمام إليه ومحاورته حوارا ينطلق من وراء زقزقة العصافير ، ودبيب النمل ، وصهيل الخيل .. وأصوات الحيوانات الدنيا.. وهي تطلب منه تبادل الحب والعطف والحنان الذي ينطلق في أجنحة النحل.. والفراشات .. وضربات الرعد ، وومضات البرق ، وطيات السحاب.. 
والرسام يختلف تماما ويراها من وراء تلك الموهبة الفنية التي يعدم فيها ما هو مشوه منها وتحويله إلى جمال ينطوي وراء جمال الطبيعة ، ليسمو به إلى جمال الكون كله..
أما الفيلسوف فيخرج عن القاعدة تماما ويرى تلك الشجرة في أنها رمز أو صورة للشجرة الحقيقية التي مازالت لم تظهر بعد.. فهي ليست شكلا ولونا كما يراها الإنسان العادي بل هي تعبير صادق يدور حول إسجلاء الشكل الحقيقي للحياة..
أما الساحر أوالذي يؤمن كثيرا بأوهام السحر نتيجة للبئة التي عاش فيها.. يرى أن كل شيء سحرا.. وما يفسر الأحداث إلا تفسيرا سحريا..
فعندما يشعر بآلام في منطقة ما في جسمه ، لا يردها إلى أسبابها الحقيقية ، بل يفسرها تفسيرا سحريا.. وما يرى من تلك الشجرة إلا صلاحيتها للقيام بمواصفات سحرية معينة..
فالشجرة الجرداء من أوراقها في نظره .. غير الشجرة التي توجد بها أوراق.. فتلك صالحة لعمل كذا ، والأخرى صالحة لعمل كذا و كذا..
والشجرة المنتجة للفواكه ، غير الشجرة التي لا تنتج هذه الفواكه.. وتواجد الشجرة في فصل الخريف غير تواجدها في فصل الربيع.. من حيث صلاحيتها للأعمال السحرية،
وما هو من الحقيقة في شيء سوى الظلال و الوهم..
إن نظرتنا للأشياء توجهها خلفياتنا الفكرية ، فتوسمها أحيانا بالإنحراف عن معرفة الحقيقة .. وتطبعها بطابع التعصب والأنانية الذي لا يخرج من دائرة الأحكام الذاتية.. والتخلي عن الأحكام الموضوعية..
كما تجعلنا نختار الأشخاص الذين يجب أن نسمع إليهم ، وهي التي تجعل على عيوننا غشاوة بصرية تدلنا على صحة أحكامهم ولو كانوا خاطئين.
فالعدد 2 لا يمكنه أن يكون إلا نتيجة للمجموع 1+1 في نظرهم ..
غير أن العدد 2 يمكنه أن يكون نتيجة للمجموع +4 ، -2  أيضا...
ويمكنه أن يكون نتيجة للمجموع -5 ، +3...
وخلاصة القول هو أن عالم المثقفين ينقسم إلى قسمين.. قسم يرى بعينيه وقسم يري بعيني غيره..
وبعبارة أوضح .. إنه يرى بأذنيه..
لكن ما سبب هذا الإختلاف في الرؤيا نحو موضوع ما ؟
يرجع سبب ذلك إلى مرحلة متقدمة جدا من عمر الإنسان..
إلى أيام الطفولة الأولى .. وهي تلك التي تسمى بالمرحلة الفمية..
المرحلة الفمية ترتبط بالعلاقة المزدوجة التي تحدث بينه وبين أمه في فترة الرضاعة.. حيث يكون الطفل مرتبطا إرتباطا كاملا بأمه نتيجة للعلاقة البايولوجية التي تحدث بينهما.. إلى جانب تلك العلاقة السايكولوجية ..
فالأم وما تقدمه للطفل من الرضاعة ، تجعل هذه الرضاعة تخضع لآليات يمكنها أن تؤثر في شخصية إبنها مستقبلا ، وتحدد حتى إتجاهه الفكري.. وقد تتسبب في إصابته ببعض الأمراض المتعلقة بالجهاز الهضمي والتي توضع تحت إسم الإضطرابات الغذائية.. ومن بينها قرحة المعدة ، أو إضطرابات القولون[2] في كبره.
وقد يخطأ الأطباء حينما يرونها أنها نتيجة لإنتانات جرثومية تستلزم العقاقير الطبية .. فالمرض لا يحدث إلا في المنطقة التي يكون لها الإستعداد لهذا المرض..الإستعداد العصبي بطبيعة الحال.. وما دور الميكروب إلا ذلك الدور المتأخر من مراحل المرض.. حيث يهجم عندما تكون منطقة الإصابة جاهزة.
والطفل يتلقى هذه الرضاعة من أمه طبقا لحالتين مختلتين :
- الحالة التي يتلقى فيه الطفل الرضاعة من أمه مباشرة بعد البكاء والصراخ والتعبير عن الشعور بعدوانية هذه الأم نحوه.. وما يتلقاها إلا بعد نحيب وألم ومعاناة كبيرة..
إنه في هذه الحالة يتعلم ميكانيزما أوليا يتراءى له فيه بأن الحياة قاسية ، ومتعبة ، ولا تؤخذ الأمور فيها إلا بعد جهد ومعانات ، يتم فيها الإعتماد على نفسه ، ومواجهة الحياة مواجهة عدوانية وبالقوة التي تستحقها..
وتجد مثل هؤلاء يميلون لحب السلطة من أجل مسك زمام الأمور بأيديهم.. كما تسيطر عليهم غريزة حب التملك  la possession..
كما تجدهم ضحية السجون والمحاكمات القانونية نتيجة لانقيادهم وراء الشعور بالعدوانية..
أما الفئة المثقفة منهم ، فيميلون إلى الإنتقادات اللاذعة والهدامة في كثير من الأحيان.. ولا يعترفون إلا بما هو ملموس من معطيات العلم التي تتراءى وراء التجريب..
فالأحكام النظرية ، والمقولات السمعية ، التي يستبدل فيها الإنسان عينيه بأذنيه ، ملغية ومحذوفة تماما من منهجهم المعرفي .. وقد تجد مبادراتهم الذاتية ساطعة في أي موضوع كان ، فيميلون للبحث بأنفسهم لا في الإستماع لغيرهم..
- الحالة التي يتلقى فيها الطفل هذه الرضاعة من أمه كأول مصدر بيولوجي وسايكولوجي ، بصورة لا تتطلب أي مجهود .. فهو ينال حليب أمه في كل وقت دون بكاء أو صراخ أو معاناة..
فأمه تعطيه ثدييها بصورة مبكرة ومسبقة قبل أن يشعر الطفل بحاجته إليهما.. وقبل أن يشعر بالجوع..
لقد قامت أمه بإعدامه دون أن تدري.. لم تترك الفرصة لنمو أنا طفلها نموا طبيعيا ، فذاب في أناها..
هذا الطفل يتعلم ميكانيزما أوليا يتراءى له أن الحياة سهلة وبسيطة ولا تتطلب أي معاناة ولا مجهود.. ينال الإنسان نصيبه دون التعبير عنه.. إنه سيتلقى ما يحتاج إليه من أمور الحياة ، وما يحتاج إليه من معرفة من خلال الآخرين دون أي جهد أو تعب .. وهنا يبدأ الإستعداد لانفصال الأنا عنه ليعيش بأنا الآخرين نتيجة لاعتماده عليهم مثلما كان يعتمد على أمه في كل شيء.
فمبادرته الخاصة في الموضوع ، إنعدمت بانعدام هذا الأنا الذي ذاب في أنا أمه ، وسيزداد ذوبانا في شخصيات الآخرين ..
سيبحث عنهم بطبيعة الحال في الكتب ، والجرائد ، والمجلات ، والقنوات التلفيزيونية ، ومواقع الأنترنيت.. وفي نظره أن كل كلمة يقولونها هي صحيحة لأبعد الحدود..
ولا يستطيع أن يعرف أن مجموع الواحد مع الواحد هو إثنين إلا إذا سألهم عن صحة ذلك.. وهو ما يسمى بمرض الإرتياب..
تتعرض هذه الفئة إلى حالة فقدان الثقة بالنفس ، والتعرض لمرض الإرتياب.. إلى جانب إنعدام جوهرهم الميتافيزيقي المتمثل في فقدان الأنا ، وزوال تلك الفطرة الربانية فيهم..
سيتغلب الجانب السمعي على الجانب الحسي لديه.. أي تتغلب أذناه على عينيه..
وبالتالي تتغلب الرؤيا الخارجية عن رؤيته الداخلية ، ومن هنا تبدأ المعاناة في شكلها الحقيقي دون أن ينتبه إليها ، بطبيعة الحال لأن إنتباهه لا يمكن إلا بواسطة الأنا الذي إنعدم بضربات الجلاد القادمة من خارج نفسه..
ومن الأعراض الشائعة لهذه الحالة هو شعور الإنسان بأن زمام أمره قد أفلت من يده.. لا يستطيع أن يقوم بشيء.. ولا أن يعمل شيئا.. خائر القوة ، فاقد الإحساس بطعم الحياة ذلك لأنه يشعر بشعور الآخرين ويأكل بفمهم .. وسيعلل ذلك باسباب أخرى ، كالشعور بالكبر مثلا.. أو السحر.. أو المس الجني .. أو الحسد ..
وما عليه أن يعلل ذلك إلا باعترافه بأن أناه قد سيطرت عليه أنوات أخرى. وأصبح معدوما ومشلولا لا يستطيع العمل إلا بالغش للمعلومات الخاطئة في كثير من الأحيان..
كما يتعرض هؤلاء إلى حالة التقديس..
فمن تقديس الأبوين ، كمنزهين عن الأخطاء.. إلى تقديس المعلمين والأساتذة .. إلى تقديس بعض الشخصيات من المجتمع.. إلى تقديس أشباه العلماء.. إلى تقديس الأئمة والمفسرين.. إلى الكارثة..
وتتنثل الكارثة في ظهور أعراض بسيكوسوماتية يصعب تشخيصها..
وخلاصة القول هو أن المثقفين يتواجدون على قسمين :
قسم يحفظ المعلومات عن الآخرين خارج إطار نفسه..
وقسم يبحث عن هذه المعلومات داخل إطار نفسه..
قسم يعتمد على التقاط المعلومات إعتمادا على العقل الذي يقف فاشلا في تفسير معظم الأحداث.. ذلك لأنه إستبدل عينيه بأذنيه..
وقسم يعتمد على إلتقاط هذه المعلومات إعتمادا على إحساسه الداخلي وبصيرته..
وشتان فرق بين العقل والبصيرة..
قسم يطل من الشباك باحثا عن أصحاب المعلومات.. كما لو كان في شباك سجن محكم..
وقسم يطل من وراء بصيرته بالموضوع..
قسم يستفتي الناس في كل شيء..
وقسم يستفتي نفسه ، إستجابة لحديث نبيه (ص) :
" إستفتوا أنفسكم "
ذلك لأن الحقيقة هي ذلك الجوهر الذي بعث الله به في قلوب الناس كلهم منذ انحدارهم للحياة.. وما ياتي العالم إلا فقط ليذكرك بها ، لا أن يعلمك إياها.. لأنك تعرفها معرفة اليقين ، وأنت تتجاهلها فقط نتيجة في أنك أعدمت الأنا باستماعك إلى أنا الغير.. ولذلك يقول سبحانه وتعالى :
" وعلم آدم الأسماء كلها "
فأنت تعلم حقائق كل الأشياء في هذه الحياة ، وهي مختبئة في عقلك ، لكنها محجوبة عنك ، بسبب تغطيتها بمعلومات الآخرين.. ولو نزعت الغطاء لعرفت الحقيقة [3].. فلا داعي في أن تتعلمها مغشوشة من الآخرين.. وخذها من داخل نفسك الطاهرة بالطهارة التي خلقك الله عليها..

       



[1] -  إقرار العلماء
[2] - راجع الأمراض البسيكوسوماتية
[3] - في المواضيع القادمة في التأمل سنتعلم تطبيقيا كيفية نزع هذا الغطاء المريب ، وتشاهد الحقيقة بنفسك..

الأربعاء، 6 مايو 2015

الأسباب النفسية للرفض



                                   
بين الفكرة والكلمة
عندما نتكلم من أجل التعبير عن فكرة ما ، فإن اللسان هو الوسيلة الوحيدة للتعبير عن هذه الفكرة..
وغالبا ما يكون اللسان عاجزا عن إعطاء مفهوم حول الفكرة التي تدور في مجال وعيه.. بل يشعر أحيانا أن المفردات التي يمتلكها غير كافية للتعبير ، من أجل إعطاء لمحة كاملة عن هذه الفكرة..
إن هذا العجز يدفعه في الغالب إلى التعبير بحركات يديه في شكل تقديم إشارات ورموز من شأنها أن تقرب المفهوم للمستمع ، ما دامت اللغة عاجزة عن الإستكمال..
وتظهر تعابير أخرى من غير حركات اليدين ، وهي تلك التي يقوم بها الجسد بصفة عامة ، كاحمرار الوجه ، واصطكاك الأسنان ، وإغماض العينين ، وعض الشفتين.. والهمز والغمز واللمز..
وعندما تعجز هذه الوسائل كلها في تبليغ الأمانة ، فإننا نلجأ إلى الصمت..
وبالرغم من أن هذا الصمت هو الدليل الكافي في العجز والفشل عن إكمال الرسالة المعرفية ، إلا أنه من ناحية أخرى يعتبر وسيلة من وسائل التعبير ، في شكل لغة صامتة ..
وقد نلجأ في كثير من الحالات إلى إبتكار كلمات من شأنها أن توصل المفهوم إلى المستمع .. وقد تنطلق هذه الكلمات لأول مرة على ساحة المعرفة ، إلا أن الدراية بها من طرف المستمع يكوّن شكلا واضحا من صعوبة الفهم أيضا، مما يؤدي إلى النقد والإنتقاد..
والإنتقادات مهما بلغت من الدقة والإنتباه ، ومهما كان الإستعداد العلمي والأدبي لصاحبها ، إلا أنها دائما وسيلة من وسائل التعبير أيضا عن العدوانية نحو الفكرة المطروحة..
فالعدوانية تتم بطرق شتى ، كالعدوانية باستعمال العنف مثل الضرب باليد والعقوبات الجسدية ، أو العزل حيث يتجنب الشخص المبغوض.. أو عدوانية باللسان عن طريق السب والشتم ، أو بالإنتقادات الجارحة..
ومهما كانت الأسباب النفسية للإنتقادات ، فإنها ترجع إلى جهل الإنسان للموضوع الذي ينتقده ..
والناس أعداء ما جهلوا..
فالجهل يؤدي إلى العدوانية..
والعدوانية تؤدي إلى الإنتقاد..
والإنتقاد يقصي صاحبه من ساحة المعرفة.. فلا يكتسب الجديد ، إلا ما يعرفه هو معرفة مكتسبة من طرف الغير..
إنه نوع من الرفض.. رفض الإعتراف بالواقع.. وهو الشكل الأعلى من التعبير عن العدوانية ..
إن هذا الرفض ليس جديد العهد بالنسبة للإنسان مهما بلغ عمره الزمني.. بل يرجع أساسا إلى ذلك السلوك الذي إتخذه وقت طفولته تجاه موقف ما كأخيه الأصغر منه مثلا ، والذي كان ينافسه في محبة الأبوين وامتلاكهما لنفسه..
فالوسيلة الوحيدة التي يستعملها الطفل في المبارات مع أخيه إنسياقا وراء غريزة حب التملك إنما هي ذلك السلوك المتميز بالرفض..
سيرفض لا محالة الإعتراف بوجود أخيه..
وهذا السلوك المتميز بالرفض إنما له عواقب نفسية وخيمة وفي طليعتها فقدان الذاكرة[1].. وعدم القدرة على إسترجاع المعلومات في وقتها المناسب ، ويحدث ذلك كثيرا في الإمتحانات العامة ، حيث تحدث إهتزازات من أجل التعبير عن الفكرة الموضوعة كسؤال في هذا الإمتحان إلا أن القدرة عن هذا التعبير تكون غير متوفرة ..
فرفض الإعتراف بالواقع إنما هو إمتداد للسلوك الرفضي الذي كان يستعمله الإنسان تجاه أمر ما وقت طفولته.. ذلك لأن هذا الواقع يهدد وجوده من جهة ، كما يهدد كيانه أو بنيته المعرفية من جهة أخرى..
والبنية الفكرية أو المعرفية للإنسان لها علاقة وطيدة جدا بحالة التثبيت[2] ..
فعندها يصنع الإنسان مجموعة من الأفكار والتصورات والمبادئ التي لا تسمح له بتغييرها ، وقد يتعرض لإضطرابات عند تلقي ما يعاكسها.. وهو ما يظهر تماما عند قراءة الإنسان لفكرة ما ، أو إستماعه لها من شخص آخر ، والتي تعاكس تماما مايدور في ذهنه من الأفكار الملتصقة بحالة التثبيت .. هذا يجعله بطبيعة الحال يسلك سلوكا عدوانيا تجاه ما يقرأه أو ما يستمع إليه ، والإنتقادات هي الشكل الأعلى من هذه العدوانية.. ذلك لأنه يبدأ في الشعور بعدم الأمن على نفسه وعلى معتقده الراسخ في ذهنه..
فتلك الأفكار التي يتبناها هي تلك التي واجه بها الصراع وقت طفولته من أجل خلق التوازن بين فكرتين متضادتين في نفسه..
وإذا ما تعرضت هذه الأفكار إلى إهتزازات من طرف ما يقرأ أو ما يسمع فإن صراع الطفولة يعود من جديد[3] ، مما يلزمه بالتصدي العدواني عن طريق الإنتقادات الجارحة للموضوع المثار ، وهو بذلك يهرب من الحقيقة إلى خلق التوازن النفسي ولو كان ما يسمعه صحيحا[4]..
والطفل يتصدى للعدوان تجاه كل جديد مما يعاكس رغباته ، وأفكاره ، ويمس كيانه الأمني.. حيث أن ولادة طفل جديد ، أو ميل الأبوين لحب أحد الأطفال من أخوته ، أو تقسيم حصص الأكل بصورة تفضيل لأحد الأطفال عنه ، أو... إنما من شأنها أن تعزز السلوك العدواني لهذا الطفل مبادرة برفض الإعتراف .. وهو نفس السلوك الذي يتبناه في ما بعد تجاه القراءة أو الإستماع لفكرة جديدة ، فيتصدى لها بالعدوان عن طريق الإنتقادات الجارحة إنسياقا وراء الآليات التي يحملها اللاشعور..
ولو ضربنا في ذلك مثلا ، عند إستماع أحدنا إلى الإنجازات التي قام بها أهل التصوف ، في التربية الروحية للناس ، وإصلاح سلوكهم ، وكراماتهم .. فإن ذلك يجعل الفكر يقفز قفزة لا شعورية إلى مرحلة طفولته حيث كان التفضيل والمديح والشكر لأحد إخوته عنه.. وسرعان ما ينطلق الصراع الذي يجبر الإنسان على إتخاذ وضعية دفاعية.. فلن يجد سوى رفض الإعتراف المتميز بالإنتقادات الجارحة ، وقد يتبنى الإتجاهات التي تؤيد موقفه العدواني وربما سيجد ذلك في مذهب ظال..
هذه الفئة التي راحت ضحية عوامل نفسية لاشعورية ، تجدها عاكفة على البحث في الكتب والمجلات والجرائد والقنوات التيليفيزيونية ، ومواقع الأنترنيت عما يؤيد مواقفهم العدوانية ..
ومواجهتهم أو وعظهم غير ممكن بتاتا إلا عن طريق ما يسمى باللغة الصامته ..     
يظهر المواجه في هذه الحالة بدور الصمت التام ، والتظاهر بالتأييد المطلق لأفكارهم ، فلا يقول إلا كلمة واحدة وسط مئات الكلمات .. لكي لا يصدمهم بالحقيقة دفعة واحدة .. ويوما بعد يوم تتحد هذه الكلمات مع بعضها في مجالها اللاشعوري وتتحول إلى حتمية الرجوع عن الظلال..
هذا الموضوع سوف يتم إستكماله في صفحات أخرى من هذه المدونة تحت عنوان :
" اللغة الصامتة ".


[1] - مدرسة التحليل النفسي ، ميكانيزمات الدفاع
[2] - هي مرحلة غير ناضجة من مراحل نمو الإنسان وقت طفولته والتي يثبت عندها ويحن بالعودة إليها...
[3] - حالة النكوص
[4] - ميكاكيزمات الدفاع النفسي تجاه الأوضاع الصراعية

الثلاثاء، 5 مايو 2015

إلى بعض أساتذة الجامعات





في كثير من الأحيان يوقف بعض أساتذة الجامعات محاضراتهم ، ويخرجون عن نطاقها ، لينتقلوا بالطلبة إلى نوع هام من فسلجيات الفكر ..
ويتم هذا الإنتقال بطريقة خيالية بحتة ، بدون أي داعي أو مقدمة ، أو إرتباط بالمحاضرة التي يلقونها ..
ويدخلون مباشرة في تعريف السحرعلى أنه إتفاق بين الساحر والشيطان مقابل القيام بأعمال محرمة ترضي هذا الشيطان ..
ويقوم هذا الشيطان في مساعدة الساحر على القيام بأعماله السحرية التي يؤدي بها التأثير على الطبيعة بما فيها الإنسان..
هذا الإجراء يتم نتيجة لإبرام إتفاقية كاملة بين الإنسان والشيطان ، فيقوم الطرف الأول بأعمال كفرية ، ويقوم الطرف الثاني مقابل ذلك بتلبية رغبات الساحر والوصول به إلى قمة تقنيات السحر..
وهذه الاعمال التي ترضي الشيطان ، عبارة عن كتابة آيات القرآن بقذارة .. وبصورة معكوسة مخالفة لقول الله عز وجل.. ووضع هذه الآيات أسفل قدميه ، أو وضع المصحف الشريف في فخذه والدخول به للمرحاض.. وكتابة طلسمات .. واسماء الشياطين .. وعبارات مبهمة تحمل معاني كفرية.. إلى آخر ذلك من الكلام الفارغ..
ولم يدر هؤلاء بأن السحر جاء في القرآن تحت مفهوم :
 " النفاثات في العقد "
وليست الطلسمات .. وليست كتابة آيات القرآن بقذارة .. أو كتابتها بصورة معكوسة.. أو مخالفة لشرع الله ..
وإنهم بهذا الكلام يخالفون التعريف الذي أنزله الله في كتابه العزيز.. 
إنه هروب وابتعاد عن الحكم بآيات الله ، والحكم بكلام الإنسان..
فالقضية طرحت للإختيار بين قول الله وقول الإنسان..
فالله سبحانه وتعالى أخبرنا بأن السحر هو النفث في العقد..
والإنسان أخبرنا بأن السحر هو قيام الساحر باتفاق مع الشيطان..
وعلينا الإختيار.. من هو الكلام الذي نستمع إليه ؟..
هل نستمع لكلام الله أم نستمع لكلام الإنسان ؟..
فإن إستمعنا لكلام الله ، فإن هذا يعني الصراط المستقيم..
وإن إتبعنا كلام الإنسان فإن هذا شرك وكفر بالله..
ثم لا بد من الرجوع إلى البعد التاريخي ...
فالسحر كان موجودا قبل نزول القرآن بما يزيد عن سبعة آلاف سنة..
وحتى قبل نزول التوراة ..
فمن أين جاء الفراعنة المصريون بهذا السحر إذن ؟ .. حيث لم يكن لا قرآن.. ولا كتابة آياته بقذارة .. ولا آيات معكوسة ؟ ...
ولم يوجد كتاب سماوي في ذلك الوقت ليخالفه الساحر من أجل إكتساب مصداقية سحره..
وهم بهذه الصورة يحملون إلى إعتقاد الناس – دون تعمد- بأن القرآن نفسه سحر ، مادامت كتابة آياته سحرا.. ولذا أصبحت كلمات القرآن الكريم ، ترمى في المزابل والمراحيض ، أو تبول الناس عليها حينما يجدونها مكتوبة على أوراق من أجل التداوي بها..
ويقول هؤلاء بأن قراءة القرآن بشكل رقيا هو أمر شرعي في حين أن كتابته هي شرك وسحر.. وهي نفس الفكرة التي تقول بأن القرآن سحر..
فالمنطق الذي شرّع للناس جواز أمر قراءة القرآن من أجل التداوي به ..
هو نفس المنطق الذي حرم كتابته من أجل هذه المداوات..
وهو نفس المنطق الذي يرمي إلى سحرية القرآن والعياذ بالله..
ألم يكن شيخ الإسلام إبن تيمية نفسه ، يكتب آيات القرآن من أجل التداوي بها ؟ ويقول بصريح العبارة بأنه وجد التداوي بكتابة آيات القرآن أنفع من التداوي بقراءته..
ألم يكن حجة الإسلام ، الشيخ أبوحامد الغزالي رحمه الله يكتب القرآن من أجل مداوات الناس به ؟..
ألم يقل معظم العلماء المسلمين ، بأن كتابة القرآن ، لأغراض إستشفائية أنفع من كتابته سبعين مرة ؟..
والإيمان بان سحرية القرآن تنطوي وراء كتابته ، يعدم تماما كرامات القرآن التي إنعدمت من الكتب السماوية الأخرى ..
ثم أن هذه الكرامات لا توجد إلا في التداوي بكتابته..
وإعدام كرامات القرآن تعني إعدام القرآن نفسه.. وبالتالي إعدام الإسلام..
وإننا لنطالب هؤلاء بتقديم دليل أكيد من الكتاب أو السنة ينص بأن كتابة القرآن سحرا..
وإلى جانب ذلك يقوم هذا النفر من الأساتذة ، خارج مجال محاضراتهم ، باعتبارات مؤسفة ، ليقولوا للطلبة بان أهل الصوفية مشركون ، ويستخدمون الجن في أغراضهم الدنيوية ..
ولم يدر هؤلاء بأن أهل الصوفية لا يعرفون في حياتهم إلا إناء الماء من أجل الوضوء .. والفراش الذي يسجدون عليه..
والسبحة التي يرددون بها أسماء الله في كل زمان ومكان ..
حتى تحولت أنفاسهم الطيبة كلها لذكر الله ..
 يصومون النهار ويقومون الليل ..
ولا يعرفون إلا عمل الخير من أجل الخير..
ولا يعرفون من الكلام الدنيوي إلا الوعظ والإرشاد للناس..
ولا تنشط أرجلهم إلا لعمل الخير..
ولا تتحرك أياديهم إلا لسبل الصلاح..
ثم لا يعرف هؤلاء من بعض أساتذة الجامعات أنه بفضل رجال الصوفية في الجزائر ، تم الإنتصار على قوات الإستعمار والحلف الأطلسي ..
وأنهم بفضلهم أصبحوا يتمتعون بتلك المناصب التي يستعملونها للطعن في رجال أبرياء ..
والطلبة بحكم إصابتهم بعقدة الإتكالية التي تظهر بمظهر التقديس للآخرين.. يعتقدون بأن هؤلاء الأساتذة يملكون أسمى مقاليد المعرفة ، فيصدقونهم و للأسف في كل ما يقولون .. ولا يعلّمونهم بأن كرامات أولياء الله الصالحين هي بمثابة المعجزات النبوية التي تبرهن بدورها على ما جاء به الإسلام من صدق في الأحكام.                                                                                     
كيف تنظر النزعة الإستعمارية اليوم إلى رجال الصوفية التي إنتزعت منها حلمها الأبدي من إحتلال للوطن العربي وزرع لعقيدتها المسيحية واليهودية ؟
يجب على هؤلاء الأساتذة أن يعلموا بأن الأسباب السياسية العالمية وخاصة اليهودية منها تقف وراء الحركة المعادية لأولياء الله وأهل الصوفية لما خلقوه من مساندة لحركات التحرر في العالم ولما قامت به من خلق أجيال إستطاعت أن تطرد أقوى أمبراطورية في العالم بما فيها فرنسا وقوات الحلف الأطلسي .                
قد يؤدي تحليل الموضوع والرجوع به إلى الوراء إلى تراجع هؤلاء الأساتذة وتفطنهم ثم كفهم عن ضرب أقدس أناس عرفهم التاريخ على وجه الكرة الأرضية ، وذلك حينما يعلموا بأن هذه الفئة الطاعنة عرفت منذ القديم بالعدوانية للعرب والرسالة التي يحملونها .. وهجمت هجوما عنيفا على الرسالة السماوية وقت نزولها .. فلم ينجو الرسول من ضربات ألسنتهم ومكايدهم .. كما لم تنجو الرسالة من متابعتهم .. وما زالت إلى اليوم تحرف التعاليم الإسلامية ، وتضرب روادها ومشايخها وقادتها العرب بالضرب المبرح..
وإني لأكاد أجزم بأن هذه الفئة من الأساتذة قابلة للتصليح ، طالما لم تكن متعمدة لهذه العدوانية النكراء ، وطالما هم يحملون الطبشور الذي هو بمثابة السلاح في مواجهة أعداء الإسلام والوطن ، وأعداء لمشايخه وقادته .. بل هم جزء من هؤلاء الأولياء ، إنما راحوا ضحية فكر معاد للعرب منذ نشأتهم وسيفيقوا من غشيتهم عاجلا ..
وأشكر الباقي من الأساتذة الذين لم يتأثروا بضربات الرياح العاصفة ، والذينهم وقفوا صامدين تجاه أي فكر يضرب عقيدتهم ومشايخهم وقادتهم العظماء..
وإنه لمن الواجب علينا أن نقف كل يوم وقفة خشوع ترحما إلى شهدائنا الأبرار إبتداء من حمزة عم النبي(ص) إلى آخر شهيد بالثورة الجزائرية المباركة.. وشهداء الدول العربية الأخرى.. وإلى آخر شهيد في فلسطين.. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار..   

الاثنين، 4 مايو 2015

التناقض بين البراءة والإتفاق



                                    

يقول بعضهم بأن الساحر يتفق مع الشيطان في أداء أعمال محرمة ليقوم ذلك الشيطان بمساعدته على القيام باعمال سحرية ضارة بالبشر..
ومنهم من يقول :
(من السحرة من يرتدي المصحف في  قدميه ويدخل به الخلاء ، ومنهم من يكتب آيات القران بقذارة ، ومنهم من يكتبها بدم الحيض ، ومنهم من يكتب آيات القرآن أسفل فديمة ، وكتابة الفاتحة معكوسة ، والصلاة بدون وضوء ، ومنهم من يضل جنبا ، والذبح للشيطان ، والسجود للكواكب ، ومنهم من يأت أمه أو إبنته ، وكتابة الطلاسم بألفاظ غير عربية تحمل معان كفرية... ) .
فأي دليل إرتكز عليه الكاتب في طرح هذا المفهوم..؟
وما هو المنهج الذي إعتمده في دراسته لهذه الظاهرة..؟
وما هو مصدر هذه المفاهيم ؟
هل جاء بها من الكتاب ؟ أم من السنة ؟ أم من مصدر آخر ؟ ..
مع العلم أن هذا الإدعاء لا أثر له في الكتاب ولا في السنة..
وأين هو المخبر الذي تمت فيه التجارب من أجل دراسة هذه الظاهرة ؟
وأين البعد التاريخي الذي إستمد منه هذه المعلومات في دراسته لهذه الظاهرة ؟..
فالسحر كان قد بلغ ذروته في زمن الفراعنة المصريين وفي زمن سيدنا موسى عليه السلام ، حيث لم يكن قرآن ولا حديث ولا فاتحة معكوسة ، ولا إرتداء مصحف .. وفي وقت سبق حتى نزول التوراة ، فمن أين جاء الفراعنة المصريون بهذا السحر ؟
ومن أين جاء الكاتب بهذا المفهوم إذن ؟
والله سبحانه وتعالى أخبرنا على أن مصدر السحر هو الملكان هاروت وماروت وليس القرآن ، طبقا للآية:
" .. وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت .."
وهو ما سبق نزول القرآن بآلاف السنوات ، فكيف يكون السحر بارتداء المصحف ومخالفة الشريعة الإسلامية التي لم تكن موجودة آنذاك ؟..
عندما تقرأ هذه الكلمات في الإدلاء السابق ترى كلمة " قرآن " مكررة بشكل مكثف كما هو واضح في :
 إرتداء مصحف القرآن..
 كتابة آيات القرآن بقذارة ..
كتابة آيات القرآن أسفل القدمين..
وكتابة الفاتحة معكوسة..
وهو ما سيدفع بالقارئ بصورة عفوية إلى إستنتاج خطير..
سيستنتج لا محالة بأن السحر له علاقة بالقرآن..
وأن القرآن هو السحر نفسه ، وهو ما حدث بالفعل.. حيث أصبح الإنسان عندما يجد القرآن مكتوبا على أوراق من أجل التداوي به ، يرميه في المزابل والمراحيض أو يبول عليه ، عن مشاهدات عيانية ، بحجة أنه سحر والعياذ بالله.
  الله سبحانه وتعالى يخبرنا في القرآن على أن وظيفة الشيطان تتمثل في عملية الوسوسة لا في عملية الإتفاق ..
فالوسوسة شيء.. والإتفاق شيء آخر
.. كما جاء ذلك واضحا في سورة الناس.
 فنظرة واحدة كافية في أبسط سورة من القران وهي سورة الناس تعرفنا بالعلاقة الموجودة بين الإنسان والشيطان:
 " قل أعوذ برب الناس ، ملك الناس، إله الناس، من شر الوسواس الخناس ...الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس"[1] ..
ومنه فالعلاقة واضحة تتمثل في الوسوسة في إطار إبعاد الإنسان عن الجنة عن طريق الأمر في إفعل أو لا تفعل لاعن طريق الإتفاق كما يقولون..
بل أن الآية تشير إلى أن الشيطان يوسوس للإنسان من أجل أن يعمل عملا من الأعمال المحرمة.. وعندما يستسلم الإنسان لوسوسته يقول له هذا الشيطان:
 " إني بريء منك " 
وذلك كما هو واضح في الآية :
" كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين "[2]
وهكذا يكون من الواضح أن عبارة :
إني برئ منك
تتناقض مع فكرة الإتفاق بين الساحر والشيطان شكلا ومضمونا.
والله سبحانه وتعالى يعلم في غيبه الإهانة التي سوف يتعرض لها القرآن الكريم ، فوضّح
وظيفة الشيطان في أبسط وأصغر سورة من القرآن لكي تقرأها جميع الناس ، كبيرا وصغيرا ، ذكرا وانثى ، متعلما أو أميا أو جاهلا .. ولم يضعها في السور الكبيرة حيث يصعب على البعض قراءتها ...
إذن فالشيطان يدفع الإنسان إلى الكفر بوسوسته ، ثم يهرب منه بمجرد التنفيذ ، ولا يتفق معه مصداقا للآية الكريمة ، وعليه فمهمة الشيطان تنتهي بمجرد اسقاط الناس في الزلل فتتحدد بهذا الزلل والإيقاع لا بالإتفاق .
وقد جاء في قوله عز وجل :
" إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم "
ومن غير المعقول أن يتفق الساحر مع الشيطان في الوقت الذي يقول له إني بريء منك.. وهو تناقض واضح بين ما يقوله الله القرآن وبين ما يقوله الإنسان بأحكامه اللامنطقية والمضادة لهذا القرآن..
فالإتفاق شيء.. والبراءة شيء آخر..




[1] - سورة الناس
[2] - سورة الحشر-

الجمعة، 1 مايو 2015

في وضح النهار



في وضح النهار

الحاجّة بركاهم عجوز في الثانية والسبعين من عمرها.. تحكي لنا قصة شبح ظهرعليها أيام شبابها .
لقد سكنت مع زوجها في إحدى الضيعات التي خلفها الإستعمار الفرنسي والأقدام السوداء بالجزائر، وكان زوجها يعمل كفلاح في إحدى الضيعات الأخرى البعيدة عنهم ، بحيث يتركها وحدها طوال النهار ولا يعود إلا بعد العصر أو قبل المغرب بقليل..
وفي إحدى الصائفات ، في شهر أوت ، منتصف النهار ، كانت الحاجة بركاهم وحدها في الدار ، تشتغل بطهي الخبز على نار الحطب ..
وبينما هي كذلك على حين غفلة ، وإذا بإمرأة تدخل عليها ، وتقف بركاهم مذهولة دون حراك..
لقد كانت المرأة عظيمة الجسم ، طويلة القامة ، سوداء اللون ، كبيرة العيون ، ذات أسنان وأنياب بارزة.. وقد لوت بثدييها على كتفيها إلى الوراء .. وكانت تلبس لباسا يبدو عليه بأنه ليس من لباس ذلك العصر .. أو ينتمي لحظارة أخرى لا نعرفها..
كان جسمها وشكلها شكل آدمي ، لكنه يختلف بعظمته الغير معقولة والغير مألوفة ، وكل ما على جسمها من ثياب يدل على إنحدارها من زمن غير هذا الزمن ، وإلى حظارة قديمة من حظارات التاريخ..
وكل مافيها من نظرات وحركات يبعث على الشك في أن هذه المرأة كانت ميتة منذ آلاف السنوات وجاءت إلى هذه الحياة الدنيا بطريقة تختلف عن حياة بني آدم..
تقول الحاجة بركاهم بعد تحريات طويلة معها ، أن المراة الشبح قد طلبت منها أن تعطيها الخبز ، دون أن تؤذيها بشيء.. فأعطتها ذلك  بيدين مرتجفتين من شدة الخوف ..
 أخذت المرأة الشبح ذلك الرغيف بيدها ثم أدارت بظهرها الضخم وانصرفت بعيدة عنها بحوالي خمسين مترا أو ستين ، وجلست على الأرض جلسة التبول..
بدأت المرأة تبول حتى صنع بولها ساقية وصلت حتى عند الحاجة بركاهم وهي واقفة في ذهول .. ثم اختفت المرأة الشبح..
تقول الحاجة بركاهم بأنها لم تعد تدري كيف جاز عنها ذلك اليوم من شدة الخوف ، حيث كانت تتوقع دخولها عليها في أي لحظة.. إلى أن جاء زوجها ، فحكت له القصة بكاملها..
أخذ زوجها البندقية ، وراح يقتفي آثار أقدامها إلى أن إختفت عنه تلك الآثار ولم يعد له دور في الإقتفاء..
واتصل بأحد الجيران الذي كان يبعد عنه بحوالي كيلومترين ، لكنه لم يتحصل على شيء..
يقول زوجها الذي يبلغ الآن من العمر إثنتي وثمانين سنة ، بأنه أثناء إقتفائه لأثار الشبح ، وجد فعلا آثار أقدام آدمية في اتجاه الغرب ، لكنها كانت غير مألوفة في الطول والحجم .. ويبدو أنها كانت أقدام لكائن يشبه الإنسان لكنه ليس من فصيلته.
وفعلا فقد تكلمت القصص والأساطير ، عن مخلوقات غريبة كانت تظهر بين الحين والآخر في الأماكن الخالية ، خصوصا في الصحراء ، وفي وضح النهار ، تبدو أجسامها على هيئة وشكل الإنسان إلا أنها بطول وحجم يختلف تماما..
وتتميز هذه المخلوقات الغريبة بقدرتها على الإختفاء ، فلا تظهر إلا بحسابات دقيقة ولأسباب غير معروفة..
بنو آدم يخافون من هذا النوع من المخلوقات الغريبة ، لدرجة الرعب.. لكن الذي يظهر أيضا هو أن هذه الأشباح هي التي تخاف بني البشر ، بدليل إختفائها عنهم وعدم قدرتها على مقابلتهم ، خصوصا أمام الجماعة ، فلا تظهر أحيانا إلا لشخص واحد..
 أو ربما هناك أسباب أخرى ، قد ترجع إلى الإشعاعات التي تصدر عن أجسامنا والتي لا تتحملها أجسام هذه المخلوقات الغريبة.. حسب الآية :
" أفمن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس "
فقد يكون هذا النور هو تلك الإشعاعات الصادرة عن جسم الإنسان والتي تخافها هذه المخلوقات الغريبة.. لكن ليس بالضرورة أن يكون هذا التفسير صحيحا ، إنما هذه وجهة نظر فقط ، إذ يمكن لعلمائنا الأجلاء أن يأتونا يوما ما بالحقيقة المطلقة.
وغريب ما في الأمر أنه في وقتنا الحالي ، إختفت هذه المخلوقات الغريبة والأشباح عن الظهور تماما.. حتى نكاد نجزم بأنه لم يعد لها من وجود .
وقد تطرق أحدهم من أصحاب الرغبة في الإكتشاف والذي تتحكم فيه غريزة حب الإستطلاع ، بالذهاب إلى الأماكن الخالية منفردا ليلا ، خاصة في الأماكن المشهورة بالحوادث والقتل أيام الإستعمار الفرنسي.. وكرر التجربة طيلة سنوات حتى في أماكن أخرى ، ولم يحصل على شيء أبدا.
قد يبدو للقارئ أن هذا نوع من الهلوسة والوهم.. أو نوع من الخرافة والتسلية.. لكنه لو قام مثلنا بالتحقيق مع الذين رأوا هذه المشاهد ، وتأكد من مبادئهم السامية ، وأخلاقهم الكريمة ، والتزامهم الديني ، وصدقهم في الكلام.. لتأكد في نفس الوقت من أن الموضوع يحتاج إلى إهتمام .. إذ ربما أن الحياة في حقيقتها ليست على الشكل الذي نظنه تماما ، وأنها تخضع لقواعد وقوانين لازلنا لم ندركها بعد ، خصوصا إذا رجعنا لقوله عز وجل:
" ويخلق ما لا تعلمون "
وفي آية أخرى :
" ومن آياته أن خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة ، وهو على جمعهم إذا يشاء قدير"
ويظهر ربما من غير جزم ، أن موضوع الأشباح ، والمخلوقات الغريبة ، له علاقة كبيرة بموضوع تحضير الأرواح ، الذي قد نتطرق إليه ربما في أحد الواضيع القادمة في هذه المدونة بصورة مفصلة.
وإلى ذلكم الحين دمتم في رعاية الله وحفظه.    


الخميس، 30 أبريل 2015

الضعف الجنسي وعلاجه






أهدي هذه الوصفة الثمينة إلى كل عريس وعروسة.
هذه الطريقة في العلاج مجربة وصحيحة ، وتتم بواسطة التداوي الطبيعي بالأعشاب الطبية..
على أننا سنقدم في ما بعد علاجا ناجحا أكثر بواسظة علم التنمية البشرية دون تدخل أو مداخلة للدواء ، وبدون أي ثمن.
خذ على بركة الله كأسا كبيرا من بذور الحمص اليابس.
أفرغه في إناء.
ثم أفرغ عليه في نفس الإناء ، ثلاثة كؤوس من الماء إذا كان الفصل شتاء ، وأربعة كؤوس إذا كان الفصل صيفا.
أتركه ليلة كاملة.
وفي الصباح تشرب كل ذلك الماء على الريق..
سترى نتيجة عظيمة من الإنتصاب بعد ساعتين بإذن الله ، عن إعتبارات مجربة وصحيحة.
كرر العملية 5 أيام ، وكل مرة بكأس جديد من بذور الحمص.
التحسن يحدث منذ اليوم الأول ، لكن التكرار يزيد في النتيجة أكثر وأكثر..
يمكن أن يستعملها الزوج وحده ، ويمكن للزوجة أيضا إذا كانت تعاني من البرود الجنسي.
مبروك عليك يا عريس
ومبروك لك يا عروسة
البركة في مولود جديد بإذن الله.