اعلان

الأربعاء، 15 أبريل 2015

الأمراض النفسية





تنقسم الأمراض النفسية إلى الحالات التالية:
1/ الحالة الذهانية :
وهي عبارة عن إضطراب عقلي يصيب الوظائف النفسية والعقلية ويؤدي بالفرد إلى فقدان العلاقة مع العالم الخارجي .. وتبدأ في سن مبكر من حياة الإنسان ، وترجع إلى المرحلة الفمية من مراحل النمو النفسي.. وتظل مختبئة إلى حين الظروف المواتية لخروجها.
ومن الامراض الذهانية ما يلي:
الفصام ، البارانويا ، الهوس ، ذهان الهوس والإكتئاب ...
2/ الحالة العصابية :
وهو إضطراب وظيفي في الشخصية يبدو في صورة أعراض نفسية جسمية.
وتكون الأعراض فيها تعبيرا رمزيا عن صراع نفسي يستمد جذوره من التاريخ الطفلي للشخص ، ويشكل تسوية ما بين الرغبة والدفاع.. وتبدأ مع نهاية المرحلة الشرجية ، وبداية المرحلة التناسلية.
ومن الأمراض العصابية ما يلي :
الهستيريا ، القلق ،الوسواس ، الإكتئاب ، النورستينيا، الفوبيا ،الوسواس القهري ،الوهن ..
3/ الحالة البينية :
وهي تلك التي تتمركز بين الحالة الذهانية والحالة العصابية..
فهي حالة مرضية نرجسية تجاوزت البنية الذهانية ولم تصل إلى البنية العصابية، فبقيت بين الحالتين.
الأمراض البسيكوسوماتية :
وهي تلك الأمراض النفس جسمية ، أي التي تحدث بالجسد لأسباب نفسية.
وتشير بدايتها إلى مرحلة متقدمة من طفولة الإنسان ، حيث لم يكن يملك وسائل الدفاع اللازمة التي يتصدى بها في مواجهة الصراع النفسي. وهو ما يجعل هذه النفس ترمي بهذا الصراع على المستوى الجسدي.. ومن أمثلتها أمراض المعدة كالقرحة المعدية والقولون العصبي.. وبعض أمراض الكبد ، والخفقان العصبي في القلب ، واضطرابات الحنجرة .. والإضطرابات الجلدية بمختلف أنواعها.. والضعف الجنسي .. واضطرابات الرحم والدورة الشهرية .. وبعض حالات السرطان .. إلى غير ذلك من الأعراض السريرية الوظيفية والتي ليس لها أي إنعكاس عضوي في جسم الشاكي.
ومن الخطأ معالجة هذه الأعراض معالجة عضوية ، بل أن علاجها يستمد صحته من العلاجات النفسية ، ومتابعة الجلسات التي يحددها الأخصائي النفساني.

الثلاثاء، 14 أبريل 2015

رجال يعملون في الخفاء





يتواجد أولياء الله الصالحين على درجات مختلفة.. فمنهم البودالة.. ومنهم الأغواث.. ومنهم السائحون..وأهل الدالة .. وأهل النوبة .. ومنهم الأولياء.. ومنهم الأقطاب..
وكل فئة منهم تزيد عن الأخرى بدرجة أعلى..
والأقطاب هم أعلى درجة من غيرهم .. فهم يمثلون القمة التي تصل إليها درجة الولاية.
وكما خلق الله أربعة من الأنبياء والمرسلين.. خلق أيضا أربعة من الأقطاب مثل سيدي عبدالقادر الجيلاني وسيدي أحمد التيجاني... ولكل واحد منهم ورد خاص به يسمى بالطريقة .. ويملك كرامات تفوق كل إعتبار.. وهذه الكرامات قد يتمتع بها حتى تلامذته وأتباعه من المؤيدين ، كما هو مشهود بذلك بمشاهدات عيانية..
الأولياء والأقطاب يعملون علنا ، على مشهد من الجميع .. بينما البودالة والأغواث والسائحون وأهل الدالة ، وأهل النوبة ، فيعملون في الخفاء لأسباب غير معروفة .. وما أن تكتشف أحدا منهم ، وتنتبه إلى ولايته ، حتى يغيّر البلد الذي يسكنه إلى بلد آخر لا يعرفه فيه أحد.. مهما كانت نتيجة هذا الرحيل..
وبهذا فإنه لا يمكننا معرفتهم أو إكتشافهم بسهولة.. فقد تجده يعمل في متجر ، أو في إدارة ، أو راعيا للغنم ، أو منظف شوارع أو غرف.. أو معلما ومربيا أو إماما..
وينطبق على المرأة ما ينطبق على الرجل.. فقد تجدها ولية صالحة دون أن تعرفها الناس.. ولا يرضيها من الدنيا إلا ما يتردد بين شفتيها من ذكر لله سبحانه وتعالى.. وما تعمله من خير من أجل المنفعة البشرية..
وربما قد تتفطن إلى معرفة إحدهم ، عندما تنتبه لحركات شفتيه الغير مستقرتين بسبب ذكره لله سبحانه وتعالى.. أو يده التي لا تخرج من جيبه أبدا بسبب مسكه للسبحة التي يردد بها ذكرالله سبحانه وتعالى.
وقد تعرفه عن طريق زهده في الدنيا وتقشفه.. ونظراته التي تنطلق منها البراءة التامة الشبيهة ببراءة الصبيان.. وعن طريق عدم إهتمامه بما يدور في المحيط الخارجي ، ومراقبة الناس.. مع اللامبلاة بمشاكل الدنيا وحسراتها..
وتجده مقتنعا بما يكسبه أو ما لا يكتسبه ، ويرضى بحبة تمر كما لو كانت وليمة كاملة..
ويسلك معظم هؤلاء سلوك الإنعزال عن الناس ، والميل إلى الخلوات ، التي يتمتعون فيها بطيب الذكر لله والصلاة على نبيه عليه الصلاة والسلام.
وهم يرون بان وعظ الناس وإرشادهم لا يكمن وراء مكالمتهم وإعطاء الدروس لهم فحسب ، وإنما يرون ذلك في إقتداء الناس بهم بسبب سلوكهم الحميد ، وأخلاقهم الطيبة ومبادئهم السامية والتزامهم بشرع الله الذي لا يكمن هو الآخر في شرعية الجدال والمواجهة ، وإنما يكمن في شرعية الإقتداء..
فالذي يرى وليا تتوفر فيه الصفات الحميدة ، لا يلبث أن يحبه ، ثم لا يلبث هذا الحب أن يتحول إلى الرغبة في الإقتداء ..
وهذه الطريقة في الوعظ أهم كثيرا من طريقة الحوار..
ويرى هؤلاء بأن المحيط لا يمكنه أن يؤثر فيك بقدر ما تؤثر أنت في هذا المحيط..
 فمن يرى أن السلطة تثنيه عن عزمه في العبادة وتعكر صفو روحه ، فإنه يبرر فشله في هذه العبادة ..
يستعمل أولياء الله الصالحين لغة صامتة ، في معاملتهم مع الناس ، وهذه اللغة الصامتة لها تأثير كبير على الناس أكثر من غيرها..لأنه تبعث فيهم الرغبة في الإقتداء.
من أولياء الله الصالحين من يملك القدرة على الطيران في السماء.. أو طي الارض.. أو  المشي على ماء البحر.. أو القدرة على الإختفاء.. إلى غير ذلك من الكرامات والقدرات والإمكانيات الخارقة التي أيدهم الله بها .. ومن يرى ذلك بمشاهدة عيانية لا مناص فيها ، ينقلب محبا لهم ، ويتحول هذا الحب إلى الرغبة في الإقتداء بهم من أجل مواكبتهم والوصول إلى ما وصلوا إليه من كرامات.. فيبدأ هو الآخر في الزهد في الدنيا وعمل الخير، والإبتعاد عن ملذات الدنيا ومساوئها .. ولن يجد ذلك متوفرا إلا في الإنعزال والتفرغ الكامل لعبادة الله وحده.
يقول حجة الإسلام ، وآب الصوفية ، الشيخ أبو حامد الغزالي رحمه الله ، وأسكنه فسيح جناته ، بأنه من ليس له القدرة على إمتلاك خلوة ، فغطاءه خلوته.. إذ يمكن له أن يستعمل الغطاء على رأسه ليمكنه من إجتناب الأشياء التي من شأنها أن تلفت إنتباهه عن ذكر الله وتلهيه عن التمتع بطيب الذكر.
ولأهل الصوفية مصطلحات تتطلب جهدا كبيرا من أجل فهمها وتفهمها .. ومنها المكاشفة والتشخيص ، والباطنية ، والإيماء ، الحضور ، الحظرة ، الحلول ، الإجتياف ، الخمرة ، الغيبوبة...
ولهم مفاهيم صعبة جدا على الإدراك والإستيعاب ، ولا يمكن فهمها إلا بتطبيق تمارين ومواصفات روحية..حيث أنها تتطلب عقلا آخر كامنا في الإنسان ، ولا يعمل إلا بعد تدريبات روحية قد تستغرق وقتا ما..
في عهد غير بعيد من السنوات المنصرمة ، كان شيخ الزاوية هو الإمام ، وهو القاضي ، وهو المصلح الإجتماعي ، وهو المعلم والمربي ، وهو الطبيب في نفس الوقت..
وعندما يعرض عليه مريض ما ، فإنه يقوم بتشخيص حالته أولا تشخيصا دقيقا ، ثم يبحث له عن إسم معين من أسماء الله الحسنى الذي يوافق حالة مرضه كإسم الله (الشافي) مثلا وقد يربطه بإسم آخر من نفس الأسماء إذا لزم الأمر ذلك ، ويعين له الوقت المناسب لذكرهما ، والعدد المناسب أيضا ، لمدة معينة..
ولما تنتهي المهلة المحددة ، يعطيه أسماء أخرى ، والنتيجة بعدها الشفاء التام.
غير أن هذه الأسماء لا يمكن إختيارها بسهولة إلا من طرف شيخ عالم ، لديه معرفة كاملة ودقيقة بعلم أسماء الله الحسنى[1] وخصائصها..
ولعلاج مرض الكلب الذي ليس له دواء على الوجه الطبي إلا في الحالات المبكرة جدا ، يتطرق شيخ الزاوية إلى جرح أصبعه وإفراغ قطرة من دمه الثمين في كأس من الماء ، ويشربه المريض ، فإنه يعافى سريعا عن إعتبارات مجربة وصحيحة..
وكان يجري هذا النوع من العلاج في الزاوية التيجانية..
ولعلاج القولنج والفالج والشلل النصفي ، يقوم شيخ الزاوية بتمرير سبحته فوق جسد المريض عدة مرات فيحدث الشفاء..
وبالإختصار يعتبر شيخ الزاوية آنذاك المرجع الأساسي لحل جميع المشاكل الإجتماعية والمرضية ، سواء منها الجسدية أو النفسية..
ولا ندري هل مازال ذلك قائما بنفس المواصفات السابقة ، أم أنها رحلت مع أصحابها ، الذين كانوا لا يعرفون من الدنيا إلا السجود والكوع ، وترديد أسماء الله الحسنى.. حيث كانت كل خلية من أجسامهم موطنا لذكر الله سبحانه وتعالى..
وإذا نظرنا إلى الفئة المختفية منهم ، نجد منهم السائحين على وجه الأرض ، وكلما وجدوا مشكلا قاموا بحله بكل ما يملكون..
فقد كان سيدنا البسطامي سائرا ، وإذا به يرى واحدا يسقط من أعلى قمة الجبل ، فيقوم هذا الولي الصالح بإرجاعه إلى مكانه بواسطة عينيه.
وكانت جماعة منهم سائرين ، وأدركهم الفجر في غار جبل ، وجدوا فيه ثلاثة من الأشخاص نائمين ، ويرتجفون من شدة البرد القارص .. فوقف هؤلاء في مدخل باب الغار ، وركعوا فوقهم إلى الصباح من أجل تدفئتهم.
ومنهم من يشتري نصيبا من القمح ، ويزرعه في الخلاء من أجل أن تأكل الطير منه ، رأفة ورحمة بالحيوان.. ومنهم من يملأ أوانيا من الماء ، ويضعها في الخلاء من أجل الرفق بالحيوانات التي قد لا تجد ماء الشرب صيفا.. أو يشتري فراشا للمسجد دون أن يراه أحد فتفسد عبادته..
إن هذه الأشياء الصغيرة التي يهتمون بها ، والتي لا يظهر عليها شيء تبدو عظيمة عند هذه الفئة من الأولياء ، فتعطيهم بعد وقت طويل من المثابرة كرامات عظيمة يتحكمون بها في مقاليد الكون بإذن من الله سبحانه وتعالى.  


- يعتبر هذا العلم ، الأم الحقيقية لكل العلوم المختلفة[1]

الاثنين، 13 أبريل 2015

كرامة في قطعة جريدة..




حدثني أحدهم فقال :
لقد عشت تجربة شخصية بنفسي ، أيام السبعينات حينما كنت شابا في سن الثامنة أو التاسعة عشر ..
كنت والعياذ بالله أشك في مصداقية القرآن وما جاء به سيدنا محمد(ص) ...وأشك في وجود الله .. باعتبارات فلسفية خلقت بداخلي ثورة فكرية شملت إيماني وعد التصديق بالغيبيات .. وكم يزداد الطين بلة حينما يذكر أحدهم أمامي أولياء الله الصالحين.
كنت دائم الإشتباك مع الوالدة والتي كانت تتبنى الطريقة التيجانية .. ويزداد الإشتباك أكثر حينما أراها تصلي..
ويوم عطلة دراسية ، جاء صديقي بلقاسم مريضا ، يطلب مني مرافقته لزيارة ولي جاء إلى قبة سيدي بن الخروبي بالقرب من حمادية ولاية تيارت..
وكانت هذه القبة معزولة تماما عن السكان ، ولا يوجد من يسكن بقربها أبدا.. وكأنها في صحراء قاحلة.. على عكس ما نراه عليها اليوم من عمران.
وحدث إشتباك حاد بيني وبين صديقي بلقاسم بخصوص هذا الشأن .. وبادلته بعبارات جارحة ، وتأسفت على ذلك لأنه كان مريضا ، وليس من الأخلاق أن أطعنه وهو في حالته المرضية ..
 وبعد جدال طويل تمكن من التغلب علي ، حيث ألزمني الحجة عن طريق إعتباري مرافقا له ، وحارسا له من مكائد الزمان .. طلب مني أن أعتبر نفسي كما لو كنت أخاه الأصغر ، أتولى حمله إلى الطبيب .. وليس من أجل الزيارة..
قبلت الموقف مكرها .. وتوجهنا .. نمشي تارة .. ونركب تارة أخرى في إحدى السيارات المارة مع الطريق إلى أن وصلنا ..
وقبل وصولنا إلى القبة بحوالي مائتي متر ، رأيت شخصا يخرج من القبة ، يلبس عباءة بيضاء تصل تحت الركبتين قليلا.. وشعره طويل يصل إلى كتفيه.. رقبته عارية سوداء من الأوساخ.. وهو مصاب بارتجاف يشبه الرقص الجنزي..
ولما إقتربنا منه رايت اللعاب يسيل منه وهو يرتجف ، لا يكاد يسيطر على توازنه الجسدي .. يبدو شاب آنذاك في حوالي سن الثلاثين أو الخامسة وثلاثين..
وقد أخذت مني الشفقة مأخذا عظيما نتيجة لظهوره بهذه الحالة المؤسفة وإيوائه لهذه القبة التي ليس بها مأكل ولا مشرب ولا أنيس .. فقلت في نفسي:
" لو كان له أولياء وأهل ، لأسعفوه إلى مستشفى الأمراض العقلية...و..."
وسرعان ما مد يده لمصافحة صديقي بلقاسم ، ثم مصافحتي ، فصافحته باطراف الأصابع فقط ، وفي كبرياء وشعور بالعظمة ، وكأنني ملك أو رئيس..
كنت أظن نفسي أنني البشر الوحيد الذي خلقه الله سبحانه وتعالى ، أمشي باهتزاز الكتفين في كبرياء.. وبحركات بطيئة.. وبنظرات توحي كأنني سلطان زماني.. فقد كان الشعور بالعظمة والكبرياء يسيطر على كل سلوكي..كشأن أي واحد مغرور بنفسه..
 مشينا قليلا لنجلسن أمام القبة ، وأنا أدير بوجهي إلى جهة أخرى في أسف شديد وكبرياء الملوك والعظماء ، وكأنني بلغت المعرفة الكاملة باسرار الحياة والكون..
ونسيت آنذاك قول الشاعر:
قل لمن يدعي في العلم فلسفة          حفظت شيئا وغابت عنك أشياء
وبلغ الحوار ذروته بين ذلك الشخص وبين بلقاسم ، وكأنهما يعرفان بعضهما منذ زمن طويل .. لكن كلامهما ليس فيه شيء يدل على المنطق.. ولا يوجد أي ترابط بين الكلمات والجمل..
يتخلل الحوار النط من فكرة لأخرى.. ومن جملة ساذجة إلى أخرى أكثر منها سذاجة ..
غير انني لاحظت شيئا يثير الإنتباه.. فقد لاحظت أن الشخص الذي جئنا لزيارته يتكلم كأنه هو صديقي بلقاسم نفسه ، أو كأنه يتقمص شخصيته.. فدخل في أعماق نفسه ، بصورة عجيبة ، وراح يتكلم عن نفسه كأنه هو نفسه بلقاسم:
" أنا إسمي بلقاسم ، أمي فلانة ، وأخي فلان وفلان ، وأختي فلانة وفلانة.. عمري كذا .. جئت من أجل زيارة الولي سيدي بن الخروبي لأنني مريض بكذا وكذا..و.. قضيت شوطا طويلا في حياتي أعاني من هذا المرض ، ولم أجد لشفائه سبيلا.. عشت سنوات طويلة بوهران ، دون عمل ، ورجعت منها خائبا ، عملت كذا وكذا .. و.. "
والمهم أنه حكى حياة بلقاسم بالحرف الواحد..حتى ظننت أن بينهما معرفة مسبقة..وليس لهذا الرجل من إطلاع على شيء ، سوى إدعاءه بعلم الغيب.. وكل هذه الملاحظة زادتني كبرياء على كبرياء..
والأمر بطبيعة الحال ، أصبح يلوح بمدلول يعجز العلم عن تفسيره ..فهو يرمي  إلى أن هذا الشخص قام بعملية تقمص حدث خلالها تحويل من شخصيته إلى شخصية الزائر ليدخل بداخل نفسه ويطلع على مكنوناتها الباطنية ، ويتكلم بإسمه الخاص دون داعي ليتكلم الزائر عن نفسه.. كشأن جميع العمليات الباطنية من طرف أولياء الله الصالحين.. ولكنه الواقع الذي يختلف كثيرا عن مدلولات العقل.. ويفلت من عقول الجهلة بالأمور الروحانية..
وبينما نحن كذلك ، إذ يحمل الريح جزء من ورقة قديمة لجريدة مرسوم عليها إمراة .. الورقة مقطعة بحيث أن القطع يمر على رقبة المرأة فيوشك على قسمتها إلى إثنين..
سقطت الورقة في حجر الرجل ، فمسك بها بيد مختلجة يتأملها وهو يقول بصوت يطبعه الجد والحنان والعطف :
" مسكينة.. آه مسكينة.. حاولوا قطع رقبتها.. مسكينة.. لم يبق لها إلا شيء قليل وتنقطع رقبتها.."
وهنا قلت أنا بدوري في نفسي:
" مسكين.. لقد بلغ به المرض لدرجة مخاطبة الاشياء الجامدة كما لو كانت كائنات حية.. مسكين.. يعاني من الهلوسة والإدراك الغير سليم للواقع.. و.."
لكن سمعته يواصل حديثه في جدية تامة:
" لا بد وأن نقوم بعلاجها .."
ووضع شيئا من لعابه على الورقة محاولا إلصاقها وهو يقول:
" بسم الله الشافي.. بسم الله الرحمن الرحيم..بسم الله..بسم الله.."
ثم نسف على الورقة بالهواء من فمه فطارت بعيدة عنه..
وكنت أبتسم في غرور وكبرياء وعناد ، وأتعجب من سذاجة هذا الرجل ومرضه..
وما أن طارت الورقة من يده ، حتى وقفت سيارة بيضاء أمامنا ، نزل منها شخصان يحاولان إدخال إمرأة إلى القبة .. ولاحظت رقبتها تتدلى على كتفيها كأنها مقطوعة.. وكأنها هي التي كانت مرسومة على قطعة الجريدة .. بل وكانها هي التي كان يقوم الرجل بعلاجها..
وسمعت الرجل يقول باعلى صوته وبلهجة صارمة كأنه متأكدا مما يقول :
" لا داعي..لا داعي لإدخالها إلى القبة ، فقد عالجناها منذ قليل بإذن الله.. أرجعوا بها إلى الدار.." 
وانصاع الرجلان للأمر، بانقياد تام.. وركبا سيارتهما ، وانصرفا وكأنهما موقنين بشفاء هذه المرأة على قول رجل لا يعرفان عنه شيئا..
أما أنا ، فقد أحسست بشعور غريب.. وبدوار.. كأن الارض تميد من تحتي.. ووقفت في ذهول.. وصديقي بلقاسم ينظر إلي ويبتسم.. كأنه إنتصر على كبريائي ..
ورايت ذلك الرجل ينظر إلي مبتسما..
لم أعد أتمالك نفسي من شدة الصدمة ، ولم أستطع إخفاء دهشتي ، لم يقف في هذه اللحظة غروري وكبريائي معي.. لقد تخليا عني.. وذهبا بعيدا..
وخيل إلي أنني لم أعد أرى ذلك الرجل في صورته التي رأيته فيها..بل وكأنه شبح نوراني ، تحيطه الأنوار من كل جانب.. 
فتقدمت إليه ، في إنكسار ، ولم يعد لدي ما أملك من تلك الأفكار الفلسفية الوهمية .. وانحنيت لأقبل رأسه وأنا أقول بصوت متأثر:
" سيدي أرجو منك أن تسامحني.."
وبدا يتكلم كلاما معقولا على غير ما عرفته لأول مرة :
" لا عليك ياإبني.. العلم واسع وطويل.. والحياة كلها أسرار.. عد إلى بيتك وراجع نفسك.. سيلهمك الله علما على علم.. "
دخل الرجل إلى القبة ، بعد أن ودعنا.. ورجعنا مع الطريق مشيا على الأقدام مسافة إثني عشر كيلومتر ، دون أن أحس بشيء.. ودون أن أعلم كيف وصلت.. وذلك ربما من شدة إنغماسي في التفكير..
كنت كلما خطوت إثنين أو ثلاثة من الخطوات ألتفت ورائي جهة القبة حتى توارت علينا.. وكنت أحس أن صديقي بلقاسم يكلمني ، لكنني لم أع له قولا..
ولما وصلت إلى الدار مباشرة ، قمت بتسخين الماء فاغتسلت .. وأقمت الشهادة .. كما قمت إلى الصلاة باول ركعة في حياتي.. وأمي تنظر إلي من بعيد في تعجب واهتمام.. ولما أكملت الصلاة ، عانقتني أمي وهي تبكي ، وبكيت معها ..
ومنذ ذلك اليوم إنغرس الإيمان في قلبي وبدأت أنظر إلى الحياة بمنظار جديد .. صنعه خلفاء الله في أرضه بأدوات مصنوعة من كلمة التوحيد ..
أجل .. إنهم أولياء الله الصالحين .. الذين لا يخلو منهم زمان ولا مكان..
وسألتني أمي عن هذا التغير السريع والمفاجئ.. فأخبرتها بالقصة من حذافيرها..
وقالت بعد أن سحبت تنهيدة عميقة ، أعقبتها بالإستغفار:
" لو حكيت لك أنا ما رأيته بنفسي ، لنسيت قصتك هذه مع هذا الولي الصالح.."
وراحت تحكي لي كل يوم قصة للدرجة التي جمعت فيها مجموعة كبيرة من القصص الغريبة عن العقل .. وسوف أكتب لكم كل مرة قصة جديدة بإذن الله ..
وأأكد للقارئ الكريم أن هذه القصص واقعية ، ومن صميم الواقع .. والذي حكى لي هذه القصة لا زال على قيد الحياة وعمره الآن تجاوز الستين سنة..

جرّب ثم أحكم عن هذه التجارب...





جاء العصر الحديث ، وجاءت معه المشاكل والهموم والأمراض بمختلف أنواعها..
وواجه الإنسان هذه الأمراض مواجهة عمياء عن طريق تعاطي الأدوية التي أصبحت تشكل أكثر من نصف مصاريفه اليومية والشهرية.. وعرضته إلى أمراض أخرى لم يكن لها أي حسبان..
فما من دواء يعالج مرضا ما إلا ويخلق أمراضا أخرى لا سبيل لنا بمقاومتها ..
فهناك الكثير من الأدوية التي سحبت من الصيدليات نتيجة لآثارها السيئة على صحة الإنسان وجسمه.. وما سحبت إلا بعد أن عملت فعلتها السيئة في الجسم..
وكثيرا من أمراض العصر جاءتنا عن طريق أدوية سامة ومسممة..
ونحن لازلنا في تعاطي هذه الأدوية دون النظر لعواقبها الوخيمة.. ودون النظر إلى أن هناك بديل لهذه العلاجات..
يقول المولى عز وجل :
" وكأيّن من آية في السماوات والأرض يمرون عنها وهم عنها معرضون[1] "
فكثير جدا من الأمور الصغيرة التي لا نعطيها أي إهتمام ، في حين أننا لو تابعناها باهتمام وتركيز ، لوجدنا أنها تنطوي على أسرار قد يعجز العقل تماما عن إستعابها ولوصلت بنا إلى أبعد حدود المعرفة.. وإلى أسمى النتائج التي تخدم بني الإنسان..
فانظر إلى العالم نيوتن وكيف أنه إنطلاقا من حبة تفاح سقطت على رأسه من الأعلى إلى الأسفل ، والتي جعلته يتساءل عن سببية عدم إرتفاعها إلى الأعلى.. ومن وراء إجايته عن هذا السؤال وصل بالعلماء إلى حد غزو الفضاء والنتائج العلمية والتكنولوجية الأخرى ..
ونحن لدينا آلاف الأشياء التي نمر عليها يوميا ، لكننا لا ننتبه إليها أبدا.. ولو إنتبهنا إليها وعالجناها بالمنهج الذي دعانا الله إليه ( المنهج التجريبي) لوصلنا إلى أبعد الحدود العلمية والطبية والتكنولوجية..
أنظر مثلا كيف أن الحيوانات الثديية بما فيها القطط والكلاب ، تسمع أدق الذبذبات الصوتية ، وتتنبأ بحدوث الزلازل والبراكين بساعات قبل حدوثها..فقد يرجع ذلك إلى الشكل الخارجي لآذانها والذي يكون على شكل قمع..
جرب بنفسك قطعة من الورق أو الكارتون وشكلها على شكل مخروط أو قمع.. وقم بالتقاط الأصوات الدقيقة .. تجد ذلك صحيحا دون منازع أو ناقد.. وهو على سبيل الإيضاح فقط.. حاول تطوير تجربتك ومتابعتها للدرجة التي تصل بك إلى أبعد الحدود..
أنظر كيف أن القطط والكلاب عندما تشعر بمرض ما ، تخرج على مستوى الأرض باحثة عن نوع معين من الأعشاب لتأكلها.. دون أن نعرف نحن ما هي هذه الأعشاب.. ولو تابعناها بالكاميرا لعرفنا الحقيقة ولتأكدنا أيضا من صحة الآية السابقة..
إننا في هذه الحالة نضرب مائة عصفور بحجرة واحدة..
فقد نصل إلى شرح آية كاملة دون الإستماع لشرح بعضهم الذي يخرج في كثير من الأحيان عن النطاق المعرفي الصحيح..
ثم نتمكن من معرفة السلوك الحيواني في مواجهته للأمراض وعلاجها..
ونصل في نفس الوقت إلى إكتشاف طبي لمعالجة بعض الأمراض التي كنا نعالجها بتدمير أنفسنا..
ومن جهة أخرى نربح ورقة تؤهلنا للدخول في صف العلماء والباحثين..
والأهم هو عندما نجد أنفسنا قد دخلنا في التعامل مع الطبيعة وجها لوجه .. وهو المدخل الأول إلى مقدمة التأمل..
وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة ، بأن أول معلم بالنسبة للإنسانية هو الحيوان[2] وليس هو سقراط كما يدعون..
لم ينتبه أحدنا أبدا إلى ظاهرة غريبة تتعلق بالكلاب حينما تبحث عن عشبة معينة بالضبط فتبول عليها حيثما ما كانت.. في أي زمان وفي أي مكان..
كل الكلاب منذ نشأتها الأولى على وجه الأرض تجدها باحثة عن هذه العشبة ، فتبول عليها هي بالضبط لا غيرها.. لماذا ؟
ويتكلم الطب عن هذه العشبة بما فيها من فوائد عظيمة دون توقف.. لكن الكلاب تبول عليها.. هل من أجل إستفادتها من هذا الإجراء ؟ أم من أجل إفادة البشرية ؟ أم هناك أسباب أخرى تنتظر شبابنا الوصول إليها ؟
ألم يلاحظ أحدنا ولو مرة واحد في حياته ، كيف أن الكلاب والقطط أيام الربيع والصيف تستلقي تحت أشعة الشمس في وضعية إسترخاء غريبة ، لا يتمكن الإنسان من تطبيقها بالوجه الأصح ؟..
هذه الوضعية الطبية ، تقوم بها هذه الأنواع من الحيوانات لساعات طوال ، وكأنها تمارس عملية التأمل..
وإني لأكاد أجزم في الأمر بأن هذه الحيوانات لا تمارس هذه الوضعية في الإسترخاء إلا بعد تناولها لعشبة معينة.. وكأنها تعلم العلاقة الموجودة بين الأعشاب الطبية ، والطاقة الكونية المنبعثة في أشعة الشمس ، والوظائف الفيزيولوجية والنفسية التي تحدث أثناء عملية الإسترخاء..
إن هذا البعد الثلاثي في العلاج يعرفه الحيوان معرفة دقيقة ، ولا يعرفه الإنسان.. فنحن بطبيعة الحال ندعي المعرفة ونحن في الحظيظ الأسفل من الجهل..
فموقعنا في هذه الطبقة السفلى من الجهل ، هو الذي جعلنا ننهزم أمام آليات العصر المخيفة والمرعبة.. ولو تمالكنا أنفسنا لوجدنا أن الحلول ممكنة وهي موجودة بأيدينا من وراء تبصرنا وبصيرتنا بالموضوع..
فالله سبحانه وتعالى لم يعلم خليله ونبيه إبراهيم العلاج بالرقيا.. ولا المصارعة الوهمية مع عفاريت الجن.. ولا التخلص الوهمي من السحر.. بل علمه التأمل وكيفية العلاج به.. ليكون ذلك قدوة للباقي من البشر..
يوجد البديل بطبيعة الحال في أشياء كثيرة ، وعلى رأسها ممارسة التأمل عن دراية تامة بقواعده الكاملة..
فهناك صيدلية كاملة في التأمل من أجل علاج حالات تعجز العقاقير الطبية السيطرة عليها .. وإن كنت مرتابا في ذلك .. فجرب ثم أحكم عن هذه التجارب..
ولكي تبدأ في ممارسة هذه العلاجات الثمينة ، إبدأ أولا وقبل كل شيء بحذف أي فكرة سلبية أو وهمية من ذهنك .. واجه الواقع بالعلم لا بالأوهام .. احذف تماما من ذهنك الإيمان بالسحر أو المس الجني.. مهما كانت الأدلة لديك .. لأنها أدلة خاوية عن عروشها .. أعتق نفسك .. خلصها من الأوهام والخرافات .. أرم بعيدا تلك الأفكار السلبية التي لا أساس لها من الصحة ..
لا يغرّونك بتلك الأدلة التي يأتون بها من القرآن ، ويفسرونها على غير حقيقتها..
ثم ألغ أو أرم بعيدا أي تشخيص لحالتك المرضية.. لا تؤمن بفكرة توضح لك سبب مرضك .. دع نفسك كم لو كنت لا تعرف شيئا..
إسترخ على فراشك أو على أريكة لدقائق معدودة..
إبدأ في ممارسة أحد تمارين التأمل التي تناسب حالتك المرضية..حسب الوقت الذي يحدده لك التمرين ، كما سنصف ذلك في الصفحات القادمة..
سنقدم بمشيئة الله تمارين متنوعة ومناسبة لحالات مرضية معينة ، للدرجة التي سوف تجد فيها صيدلية كاملة.. وستتاكد من صحتها بعد القيام بتجربتها على أرض الواقع..
لكن المحور الأساسي في هذه العلاجات هو الإرادة..
إرادة المريض ورغبته في الشفاء..
ثم مدى قدرته في التخلص من الأوهام والخرافات ..
ثم إختيار الوقت المناسب للقيام بهذه التمرينات..
لقد تمكن بعضهم في الشفاء حتى من الأمراض المزمنة.. كما تمكنوا حتى من علاج الأمراض الخبيثة.. والتجربة هي الأداة الوحيدة التي تجعلك تتأكد من الصحيح أو الخطأ..
واجه الواقع بالعلم ، لا بالأوهام والتشخيصات الخاظئة..
فسيدنا موسى عليه السلام ، لم يعرف ماهو السحر ، إلا بعد أن خاض التجربة مع السحرة ، وتأكد بعدها أن السحر ما هو إلا نوع من التخيلات التي تخلق هلوسة بصرية للناظرين..
ولم يكتشف العلماء بعض الأدوية أو بعض النتائج العلمية والتكنولوجية الأخرى إلا بعد إنعكافهم في المخبر والقيام بالتجارب على أحسن وجه..
ولم يعرف الحسن بن الهيثم شيئا عن علم الضوء إلا بعد أن قام بتجارب على ذلك أوصلته لكتابة أربعة نظريات والتي أخذها ديكارت وكتبها لنفسه..
ولم يعرف الخوارزمي تلك المبادئ الرياضية واللوغاريتمات إلا بعد معانات وتجارب..
ولم يعمل العالم مندل في الوراثة ، ومورجان إلا بعد تجارب طويلة وشاقة..
وكذلك فعل أبو بكر الرازي في الطب إلى جانب ابن سينا و...
وخلاصة القول ، هو ألا نحكم على النتائج قبل أن نجرب.. فالتجربة هي الأداة الوحيدة والشريفة التي كلفنا الله بها من أجل التحقق من الأشياء..
قد يقولون لك بأن فلان مثلا سيء وليس له مبادئ وأخلاق ، يعمل كذا وكذا..
أجل.. أرم هذه السمعيات كلها من ذهنك ، وألغها جانبا.. خالطه وعاشره.. أدخل في نواياه بنفسك.. إبحث في فكره .. وستجد في النهاية عكس ما يقولون تماما..
إن هذه الفئة السلبية موجودة منذ القدم ، وهي خطيرة جدا على البشرية ، وسببت فتن كبيرة لم يسببها حتى فيروس السيدا.. فاجتنبها قدر الإمكان لكي لا تسبب لك العدوى..
وقد يقولون لك أن الفكرة كذا هي خاطئة من أساسها ، وهي كفر بحد ذاتها..
أجل.. ثم أجل .. ألغ هذه السمعيات من ذهنك وعالجها بما هو ملموس..
إنتهج بنفسك مبدأ التجريب والملامسة العقلية في كل شيء..
إستمع لقوله عز وجل :
" فتبصروا ياأولي الألباب قد أنزل الله إليكم ذكرا "
 



- سورة يوسف[1]
- راجع قصة هابيل وقابيل إبني سيدنا آدم عليه السلام[2]

الخميس، 9 أبريل 2015

بـلا ثمـن




التأمل هو ذلك الرجوع من سفر طويل ..
هو تلك الرحلة التي يقوم بها المتأمل من مكان بعيد ، قطعه جريا على الأقدام لمدة سنوات طويلة..إنه العودة من الغربة..
لقد سافر طفلا ورجع وهو شاب..أو سافر شابا ورجع كهلا ..
إنه العودة من خارج الذات إلى داخلها..
من العقل إلى القلب أو البصيرة..
من التفكير إلى اللاتفكير..
ومن المحدود إلى اللامحدود..
العودة إلى شجرة الحياة بما فيها من حياة..إلى الطبيعة..إلى الفطرة..
العودة من العقل إلى البصيرة..
وما الفرق بين العقل والبصيرة ؟
إنه يماثل الفرق بين السماء والغيوم السابحة في هذه السماء..
فالبصيرة تماثل السماء ، والعقل بأفكاره يماثل الغيوم السابحة في هذه السماء..
وأيهما أكبر وأوسع ؟
عندما تسافر خارج ذاتك جريا وراء متطلبات الدنيا وملذاتها المادية فأنت تحت تأثير العقل بأفكاره المتعبة..
وعندما تسافر داخل ذاتك جريا وراء ملذات الروح فأنت تحت قيادة البصيرة.. والبصيرة هي العقل الحقيقي للإنسان.. والحياة الحقيقية..
العقل ينتهي بمجرد ما نصرف إنتباهنا عن الشيء..
بينما البصيرة أو الإحساس يستمر تأثيرها حتى ولو صرفنا إنتباهنا عن هذا الشيء..
العقل يؤدي إلى الإجهاد والتعب العصبي والتوتر..
والإحساس أو البصيرة فتؤدي إلى الشعور بالهدوء والإطمئنان والراحة..
لو عرفنا فوائد البصيرة لبعنا ألف عقل من أجل شراء بصيرة واحدة..
لكن كيف نتحصل على البصيرة ؟
كيف نصل إلى هذه الحياة السعيدة ؟
كيف نعود من هذا السفر الطويل الشاق ؟
كيف نرجع إلى أنفسنا التي فارقناها منذ زمن طويل ؟
كيف نقوم بهذه الرحلة المعاكسة.. من خارج الذات إلى داخلها؟
وقبل أن نتعلم ذلك ، علينا أن نعلم أن الله سبحانه وتعالى دعانا إلى إستعمال العقل في مائة وسبعون آية.. بينما دعانا لاستعمال البصيرة في مائتين وسبعين آية.. بمعنى أن الله أعطى أهمية للبصيرة أكثر من العقل نظرا لما فيها من فوائد للبشرية..
وانظر إلى الآية :
" فتبصروا يا أولي الألباب "
ولكي نقوم بهذه الرحلة.. علينا أولا وقبل كل شيء أن نعرف ما هو هذا الإنسان الراحل..
هل الإنسان هو ذلك الحيوان الشهواني الذي يجري وراء الملذات ؟
هل هو ذلك الحيوان الذي يتمتع بجسمه دون روحه ؟
فالروح هي التي تقود الجسد ..والجسد يمشي تحت قيادة هذه الروح..
وإن إهتمينا بالجسد فنحن عندئذ إهملنا الروح.. وبالتالي نكون قد أهملناهما معا..
أما إذا إهتمينا بالروح ،فعندئذ نكون قد إهتمينا بهما معا..
فأنت باالروح لا بالجسم إنسان..
والجسم يحتاج منك تغذية ثمينة ومتعبة ..
أما الروح فتطلب منك تغذية بدون ثمن..لأن تغذيتها توجد في أشعة الشمس الدافئة.. ونور القمر والنجوم.. وفي النسيم العليل.. ورائحة الأزهار.. وزقزقة العصافير.. ودبيب النمل .. وصوت أجنحة الفراشات..وفي إخضرار النباتات..
وكثيرا ما توجد في رذاذ المطر..وحبيبات الثلج..وقطرات الندى..
إنها توجد في الطبيعة والإرتماء في أحضانها..
عندما نعود إلى الطبيعة.. نكون في الوقت نفسه عدنا إلى التبصر فيها..
والعودة إلى التبصر هو ذلك التدريب النموذجي على البصيرة نفسها..
وبالتدريب على البصيرة نكون قد عدنا إلى ذاتنا التي كانت مفقودة..
والعودة إلى الذات هي الحياة الحقيقية..
لأن الإنسان في هذه الحالة يعيش الحياة كما لو كان طفلا.. فيتنسم ريح البراءة التي لا توجد إلا في الأطفال..
والبراءة تعني التخلص من الشعور بالذنب..وبالتالي التخلص من جميع الإضطرابات النفسية..
إنه الشعور بالطهارة من كل ذنب لأنه فارق دنيا الملاهي والملذات الحيوانية..ودخل في ملذات أخرى أنبل وأقدس.. فيلتقي نظره مع نظر سيدنا إبراهيم عند النجوم التي كان يتأملها.. ويأكل من التمر الذي أكلت منه سيدتنا مريم عليها السلام.
أجل إنه إفترق مع الدنيا المليئة بالغش والخداع والنميمة وقول الزور .. ليعيش كالطفل ببراءته..مع الأنبياء بنظرتهم إلى الجياة.. بتلك النظرة المقدسة التي تسمو به لمعاشرة آثار الأنبياء والصالحين في هذه الحياة..
أيها القارئ
حدد نقطة السفر لانطلاقك وعودتك إلى الحياة..ورجوعك من رحلة طويلة وشاقة..
قل للغربة وداعا..
قل لدنيا المنكر ألف وداع..
إبتعد عن مشاكل العصر وما فيها من متاعب وإجهاد شاق..
إرتم في أحضان الطبيعة ولو يوما واحدا في الأسبوع..
لاحظ..وشاهد..وراقب..بكل إسترخاء وبطء وهدوء..
ستجد أن الغذاء الذي كنت تدفع فيه ثمنا باهضا..تجده بلا ثمن..
ستجد أن الأشياء التي كنت تجري وراءها دون أن تنالها ، قد أصبحت تجري وراءك دون أن تنالك..
إذهب أنت يوما واحدا إلى الطبيعة..وستأتيك هي دائما كل يوم إلى فراشك.. حيث تصبح تراها وأنت مغمض العينين.. وتلك هي البصيرة الثمينة التي تحصلت عليها بلا ثمن..
بالبصيرة تصبح ترى بلا عينين..وتسمع بلا أذنين..وتتذوق بدون لسان..وتلمس بدون يد..حيث تتولد فيك حاسة جديدة أقوى من كل الحواس..وتنال بفضلها مالم تكتسبه من قبل حينما كنت تجري إلى حيث لا فائدة ولا رأس مال..حينما كنت مسافرا وأنت لا تدري إلى أين..
إنك سوف تلتقي مع نفسك لأول مرة..
ستجد الغذاء الكامل لجسمك ونفسك وروحك بلا ثمن.. وبدون أي مجهود..
ستكتسب معارف وتقنيات جديدة للتعامل مع الحياة دون أي جهد أو عناء..
وستتعلم كيفية التخاطر(المخاطبة عن بعد)..عن طريق تنمية البصيرة فيك..
وتتعلم التأثير على الطبيعة والبشر بدون سحر..
وستنقاد الناس إليك بالمحبة والإحترام الكامل..
أجل..كل هذا بلا ثمن..

الدعـاء الشامـل




إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم إني أسألك يا أول الأولين ويا آخر الآخرين ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، اللهم بحق لا إله إلا الله وعزته ،وبحق العرش وعظمته ، وبحق الكرسي و سعته ، وبحق الصراط ورقته ، وبحق الميزان وخفته وبحق اللوح وحفظته ، وبحق القلم وجريته ، وبحق جبريل وأمانته ، وبحق ميكائيل وديانته ، وبحق إسرائيل ونفخته ، وبحق عزرائيل وقبضته ، وبحق رضوان وجنته ، وبحق مالك وزبانيته ، وبحق آدم وصفوته ، وبحق شيث ونبوته ، وبحق نوح وسفينته ، وبحق إبراهيم وخلته ، وبحق إسحاق وذبحته ، وبحق يعقوب وحسرته ، وبحق أيوب وبلوته ، وبحق يوسف وغربته ، وبحق صالح وناقته ، وبحق سليمان ومملكته ، وبحق لوط وجيرته ، وبحق الخضر وسياحته ، وبحق لقمان وحكمته ، وبحق شعيب وإبنته ، وبحق عيسى وكرامته ، وبحق سيدنا محمد ( ص) وشفاعته ، وبحق القرآن العظيم وتلاوته ، وبحق العلم الشريف ودراسته ، وبحق أبي بكر الصديق وخلافته ، وبحق عمر ابن الخطاب وفاروقيته ، وبحق عثمان بن عفان وعفته ، وبحق علي بن أبي طالب وشجاعته ، وبحق الحسن وعفته ، وبحق حمزة وشهادته ، وبحق العباس ومؤتته ، وبحق أصحاب رسول الله (ص) وجهادهم ، وبحق التابعين وتابعهم ، وبحق تابعيهم وفضيلتهم ، وبحق الأئمة الأربعة المجتهدين وأمانتهم ، والعلماء العاملين وديانتهم ، وبحق السادات المكرمين وشرفهم ، أسألك يا الله ياالله ياالله أن ................... بحق سورة الفاتحة ، عليك يا رب وأسألك بحق سورة البقرة ، عليك يا رب وأسألك بحق سورة آل عمران ، عليك يا رب وأسألك بحق سورة النساء ، عليك يارب وأسألك بحق سورة المائدة ، عليك يارب وأسألك سورة الأنعام ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الأعراف ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الأنفال ، عليك يارب وأسألك بحق سورة التوبة ، عليك يارب وأسألك بحق سورة يونس ، عليك يارب وأسألك بحق سورة هود ، عليك يارب وأسألك بحق سورة يوسف ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الرعد ، عليك يارب وأسألك بحق سورة إبراهيم ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الحجر ، عليك يارب وأسألك بحق سورة النحل ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الإسراء ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الكهف ، عليك يارب وأسألك بحق سورة مريم ، عليك يارب وأسألك بحق سورة طه ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الأنبياء ، عليك يارب وأسألك بحق سورة المؤمنون ، عليك يارب وأسألك بحق سورة النور ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الفرقان ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الشعراء ، عليك يارب وأسألك بحق سورة النمل ، عليك يارب وأسألك بحق سورة القصص ، عليك يارب وأسألك بحق سورة العنكبوت ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الروم ، عليك يارب وأسألك بحق سورة لقمان ، عليك يارب وأسألك بحق سورة السجدة ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الأحزاب ، عليك يارب وأسألك بحق سورة سبأ ، عليك يارب وأسألك بحق سورة فاطر ، عليك يارب وأسألك بحق سورة يس ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الصافات ، عليك يارب وأسألك بحق سورة ص ، عليك يارب وأسألك بحق سورة تنزيل ، عليك يارب وأسألك بحق سورة غافر ، عليك يارب وأسألك بحق سورة فصلت ، عليك يارب وأسألك بحق سورة شورى ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الزخرف ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الدخان ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الجاثية ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الأحقاف ، عليك يارب وأسألك بحق سورة القتال ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الفتح ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الحجرات ، عليك يارب وأسألك بحق سورة ق ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الذاريات ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الطور ، عليك يارب وأسألك بحق سورة النجم ، عليك يارب وأسألك بحق سورة القمر ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الرحمن ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الواقعة ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الحديد ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الحشر ، عليك يارب وأسألك بحق سورة ن ، عليك يارب وأسألك بحق سورة المجادلة ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الممتحنة ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الصف ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الجمعة ، عليك يارب وأسألك بحق سورة المنافقون ، عليك يارب وأسألك بحق سورة التغابن ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الطلاق ، عليك يارب وأسألك بحق سورة التحريم ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الملك ، عليك يارب وأسألك بحق سورة القلم ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الحاقة ، عليك يارب وأسألك بحق سورة المعارج ، عليك يارب وأسألك بحق سورة نوح ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الجن ، عليك يارب وأسألك بحق سورة المزمل ، عليك يارب وأسألك بحق سورة المدثر ، عليك يارب وأسألك بحق سورة القيامة ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الدهر، عليك يارب وأسألك بحق سورة ن ، عليك يارب وأسألك بحق سورة المرسلات ، عليك يارب وأسألك بحق سورة النبأ ، عليك يارب وأسألك بحق سورة النازعات ، عليك يارب وأسألك بحق سورة عبس ، عليك يارب وأسألك بحق سورة التكوير ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الإنفطار ، عليك يارب وأسألك بحق سورة التطفيف ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الإنشقاق ، عليك يارب وأسألك بحق سورة البروج ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الطارق ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الأعلى ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الغاشية ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الفجر ، عليك يارب وأسألك بحق سورة البلد ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الشمس ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الليل ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الضحى ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الإنشراح ، عليك يارب وأسألك بحق سورة التين ، عليك يارب وأسألك بحق سورة العلق ، عليك يارب وأسألك بحق سورة القدر ، عليك يارب وأسألك بحق سورة البينات ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الزلزلة ، عليك يارب وأسألك بحق سورة العاديات ، عليك يارب وأسألك بحق سورة القارعة ، عليك يارب وأسألك بحق سورة التكاثر ، عليك يارب وأسألك بحق سورة العصر ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الهمزة ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الفيل ، عليك يارب وأسألك بحق سورة قريش ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الماعون ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الكوثر، عليك يارب وأسألك بحق سورة الكافرون ، عليك يارب وأسألك بحق سورة النصر ، عليك يارب وأسألك بحق سورة المسد ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الإخلاص ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الفلق ، عليك يارب وأسألك بحق سورة الناس ، عليك يا رب وأسألك بحق السبع المثاني والقرآن العظيم وبحق الأنبياء و المرسلين ، وبحق الملائكة المقربين ، وبحق حملة العرش المتطهرين ، وبحق الشهداء الصالحين ، وبحق أهل طاعتك أجمعين ، من أهل السماوات وأهل الأرضين ، وبحق الأسماء التي دعاك بها سيدنا أيوب عليه السلام فكشفت مابه من ضر وآتيته أهله ومثلهم معهم ، وبحق الاسماء التي دعاك بها سيدنا عيسى عليه السلام فكان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله ، وبحق الأسماء التي دعاك بها سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فأعطيته السبع المثاني و القرآن العظيم ، وبحق كل إسم هم لك أنزلته في كتبك ، واستأثرت به في علم الغيب عندك ، أوعلمته أحدا من خلقك ، وبحق الإسم الذي كتب على ورق الزيتون وألقى في النار فأحرقت الخضرة وتعلقت الأسماء بالقدرة ، وبحق الملك الذي خلقت نصفه من ثلج ونصفه من نار فلا النار تذيب الثلج ولا الثلج يطفئ النار وهو يقول بلسان الإقتدار يا من ألفت بين الثلج والنار ألف بين قلوب عبادك المؤمنين الأخيار . أسألك اللهم في ما أودعته من أسرار في هذا الدعاء الشريف أن..................................إنك على كل شيء قدير وبالإجابة جدير وصلي اللهم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.