جاء
العصر الحديث ، وجاءت معه المشاكل والهموم والأمراض بمختلف أنواعها..
وواجه
الإنسان هذه الأمراض مواجهة عمياء عن طريق تعاطي الأدوية التي أصبحت تشكل أكثر من
نصف مصاريفه اليومية والشهرية.. وعرضته إلى أمراض أخرى لم يكن لها أي حسبان..
فما
من دواء يعالج مرضا ما إلا ويخلق أمراضا أخرى لا سبيل لنا بمقاومتها ..
فهناك
الكثير من الأدوية التي سحبت من الصيدليات نتيجة لآثارها السيئة على صحة الإنسان
وجسمه.. وما سحبت إلا بعد أن عملت فعلتها السيئة في الجسم..
وكثيرا
من أمراض العصر جاءتنا عن طريق أدوية سامة ومسممة..
ونحن
لازلنا في تعاطي هذه الأدوية دون النظر لعواقبها الوخيمة.. ودون النظر إلى أن هناك
بديل لهذه العلاجات..
يقول
المولى عز وجل :
"
وكأيّن من آية في السماوات والأرض يمرون عنها وهم عنها معرضون[1]
"
فكثير
جدا من الأمور الصغيرة التي لا نعطيها أي إهتمام ، في حين أننا لو تابعناها
باهتمام وتركيز ، لوجدنا أنها تنطوي على أسرار قد يعجز العقل تماما عن إستعابها
ولوصلت بنا إلى أبعد حدود المعرفة.. وإلى أسمى النتائج التي تخدم بني الإنسان..
فانظر
إلى العالم نيوتن وكيف أنه إنطلاقا من حبة تفاح سقطت على رأسه من الأعلى إلى
الأسفل ، والتي جعلته يتساءل عن سببية عدم إرتفاعها إلى الأعلى.. ومن وراء إجايته
عن هذا السؤال وصل بالعلماء إلى حد غزو الفضاء والنتائج العلمية والتكنولوجية
الأخرى ..
ونحن
لدينا آلاف الأشياء التي نمر عليها يوميا ، لكننا لا ننتبه إليها أبدا.. ولو
إنتبهنا إليها وعالجناها بالمنهج الذي دعانا الله إليه ( المنهج التجريبي) لوصلنا
إلى أبعد الحدود العلمية والطبية والتكنولوجية..
أنظر
مثلا كيف أن الحيوانات الثديية بما فيها القطط والكلاب ، تسمع أدق الذبذبات
الصوتية ، وتتنبأ بحدوث الزلازل والبراكين بساعات قبل حدوثها..فقد يرجع ذلك إلى
الشكل الخارجي لآذانها والذي يكون على شكل قمع..
جرب
بنفسك قطعة من الورق أو الكارتون وشكلها على شكل مخروط أو قمع.. وقم بالتقاط
الأصوات الدقيقة .. تجد ذلك صحيحا دون منازع أو ناقد.. وهو على سبيل الإيضاح فقط..
حاول تطوير تجربتك ومتابعتها للدرجة التي تصل بك إلى أبعد الحدود..
أنظر
كيف أن القطط والكلاب عندما تشعر بمرض ما ، تخرج على مستوى الأرض باحثة عن نوع
معين من الأعشاب لتأكلها.. دون أن نعرف نحن ما هي هذه الأعشاب.. ولو تابعناها
بالكاميرا لعرفنا الحقيقة ولتأكدنا أيضا من صحة الآية السابقة..
إننا
في هذه الحالة نضرب مائة عصفور بحجرة واحدة..
فقد
نصل إلى شرح آية كاملة دون الإستماع لشرح بعضهم الذي يخرج في كثير من الأحيان عن
النطاق المعرفي الصحيح..
ثم
نتمكن من معرفة السلوك الحيواني في مواجهته للأمراض وعلاجها..
ونصل
في نفس الوقت إلى إكتشاف طبي لمعالجة بعض الأمراض التي كنا نعالجها بتدمير
أنفسنا..
ومن
جهة أخرى نربح ورقة تؤهلنا للدخول في صف العلماء والباحثين..
والأهم
هو عندما نجد أنفسنا قد دخلنا في التعامل مع الطبيعة وجها لوجه .. وهو المدخل
الأول إلى مقدمة التأمل..
وقد
أخبرنا الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة ، بأن أول معلم بالنسبة للإنسانية هو
الحيوان[2]
وليس هو سقراط كما يدعون..
لم
ينتبه أحدنا أبدا إلى ظاهرة غريبة تتعلق بالكلاب حينما تبحث عن عشبة معينة بالضبط
فتبول عليها حيثما ما كانت.. في أي زمان وفي أي مكان..
كل
الكلاب منذ نشأتها الأولى على وجه الأرض تجدها باحثة عن هذه العشبة ، فتبول عليها
هي بالضبط لا غيرها.. لماذا ؟
ويتكلم
الطب عن هذه العشبة بما فيها من فوائد عظيمة دون توقف.. لكن الكلاب تبول عليها..
هل من أجل إستفادتها من هذا الإجراء ؟ أم من أجل إفادة البشرية ؟ أم هناك أسباب
أخرى تنتظر شبابنا الوصول إليها ؟
ألم
يلاحظ أحدنا ولو مرة واحد في حياته ، كيف أن الكلاب والقطط أيام الربيع والصيف
تستلقي تحت أشعة الشمس في وضعية إسترخاء غريبة ، لا يتمكن الإنسان من تطبيقها
بالوجه الأصح ؟..
هذه
الوضعية الطبية ، تقوم بها هذه الأنواع من الحيوانات لساعات طوال ، وكأنها تمارس
عملية التأمل..
وإني
لأكاد أجزم في الأمر بأن هذه الحيوانات لا تمارس هذه الوضعية في الإسترخاء إلا بعد
تناولها لعشبة معينة.. وكأنها تعلم العلاقة الموجودة بين الأعشاب الطبية ، والطاقة
الكونية المنبعثة في أشعة الشمس ، والوظائف الفيزيولوجية والنفسية التي تحدث أثناء
عملية الإسترخاء..
إن
هذا البعد الثلاثي في العلاج يعرفه الحيوان معرفة دقيقة ، ولا يعرفه الإنسان..
فنحن بطبيعة الحال ندعي المعرفة ونحن في الحظيظ الأسفل من الجهل..
فموقعنا
في هذه الطبقة السفلى من الجهل ، هو الذي جعلنا ننهزم أمام آليات العصر المخيفة
والمرعبة.. ولو تمالكنا أنفسنا لوجدنا أن الحلول ممكنة وهي موجودة بأيدينا من وراء
تبصرنا وبصيرتنا بالموضوع..
فالله
سبحانه وتعالى لم يعلم خليله ونبيه إبراهيم العلاج بالرقيا.. ولا المصارعة الوهمية
مع عفاريت الجن.. ولا التخلص الوهمي من السحر.. بل علمه التأمل وكيفية العلاج به..
ليكون ذلك قدوة للباقي من البشر..
يوجد
البديل بطبيعة الحال في أشياء كثيرة ، وعلى رأسها ممارسة التأمل عن دراية تامة
بقواعده الكاملة..
فهناك
صيدلية كاملة في التأمل من أجل علاج حالات تعجز العقاقير الطبية السيطرة عليها .. وإن
كنت مرتابا في ذلك .. فجرب ثم أحكم عن هذه التجارب..
ولكي
تبدأ في ممارسة هذه العلاجات الثمينة ، إبدأ أولا وقبل كل شيء بحذف أي فكرة سلبية
أو وهمية من ذهنك .. واجه الواقع بالعلم لا بالأوهام .. احذف تماما من ذهنك
الإيمان بالسحر أو المس الجني.. مهما كانت الأدلة لديك .. لأنها أدلة خاوية عن
عروشها .. أعتق نفسك .. خلصها من الأوهام والخرافات .. أرم بعيدا تلك الأفكار السلبية
التي لا أساس لها من الصحة ..
لا
يغرّونك بتلك الأدلة التي يأتون بها من القرآن ، ويفسرونها على غير حقيقتها..
ثم
ألغ أو أرم بعيدا أي تشخيص لحالتك المرضية.. لا تؤمن بفكرة توضح لك سبب مرضك .. دع
نفسك كم لو كنت لا تعرف شيئا..
إسترخ
على فراشك أو على أريكة لدقائق معدودة..
إبدأ
في ممارسة أحد تمارين التأمل التي تناسب حالتك المرضية..حسب الوقت الذي يحدده لك
التمرين ، كما سنصف ذلك في الصفحات القادمة..
سنقدم
بمشيئة الله تمارين متنوعة ومناسبة لحالات مرضية معينة ، للدرجة التي سوف تجد فيها
صيدلية كاملة.. وستتاكد من صحتها بعد القيام بتجربتها على أرض الواقع..
لكن
المحور الأساسي في هذه العلاجات هو الإرادة..
إرادة
المريض ورغبته في الشفاء..
ثم
مدى قدرته في التخلص من الأوهام والخرافات ..
ثم
إختيار الوقت المناسب للقيام بهذه التمرينات..
لقد
تمكن بعضهم في الشفاء حتى من الأمراض المزمنة.. كما تمكنوا حتى من علاج الأمراض
الخبيثة.. والتجربة هي الأداة الوحيدة التي تجعلك تتأكد من الصحيح أو الخطأ..
واجه
الواقع بالعلم ، لا بالأوهام والتشخيصات الخاظئة..
فسيدنا
موسى عليه السلام ، لم يعرف ماهو السحر ، إلا بعد أن خاض التجربة مع السحرة ،
وتأكد بعدها أن السحر ما هو إلا نوع من التخيلات التي تخلق هلوسة بصرية للناظرين..
ولم
يكتشف العلماء بعض الأدوية أو بعض النتائج العلمية والتكنولوجية الأخرى إلا بعد
إنعكافهم في المخبر والقيام بالتجارب على أحسن وجه..
ولم
يعرف الحسن بن الهيثم شيئا عن علم الضوء إلا بعد أن قام بتجارب على ذلك أوصلته
لكتابة أربعة نظريات والتي أخذها ديكارت وكتبها لنفسه..
ولم
يعرف الخوارزمي تلك المبادئ الرياضية واللوغاريتمات إلا بعد معانات وتجارب..
ولم
يعمل العالم مندل في الوراثة ، ومورجان إلا بعد تجارب طويلة وشاقة..
وكذلك
فعل أبو بكر الرازي في الطب إلى جانب ابن سينا و...
وخلاصة
القول ، هو ألا نحكم على النتائج قبل أن نجرب.. فالتجربة هي الأداة الوحيدة
والشريفة التي كلفنا الله بها من أجل التحقق من الأشياء..
قد
يقولون لك بأن فلان مثلا سيء وليس له مبادئ وأخلاق ، يعمل كذا وكذا..
أجل..
أرم هذه السمعيات كلها من ذهنك ، وألغها جانبا.. خالطه وعاشره.. أدخل في نواياه
بنفسك.. إبحث في فكره .. وستجد في النهاية عكس ما يقولون تماما..
إن
هذه الفئة السلبية موجودة منذ القدم ، وهي خطيرة جدا على البشرية ، وسببت فتن
كبيرة لم يسببها حتى فيروس السيدا.. فاجتنبها قدر الإمكان لكي لا تسبب لك العدوى..
وقد
يقولون لك أن الفكرة كذا هي خاطئة من أساسها ، وهي كفر بحد ذاتها..
أجل..
ثم أجل .. ألغ هذه السمعيات من ذهنك وعالجها بما هو ملموس..
إنتهج
بنفسك مبدأ التجريب والملامسة العقلية في كل شيء..
إستمع
لقوله عز وجل :
"
فتبصروا ياأولي الألباب قد أنزل الله إليكم ذكرا "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق