إن آخر ما وصل إليه التنويم المغناطيسي ، على
يد علماء أكفاء.. هوتلك التجربة التي يقوم
فيها المنوم بتمديد المريض على طاولة العلاج ، أو على الأريكة .. حيث يضع طاولة
أخرى على بعد خمسة أمتار منه وعليها ورقة وقلم .
وبعد أن ينوّم الطبيب ذلك الشخض لدرجة
السبات[1] ..
يأمره بكتابة عبارة ما..
أي يأمر ذلك الشخص الواقع تحت تأثير التنويم
المغناطيسي ، أن يكتب العبارة التي يقولها
له على تلك الورقة الموضوعة على الطاولة ،
والتي هي على بعد خمسة أمتار منه ، دون أن يمسك القلم..
وعند ذلك ينتصب القلم فوق الورقة ويكتب
العبارة المطلوبة بكاملها ثم يعود إلى وضعه الأول.
والجدير بالذكر ، أن القلم يكتب العبارة
المطلوبة ، بنفس السرعة أو البطء الذي يتمتع بها الشخص النائم ، وبنفس الغلطات
الإملائية إن وجدت ، وكذلك نفس نوعية الخط .. كأن الذي يكتب في هذه العبارة هو
الشخص نفسه الواقع تحت تأثير التنويم المغناطيسي.
وقد راح الدجالون في تفسير هذه الظاهرة على
إعتبارها كعادتهم بأنها من عمل الجن الذي يقوم بمثل هذه الظواهر الغريبة .. وذهب
بعضهم إلى مفهوم القرين..
إنه بطبيعة الحال النزعة التي تفسر الظواهر
العلمية بالرجوع إلى السحر.. وبالرجوع إلى الشيطان.. فيقولون أن هذه مبادرة سحرية أو
شيطانية من عمل الجن أو القرين..
غير أن رد هؤلاء العلماء القائمين بالتجربة
، كان ردا منطقيا ، يتوفر على الأحكام العلمية الموضوعية ، وإلغاء الأحكام الذاتية
جانبا ، ويعتمد على الحجة الملموسة والبرهان الساطع الذي
لا يختلف عنده إثنان..
لقد رد هؤلاء العلماء بأن الشيطان لا يكتب
أبدا آية الإيمان وهي :
"بسم الله الرحمن الرحيم"
وإن كتبت فإن ذلك يعني بأنها خارج مبادرة
الشيطان دون ريب في ذلك..
وأعاد العلماء التجربة ، تحت الأمر بكتابة
آية الإيمان المذكورة.. فانتصب القلم ليكتبها كاملة دون أي تردد ، فكتب :
" بسم الله الرحمن الرحيم "
وهذه الحجة الساطعة أبطلت المفهوم السحري ،
وأعطت الإمكانية في التفسير العلمي للظاهرة ، وفقا لما نص عليه القرآن الكريم في
مائة وسبعون آية دون جدال.
واجتهد العلماء في تفسير الحادثة القائمة
وفقا لتلك التجربة ملموسة ، يرجعون فيها إلى أن الذي حدث هو قوة التركيز الشديدة
التي يبعثها المنوم في الشخص حيث تنطلق قوة أثيرية[2]
تعمل على القيام بالظاهرة.. وهي ربما التي أشار إليها القرآن الكريم في الآية :
" أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له
نورا يمشي به في الناس "
والنور الذي أشار إليه سبحانه وتعالى قد
يكون ربما هو تلك القوة الأثيرية التي تنطلق من جسمه وفقا لنقاط معينة ، أهمها تلك
التي تنطلق من الجهاز العصبي الذي يعتبر كوسيط بين الجسم والروح.
ويقوم العلماء في بقاع العالم بالتأكد من
هذا التفسير عن طريق مجموعة من التجارب والتي توحي لحد الآن بصحة مفعول الأثير
المنطلق من جسم الإنسان ، ومنه عملية الإسقاط النجمي أو الخروج من الجسد أو السفر
الروحي..
وقد أشار سبحانه وتعالى في قصة سيدنا سليمان
عليه السلام مع ملكة سبأ[3] ..
حيث يقوم الهدهد الذي كان في مخابراته العسكرية ، بتبرير غيابه عن طريق التأكد من
إمرأة كانت تتملك قوما وتتولى شؤونهم ، لكنهم كانوا يعبدون الشمس من دون الله ،
كما في الآية :
"... وجدتها وقومها يسجدون للشمس من
دون الله...".
وبالإختصار ، كتب إليها سليمان عليه السلام
رسالة من أجل هدايتها إلى الصراط المستقيم ، وأرسلها مع نفس الهدهد الذي يعمل في
مخابراته العسكرية ، لكنها قررت أن ترشيه بهدية من ذهب ، مما أقلق سيدنا سليمان ،
وطالب بالمجيء بعرشها في أسرع وقت..
وعند ذلك قام عفريت من الجن يعرض
قوته وسرعته أمام النبي سليمان عليه السلام
والتي لم ترضيه بطبيعة الحال لأنها لا
تتناسب مع الظرف المطلوب.. كما جاء ذلك واضحا في الآية :
" قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل
أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين "
وأظن أن هذا كافي للقارئ الكريم في أن يعلم
ويتأكد في أن سرعة الجن باءت بالفشل أمام الملك سليمان..
وهو ما يعني أن الإمكانيات السحرية التي
يروّجها بعضهم إنتهت بالإخفاق التام بدليل رفض سليمان لها نتيجة لعدم قدرتها على
حل المشكل الراهن في الظرف المطلوب.
وعند ذلك قام أحدهم الذي عنده علم من
الكتاب يقترح على النبي سليمان عليه السلام أن يأت بها قبل لمحة البصر .. أي
بسرعة الضوء ..
ولم ينتظر هذا المبادر الرد من النبي سليمان
حتى كان عرشها أمامه بنفس السرعة المطلوبة.. كما جاء ذلك واضحا في الآية دون جدال
:
" قال الذي عنده علم من الكتاب
، أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ، فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي
ليبلوني أأشكر أم أكفر، ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ، ومن كفر لفإن ربي غني كريم
"
ومن الواضح للقارئ ، أن الإمكانيات
العلمية تجاوزت الإمكانيات السحرية بصورة لا جدال فيها..
ومن الواضح أيضا أن الإمكانيات العلمية التي
جاء بها القرآن الكريم ..
تغلبت على الإمكانيات السحرية التي جاء بها
الكتاب المحرف من التوراة..
ومن الواضح أن القرآن تكلم عن العلم في 170
آية..
وتكلم عن التأمل في 270 آية..
بينما لم يتكلم عن السحر إلا في 63 آية..
وفوق ذلك قال عن السحر بأنه أوهام ومخادعة
للبصر تتم عن طريق التأثير في قوة التخيلات ولا علاقة لها بالواقع ،
وهو ما جاء واضحا في الآية :
"... فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من
سحرهم أنها تسعى..."[4]
ومن وراء هذه القصة ، نتساءل عن ماهية هذا
العلم الذي قال به الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم..
إنه دون شك أوريب ذلك العلم الذي يتم
بمداخلة الروح..
وهذه الروح تستمد قوتها من علم البصيرة..
وهذه البصيرة تستمد قوتها من عمق مفهوم
التأمل الذي نزل في 270 آية من القرآن الكريم.
فبفضل التأمل ، وعلم البصيرة ، واليوغا
بمختلف فروعها ، والكارما ، والمفاهيم الصوفية .. توصل العلماء إلى إمكانيات خارقة
في ما يقومون به من تأثير في الطبيعة ومعاكسة قوانينها ، والخروج عن الجسد ،
والقيام بسياحة في ظرف ثوان ، كما ظهر ذلك واضحا في ما يسمى بالإسقاط النجمي..
على أننا نشير إلى القارئ الكريم ، بأن أهل
الصوفية جاءونا بهذه الحقائق قبل أن ينتبه العالم إليها..
هؤلاء الصوفية الذين كافأناهم مقابل
إنجازاتهم العلمية برميهم بالشرك والكفر والشعوذة .. في حين تلقت الفئة الأخرى من
أهل اليوغا والكارما والتأمل ، مقابل إنجازاتهم العلمية بجوائز عظيمة ومكافآت
شرفية.. مع أن أهل التصوف أشرف منهم بكلمة التوحيد .
وهل هذا هو جزاء علمائنا الأجلاء ؟
[2] يقول
العلماء بأنه لا فراغ في الكون .. وأن هذا الكون مليء بالأشعة الأثيرية التي تنطلق
من الأحياء.. مصداقا للآية الكريمة :" أفن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا
يمشي به في الناس" وهذا النور الذي أشار الله إليه في القرآن هو الأثير وذلك
لأن هذا النور ينعدم تماما بعد موت الإنسان -
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق