اعلان

الخميس، 23 أبريل 2015

الأمراض البسيكوسوماتية






هي أعراض مرضية نرجسية ، نفسية المنشأ.. تحدث في نفس الإنسان وتتحول إلى صبغة جسدية ، لأسباب ترجع إلى الميكانيزم الدفاعي الذي يتخذه المريض في مواجهة الصراع وحل أزمته.
إنها تلك الإضطرابات الوظيفية التي ترجع إلى الأحداث التاريخية السايكولوجية للشخص وإلى الصدمات الإنفعالية والأحداث الأليمة التي تعرض لها الفرد منذ طفولته ، وفي سن مبكر من هذه الطفولة.
فعندما تعجز النفس عن تحمل الصدمة ، ومقاومتها ‘ فإنها تدفع بها إلى الجسم حسب المنطقة المناسبة من الجسم.
ويتأثر جسم الإنسان حسب نوع الصدمة التي عاناها في طفولته .. فإذا كان لهذه الصدمة علاقة بالحالة العاطفية بحيث تمس الجانب العلائقي بينه وبين أحد أبويه ، أو كليهما ، فإن الإضطراب يذهب إلى منطقة الرأس على شكل توتر .. وقد يظهر ذلك في مرحلة كبره ويربك الأطباء العضويين.
وإذا كان للصدمة علاقة بالتعبير عن المشاعر ، فإن الإضطراب يذهب مباشرة إلى مركز التعبير على شكل إلتهاب في اللوزتين ، أو تضخم الغدة الدرقية ، أو خلل في الأحبال الصوتية..
وبالمثل ، فإن الإضطرابات الغذائية التي تحدث بين الطفل وأمه أثناء فترة الرضاعة ، تذهب في ما بعد إلى الجهاز الهضمي بما فيه المريء أو المعدة أو الأمعاء فيما يظهر من قرحة معدية أو إمساك مزمن أو إسهال حاد. وقد يخطأ الأطباء في تشخيصها ، ويوجهون المريض توجيها كيماويا بدلا من توجيهه توجيها نفسيا..
واضطراب الكبد ، له علاقة وطيدة بفقدان عزيز ما وقت الطفولة ، من حيث أن الكبد هو مركز الحب والحياة العاطفية.
والجهز البولي له علاقة وطيدة بما يحدث من مشاعر الخوف المبكر..
والجهاز التناسلي له علاقة بصفة عامة من الإخفاق في الحب أو الزواج ، خصوصا إذاكان المريض يعاني من عقدة الخصاء ومشاعر الذنب.
فعند المرأة يظهر الإضطراب على مستوى الحيض ، فيكون مؤلما وقد تطول مدة الحيض أو تقصر ، وغالبا ما يحدث إنقطاع أو إستمرار في النزيف.. وشيئا فشيئا يصل الأمر إلى الرحم وما يحدث به من إضطرابات يصعب تشخيصها.
وقد يعاني الرجل أيضا من فقدان القدرة على الإنتصاب ، والعجز الجنسي ، ونقص في الحيوانات المنوية .. وقد يؤدي ذلك إلى العقم سواء عند الذكر أو عند الأنثى.
وهكذا ، فما من إضطراب يحدث في منطقة ما من مناطق الجسم الداخلية أو الخارجية ، إلا وله سابق الإصابة بصدمة نفسية لها علاقة بتلك المنطقة ، حيث يكون الإستعداد للمرض جاهزا.
وما دامت هذه الأعراض ، هي أعراض نفسية المنشأ ، يجب معالجتها معالجة نفسية ، وما دور الدواء إلا دورا إستثنائيا يهدف لمقاومة المرض والتخفيف من حدته بدلا من زواله نهائيا..
فالزوال النهائي للمرض يكمن وراء متابعته بالعلاج النفسي ولا بديل لذلك على الإطلاق..




المس الجني في القرآن الكريم



                                    

ظهرت فتنة المس الجني بشكل حاد مع دخول العصر الحديث .. وهاجم هذا الموضوع القنوات ، والمجلات ، والجرائد ، والكتب .. وتداولت الناس أطراف الحديث في ترويج هذه المسألة بشكل فاق حدود الكلام عن مواضيع أكثر أهمية..
وأغلب هؤلاء الناس هم من الطبقة الشبه مثقفة من جهة ، ومن الذينهم يستمعون إلى الشرح الخاطئ للقرآن والسنة الشريفة من جهة أخرى.. والسبب الأكثر من هذا هو الخلل المنطقي في فهم الأحكام التي يسمعونها أو يقرأونها.. فيستدلون بالحديث الشريف :
" إن الشيطان ليجري مجرى الدم في العروق "
غير أن هذا الحديث من الوجهة المنطقية ليس له أي علاقة بالمس الجني على الإطلاق.. فهو يشير إلى أن الشيطان بوسوسته ، يتصرف بمختلف الطرق والإمكانيات حتى أنه يجري في عروق الإنسان مثلما يجري الدم في هذه العروق .. لكن في حدود معينة ومضبوطة متمثلة في إبعاد الإنسان عن الجنة والزج به في النار، لا في إيذائه كما يتصوره البعض.. وهو ما جاء واضحا تماما في سورة الناس.
فقد نزلت سورة الناس لتعرفنا بالوظيفية الحقيقية للشيطان والمتمثلة في الوسوسة لا غير.. وهذه الوسوسة تهدف لشيء واحد لا غيره وهي الدفع بالإنسان إلى نار جهنم لا إلى إيذائه .. ذلك لأن الشيطان يعلم جيدا أن إيذاء الإنسان لا يخدم مصلحة هذا الشيطان.. لأن الإنسان قد يتحصل على مثوبة من الله سبحانه وتعالى فيكفر عنه ذنوبه وسيئاته وخطاياه من جراء هذا الإيذاء ، ويدخله الجنة التي لا ترضي الشيطان.
فغشاوة المس الجني للإنسان يتعارض مع مهمة الشيطان شكلا ومضمونا.. و فضحتها سورة الناس.
حكمة الله سبحانه وتعالى ومعرفته للغيب أوضحت لنا الأمر ، حيث أنزل وظيفة الشيطان في أبسط سورة من القرآن ، لكي تتمكن كل الناس من قراءتها ، على عكس ما لو وضعت في السور الكبيرة كسورة البقرة أو آل عمران ، فلا يطلع عليها معظم الناس..
ولم يأت في القرآن الكريم ، ولا في الحديث الشريف ، مفهوم يدل على مس الجن للإنسان بل جاء في آيات أخرى من القرآن مفهوم الوسوسة واضحا ، كما في سورة طه.. حيث يامر الله سبحانه وتعالى الشيطان في أن يسجد لآدم .. لكنه أبى واستكبر ، وذهب إلى آدم يحثه على الأكل من الشجرة التي نهاه الله عنها وجاءت في ذلك الآيات واضحة حيث يقول عز وجل :
"... فوسوس إليه الشيطان ، قال ياآدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى"[1] ؟..
وتكررت الآيات الدالة على وظيفة الشيطان في مجموعة من السور في القرآن ، وذلك منعا لتحريف مفهوم وظيفة الشيطان ، وهي من ضمن التقنيات التي وضعها الله سبحانه وتعالى من أجل المحافظة على القرآن[2] وسلامته من التحريف .
فقد كان الله سبحانه وتعالى يعلم في غيبه ، الخلط الذي سقطنا فيه ، والإيهام الذي تعرضنا له ، والخلل المنطقي الذي حدث في فهمنا لوظيفة الشيطان .. فوضع المفهوم أولا وقبل كل شيء في أبسط سورة من القرآن لتتمكن الناس من قراءته ، عوضا عن وضعه في سور أخرى كبيرة لا تمكّن بعضهم من قراءتها.. ثم عزز المفهوم بآيات أخرى موزعة على مجموعة أخرى من السور تأكيدا ومنعا للإلتباس وتحريف المفهوم.
وزاد الله في تعزيز الموضوع بسورة الفلق التي زادت الأمر وضوحا وتجلية وزودته بالمنطق السليم ..
حيث لم تأتينا سورة الفلق إلا بأربعة أشياء حذرنا الله منها وهي بعد البسملة ، وبعد قل أعوذ برب الفلق:
 1/ من شر ما خلق
 2/ ومن شر غاسق إذا وقب
3/ ومن شر النفاثات في العقد
4/ ومن شر حاسد إذا حسد
لم يذكر الله هنا أبدا المس الجني على الإطلاق على غرار السحر الذي هو
" النفاثات في العقد"
وليس هو ما يكتبه المؤمنون على أوراق من أجل التداوي.
وليس هو الطلسمات الشريفة التي جاء بها القرآن..
وليس هو ما يكتبه القلم من آيات القرآن أو جداول موجودة في هذا القرآن.
بل هو :
" النفاثات في العقد "
فوهمية المس الجني للإنسان ، حطمت المفاهيم المنطقية لدى هذا الإنسان ، وتجاوزت حدود المعرفة العلمية إلى مفاهيم فسلجية ليس لها أي سلطان عدى تلك الغشاوة البصرية التي وضعت على العيون البريئة.
وقد يستدلون بوجود الجن في آيات كثيرة من القرآن الكريم.. وما دام الجن موجودا ، فإنه يمس بني البشر في نظرهم .. إنه خلل منطقي واضح في فهم هذه الآيات ..
فالآيات تكلمت عن وجود الجن وخلقه من طرف الله سبحانه وتعالى ، ولم تتكلم عن مسه لبني الإنسان.. حيث أن وجود الجني شيء.. ومسه لبني البشر شيء آخر.
 كما قد يستدلون بالآية :
" الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس "
وفي ذلك يجب أن يرجع القارئ إلى متابعة كل الآيات التي نزلت فيها كلمة المس ، فيهتدي للمفهوم الصحيح للكلمة .. وذلك نتيجة لوجود بنية ترابطية بين كل الآيات المشيرة لمفهوم ما.
فعلى سبيل المثال نجد أن هذه الكلمة نزلت في سورة يوسف حيث يقول سبحانه وتعالى على لسان إخوة يوسف عليه السلام :
"... مسنا وأهلنا الضر..."
وهنا أشار الله إلى مفهوم المس في عبارة التعرض إلى ألم الجوع..
وفي الآية التي تشير إلى عظمة القرآن الكريم :
"... لا يمسه إلا المطهرون.."
أي يفهمه أولائك المطهرون من الخلل المنطقي في تفهم المعنى مثلما أشرنا إليه سابقا.. وهو التفسير الأرجح الذي قال به مجموعة من العلماء.. أي أن المس هنا أصبح بمعنى الفهم الصحيح..
وهناك آيات كثيرة التي تناولت كلمة المس ، والتي إذا ربطنا بينها ، نخرج بالمفهوم الحقيقي للمس بعيدا عن مفهوم الجني تماما.
فالقرآن الكريم يتوفر على مفهوم الإكتفاء الذاتي ، فلا يحتاج إلى تفسير أو مفسر ، إذا ذهبنا للبنية الترابطية بين أجزائه ، ولذلك يقول سبحانه وتعالى :
" ما فرطنا في الكتاب من شيء "

 


 







                                                                                                                                                                                                                                                  



[1] - سورة طه
[2] - أرجع إلى موضوع حفظ القرآن من التحريف في هذه المدونة

الأربعاء، 22 أبريل 2015

بلا فكر ولا تفكير...





إننا مع الحياة اليومية ، وظروف العصر التي أصبحت تتطلب طاقة أعلى في مواجهة التوتر الذي يحدث عندما نصطدم بالأزمات وبوادر الإخفاق.. ونتعرض إلى خور النفس  الذي يؤدي إلى خلل في الأعمال الفيزيولوجية للجسم ، وهبوط في الدورية الدموية ، أو هبوط في مستوى السكر في الدم.. وعند ذلك نحتاج لإعادة الجسم إلى وضعه الطبيعي من الناحية الصحية..
سنلجأ إلى الطبيب ، وسيبادر هذا الطبيب بوصفة سيروم سريعة والتي غالبا ما تكون في المستشفى أو في العيادات الخاصة ، أو في المنزل ..
ولا نغالي في ذكر ما يترتب عن هذا الإجراء من أمور خفية لا ترضي الجسم.. فقد نعالج شيئا ونحطم أشياء.. فالجسم الذي كان يتحصل عن هذه المكونات الموجودة في السيروم عن طريق المسالك الهضمية ، حيث يدخل الغذاء من الفم مرورا بالمريء ، فالمعدة ، ثم الأمعاء الدقيقة أين تقوم الشعيرات الدموية بعملية الإمتصاص للغذاء وإلقائه في الدم وصولا إلى القلب الذي يدفعه إلى الرئتين من أجل إحتراقه بالأوكسجين القادم من الجو.. حيث تنتج طاقة .. وهذه الطاقة هي التي تؤدي إلى دوران السايتوبلازم في كل خلايا الجسم[1].
إن هذه الطاقة التي أدت إلى دوران السايتوبلازم بداخل الخلايا هي السيروم الطبيعي الذي يتلقاه الإنسان يوما بعد يوم على مدى حياته.. إنه ذلك المفعول الإلهي في الإنسان..
أما في الحالات الغير عادية فيلجأ الإنسان إلى ذلك السيروم الإصطناعي ، حيث يصطدم الجسم بإجراءات مخالفة تماما ناتجة عن الشعور بالتغيير الذي يربك الجسم في كثير من الحالات.
إن الشعور بالتغيير معناه في لغة النفس والجسم هو الشعور بعدم الإستقرار..
والشعور بعدم الإستقرار يؤدي إلى خلل في وظائف الأعضاء على المدى البعيد بطبيعة الحال..
وهو ما يجبرنا عن البحث عن هذه السيروم في ميادين أخرى .. أحسنها الميدان الطبيعي الذي تم من صنع الله ، لا من صنع الإنسان.. هذا السيروم يوجد في الكون تحت مفهوم الطاقة الكونية..
تتلقى الحوانات الثديية هذه الطاقة  بشكل كافي ، مما يجعلها قوية من حيث البنية الجسدية والقوة اللازمة في مواجهة الحياة بالحيوية والنشاط .. على عكس الإنسان تماما..
الإنسان بطبيعة الحال هو حيوان ثديي[2] بين الحيوانات الثديية الاخرى.. لكنه أضعفها من حيث البنية الجسدية ومن حيث الطاقة..
وعند ذلك يترتب علينا أن نتساءل عن سبب إستفادة الحيوان من هذه الطاقة الكونية ، دون أن يستفيد منها الإنسان ؟.. وهو ما يجبرنا على إيجاد الفرق بينهما وإيجاد سبب هذا الإختلاف في الإكتساب..
تنتشر الطاقة الكونية في الكون بطبيعة الحال ، إنتشارا على مستويين :
المستوى الأول يتم وفق وضع عمودي ، أي من الأعلى إلى الأسفل .
المستوى الثاني يتم وفق وضع أفقي ، أي من الشرق إلى الغرب.. ومن الشمال إلى الجنوب.
ويقر العلماء إلى أن المستوى الأفقي هو الأكثر فائدة بالنسبة للحيوانات الثديية بما فيها الإنسان.. مما يجعل الحيوانات تستفيد من هذه الطاقة باشكال مضاعفة نتيجة لوضعها الرباعي.. فهي تمشي على أربعة أرجل ، فتنتشر الطاقة عبر كل الجسم حيث تمده بالقوة والحيوية والنشاط اللازم على مدى الحياة..
أما بالنسبة للإنسان فيكون حظه ضئيلا من هذه الطاقة ، بسبب وضعيته الثنائية ، فهو يمشي على إثنين من هذه الأرجل بدلا من أربعة ، مما يجعل هذه الطاقة تتقاطع مع جسمه في نقطة واحدة ولا يسمح لها بالإنتشار عبر كل الجسم.
ومن أجل إكتساب هذه الطاقة ، بنفس الإكتساب في الحيوان.. عليك بهذا التمرين البسيط مرة أو مرتين في اليوم ، ولمدة خمسة دقائق على الأكثر.. على أنه كلما كانت مدة التمرين طويلة كلما كانت الفائدة أكثر فعالية..
لا تنتقد التمرين قبل أن تقوم به[3].. جرب أولا ، ثم أحكم على نتيجة التجربة..
إنها مجربة وصحيحة حتى في الحالات القصوى من الإنهيار الجسدي والنفسي..
ضع على الأرض فراشا وثيرا لكي لا يؤثر ضغط الأرض على ركبتيك..
إجلس على ركبتيك..
مدد جسمك إلى الأمام بحيث ترتكز على راحتي كفيك .. على أن يكون اليدان متجهتين إلى الأمام.. ويكون جسمك في وضع مستقيم.
في هذه الحالة تكون في وضعية رباعية..
أغمض عينيك ..
تخيل أنك حيوان تماما.. لا فكر ولا تفكير.. ليس لك علاقة بالبعدين الزمنيين .. لا الماضي ولا المستقبل.. بل لك بعد زمني واحد ، هو الحاضر.. مثل الحيوان تماما.. بلا فكر ولا تفكير..
هذا التمرين له فائدتان عظيمتان وثمينتان..
الفائدة الأولى تتمثل في إكتساب الطاقة الكونية اللازمة لصحة الإنسان الجسدية والنفسية..
الفائدة الثانية تتمثل في تنمية البصيرة بالشكل الذي يجعلك تتعامل مع الحياة معاملة الإنسان الحقيقي ، فتسيطر على معطيات العقل(الفكر) التي تصل بالإنسان إلى مستوى الإنهيار الجسدي والنفسي.       


- المعنى الطبي للروح[1]
- يلد ويرضع صغاره[2]
-  الإنتقاد معناه الإستسلام إلى قوات الردع الموجودة في النفس.. ويسميها العلماء بعملية المقاومة.. وتظهر بشكل حاد عند العصابيين.[3]

سيروم بدون دواء...



سيروم بدون دواء...

إننا مع الحياة اليومية ، وظروف العصر التي أصبحت تتطلب طاقة أعلى في مواجهة التوتر الذي يحدث عندما نصطدم بالأزمات وبوادر الإخفاق.. ونتعرض إلى خور النفس  الذي يؤدي إلى خلل في الأعمال الفيزيولوجية للجسم ، وهبوط في الدورية الدموية ، أو هبوط في مستوى السكر في الدم.. وعند ذلك نحتاج لإعادة الجسم إلى وضعه الطبيعي من الناحية الصحية..
سنلجأ إلى الطبيب ، وسيبادر هذا الطبيب بوصفة سيروم سريعة والتي غالبا ما تكون في المستشفى أو في العيادات الخاصة ، أو في المنزل ..
ولا نغالي في ذكر ما يترتب عن هذا الإجراء من أمور خفية لا ترضي الجسم.. فقد نعالج شيئا ونحطم أشياء.. فالجسم الذي كان يتحصل عن هذه المكونات الموجودة في السيروم عن طريق المسالك الهضمية ، حيث يدخل الغذاء من الفم مرورا بالمريء ، فالمعدة ، ثم الأمعاء الدقيقة أين تقوم الشعيرات الدموية بعملية الإمتصاص للغذاء وإلقائه في الدم وصولا إلى القلب الذي يدفعه إلى الرئتين من أجل إحتراقه بالأوكسجين القادم من الجو.. حيث تنتج طاقة .. وهذه الطاقة هي التي تؤدي إلى دوران السايتوبلازم في كل خلايا الجسم[1].
إن هذه الطاقة التي أدت إلى دوران السايتوبلازم بداخل الخلايا هي السيروم الطبيعي الذي يتلقاه الإنسان يوما بعد يوم على مدى حياته.. إنه ذلك المفعول الإلهي في الإنسان..
أما في الحالات الغير عادية فيلجأ الإنسان إلى ذلك السيروم الإصطناعي ، حيث يصطدم الجسم بإجراءات مخالفة تماما ناتجة عن الشعور بالتغيير الذي يربك الجسم في كثير من الحالات.
إن الشعور بالتغيير معناه في لغة النفس والجسم هو الشعور بعدم الإستقرار..
والشعور بعدم الإستقرار يؤدي إلى خلل في وظائف الأعضاء على المدى البعيد بطبيعة الحال..
وهو ما يجبرنا عن البحث عن هذه السيروم في ميادين أخرى .. أحسنها الميدان الطبيعي الذي تم من صنع الله ، لا من صنع الإنسان.. هذا السيروم يوجد في الكون تحت مفهوم الطاقة الكونية..
تتلقى الحوانات الثديية هذه الطاقة  بشكل كافي ، مما يجعلها قوية من حيث البنية الجسدية والقوة اللازمة في مواجهة الحياة بالحيوية والنشاط .. على عكس الإنسان تماما..
الإنسان بطبيعة الحال هو حيوان ثديي[2] بين الحيوانات الثديية الاخرى.. لكنه أضعفها من حيث البنية الجسدية ومن حيث الطاقة..
وعند ذلك يترتب علينا أن نتساءل عن سبب إستفادة الحيوان من هذه الطاقة الكونية ، دون أن يستفيد منها الإنسان ؟.. وهو ما يجبرنا على إيجاد الفرق بينهما وإيجاد سبب هذا الإختلاف في الإكتساب..
تنتشر الطاقة الكونية في الكون بطبيعة الحال ، إنتشارا على مستويين :
المستوى الأول يتم وفق وضع عمودي ، أي من الأعلى إلى الأسفل .
المستوى الثاني يتم وفق وضع أفقي ، أي من الشرق إلى الغرب.. ومن الشمال إلى الجنوب.
ويقر العلماء إلى أن المستوى الأفقي هو الأكثر فائدة بالنسبة للحيوانات الثديية بما فيها الإنسان.. مما يجعل الحيوانات تستفيد من هذه الطاقة باشكال مضاعفة نتيجة لوضعها الرباعي.. فهي تمشي على أربعة أرجل ، فتنتشر الطاقة عبر كل الجسم حيث تمده بالقوة والحيوية والنشاط اللازم على مدى الحياة..
أما بالنسبة للإنسان فيكون حظه ضئيلا من هذه الطاقة ، بسبب وضعيته الثنائية ، فهو يمشي على إثنين من هذه الأرجل بدلا من أربعة ، مما يجعل هذه الطاقة تتقاطع مع جسمه في نقطة واحدة ولا يسمح لها بالإنتشار عبر كل الجسم.
ومن أجل إكتساب هذه الطاقة ، بنفس الإكتساب في الحيوان.. عليك بهذا التمرين البسيط مرة أو مرتين في اليوم ، ولمدة خمسة دقائق على الأكثر.. على أنه كلما كانت مدة التمرين طويلة كلما كانت الفائدة أكثر فعالية..
لا تنتقد التمرين قبل أن تقوم به[3].. جرب أولا ، ثم أحكم على نتيجة التجربة..
إنها مجربة وصحيحة حتى في الحالات القصوى من الإنهيار الجسدي والنفسي..
ضع على الأرض فراشا وثيرا لكي لا يؤثر ضغط الأرض على ركبتيك..
إجلس على ركبتيك..
مدد جسمك إلى الأمام بحيث ترتكز على راحتي كفيك .. على أن يكون اليدان متجهتين إلى الأمام.. ويكون جسمك في وضع مستقيم.
في هذه الحالة تكون في وضعية رباعية..
أغمض عينيك ..
تخيل أنك حيوان تماما.. لا فكر ولا تفكير.. ليس لك علاقة بالبعدين الزمنيين .. لا الماضي ولا المستقبل.. بل لك بعد زمني واحد ، هو الحاضر.. مثل الحيوان تماما.. بلا فكر ولا تفكير..
هذا التمرين له فائدتان عظيمتان وثمينتان..
الفائدة الأولى تتمثل في إكتساب الطاقة الكونية اللازمة لصحة الإنسان الجسدية والنفسية..
الفائدة الثانية تتمثل في تنمية البصيرة بالشكل الذي يجعلك تتعامل مع الحياة معاملة الإنسان الحقيقي ، فتسيطر على معطيات العقل(الفكر) التي تصل بالإنسان إلى مستوى الإنهيار الجسدي والنفسي.       


- المعنى الطبي للروح[1]
- يلد ويرضع صغاره[2]
-  الإنتقاد معناه الإستسلام إلى قوات الردع الموجودة في النفس.. ويسميها العلماء بعملية المقاومة.. وتظهر بشكل حاد عند العصابيين.[3]

الثلاثاء، 21 أبريل 2015

عـد إلى رشـدك..





                                                                                
إننا نلاحظ على مستوى الساحة الإجتماعية ، فئة تتولى مهمة إشهار السحر بين الناس .. وتحسيسهم بأهميته في الحياة ، وإيهامهم بمفعوله وتضخيمه ، وراحوا يفننون في عظمته لدرجة أنهم زرعوا مرض " فوبيا السحر"[1] بصورة مخيفة ، وأصبح الناس يصرفون عن التخلص من هذا السحر بصورة وهمية أكثر ما يصرفون عن زادهم.. ويفسرون أعراضهم المرضية تفسيرا سحريا بعيدا عن جادة الصواب العلمي.
وضربت هذه الفئة ، حملة القرآن الكريم ، ضربا مبرحا ، حتى أصبح هؤلاء الحملة يندمون عن اليوم الذي قرأوا فيه القرآن نتيجة للتهم التي ألصقوها بهم ، باعتبار أن السحر هو ما يكتبه هؤلاء من القرآن على أوراق .. وظهر من جراء ذلك كارثة كبرى حيث تعرض القرآن الذي يجدونه مكتوبا على أوراق ، إلى رميه في المزابل والمراحيض والتبول عليه باعتبار أنه سحر ..
ويقوم هؤلاء المروّجون للسحر بتعريف خادع ووهمي يخالف تماما ما جاء واضحا في القرآن الكريم بآيات صريحة لا تحتاج إلى تفسير أو مفسر ، حيث يقول سبحانه وتعالى :
" من شر النفاثات في العقد "
وبهذا أصبح من الواضح للعيان ، بأن السحر ليس ما يكتبه القلم من القرآن بل هو عبارة عن نفث في عقد..
وقد وضع الله هذا التعريف للسحر في أبسط سورة من القرآن ، ولم يضعها في السور الكبرى التي لن يقرأها بعضهم .. ذلك لأن الله سبحانه وتعالى يعلم الفتنة التي سوف يتعرض لها القرآن الكريم وحملته ، فوضع هذا التعريف بالشكل الذي تتمكن كل الناس من قراءته[2]. 
ويذهب هؤلاء المروّجون ، إلى أن التداوي بالقرآن يكمن وراء قراءته في ما يسمونه بالرقيا ، ولا يكمن وراء كتابته ، لأن الرسول(ص) قرأ القرآن ، ولم يكتبه.. وأن كتابته هي مخالفة لسنة النبي (ص)..
بينما نحن نعلم علم اليقين في أن الرسول(ص) كان أميا لا يعرف القراءة ولا الكتابة .. ولو لم يكن أميا لكتبه دون جدال.. ثم أن القرآن كتب في مصاحف.. وأشار الله سبحانه وتعالى في أن القلم هو وسيلة للتعلم وليس للسحر ، وجاءت الآية واضحة في ذلك حيث يقول عز وجل :
" وعلم الإنسان بالقلم "
أويقول هؤلاء بأنهم وجدوا هذا القرآن مكتوبا على أوراق بدون نقط ، وعدم نقطه يكشف عن إعتبارات سحرية فيه..
لكن ألا يرمي هذا إلى الإعتقاد بأن القرآن هو نفسه سحر..؟
أليست هذه خطوات تمهيدية للإيمان بسحرية القرآن ؟
أليس هذا نوع من الإستدراج للمس بقداسة القرآن ؟
ثم أن القرآن نفسه نزل بدون نقط .. وأن كتابته بهذه الصورة هي الشكل الحقيقي له..
وإذا ألزمتهم الحجة يتطرقون لشيء آخر .. سيقولون بأنهم وجدوا على هذه الأوراق طلاسم سحرية..
إلا أننا نشير بأن السحر ليس هو كتابة الطلاسم ، بل هو :
" النفاثات في العقد "
بصورة واضحة للعيان ، لا تحتاج إلى تفسير أو مفسر..
ثم أن هذه الطلاسم التي يبررون كلامهم بها ، موجودة في القرآن بشكل مكثف ، وبصورة واضحة ، لا تقبل تدخل أو مداخلة .. فأول ما تفتح المصحف الشريف تجد سورة البقرة تبتدئ بـ "...ألم..." وكررت سبعة مرات في بعض السور الأخرى .. وتتواصل بداية بعض السور الأخرى بـ "...ألر...ألمص... حم.. ن..كهيعص...حم عسق ...."
وجاءت هذه الطلاسم في القرآن تحمل شيفرات غريبة تفسر مجاهيل الكون وأسراره إذا نحن تمعنا النظر فيها بتركيز ، وطردنا وهمية السحر وفتنته من أذهاننا.. 
إن ما يعتبرونه طلاسم ، والتي يكتبها حملة القرآن الكريم ، ماهي إلا مستنبطة من كتاب الله الذي لم يأت لتعليم الناس السحر ، بل جاء ليكشف عن وهمية هذا السحر ودجله كما جاء ذلك واضحا في قصة سيدنا موسى عليه السلام مع سحرة فرعون[3].
وعندما تجادلهم بالحكمة والموعظة الحسنة ، وبالتي هي أحسن ، كما أمرنا بذلك سبحانه وتعالى ، يتطرقون إلى شيء آخر..
يتطرقون إلى أنهم وجدوا جداول مكتوبة على هذه الأوراق .. والجدول هو السحر في نظرهم ..
لكن القرآن الكريم لم يشر إلى أن السحر هو كتابة الجداول ، بل أشار سبحانه وتعالى في أن السحر هو :
" ... النفاثات في العقد..."
ثم أن هذه الجداول الشريفة التي يتكلمون عنها موجودة في القرآن بشكل واضح للعقل والبصيرة ، دون جدال أو مناقشة ..
فالله كان يعلم الخطوة التي سوف ينتهي إليها هؤلاء المهاجمون على القرآن وحملته فأكدها  تأكيدا تاما في ما يسمى بآيات الحدس[4]..
هناك خمسة آيات تعجيزية في القرآن الكريم ، جاءت موزعة على مجموعة من السور ، لكي لا يتمكن الأعداء من تحريفها[5].
وهذه الآيات هي :
1/ " كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح "
2/  "هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم"
3/ "يوم الآزفة إذا القلوب لدى الحناجر كاظمين ، ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع "
4/ " علمت نفس ما أحظرت فلا أقسم بالخنس والجوار الكنس والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس"
5/ " ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وانشقاق  "
إن هذه الآيات الخمسة يكمن وراءها جانب كبير جدا من الإعجاز الذي جاء في القرآن الكريم وبصورة مدهشة..
فأنت ترى الجدول الذي وضعه الله بصورة واضحة في القرآن الكريم.. حيث بدأت الآية الأولى بحرف من حروف كهيعص وانتهت بحرف من حروف حم عسق.
وبدأت الآية الثانية بالحرف الثاني من حروف كهيعص لتنتهي بالحرف الثاني من حروف حم عسق..
والآية الثالثة بالحرف الثالث من كهيعص لتنتهي بالحرف الثالث من حم عسق..
والآية الرابعة بالحرف الربع من كهيعص لتنتهي بالحرف الرابع من حم عسق..
والآية الخامسة بالحرف الخامس من كهيعص لتنتهي بالحرف الخامس من حم عسق..
وهو ما يظهر بالصفة التالية على شكل جدول :
ويظهر جانبه الإعجازي من خلال شكله التركيبي ، لنتمعن فيه وندرك السر الذي يتواجد وراء إرتباط هذه الآيات التي سمتها العلماء بآيات الحدس وبين كهيعص ، وحم عسق.. وهذه الآيات هي التي تكشف السر والنقاب والغطاء عن هذه الطلاسم المتواجدة في القرآن والتي ظل العالم الإسلامي وعلماء الإسلام يبحثون فيها دون إهتداء لمعرفة ألغازها ..
كما يظهر جانبه الإعجازي في تصليح مشاكل النزاع والخصومات الزوجية بين الزوجين ، عن إعتبارات مجربة آلاف المرات على يد أصحابها ..
ومن أراد التأكد من ذلك فليجرب بنفسه.. لكنني أأكد للقراء على كتابتها لا قراءتها كما يعتقدون.. وهو ما يسمى بكرامات القرآن التي أعطاها الله لعباده من المؤمنين ، والتي سماها أهل الفتنة بالسحر والعياذ بالله.
ولا تقتصر كرامتها في تصليح مجرى المشاكل الزوجية فحسب ، وإنما في أمور كثيرة تسبق حسابها وعدّها.. مثل الشفاء من بعض الأمراض ، إن لم أقل كلها ، ونجاح التجارة ، والدراسة .. وزواج البائرة .. وأمور خيرية أخرى..
وتكاد هذه الآيات الشريفة السر الأساسي في إدراج كرامات القرآن من وراء كتابته..  
وأخيرا فإن الكلام في هذا الموضوع طويل جدا وعريض ، وله مسالك يصعب على الإنسان الإحاطة بها كلها.. ولذا فإنني أقول للقارئ الكريم أن يتسلح بإرادة جبارة وقاسية لا تعرف الرجوع إلى الوراء في الدفاع عن القرآن الكريم وحمايته من الأوساخ والقاذورات والبول.. ويعلم أن هذا فاق بكثير الرسومات الكاريكاتورية التي طعنوا بها حبيبنا محمد عليه أفضل الصلوات والسلام..
دافع وجاهد ضد المساس بقداسة القرآن الكريم ، والتأثر بما يقولون.. يؤتك الله أجرك مرتين.. مرة في الدنيا .. ومرة في الآخرة..
" إنه قرآن مجيد في لوح محفوظ.." 



[1] - يتميز مرض الفوبيا بالوسوسة والخوف الشديد من أشياء معينة  كالحيوانات أو الجني أو السحر.. الأماكن الضيقة أو المرتفعة...
[2] - راجع الموضوع المتعلق بحفظ القرآن من التحريف
[3] - أرجع إلى الموضوع الخاص بمفهوم السحر في القرآن الكريم من هذه المدونة
[4] - كشف رجال الصوفية عن هذه الآيات من وراء الشرح الباطني للقرآن الكريم
[5] - راجع موضوع حفظ القرآن من التحريف في هذه المدونة

الأحد، 19 أبريل 2015

فنجان قهوة لو سمحت..





تزامنت الأمراض مع دخول العصر الحديث بأعراضها المختلفة.. وهرع الناس إلى الأطباء مذعورين.. وراح هؤلاء الأطباء في وصف عقاقير كيميائية بين الحين والآخر دون أن يكون لهذه الأدوية من فوائد سوى زيادة الطين بلة..
فالأمراض تزداد يوما بعد يوم ، وتتزايد معها وصفات لأدوية ليس لها من سلطان .. وهم يهمون في ذلك بقتل الميكروب المسبب حسب زعمهم للمرض.. دون القضاء على السبب الحقيقي .. في حين أن هذا الميكروب لم يأت إلا في مرحلة متأخرة من مراحل المرض ، وهو لا يهجم إلا حينما تكون منطقة ما من الجسم لها الإستعداد الكامل لتقبل هذا الميكروب .
وبهذا يحق لنا أن نقف وقفة تساءل وتفكير مع فنجان قهوة لو سمحت..
هل قطع الشجرة يكون من جذورها أم من أغصانها ؟
فنحن وضعنا كمية من الأعشاب في مكان ما ، وجاءت العنزة فأكلتها..
ولولا الأعشاب ما جاءت العنزة.
هيأنا الجسم للإصابة بالمرض ، وجاء الميكروب ليأكله..
ولولا هذا الإستعداد ما جاء الميكروب..
فأول ما يتضرر في الإنسان هو النفس ، نتيجة لصدمة نفسية عنيفة ومبكرة في حياته ، وهي تتحرك عند الدخول في ظروف خطيرة غير ملائمة ومشابهة لظروف الصدمة .. وعندما تعجز النفس عن تحمل وقع هذه الصدمة، فإنها تدفع بها إلى الجسم .. وبالتالي يكون هذا الجسم له الإستعداد الكامل لتقبل الميكروب ودخوله إليه..
وفي هذه الحالة يحق لنا أن نفكر مع فنجان قهوة لو سمحت..
هل في هذه الحالة نعالج الميكروب أم نعالج السبب الذي أدى لمجيء هذا الميكروب ؟
عندما نقضي على الميكروب أو الفيروس فإن هناك فيروسات تعود من جديد ولو بعد مدة لأن السبب لا يزال قائما..
وهو ما حدث بالفعل في كثير من الأمراض .. إذ يشفى المريض مدة قصيرة ثم يعود المرض من جديد..
فبالرغم من إستئصال اللوزتين عند المريض إلا أن آلامها تعود من جديد..
وبالرغم من الشفاء من بعض السرطانات إلا أنها تباشر عودتها..
وهناك الكثير من الامراض الجلدية تعود بعد الشفاء منها..
والأمثلة كثيرة ، تطالبنا بوقفة تفكير قبل فوات الأوان ، لأن الناس تحترق بغاز لا يزال مجهولا ، ويرغمنا بالتوقف قليلا مع فنجان قهوة لو سمحت..
قم وأغلق الباب أو النافذة ، هل يدخل الريح ؟
إن السبب الرئيسي لكل الأمراض الجسدية هو ذلك الإستعداد النفسي لها ، والذي يستلزم الدخول عليه من زاوية أخرى بعد تفكير طويل وصامت يتخلله فنجان قهوة ، وأقول لو سمحت..
فأمراض الرأس والتوتر الذي يحدث به على إختلاف أنواعه إنما يرجع إلى التعبير اللاشعوري عن الخوف من فقدان الموضوع[1] .. ولذلك نجد هذا المرض يظهر كثيرا عند الأطفال أيام دخولهم الأول إلى المدرسة.. لأنهم في هذه الحالة يبتعدون لساعات طوال عن الشخص المحبوب ، وقد تكون الأم أو الآب أو كليهما.
فالقلق عند الأطفال هو تعبير لاشعوري من فقدان الشخص المحبوب..وهذا التعبير اللاشعوري تتخلله تلك الرمزية التي تظهر في صفة أعراض.. ويظل اللا شعور أو العقل الباطني يحمل في طياته المنسية هذا الخوف إلى أبعد الحدود من سن متأخر ، ويربك الأطباء بتشخيصات ليس لها سلطان.
ويحدث مرض الشقيقة غالبا ، من الإنفصال عن أحد الأبوين في مرحلة مبكرة من طفولة المريض.. فهي تابعة لقلق الإنفصال..
فقد يمكن أن يحدث شبه طلاق بين الأبوين ، الذي يؤدي إلى خروج الأم من بيت زوجها إلى بيت أبيها لفترة من الزمن قد تطول أو تقصر ، حيث ينفصل فيها الطفل عن أبيه إذا أخذته أمه معها ، أو ينفصل عن أمه إذا لم تأخذه معها..
أو يمكن أن تصاب الأم بعاهة مرضية ، تلزمها المستشفى أياما أو أسابيع أو شهورا ، وتترك وليدها تحت كفالة إمرأة أخرى.. وبذلك يسقط الشعور بالإنفصال في المجال اللاشعوري ويصبح يلوح بعلائم مرضية و الشقيقة في مقدمتها.
وتتعدد أشكال الإنفصال بصور شتى ، ومجملها أنها تؤدي إلى التوتر والآلام في الرأس حتى في سن متأخر من العمر.
والتصلب والألم في عضلات الجسم ينبعان من موقف لاشعوري للحركات المعبرة عن الرغبة في التحطيم.. وهو ما ينشأ مباشرة في المرحلة الشرجية من مراحل النمو النفسي أو الجنسي.. وهكذا يمنع التقلص العضلي الصراع من الوصول إلى التفكير الواعي حيث يمكنه أن يسبب القلق .
وقد يحدث إلتهاب المفاصل نتيجة لكبث مشاعر العدوان.. كما يحدث تنمل الأطراف نتيجة لإضطراب التنفس الناتج عن القلق.
ونشير كذلك إلى أن إضطرابات الحلق وإلتهاب الأحبال الصوتية باختلاف أنواعها يعود إلى كبت المشاعر التي لها علاقة بالتعبير.. وتحدث كثيرا لدى الإناث بسبب ما يشعرن به من تفضيل الوالدين لأحد الأطفال بصورة مبالغ فيها ..
فالبنت في هذه الحالة تشعر أن لديها حقوق لكنها مهضومة من طرف الأبوين .. وتجد نفسها في حاجة لمواجهتهما بخصوص هذا الإجراء.. لكنها لا تستطيع هذه المواجهة بسبب الخوف من جهة ، وبسبب الحاجز المقدس الذي تشعر به البنت تجاه أبويها من جهة أخرى ، وعند ذلك تكبت هذه المشاعر فتسقط في اللاشعور.. والإضطراب بعد حين من الزمن يذهب إلى مركز التعبير أي إلى الحلق ، فيحدث إلتهاب اللوزتين ، أو إضطراب الأحبال الصوتية ، أوتضخم الغدة الدرقية...
ويلجأ الأطباء إلى معالجة الغدة الدرقية باعتمادهم على العقاقير الكيماوية ، لكن عبثا يفعلون.. مما يؤدي بهم في نهاية المطاف في كثير من الحالات إلى القيام بعملية جراحية.. لكن الغدة الدرقية تعود بعد فترة غير محددة من إستعصالها.. وكذلك الأمر بالنسبة لاستئصال اللوزتين..
وهنا يحق لنا ، ويسمح لنا أن نقف وقفة تفكير طويل في صمت مع فنجان قهوة لو سمحت ..
وتحل العملية الجراحية محل الدواء في البوليبات الأنفية عندما تصل العقاقير الطبية إلى الفشل.. لكنها تعود بعد فترة غير محددة أيضا ، وهو ما يوحي بأن المرض بقي متربصا فترة الرجوع سواء إستعملنا عملية الشق أم لم نستعملها..
 وأين المفر عندئذ..؟
ألا يوحي هذا بعملية تقصير في فهم أسباب السلوك المرضي الجسدي لدى الإنسان ؟
ألا يحق لنا أن نرتشف فنجان قهوة من أجل التفكير؟
وعلى الصعيد الهضمي وأمراض المعدة والقولون ، فإننا نعلم علم اليقين بأن عقدة الإتكال تولد قرحة المعدة ، التي يخطأ الأطباء في تشخيصها ، ويوجهون المريض توجيها كيماويا بدلا من توجيهه توجيها نفسيا..
فالإكتئاب يبدأ دائما بأعراض معدية دون جدال.. كما أن آلام البطن هي وسيلة للتحكم في الآخرين..
كما نعلم جيدا بأن ترك الطفل في دار وحده مع الشعور بالجوع ، قد يعرضه إلى اضطرابات هضمية في ما بعد أي في مرحلة الشباب أو الكهولة.
الإمساك المزمن سببه تلك العلاقة الصعبة بين الأم وطفلها في مراحل حياته المبكرة.. وعندما يصل الطفل إلى عمر التدريب على التحكم في التبرز ، فقد يؤثر في ذلك إنفعالاته وصراعاته مع أمه حيث يتحول ذلك إلى الإصابة بالإمساك ، والإحتفاظ بالبراز يعمل كرد فعل يرمز للتحدي ويصنع أساسا لحدوث الإمساك لدى الكبار.
المريض الذي يعاني من الإمساك المزمن يعاني من التشاؤم.. لايثق بالآخرين.. يشعر بأنه مرفوض لا يحبه أحد..
إلتهاب القولون يحدث عند الإخفاق في التعبير عن الإنفعالات والغضب ، فيصاب حالة القولون التقرحي شديد مع الإحساس باليأس والقنوط.. ويغلب على المريض أن يكون غير ناضج ويعتمد على غيره ، وكثيرا ما يكون مدققا متشددا ويكون أحد الأبوين مسيطرا ، ويظهر كثيرا عند الذين تعرضوا لأزمة خطيرة في حياتهم وخاصة في الفترة السابقة للمرض مباشرة.. ويظهر عليهم الإستسلام عند مواجهة العقبات ،يسهل عليهم أن يصابوا بالإحباط ، وسرعان ما يشعرون باليأس.. إنهم يعانون من صراع شديد من أجل تأكيد ذاتهم .
بعض من يصابون بالتهاب القولون يثبت سلوكهم عند مرحلة الطفولة..
إلتهاب القولون التقرحي غالبا ما يحدث بعد عمر الثمانية سنوات ، ويرتبط هذا المرض بالتهاب المفاضل ،وتأخر النمو ، والأمراض الجلدية وفقر الدم.. ويكونون من النوع المنطوي ، يدافعون عن أنفسهم ، ويشعرون بالذنب ، والميل للتزمت ، وفرط الحساسية ،وكثرة التفكير ،وغالبا ما تعتريهم مشكلات تشمل الحياة الجنسية..
وتناوب نوبات الإمساك والإسهال والتقلصات أو المغص ، إمتلاء البطن بالغازات.
عرض القيء :
هو دفاع هستيري ضد الأكل..
والقيء له علاقة رمزية للإحتجاج على موقف معين ، أو الشعور بالتقزز أو الإشمئزاز من شخص ما.. وقد يرجع إلى مرحلة قديمة جدا من مراحل نمو الطفل ، وبالضبط عند المرحلة الفمية ،أيام الرضاعة .. فالإشمئزاز من رائحة الأم ، أو العرق المتصبب على ثدييها أثناء الرضاعة ، أو المواقف الحرجة التي تتعرض لها الأم ، مثل خصامها مع زوجها ، أو عملية الإتصال الجنسي بين الآب والأم في الوقت الذي يحتاج فيه الطفل إلى الرضاعة.. هذه كلها من شأنها أن تسبب إضطرابات لاشعورية ذات موقف غير سليم تجاه الأكل في المستقبل ، وقد يتمثل في القمه وفقدان الشهية ، أو القيء المستمر.. ويحدث إرتباط شنيع بين أعراض قلة الشهوة للطعام ، والضعف الجنسي..
فالإتصال الجنسي بين الأبوين وقت الحاجة إلى الرضاعة ، تجعل هذا الطفل يسلك سلوكا عدوانيا تجاه العمليات الجنسية ، مما يؤدي في النهاية إلى إخصاء عضوه التناسلي مستقبلا ويصاب بالضعف الجنسي[2]..
رفض الأكل بسبب القلق ظاهرة معروفة في الحالات الذهانية (هذيان التسمم)
كما يمكن أن يكون فقدان الشهية العصبي كرد فعل ضد الخوف من السمنة.. ويكون متبوعا عند المرأة بانقطاع الحيض وانقطاع الرغبة الجنسية والهزال، إضطرابات سلوكية والإعياء السريع .
ومدرسة التحليل النفسي تعلل فقدان الشهية العصبي بمحاولة العودة من طرف المريض إلى المرحلة اللاجنسية النسبية حيث تقل الفروق بين الفتى والفتاة إذا هي أجاعت نفسها وأصبحت نحيفة ..
 كما ترجعه إلى الإعتقاد اللاشعوري بحدوث الحمل من الفم نتيجة للإرتباط الموجود بين اللذة الفمية في المرحلة الفمية حالة النمو الجنسي وبين اللذة الجنسية في المرحلة القضيبية .. وكذلك الربط بين إمتلاء البطن بالطعام وبين الحمل.
ومن جهة أخرى فإن مرض الشراهة في الأكل هو سلوك يرتبط بالعدوان.
إننا سننهي هذا الموضوع مع آخر إرتشاف لفنجان القهوة نظرا لطوله ، وتشعب نظرياته .. غير أن الملخص الكامل يرمي إلى أن الأمراض الجسدية التي لم يفلح فيها الدواء والعمليات الجراحية ، مع نسبة تزايدها يوما بعد يوم ، أجبرتنا على الوقوف لحظة تفكير في ما وراء هذا الفشل الغير مشروع ، ونغيّر موقعنا من هذا التفكير ، إذ لابد من النظر من زاوية أخرى التي قد تنصفنا ربما..
هذه الزاوية ترجع بنا مع فنجان قهوتنا إلى النظر بمجهر آخر مصنوع من عدسات تختلف عن الأولى.. فقد كانت في السابق عدسات مادية بحتة.. أما العدسات الحديثة فهي عدسات روحية والتي بدأ العالم ينتبه إليها بعد فوات الأوان..
إنها تلك العدسات التي تبحث في ما يسمى بالأمراض البسيكوسوماتية[3].. فهي تفسر الأعراض بالرجوع لاضطرابات اللاشعور بدلا من تفسيرها بالميكروب والفيروس..
فالمادة ما فتئت تكشف عن حقيقتها التي تنتهي بعد تحليلاتها إلى مداخلة الجانب الروحي المختبئ فيها[4]..



- فقدان الشخص المحبوب[1]
- سنتكلم عن هذا بالتفصيل في الصفحات القادمة[2]
- سوف نقدم صفحات طويلة في هذا الموضوع[3]
- عد إلى موضوع تحليل الخلية بواسطة المجهر الإلكتوني  [4]