اعلان

الخميس، 30 أبريل 2015

ثنائية بين إثنين





إن الكلمة من حيث موقعها منفردة ، غير الكملة من حيث موقعها في جملة.. وغير الكلمة من حيث موقعها في نص .. وغير الكلمة من حيث موقعها في كتاب..
فالكلمة يختلف معناها حسب موقها ..
وهذا الموقع قد يحدد بنيتها..
تلك البنية التي تكون إما بنية فوقية.. وإما بنية تحتية..
البنية الفوقية تحدد المفهوم الظاهري للكلمة..
والبنية التحتية تحدد المفهوم الباطني لها ..
وبالتالي فإن المفهوم الظاهري للكلمة غير مفهومها الباطني ..
 فالمفهوم الظاهري يعطي المفهوم الأدبي للكلمة ..
والمفهوم الباطني يعطي المفهوم العلمي لهذه الكلمة..
ويترتب عن ذلك أن المفهوم الأدبي للكلمة غير المفهوم العلمي لهذه الكلمة ..
و هو ما يفرض منهجية خاصة في مناقشة أي فكرة من الأفكار ، وخاصة تلك التي تتعلق بنص قرآني بما يحوي من آيات وكلمات .. وهذا إلى جانب ما يحمله الإنسان من أفكار مسبقة عن مفهوم ما والتي تجعله أسيرا لها ، حيث تقف كعائق ابستيمولوجي تجاه أي تصور جديد ، مما يفرض لزومية الإنطلاق خارج إطار هذه القيود التي يفرضها عليه الغير بتصوراته اللاعقلانية.
وكثيرا ما بقي الإنسان أسيرا لنظرية طيلة آلاف السنوات ولم يكتشف خطأها إلا منذ سنوات قليلة ، مما جعل العلماء يقولون بأنه لابد من إعادة النظر في كل المفاهيم وتحديد نقطة الصفر للإنطلاق ، وهذا بمعنى البداية من اللامفهوم للوصول إلى المفهوم ..
 فعندما يعتقد الإنسان بمفهومية فكرة ما خارج سلطة المنطق ، فإنه يغلق على نفسه دائرة الفهم ويصبح أسيرا لفكرة قد تكون خاطئة من أساسها ، لأن الحقيقة المطلقة يعلمها الله وقد أودعها في العقل السليم المتحرر من التبعية للآخرين .
فالفكرة التي يؤمن بها الإنسان قد تكون عائقا إبستيمولوجيا تجاه المعرفة بحيث لا تسمح له بالبحث أو المناقشة لمفهوم ما.. إعتقادا منه بأنه يعرفه ولا داعي للبحث فيه.. وما هو من هذه المعرفة في شيء سوى أنه راح ضحية الإنقياد لأفكار الآخرين وآرائهم الخاطئة والمنطلقة أساسا من اللامفهوم.
فقديما كانت الآية :
" وجعلنا الرياح لواقح "
حملت إلى إعتقاد المفسرين إلى أن الريح تلقح السحاب في السماء فتحمله إلى أماكن مختلفة مما يؤدي إلى ظاهرة الرعد والبرق و... وكان هذا التفسير حقيقة مطلقة لا يمكن مناقشتها ولا الطعن فيها كونها من قول العلماء الذين لا يخطئون وبعبارة أخرى معصومين من الخطأ..
لكن علم الوراثة قلب موازين التفسير ، وعلم الإنسان تلك البنية التحتية التي لم يصل إليها التفسير الظاهري .. وأثبت بما لا يقبل الشك في أن الريح تقوم بحمل حبيبات الطلع من الأزهار الذكرية إلى الأزهار الأنثوية وبذلك تتم عملية التلقيح..
كما كان العالم  باستور عاكفا أيام زمانه على البحث في إيجاد ترياقا للقضاء على فيروس مرض الكلب الذي إنتشر آنذاك بصورة مروعة.. فقام بتجربة كلفته الثمين والأثمن لمدة شهور.. حيث زرع فيروس الكلب في إناء وبدأ يجرب الأدوية والترياقات الممكنة للقضاء على هذا الفيروس دون أن يهتدي لذلك..
وفي يوم ما تم بمشيئة الله سقوط جزء من التراب من السطح في إناء التجربة.. وراح باستور يتحسر ويتألم ويبكي خسارة التجربة.. لكنه تفاجأ في أن فيروسات الكلب لقيت حتفها عن بكرة أبيها.. مما ألزمه الإستنتاج بوجود مادة كيماوية بالتراب تقتل فيروسات الكلب..
لقد كانت هذه الحقيقة في حديث قرة أعيننا وسيدنا محمد(ص)  منذ أربعة غشر قرنا ، حيث يقول عليه الصلاة والسلام بما معناه أنه إذا لعق كلب في إناء فاغسله بالتراب سبعة مرات .. لكن التخلي عن البحث و تبليغ الأمانة العلمية لانتفاع البشرية بها.. هو الذي أدى إلى عدم وصول هذه الحقيقة إلى ميدان الطب ..
كما أن الخلفية الفكرية للإنسان تعتبر كعائق إيبستيمولوجي تجاه الفهم الصحيح للمعنى ... فالذي يؤمن بالمبدأ الإشتراكي مثلا ، يجد في القرآن التأييد المطلق للإشتراكية ... و الذي يؤمن بالرأسمالية يجد أيضا في هذا القرآن التأييد المطلق للرأسمالية ...في أنه لا هذا ولا ذاك ، والأمر يتعلق بمنطق الفهم لهذا التأييد الذي ينطوي وراء منطق آخر يدل على النظام الإسلامي الذي يوحد بين النظامين .
وبالمثل فالمؤرخ الذي يكتب عن النازية الهتلرية وهو يحمل خلفية الإنتماء  إلى هذه النازية غير المؤرخ الذي يحمل خلفية مضادة لها ..
 و المؤرخ الفرنساوي حينما يكتب عن الثورة الجزائرية غير المؤرخ الجزائري الذي يكتب عن هذه الثورة .... فالمؤرخ الفرنساوي يحمل خلفية فكرية تغير مفهوم النزعة الإستعمارية الفرنسية للجزائر بمفهوم الحماية مالإنتداب .. بينما المؤرخ الجزائري يراها أنها فكرة استعمارية بحتة .
و الذي يحمل خلفية المفاهيم السحرية لا يفسر الظواهر العلمية إلا بالرجوع للسحر كمرجع أولي ... أما الذي يحمل خلفية المفاهيم العلمية فلا يفسر إلا على أساس هذا الإتجاه ... ولا يشذ عن القاعدة الذي يحمل خلفيات سياسية...
أما إذا تطرقنا إلى مسألة تدخل الذاتية في الموضوع المعالج فإن ذلك يطرح عائقا آخر أكثر أهمية مما سبق وأكثر تأثيرا من حيث أنه يخلط العدد بالشيء المعدود .
وفي المقاييس الأدبية أو الإنسانية بصفة عامة ، تجد هذه الأشياء نقاط الضعف التي تتسرب منها ، أما المقاييس العلمية فتشذ عن القاعدة كون الواحد مع الواحد بالجمع لا يعطي إلا واحدا بالضرورة ، وهو ما تراه في شرح الأيات القرآنية يعطي خيطا واحدا منسجما مع بعضه البعض لا إنفصام فيه .
وعندما نريد شرح مفهوم ما مثل النفاثات في العقد ، فإن شرحنا يخضع للخلفية الفكرية التي يحملها الإنسان أو إتجاهه الفكري ....فإذا كان هذا الإتجاه أدبيا فإن الفكرة تصبح بما معناه أن ما يخرج من فم الإنسان على خيط به عقد لا أكثر ولا أقل .
وإذا كان الإتجاه سحريا فإن المفهوم يصبح عبارة عن قوة خارقة تظهر في النفث على الخيط لها قوة سحرية .
أما إذا كان الإتجاه علميا فإن المعنى يصبح عبارة عن تأثير قوة التخيل في علاقتها مع الإدراك  ، كما جاء ذلك واضحا في القرآن الكريم دون جدال ...
فالخلفية الفكرية للإنسان و إتجاهه الفكري إلى جانب الأفكار المسبقة التي يحملها عن مفهوم ما ، هي التي تحدد فهمه للمعنى الذي يفرض جدلية واضحة لا تزول إلا بانسجام هذا الفكر مع معطيات القرآن .
والعقليون يعترفون بأن العقل وحده بدون القرآن يصل إلى المتناقضات ..
 والقرآن بدون عقل يبقى كتابا مغلقا لا يفتحه إلا هذا العقل ..
 وهذا ما يفرض لزومية الإعتراف بثنائية لا مناص منها وهي ثنائية العقل والقرآن .. وأن القرآن هو الذي يشرح هذا القرآن اعتمادا على العقل الذي يتدبره ..
و القرآن هو الذي يصحح مسار العقل ، لأن الآية الواحدة قد تتكرر مرات عديدة لكنها بصغة مختلفة تسهيلا للمعنى وتقريبه للذهن وتثبيتا للمعلومات ، مما يسهل مهمة العقل في الوصول للمعنى المطروح .

الأربعاء، 29 أبريل 2015

زقـوق علـى شكـل حمـار





لا زال العلم قاصرا قصورا تاما عن تفسير بعض الحوادث والظواهر التي تجري في الكون والطبيعة.. ولا زالت معظم الألغاز مبهمة ، خصوصا في ما يتعلق بظهور الأرواح على شكل أشباح مخيفة..
وما يزيد اللغز أكثر إبهام وتعقيد ، هو ظهور هذه الأشباح على شكل أصحابها الذين قتلوا في فترة زمنية ما ، وفي مكان محدد ، بسبب تعرضهم لجريمة قتل أو حادثة ما..
ثم يزداد اللغز أكثر في تعقيده الذي يصل لغاية العجب والتعجب ، حينما يظهر هذا الشبح ، يروي حادثة قتله ، بإعادة بناء القصة كما حدثت ، وروايتها على شكل فيلم سينمائي ، بأمانة كاملة في التصوير الدقيق ، والتسلسل الذي يضمن توصيل المفهوم للمشاهد .
وكأن هذا الشبح يريد من المشاهد أن يعلم قصته المروعة والحزينة ، ليحكيها هو بدوره ، أو لينصفه في ظلمه الذي تعرض له..
أو كأنه يريد الإنتقام ممن غدروا به عن طريق إخبار الناس وإطلاعهم على السر الذي عجزت الناس من أهل التحقيق عن إكتشاف حقيقته.
أو كأنه يعتقد أنه ما زال حيا ، ومن حقه الرجوع إلى الحياة ، كما يقول بذلك مجموعة من العلماء وعلى رأسهم السيد كينيث ماكول الذي يقول بنظرية تناذر المس.
يقول السيد كينيث ماكول في نظريته تناذر المس بان الأرواح حين ظهورها لا ترغب في إيذاء أو إزعاج البشر، بل تحاول أن تظهر نفسها وتعلم الناس بأنها أرواح هائمة لم تمت ميتة طبيعية .. فتقوم بالظهور أمام بعض الناس.
ويقول السيد كينيث ماكول بأن القراءة تحول دون ظهورهم وتحسن الأمر كثيرا ، لأنها تعتبر بمثابة التهدئة والرثاء لهم.
لكن يعتبر هذا الكلام من وجهة منظور شخص ما ، يدور في الإطار النظري ولا يمكننا التأكد منه إلا إذا دخل تحت رعاية المنهج التجريبي في دراسة مثل هذه الأمور..  إذ ربما تظهر هذه الأشباح لأسباب وأهداف أخرى غير معروفة ، وما زلنا لم نصل إليها بعد.
ويظهر الشبح غالبا وقت الظلام الدامس ، وفي المكان الذي حدثت فيه جريمة القتل أو الحادثة.. ونادرا أن يحدث أمام جماعة من المشاهدين ، بل أمام شخص منفرد وحده.
وعندما قمنا بالتحري مع كثير من المشاهدين ، الذي ظهر عليهم الشبح في مكان ما ، أقنعنا كل منهم في أنه لم يكن على علم أبدا بأن هذا المكان حدثت فيه حادثة مات فيها صاحبها..
والعجب هو أن هذا المشاهد يحكي القصة كما حدثت لحظة الحادثة أو الجريمة كما لوكان حاضرا وقتها .. وهو ما يثبت صحة قوله بعيدا عن الشك في أمر الهلوسة والأوهام.
ثم أن هذا المشاهد غالبا ما يكون في سن السبعين والثمانين وقت تحرينا معه ، أو يكون من حجاج بيت الله الحرام ، يتمتع بسلوك أخلاقي رفيع ، ولم يثبت عنه الكذب يوما من الايام.
وكنا لا نكتفي بالتحري معه مرة واحدة ، بل نزوره بعد شهر ثم تطول مدة رجوعنا إليه بعد ستة شهور أو سبعة.. لكي نراقب التغير في الكلام ، والإختلاف في الرواية ، وتلك إحدى الطرق في التحقيق من صحة أمر الراوي من كذبه..
فإذا ظهر الإختلاف في مكانه ، فإنه يكون من المحتمل كذبه..
أما إذا لم يظهر الإختلاف في كلامه خلال المقابلات ، فإن ذلك دليل أكيد على صحة روايته.
هذا بكل إختصار ما يتعلق بما يسمى بالمقتول..
أما في ما يتعلق بالزقوقي فهو شيء آخر ، يظهر فيه الشبح دون أن يعبّر عن شيء ما مثل المقتول.. بل يظهر من أجل التخويف وبعث الرعب في المشاهد ، وربما الغدر به وقتله.. كم يظهر ذلك جليا في القصة التالية. 
ففي زمن الخمسينات .. كان عبد القادر بن أحمد في ريعان شبابه ، يتيما ، فقير الحال ، ليس له حرفة أو عمل يستجير به من ضربات الجوع.. يتخبط في المخلفات السلبية التي تركها الإستعمار الفرنسي .. ولم يجد شغلا سوى أنه يتولى توصيل البضائع التي يكلفه بها التجار إلى السوق الذي يبعد عنه بحوالي خمسين أو ستين كيلو متر.. يقوم بتوصيل هذه البضاعة مشيا على الأقدام لمدة يومين أو أكثر.. مقابل أجرة يتلقاها لسد رمقه ..
وكثيرا ما يكلفونه بتوصيل قطيع من الأغنام إلى السوق ، حيث يجد أصحابها ينتظرونه هناك من أجل بيعها..
كان عبدالقادر شجاعا للدرجة التي لا يخاف فيها من اللصوص أو قطاع الطرق أو الذئاب.. أو ربما كان مجازفا أو متهورا بسبب لقمة العيش..
و حدث ذات مرة أن كلفوه بتوصيل قطيع من الغنم من مهدية ولاية تيارت إلى سوق الماشية بالسوقر من نفس الولاية ، واختار هذه المرة أن يرافقه جاره السعيد في المهمة ، لأن القطيع كان كبيرا ولا يستطيع القيام بالمهمة وحده..
وفي اليوم الثاني من المشي ، بعد أن ضرب عليهم الليل نسيجه ، وتحت ضوء القمر، حيث أخذ منهم التعب مأخذا عظيما ، وحيث كان صديقه السعيد بعيدا عنه عند الطرف الثاني للماشية ، رأى عبدالقادر حمارا يمشي وسط الغنم.. وظن أنه ربما لأحد سكان الدوار الذي كان يبعد عليهم بكثير.. فقرر أن يركب عليه ليريحه من عناء المشي على الأقدام ..
ركب عبدالقادر الحمار، وبعد فترة قصيرة من الزمن ، بدأ هذا الحمار يكبر ويعلو ظهره عن سطح الأرض.. وازداد طولا وارتفاعا لحوالي أربعة أو خمسة أمتار.. دون توقف .. فأصابه الرعب الشديد وصاح بأعلى صوته ، ثم رمى بنفسه على الارض حيث إنكسر من ذراعه اليسرى..
وجاء صاحبه يجري نحوه في ذهول .. ولم يعرف شيئا عن سبب الحادث لأنه كان بعيدا عنه..
نزع السعيد عمامته وشد بها ذراع صديقه عبدالقادر ، ثم أذن له في أذنيه لكي يساعده في التغلب على الصدمة.. مع قراءة ما تيسر من بعض السور القصيرة للقرآن ، ومشى معه في خطوات ثقيلة وهو في حالة من فقدان وعيه ..
وكان يحمله تارة ، ويمشي معه تارة أخرى ، مع حراسة الغنم من الذئب واللصوص ..
ويقول صديقه السعيد عند التحري معه ، بأنه لم يجد الحمار المزعوم الذي حكى عنه عبدالقادر بل كان قد إختفى تماما.. كما أنه أخبرنا بأنه عانا معاناة شديدة بسبب المهمة التي صارت مزدوجة بالنسبة له ..
فمن جهة يتولى التكفل بصديقه عبدالقادر وهو في حالة غيبوبته .. ومن جهة أخرى يتولى حراسة الغنم من اللصوص أو الذئاب ، وسياقتها إلى السوق في الوقت المطلوب ..
ووصلا إلى السوق في ساعة متأخرة.. حيث قام السعيد بإسعاف صديقه عن طريق تقديم السكر المذاب في الماء شرابا .. ولم يرجع له وعيه إلا بعد أربعة أيام.. حيث أخبر بعدها صديقه السعيد بالأمر الذي وقع له.
قمنا بالتحري عدة مرات مع السيد عبدالقادر وهو في سن الخامسة والسبعين من أجل التأكد من صحة كلامه فأخبرنا بتفاصيل القصة كاملة بحيث لم يحدث خلل أو إختلاف في صياغتها ، مما يدل على صحتها..
ولما سألنا السعيد أخبرنا بأنه لم ير الحمار إطلاقا لأنه كان بعيدا عن صديقه عبدالقادر، بل سمع فقط تلك الصرخة التي صدرت عنه حين سقوطه بصوت  مرعب من بعيد ، ووجده ساقطا على الأرض مكسور الذراع.. وقال بأنه تأكد من صحة القصة بسبب وجود هذا الكسر الذي يدل بإنه سقط فعلا من أعلى..
كما أن الصوت نفسه كان يدل على أنه من أعلى للأسفل.
إن هناك الكثير من القصص التي أخذناها عن أصحابها وقت التحريات معهم ، في أزمنة متباعدة ، من أجل التأكد من صحتها أو خطئها.. ويشير أغلبها إلى التعجب والحيرة في هذه الظواهر التي لاتزال مجهولة.. وسنوافيكم بها في حينها ، في القصص القادمة..
دمتم في رعاية الله وحفظه.

                                      


الجمعة، 24 أبريل 2015

الأشبــاح





نحن بطبيعة الخال لا نعيش وحدنا في هذا الكون..
هناك مخلوقات غير الإنسان تعيش معنا..
ومن بين هذه المخلوقات ، الملائكة والجن والشياطين.. ومخلوقات أخرى..
وبعض المعلومات لا ندري صحيحها من خطئها ، تتكلم عن وجود ما يسمى بالأطباق الطائرة .. أو الصحون الطائرة.
كما تواترت المعلومات عبر العصور والأزمنة وتكلمت عما يسمى بالغول.. وهو نوع من المخلوقات شبيهة بالإنسان تأكل بني البشر.. وقد تمت هذه المعلومات عن شهود عيان..
وتكلم الكثير والكثير عما يسمى بالمقتول .. ومنهم من يسميها عندنا في الجزائر تسمية دارجة باسم " ترقو " Tergou.. ومنهم من يسميها " زقوق "..
"المقتول"  يظهر دائما بصفة الإنسان الذي تعرض لجريمة قتل في زمن ما..
" ترقو" تظهر دائما في صفة مرأة سوداء بشكل غريب ومخيف..
" زقوقي " يظهر بصفة حيوان مألوف في حجمه العادي.. ولا يلبث أن يكبر جسمه ويغير حجمه إلى شكل مخيف وخطير..
لقد سمعنا الكثير والكثير عن مثل هذه المخلوقات الغريبة.. من أشخاص كبار السن..
وغريب الأمر أن العلم وقف عاجزا على تفسير مثل هذه الأمور والألغاز..
يظهر المقتول ليلا بعد نوم الناس .. ونادرا ما يظهر في النهار وقت السكون في المكان الذي حدثت فيه جريمة قتل..
يظهر الشبح في صفة الإنسان الذي تعرض لجريمة قتل في زمن ما.. بنفس المواصفات التي قتل بها.. فيصيح كما لو كان قد قتل في هذه اللحظة بالضبط ويتخبط و هو مخضب بالدماء.. أو يظهر عليه صوت الإختناق إن كان قد قتل شنقا.. ويصيح من شدة الألم.. أو تسمع صراخه بكلمات الترجي والعفو والإستنجاد والإستغاثة بمثل الحال الذي ظهر عليه أثناء قتله.. وكأنه فيلم سينمائي يصور الحدث بطرق فنية رائعة.. أو كأن عدسات الكاميرا قد إلتقطت الحدث وقت حدوثه بصورة مدهشة..
يقول عدد كبير من شهود عيان.. أن المشاهد تنتابه حالة من الخوف والرعب الشديد .. و حالة من عدم القدرة على الحركة والهروب.. مع تسارع في نبضات القلب .. وشعور بحالة تنمل وشيء يشبه وجود الشوك في جسمه.. وقد يفقد القدرة أحيانا حتى على الصياح والإستنجاد..
ويغلب أن يظهر المقتول أمام شخص منفرد ومنعزل عن الآخرين .. لكنها في كثير من المرات تظهر لمجموعة من الأشخاص حسب بعض التحريات التي قمنا بها.. مع التحقيق التام والدقيق.. فكنا نتصل بالمجموعة التي تعرضت لهذا الحدث ونسأل كل واحد منهم على إنفراد بأسئلة دقيقة .. فيظهر عدم الإختلاف في رواياتهم .. وهو السبيل الوحيد للتأكد من صحة الرواية أو من خطئها..
ويقول بعضهم أن هذه الحالة ما هي إلا نوع من الهلوسة البصرية والسمعية .. تحدث للشخص الذي لديه الإستعداد للإصابة بحالة الهلوسة.. وهذا صحيح من جانب الطب النفسي.. غير أن الهلوسة تحدث للشخص الواحد وهو وحده فيرى المقتول أمامه دون أن يراه الآخرون.. لكن هذه النظرية غير صحيحة عندما يتعلق الأمر برؤية مجموعة من الأشخاص لنفس الحدث وبنفس التفاصيل.. أي أنه لا يمكن أن تحدث الهلوسة لمجموعة من الأشخاص حول موضوع واحد.. بمعنى أنه لا توجد هلوسة جماعية..
ويؤكد علماء النفس في أنها حالة من الأوهام ..
غير أن فكر الإنسان شيء والواقع الذي حوله شيء آخر..
فكثير من النظريات والأحداث التي لا يعترف بها العلم ، لا تزال تثبت وجودها على ساحة الواقع وتلوح كل مرة بألغاز يعجز العلم عن تفسيرها..
ويقول بعض العلماء أن الروح في حالة خروجها من جسد القتيل.. تخرج معتقدة بأنها لا تزال على قيد الحياة.. ولا زال حقها في هذه الحياة.. وبإمكانها العودة إلى جسدها.. أي أنها غير راضية بخروجها من الجسد وموتها.. ولذلك تحاول العودة كل مرة حسب قانون روحي يضبطها ..
لكن لماذا تحاول هذه الروح الرجوع إلى الجسد فقط أمام شخص منفرد أو أمام مجموعة من الأشخاص ؟ ولماذا وقت الظلام فقط أو وقت السكون ؟
وعند المسيحيين ، يقوم البابا بمعاينة مكان الحادث بنفسه ، والذي تكرر فيه الحدث بشكل مطول .. كما لو كان في سكن ما بحيث يبعث الرعب والخوف بين أهله .. ثم يقوم بإلقاء خطاب طويل يوعظ فيه هذه الروح بأن حياتها إنتهت .. وأنه لم يبق له بصيص أمل في الرجوع.. وأن تاريخ حياتهم قد توقف نهائيا .. وأنهم في دار الآخرة وهم من الأموات..ولا سبيل لهم من الرجوع إلى الدنيا.
ويؤكد المجربون في أنه إبتداء من هذا اليوم يتوقف المقتول عن ظهوره نهائيا..
أما عند المسلمين ، فيقوم من يسمى بالطالب أو الحكيم بكتابة بعض الآيات وأسماء الله الحسنى على قضيب من حديد ويدقه في ذلك المكان.. ويقول المجربون أيضا من أن المقتول يتوقف عن ظهوره إلى الأبد .. إلا في حالة إذا أنتزع هذا القضيب من مكانه..
ويقول علماء آخرون بأن الشيطان لحظة الجريمة يلحس أول قطرة من دم القتيل ليبق في حالة الظهور دائما وفقا لقانون مجهول.. لكن تفسير الحوادث بالرجوع إلى الشياطين أمر مفروغ منه.. لأن حوادث الكون تجري بصورة طبيعية مضبوطة ضبطا علميا ولا علاقة للشيطان بذلك على الإطلاق... تماما مثل المعادلات الرياضية أو الفيزيائية أو الكيميائية.. فإضافة الأوكسجين إلى الهيدروجين يعطي ماء بالضرورة ولا علاقة للشيطان في ذلك.
ويضيف شهود عيان أن المقتول يختفي بمجرد أن تقول : " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " .
ويؤكد البعض الآخر بأن المقتول يختفي تماما بمجرد إشعال النار بعود كبريت..
في حين يؤكد البعض الآخر أن هذه الأشباح المخيفة تهرب وتختفي من أمام الشخص إذا ظهر بمظهر الشجاع ..
كذلك يختفي الشبح عند إستماع صوت الحديد ، كصوت المفاتيح مثلا..
وقد روت لي أحد العجائز التي لا تزال على قيد الحياة وعمرها الآن يتجاوز الثمانين سنة.. قالت بأنها لما كانت في ريعان شبابها تزوجت وسكنت مع زوجها في أحد الضيعات التي خلفها المعمرون الفرنسيون..
ذهب يوما زوجها إلى العمل وتركها وحدها في الدار.. وكان الوقت صيفا.. فدخلت عليها مرأة سوداء اللون ، عظيمة الجسم ، طويلة القامة ، أسنانها كبيرة وبارزة ، عيناها كبيرتان تبدو بمظهر قبيح..لا جمال عليها.. وبين فتحتي الأنف مسافة كبيرة .. وقد لوت بثدييها فوق كتفيها.. ترتدي بذلة قديمة ، غير موجودة في ذلك الوقت.. وساقاها مكشوفتان.. ورأسها مكشوف أيضا.. ويدل شكلها عموما على أنها ليست من نساء ذلك العصر.. بل أن زمنها كان قديما ..
تقول الراوية بأن الشبح قد تقدم نحوها ، وطلب منها الخبز ، ثم الماء وانصرف دون أن يؤذيها.. ولم يظهر عليها الخوف سوى نوع من الإرتباك..
وأضافت تقول بأن المرأة إبتعدت عنها بحوالي مائتي متر ، ثم جلست في وضعية التبول.. وبالت بحيث أن بولها صنع مثل الساقية الطويلة حتى وصل عند العجوز.. وانصرفت..
ولما جاء زوجها وأخبرته ، أخذ البندقية وخرج يلتمس آثار أقدام الشبح .. لكن سرعان ما إختفت تلك الآثار ولم يصل إلى شيء.. واتصل بالجيران الذين يبعدون عنه بحوالي كيلومتر ودون جدوى.
وهناك قصص كثيرة من هذا النوع ، تمت وفق تحريات طويلة مع شهود عيان ، منهم من مات ، ومنهم من لا يزال على قيد الحياة .. وسنوافيكم بها في الصفحات القادمة بإذن الله.

                                            

علاج الشقيقة وتوتر الرأس







هذه الوضعيات في مجملها تمثل وضعية وردة اللوتيس بكيفيات مختلفة

لقد تكلمنا في أحد المواضيع السابقة المتعلقة بالأمراض البسيكوسوماتية ، خاصة في موضوع فنجان قهوة لو سمحت ، ووضحنا الجانب النفسي في إحداث أمراض جسدية تربك الأطباء العضويين في علاجهم لحالات سريرية وظيفية ليس لها أي إنعكاس عضوي في جسم الشاكي..
وبعد أن كان كلامنا نظريا ، فسنقوم بالجانب التطبيقي على مرض التوتر الذي يحدث بالرأس وكذلك الشقيقة.. وقد وضحنا أن معظم هذه الأعراض التي تحدث بالرأس إنما سببها الصدمات التي يعيشها الإنسان في طفولته ، وخاصة تلك الطفولة المبكرة..
والمهم ماذا نفعل إذا كان الدواء لا يفيد فيها شيئا سوى ذلك الشعور المؤقت بالشفاء؟
عليك أولا وقبل كل شيء بإرادة جبارة لا تعرف الإستسلام لليأس خاصة في اليوم الأول من إجراء التمرين..
لا تياس.. كرر التجربة يوما أو يومان أو ثلاثة.. أو كلما أحسست بالألم.. وستصل إلى الشفاء بإذن الله عن إعتبارات مجربة وصحيحة..
وكان علي أن أدرج هذا الموضوع في الصفحة الخاصة بالتأمل .. ولكن عدلت عن رأيي لما يتميز به من تكفل وعلاج..
عند الشعور بألم الشقيقة ، أو عند الشعور باشتداد التوتر بالرأس..
إجلس على الأرض في وضعية القرفصاء ، ومن الأحسن في وضعية وردة اللوتيس[1]
أو تمدد على فراشك مستلقيا على الظهر..
أغمض عينيك..
إسترخ تماما لمدة دقيقة أو دقيقتين[2]..
تنفس بشكل بطيئ وبشكل عادي دون إجهاد..
تخيل بتركيز أن الهواء يمر من فتحة الأنف اليمنى ليخرج من اليسرى..
حاول أن يكون التنفس بطيئا قدر الإمكان..
كرر هذه العملية ببطء..
قم بحساب حركات هذا التنفس في قلبك إلى أن تصل حوالي 50 مرة..
قم بهذا التمرين مرة واحدة في اليوم عندما تشعر بتوتر الرأس ، أو ألم الشقيقة..
أو مرتين في اليوم إن دعت الضرورة لذلك..
إستمر بتطبيق التمرين يوميا كلما أحسست بالأعراض ، إلى أن تزول تماما دون رجوع.
وأأكد للقارئ الكريم الذي يعاني من هذه الأعراض ، بان هذا التمرين مجرب مئات المرات من طرف المئات من المصابين ووصلت النتيجة للشفاء التام .
المهم في الأمر هو الإرادة القوية وعدم الإستسلام لليأس منذ البداية..
وتذكر بأن الإستسلام للياس معناه في نفس الوقت الإستسلام لتعاطي الدواء مدى حياتك..


- سوف نقدم صورا خاصة بوضعيات التأمل في حينها[1]
- تقدر الدقيقة بعشر حركات في التنفس[2]

إنجازات أهل التصوف





يرجع الفضل في بقاء دعائم الإسلام واقفة في الجزائر دون تصدع ، إلى التعاليم الدينية التي كان يقوم بها أهل التصوف بما جادت به من حسن في التربية والسلوك طيلة قرون من الزمن حتى في الدول التي خضعت للإستعمار بصفة مطولة .                                     كما يرجع الفضل إلى رجال الصوفية في إنتاج أجيال قاومت الحركات الإستعمارية طيلة قرون من الزمن واستطاعت أن تطرد أقوى أمبراطورية عرفها التاريخ بما فيها من قوات الحلف الأطلسي.                                                                         وجميع الأعلام التارخيين إنطلاقا من الأمير عبدالقادر إلى العربي بن مهيدي وأصحابه قد تخرجوا من زوايا مختلفة عبر الوطن الجزائري .
لما استقلت الجزائر وانتصرت في ثورتها المقدسة والمباركة.. وقف العالم الإسلامي حائرا في تواجد الجزائريين أمام المساجد وبقوة إيمان خارقة وأخلاقيات إسلامية عالية لا توجد في الدول العربية والإسلامية الأخرى...
وكانت هذه الدول العربية والإسلامية تعتقد أن الإسلام قضي عليه في الجزائر من طرف الإحتلال الفرنسي قضاء مبرما...لكنها تفاجأت لما رأته من إلتزام ديني ينطلق من رجال تحتظن الإيمان العميق في عمق قلوبهم ، وتحفظ القرآن الكريم و شرحه عن ظهر قلب .. وهو ما جعلهم يتساءلون عن السر الذي يكمن وراء هذا الإيمان..
أيكون ذلك بسبب وجود المساجد ؟ 
مع أنه في الدول الإسلامية الأخرى يوجد ما هو أعظم منها ولم يحدث فيها مثلما حدث في الجزائر...
أيكون ذلك بسبب تواجد علماء الدين في الجزائر ؟
وفي الدول الإسلامية يوجد من هم أكثر منهم علما..
هل يعود ذلك لسبب البئة التي كان يعيش فيها الجزائريون ، والتي تتوفر عن المعالم والتعاليم الدينية ؟
مع أنهم يعلمون أن البئة الجزائرية آنذاك كانت بئة تخضع للإستعمار الفرنسي والأقدام السوداء التي تقوم بتعاليم مخالفة تماما للدين الإسلامي ومبادئه السامية .. وكانت تسعى بكل جهودها المكثفة إلى إلى إرساء الديانة المسيحية في المنطقة..
إستفهامات وتساءلات مكثفة ، جعلتهم يهتدوا بعدها إلى أن سر قوة هذا الإيمان العميق يكمن وراء الزوايا ومشايخها من رجال الصوفية دون جدل أو جدال ...
فالزوايا التي يحكم عليها البعض بالشرك ، والشعوذة ، والدجل ، واستخدامها للجن في أغراضها الدنيوية.. ظلت طوال قرون من الزمان تقوم بالتعاليم الدينية الحنيفة وتربي أجيالا شاء لها القدر في أن تطرد أقوى أمراطورية في العالم ، وتحفز الدول الأخرى الواقعة تحت الإستعمار إلى التحرر..
فالأمير عبد القادر والشيخ المقراني وأمثاله ، والشيخ بوعمامة والجماعة الذين فجروا ثورة نوفمبر1954 ، والآساد الضراغم الذين عرفهم التاريخ ، من أمثال العربي بن مهيدي ، ومحمد بوضياف ، و الكولونيل عميروش ، ومصطفى بن بوالعيد ، و...كلهم من خريجي الزوايا المقدسة ...
ولم تخلو مشارق الوطن الجزائري ومغاربه ، في الجنوب والشمال والوسط ، من حركة أولياء الله الصاحين.. ومنهم العرب والقبائل والفئات الأخرى المسلمة.. ولا تزال إلى اليوم ترفع شعار التحدي وتخوض معركة تقييم السلوك ، وتحفيظ القرآن عبر كامل التراب الوطني ، بالرغم من الظنون الخاطئة والتهم التي يتعرضون لها.
وفي الوقت الذي كان يجب علينا تشجيعهم ، والوقوف بجانبهم ، جزاء لهم بما عملوا وما سيعملون .. راح البعض منا يضربهم بضربات عنيفة من الكلام الجارح والإتهامات الباطلة..

هل هذا جزاء علمائنا الأجلاء ؟



                              
       
إن آخر ما وصل إليه التنويم المغناطيسي ، على يد علماء  أكفاء.. هوتلك التجربة التي يقوم فيها المنوم بتمديد المريض على طاولة العلاج ، أو على الأريكة .. حيث يضع طاولة أخرى على بعد خمسة أمتار منه وعليها ورقة وقلم .
وبعد أن ينوّم الطبيب ذلك الشخض لدرجة السبات[1] .. يأمره بكتابة عبارة ما..
أي يأمر ذلك الشخص الواقع تحت تأثير التنويم المغناطيسي ، أن يكتب العبارة التي يقولها
له على تلك الورقة الموضوعة على الطاولة ، والتي هي على بعد خمسة أمتار منه ، دون أن يمسك القلم..
وعند ذلك ينتصب القلم فوق الورقة ويكتب العبارة المطلوبة بكاملها ثم يعود إلى وضعه الأول.
والجدير بالذكر ، أن القلم يكتب العبارة المطلوبة ، بنفس السرعة أو البطء الذي يتمتع بها الشخص النائم ، وبنفس الغلطات الإملائية إن وجدت ، وكذلك نفس نوعية الخط .. كأن الذي يكتب في هذه العبارة هو الشخص نفسه الواقع تحت تأثير التنويم المغناطيسي.
وقد راح الدجالون في تفسير هذه الظاهرة على إعتبارها كعادتهم بأنها من عمل الجن الذي يقوم بمثل هذه الظواهر الغريبة .. وذهب بعضهم إلى مفهوم القرين..
إنه بطبيعة الحال النزعة التي تفسر الظواهر العلمية بالرجوع إلى السحر.. وبالرجوع إلى الشيطان.. فيقولون أن هذه مبادرة سحرية أو شيطانية من عمل الجن أو القرين..
غير أن رد هؤلاء العلماء القائمين بالتجربة ، كان ردا منطقيا ، يتوفر على الأحكام العلمية الموضوعية ، وإلغاء الأحكام الذاتية جانبا ، ويعتمد على الحجة الملموسة والبرهان الساطع الذي لا يختلف عنده إثنان..
لقد رد هؤلاء العلماء بأن الشيطان لا يكتب أبدا آية الإيمان وهي :
 "بسم الله الرحمن الرحيم"

وإن كتبت فإن ذلك يعني بأنها خارج مبادرة الشيطان دون ريب في ذلك..
وأعاد العلماء التجربة ، تحت الأمر بكتابة آية الإيمان المذكورة.. فانتصب القلم ليكتبها كاملة دون أي تردد  ، فكتب :
" بسم الله الرحمن الرحيم "
وهذه الحجة الساطعة أبطلت المفهوم السحري ، وأعطت الإمكانية في التفسير العلمي للظاهرة ، وفقا لما نص عليه القرآن الكريم في مائة وسبعون آية دون جدال.
واجتهد العلماء في تفسير الحادثة القائمة وفقا لتلك التجربة ملموسة ، يرجعون فيها إلى أن الذي حدث هو قوة التركيز الشديدة التي يبعثها المنوم في الشخص حيث تنطلق قوة أثيرية[2] تعمل على القيام بالظاهرة.. وهي ربما التي أشار إليها القرآن الكريم في الآية :
" أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس " 
والنور الذي أشار إليه سبحانه وتعالى قد يكون ربما هو تلك القوة الأثيرية التي تنطلق من جسمه وفقا لنقاط معينة ، أهمها تلك التي تنطلق من الجهاز العصبي الذي يعتبر كوسيط بين الجسم والروح.
ويقوم العلماء في بقاع العالم بالتأكد من هذا التفسير عن طريق مجموعة من التجارب والتي توحي لحد الآن بصحة مفعول الأثير المنطلق من جسم الإنسان ، ومنه عملية الإسقاط النجمي أو الخروج من الجسد أو السفر الروحي..
وقد أشار سبحانه وتعالى في قصة سيدنا سليمان عليه السلام مع ملكة سبأ[3] .. حيث يقوم الهدهد الذي كان في مخابراته العسكرية ، بتبرير غيابه عن طريق التأكد من إمرأة كانت تتملك قوما وتتولى شؤونهم ، لكنهم كانوا يعبدون الشمس من دون الله ، كما في الآية :
"... وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله...".
وبالإختصار ، كتب إليها سليمان عليه السلام رسالة من أجل هدايتها إلى الصراط المستقيم ، وأرسلها مع نفس الهدهد الذي يعمل في مخابراته العسكرية ، لكنها قررت أن ترشيه بهدية من ذهب ، مما أقلق سيدنا سليمان ، وطالب بالمجيء بعرشها في أسرع وقت..
وعند ذلك قام عفريت من الجن يعرض قوته وسرعته أمام النبي سليمان عليه السلام
والتي لم ترضيه بطبيعة الحال لأنها لا تتناسب مع الظرف المطلوب.. كما جاء ذلك واضحا في الآية :
" قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين "
وأظن أن هذا كافي للقارئ الكريم في أن يعلم ويتأكد في أن سرعة الجن باءت بالفشل أمام الملك سليمان..
وهو ما يعني أن الإمكانيات السحرية التي يروّجها بعضهم إنتهت بالإخفاق التام بدليل رفض سليمان لها نتيجة لعدم قدرتها على حل المشكل الراهن في الظرف المطلوب.
وعند ذلك قام أحدهم الذي عنده علم من الكتاب يقترح على النبي سليمان عليه السلام أن يأت بها قبل لمحة البصر .. أي بسرعة الضوء ..
ولم ينتظر هذا المبادر الرد من النبي سليمان حتى كان عرشها أمامه بنفس السرعة المطلوبة.. كما جاء ذلك واضحا في الآية دون جدال :
" قال الذي عنده علم من الكتاب ، أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ، فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر، ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ، ومن كفر لفإن ربي غني كريم "
ومن الواضح للقارئ ، أن الإمكانيات العلمية تجاوزت الإمكانيات السحرية  بصورة لا جدال فيها..
ومن الواضح أيضا أن الإمكانيات العلمية التي جاء بها القرآن الكريم ..
تغلبت على الإمكانيات السحرية التي جاء بها الكتاب المحرف من التوراة..
ومن الواضح أن القرآن تكلم عن العلم في 170 آية..
وتكلم عن التأمل في 270 آية..
بينما لم يتكلم عن السحر إلا في 63 آية..
وفوق ذلك قال عن السحر بأنه أوهام ومخادعة للبصر تتم عن طريق التأثير في قوة التخيلات ولا علاقة لها بالواقع ، وهو ما جاء واضحا في الآية :
"... فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى..."[4]
ومن وراء هذه القصة ، نتساءل عن ماهية هذا العلم الذي قال به الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم..
إنه دون شك أوريب ذلك العلم الذي يتم بمداخلة الروح..
وهذه الروح تستمد قوتها من علم البصيرة..
وهذه البصيرة تستمد قوتها من عمق مفهوم التأمل الذي نزل في 270 آية من القرآن الكريم.
فبفضل التأمل ، وعلم البصيرة ، واليوغا بمختلف فروعها ، والكارما ، والمفاهيم الصوفية .. توصل العلماء إلى إمكانيات خارقة في ما يقومون به من تأثير في الطبيعة ومعاكسة قوانينها ، والخروج عن الجسد ، والقيام بسياحة في ظرف ثوان ، كما ظهر ذلك واضحا في ما يسمى بالإسقاط النجمي..
على أننا نشير إلى القارئ الكريم ، بأن أهل الصوفية جاءونا بهذه الحقائق قبل أن ينتبه العالم إليها..
هؤلاء الصوفية الذين كافأناهم مقابل إنجازاتهم العلمية برميهم بالشرك والكفر والشعوذة .. في حين تلقت الفئة الأخرى من أهل اليوغا والكارما والتأمل ، مقابل إنجازاتهم العلمية بجوائز عظيمة ومكافآت شرفية.. مع أن أهل التصوف أشرف منهم بكلمة التوحيد .
وهل هذا هو جزاء علمائنا الأجلاء ؟    



[1] الدرجة الثالثة من التنويم المغناطيسي-
[2] يقول العلماء بأنه لا فراغ في الكون .. وأن هذا الكون مليء بالأشعة الأثيرية التي تنطلق من الأحياء.. مصداقا للآية الكريمة :" أفن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس" وهذا النور الذي أشار الله إليه في القرآن هو الأثير وذلك لأن هذا النور ينعدم تماما بعد موت الإنسان -
[3] - سورة النمل
[4] - سورة طه