اعلان

الأحد، 5 أبريل 2015

الحظرة عند أهل التصوف



                                       
يقوم أهل " الحظرة " بطقوس يتم فيها إعلاء ذكر الله والصلاة على نبيه ، وبعض المدائح الدينية ، بطرق فنية رائعة يتم فيها القيام بحركات تشبه الرقص في مضمونها .. لساعات طوال وفي مناسبات معينة كمناسبة المولد النبوي الشريف...
وهذه الطقوس التي يقومون بها ، تعتمد على مفاهيم علمية أورتوفونية عميقة المفهوم.. ولا يمكنها إلا أن تكون مستمدة من القرآن الكريم ، الذي يشرح الجهاز الصوتي والمفهوم الأورطوفوني شرحا دقيقا لا يمكن فهمه إلا من وراء المفهوم الباطني للقرآن الذي ظل ولا يزال مختفيا بألف غطاء..
فالاصوات تنطلق من الجهاز الصوتي وفقا لمفاهيم أورتوفونية دقيقة طرحت في القرآن في شكلها الباطني شكلا واضحا..
فهناك الصوت الذي ينطلق من الصدر وهو ما يسمى في الأورطوفونيا بالأصوات أو الحروف الصدرية..
وهناك الأصوات التي تنطلق من الحنجرة وتسمى بالأصوات الحلقية..
ومن الأصوات من تنطلق من داخل تجويف الفم وتسمى بالأصوات اللثوية..
ومنه أخيرا ما ينطلق من إنطباق الشفتين بصورة ساكنة وتسمى بالأصوات الشفوية..
والتدريب على القيام بهذه الأصوات يتطلب دراية ومهارة عالية ويأخذ وقتا طويلا قد يستغرق عدة شهور أو سنوات.. خصوصا وأن إصدار هذه الأصوات لابد وأن يتناسب مع الحركات التي يقوم بها الجسم الشبيهة بالرقص ، كدلالة على ما يوجد بين الجسم والعقل من علاقة موحدة .. وحتى هذه الحركات التي يقوم بها الجسم في شكلها المتناسب مع الموجات الصوتية المنطلقة وفقا لقواعد أورتوفونية ليس من السهل على القيام بها إلا بعد تدريب طويل وشاق..
 وعلاوة على ذلك فهي لا تنطق بغير ذكر الله والصلاة على رسوله.. مقابل أن غير المسلمين الذين يقومون بها في الخارج ، كالولايات المتحدة والهند والصين ... يقومون بإصدار أصوات تشبه عواء الذئاب ، ومواء القطط ، ونباح الكلاب و.. ولكن وفقا لقواعدها العلمية الأورطوفونية..
لكن أهل الصوفية ، وبدلا من إستعمالهم لهذه الأصوات المقلدة للحيوانات .. إستعملوا ذكر الله والصلاة على نبيه ، لتكون نتيجة الحظرة عميقة المفهوم .. فقد ينطلق صوت الله من حناجر المؤمنين الذين إستمدوا تعاليمهم من كتاب الله لا غير .. بشكل فني هادف لاستجلاء ما وراء الحس البشري ..
والعلم الحديث يثبت أن القيام بهذه الأصوات في شكلها المضبوط علميا ، والمتناسبة مع الحركات التي يقوم بها الجسم كما لو كان يوحي بازدواجية الجسم والروح.. أو بالأحرى القيام بهذه الأعمال الفنية الرائعة والمعقدة إنما له جانب علاجي عميق لمختلف الإعراض التي تطرأ على الحنجرة والصدر بما فيها الأورام السرطانية .. وهو ما يسمى بتنظيف الحنجرة[1]..
فالأعراض التي تظهر على مستوى الحنجرة عموما لها سابق الإستعداد للإصابة بهذه الأعراض ، منذ الطفولة الأولى لدى الإنسان.. بمعنى أن الطفل الذي يشعر أثناء طفولته بوجود حقوق مهضومة من طرف الوالدين ، خاصة الإناث حينما يشعرن بالظلم والحرمان ، والشعور بتفضيل الذكور ربما على الإناث بصورة مبالغ فيها ، والشعور بالإهمال.. مع شعوره أيضا بعدم قدرته على مواجهة الأبوين في هذا الموضوع نتيجة للخوف من جهة ، ومن جهة أخرى بسبب الحاجز المقدس الذي يمنعه من المواجهة ، مما يجعل هذا الطفل يكبت هذه المشاعر ويسقطها في المجال اللاشعوري ..
والإضطراب في هذه الحالة عند الظروف المواتية لذلك يذهب إلى مركز التعبير بما فيه من إضطرابات في الحنجرة لا ينفع معها الدواء شيئا..عدا العلاجات النفسية قد تكون تمارين تنظيف الحنجرة في مقدمتها النهائية والحظرة هي الشكل الأسمى من هذه المقدمة.. 
فكيف إستطاع أهل الصوفية من الإطلاع على هذا السر العظيم إن لم تكن الحالة التي يسمونها بالمكاشفة الباطنية ؟
إن العلم الحديث وفي مقدمته القرآن يقوم على إعتبار أن جميع الأمراض النفسية والجسدية والروحية على إختلاف أنواعها إنما ترجع إلى الإستعداد للإصابة بهذه الأمراض.. وما دور الميكروب أو الفيروس إلا دور متأخر من العملية حيث يجد منطقة الإستعداد جاهزة.. والقضاء على هذا الإستعداد يتم بمواصفات روحية والحضرة في مقدمتها..
ويرى بعضهم أن هذه بدعة.. في أننا لا نعلم أبدا أن السنة تتعارض مع العلم أو الطب إطلاقا.. بل أن مصدر العلم والطب هو السنة النبوية الشريفة ..
إنه ليس من السهل أبدا أن نحلل أو نحرم..
وليس من السهل أن نحكم بالظلالة وغير الظلالة ..
 والبدعة وغير البدعة ..
 بل أن الأمر يتطلب دراية واسعة حينما نحكم على الموضوع بمنهجية كاملة ومن جميع الجوانب ، بحيث يكون الجواب عبارة عن خيط متماسك الحلقات ولا تناقض فيه..
وعلى سبيل المثال ، حينما نريد مناقشة أية فكرة .. يجب مراعاة المنهج الطارح للفكرة والمعالج لها بكل حذر ، لكي لا نمس الجانب المنطقي فيه.. وعند ذلك يترتب علينا طرح الموضوع من جوانب مختلفة ، ومن زوايا معينة ..
فهل نناقش الفكرة من الجانب الأيديولوجي ؟
أم من الجانب الأنتربولوجي ؟
أم من الجانب السايكولوجي ؟
أم من الجانب السوسيولوجي ؟
أم الجانب البيولوجي ؟
 ام الفيزيولوجي ؟
 أم المورفولوجي ؟
أم.....؟
 والنتيجة التي نتوصل إليها من وراء حكم ما ، يجب أن تكون نفس النتيجة التي نتوصل إليها من وراء الحكم الآخر.. وتلك هي السنة النبوية في معناها الحقيقي.. لأن السنة هي تلك الأحكام العامة التي جاء بها الرسول ، وليست الأحكام المتعلقة بالجانب الشرعي فقط .. وهي ذلك العلم الكامل والمتكامل مع جميع الفروع العلمية والتي تتماشى جنبا إلى جنب مع السنة.. وإن حدث تناقض فالرسول بريء مما يقولون..
وعليه فالحظرة هي جسم ذو وجهين ، الوجه الأول منها يكشف عن مفاهيم علمية دقيقة تستوفي الإنسان الخلاص من أعراض مرضية تعجز العقاقير عن علاجها..
والوجه الثاني منها يفتح حلقة للذكر والمذاكرة لأسماء الله والصلاة على نبيه..
والظاهرة العلمية تفتح دائما ثغرة واسعة للنقاش..
فيراها البعض من الزاوية العلمية.. بينما يراها البعض الآخر في أنها إما سحر أو بدعة أو ضلالة..
ولا يمكن لكلام الله في أي مجلس كان أن يكون بدعة.. طبقا لحديث النبي (ص) :
 " ما من مجلس علم إلا وحافته الملائكة" .
 وفي حديث آخر :
 " إن الشيطان لا يدخل بيتا ذكر فيه بسم الله الرحمن الرحيم "..
وفي الحظرة لا يوجد إلا ذكر الله والصلاة على نبيه ، والمدائح النبوية.. أو مدائح تتعلق بأولياء الله الصالحين.




[1] - سوف تجدون هذا الموضوع بالتفصيل في الصفحات الخاصة بالتأمل

ليست هناك تعليقات: