اعلان

الثلاثاء، 5 مايو 2015

إلى بعض أساتذة الجامعات





في كثير من الأحيان يوقف بعض أساتذة الجامعات محاضراتهم ، ويخرجون عن نطاقها ، لينتقلوا بالطلبة إلى نوع هام من فسلجيات الفكر ..
ويتم هذا الإنتقال بطريقة خيالية بحتة ، بدون أي داعي أو مقدمة ، أو إرتباط بالمحاضرة التي يلقونها ..
ويدخلون مباشرة في تعريف السحرعلى أنه إتفاق بين الساحر والشيطان مقابل القيام بأعمال محرمة ترضي هذا الشيطان ..
ويقوم هذا الشيطان في مساعدة الساحر على القيام بأعماله السحرية التي يؤدي بها التأثير على الطبيعة بما فيها الإنسان..
هذا الإجراء يتم نتيجة لإبرام إتفاقية كاملة بين الإنسان والشيطان ، فيقوم الطرف الأول بأعمال كفرية ، ويقوم الطرف الثاني مقابل ذلك بتلبية رغبات الساحر والوصول به إلى قمة تقنيات السحر..
وهذه الاعمال التي ترضي الشيطان ، عبارة عن كتابة آيات القرآن بقذارة .. وبصورة معكوسة مخالفة لقول الله عز وجل.. ووضع هذه الآيات أسفل قدميه ، أو وضع المصحف الشريف في فخذه والدخول به للمرحاض.. وكتابة طلسمات .. واسماء الشياطين .. وعبارات مبهمة تحمل معاني كفرية.. إلى آخر ذلك من الكلام الفارغ..
ولم يدر هؤلاء بأن السحر جاء في القرآن تحت مفهوم :
 " النفاثات في العقد "
وليست الطلسمات .. وليست كتابة آيات القرآن بقذارة .. أو كتابتها بصورة معكوسة.. أو مخالفة لشرع الله ..
وإنهم بهذا الكلام يخالفون التعريف الذي أنزله الله في كتابه العزيز.. 
إنه هروب وابتعاد عن الحكم بآيات الله ، والحكم بكلام الإنسان..
فالقضية طرحت للإختيار بين قول الله وقول الإنسان..
فالله سبحانه وتعالى أخبرنا بأن السحر هو النفث في العقد..
والإنسان أخبرنا بأن السحر هو قيام الساحر باتفاق مع الشيطان..
وعلينا الإختيار.. من هو الكلام الذي نستمع إليه ؟..
هل نستمع لكلام الله أم نستمع لكلام الإنسان ؟..
فإن إستمعنا لكلام الله ، فإن هذا يعني الصراط المستقيم..
وإن إتبعنا كلام الإنسان فإن هذا شرك وكفر بالله..
ثم لا بد من الرجوع إلى البعد التاريخي ...
فالسحر كان موجودا قبل نزول القرآن بما يزيد عن سبعة آلاف سنة..
وحتى قبل نزول التوراة ..
فمن أين جاء الفراعنة المصريون بهذا السحر إذن ؟ .. حيث لم يكن لا قرآن.. ولا كتابة آياته بقذارة .. ولا آيات معكوسة ؟ ...
ولم يوجد كتاب سماوي في ذلك الوقت ليخالفه الساحر من أجل إكتساب مصداقية سحره..
وهم بهذه الصورة يحملون إلى إعتقاد الناس – دون تعمد- بأن القرآن نفسه سحر ، مادامت كتابة آياته سحرا.. ولذا أصبحت كلمات القرآن الكريم ، ترمى في المزابل والمراحيض ، أو تبول الناس عليها حينما يجدونها مكتوبة على أوراق من أجل التداوي بها..
ويقول هؤلاء بأن قراءة القرآن بشكل رقيا هو أمر شرعي في حين أن كتابته هي شرك وسحر.. وهي نفس الفكرة التي تقول بأن القرآن سحر..
فالمنطق الذي شرّع للناس جواز أمر قراءة القرآن من أجل التداوي به ..
هو نفس المنطق الذي حرم كتابته من أجل هذه المداوات..
وهو نفس المنطق الذي يرمي إلى سحرية القرآن والعياذ بالله..
ألم يكن شيخ الإسلام إبن تيمية نفسه ، يكتب آيات القرآن من أجل التداوي بها ؟ ويقول بصريح العبارة بأنه وجد التداوي بكتابة آيات القرآن أنفع من التداوي بقراءته..
ألم يكن حجة الإسلام ، الشيخ أبوحامد الغزالي رحمه الله يكتب القرآن من أجل مداوات الناس به ؟..
ألم يقل معظم العلماء المسلمين ، بأن كتابة القرآن ، لأغراض إستشفائية أنفع من كتابته سبعين مرة ؟..
والإيمان بان سحرية القرآن تنطوي وراء كتابته ، يعدم تماما كرامات القرآن التي إنعدمت من الكتب السماوية الأخرى ..
ثم أن هذه الكرامات لا توجد إلا في التداوي بكتابته..
وإعدام كرامات القرآن تعني إعدام القرآن نفسه.. وبالتالي إعدام الإسلام..
وإننا لنطالب هؤلاء بتقديم دليل أكيد من الكتاب أو السنة ينص بأن كتابة القرآن سحرا..
وإلى جانب ذلك يقوم هذا النفر من الأساتذة ، خارج مجال محاضراتهم ، باعتبارات مؤسفة ، ليقولوا للطلبة بان أهل الصوفية مشركون ، ويستخدمون الجن في أغراضهم الدنيوية ..
ولم يدر هؤلاء بأن أهل الصوفية لا يعرفون في حياتهم إلا إناء الماء من أجل الوضوء .. والفراش الذي يسجدون عليه..
والسبحة التي يرددون بها أسماء الله في كل زمان ومكان ..
حتى تحولت أنفاسهم الطيبة كلها لذكر الله ..
 يصومون النهار ويقومون الليل ..
ولا يعرفون إلا عمل الخير من أجل الخير..
ولا يعرفون من الكلام الدنيوي إلا الوعظ والإرشاد للناس..
ولا تنشط أرجلهم إلا لعمل الخير..
ولا تتحرك أياديهم إلا لسبل الصلاح..
ثم لا يعرف هؤلاء من بعض أساتذة الجامعات أنه بفضل رجال الصوفية في الجزائر ، تم الإنتصار على قوات الإستعمار والحلف الأطلسي ..
وأنهم بفضلهم أصبحوا يتمتعون بتلك المناصب التي يستعملونها للطعن في رجال أبرياء ..
والطلبة بحكم إصابتهم بعقدة الإتكالية التي تظهر بمظهر التقديس للآخرين.. يعتقدون بأن هؤلاء الأساتذة يملكون أسمى مقاليد المعرفة ، فيصدقونهم و للأسف في كل ما يقولون .. ولا يعلّمونهم بأن كرامات أولياء الله الصالحين هي بمثابة المعجزات النبوية التي تبرهن بدورها على ما جاء به الإسلام من صدق في الأحكام.                                                                                     
كيف تنظر النزعة الإستعمارية اليوم إلى رجال الصوفية التي إنتزعت منها حلمها الأبدي من إحتلال للوطن العربي وزرع لعقيدتها المسيحية واليهودية ؟
يجب على هؤلاء الأساتذة أن يعلموا بأن الأسباب السياسية العالمية وخاصة اليهودية منها تقف وراء الحركة المعادية لأولياء الله وأهل الصوفية لما خلقوه من مساندة لحركات التحرر في العالم ولما قامت به من خلق أجيال إستطاعت أن تطرد أقوى أمبراطورية في العالم بما فيها فرنسا وقوات الحلف الأطلسي .                
قد يؤدي تحليل الموضوع والرجوع به إلى الوراء إلى تراجع هؤلاء الأساتذة وتفطنهم ثم كفهم عن ضرب أقدس أناس عرفهم التاريخ على وجه الكرة الأرضية ، وذلك حينما يعلموا بأن هذه الفئة الطاعنة عرفت منذ القديم بالعدوانية للعرب والرسالة التي يحملونها .. وهجمت هجوما عنيفا على الرسالة السماوية وقت نزولها .. فلم ينجو الرسول من ضربات ألسنتهم ومكايدهم .. كما لم تنجو الرسالة من متابعتهم .. وما زالت إلى اليوم تحرف التعاليم الإسلامية ، وتضرب روادها ومشايخها وقادتها العرب بالضرب المبرح..
وإني لأكاد أجزم بأن هذه الفئة من الأساتذة قابلة للتصليح ، طالما لم تكن متعمدة لهذه العدوانية النكراء ، وطالما هم يحملون الطبشور الذي هو بمثابة السلاح في مواجهة أعداء الإسلام والوطن ، وأعداء لمشايخه وقادته .. بل هم جزء من هؤلاء الأولياء ، إنما راحوا ضحية فكر معاد للعرب منذ نشأتهم وسيفيقوا من غشيتهم عاجلا ..
وأشكر الباقي من الأساتذة الذين لم يتأثروا بضربات الرياح العاصفة ، والذينهم وقفوا صامدين تجاه أي فكر يضرب عقيدتهم ومشايخهم وقادتهم العظماء..
وإنه لمن الواجب علينا أن نقف كل يوم وقفة خشوع ترحما إلى شهدائنا الأبرار إبتداء من حمزة عم النبي(ص) إلى آخر شهيد بالثورة الجزائرية المباركة.. وشهداء الدول العربية الأخرى.. وإلى آخر شهيد في فلسطين.. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار..   

الاثنين، 4 مايو 2015

التناقض بين البراءة والإتفاق



                                    

يقول بعضهم بأن الساحر يتفق مع الشيطان في أداء أعمال محرمة ليقوم ذلك الشيطان بمساعدته على القيام باعمال سحرية ضارة بالبشر..
ومنهم من يقول :
(من السحرة من يرتدي المصحف في  قدميه ويدخل به الخلاء ، ومنهم من يكتب آيات القران بقذارة ، ومنهم من يكتبها بدم الحيض ، ومنهم من يكتب آيات القرآن أسفل فديمة ، وكتابة الفاتحة معكوسة ، والصلاة بدون وضوء ، ومنهم من يضل جنبا ، والذبح للشيطان ، والسجود للكواكب ، ومنهم من يأت أمه أو إبنته ، وكتابة الطلاسم بألفاظ غير عربية تحمل معان كفرية... ) .
فأي دليل إرتكز عليه الكاتب في طرح هذا المفهوم..؟
وما هو المنهج الذي إعتمده في دراسته لهذه الظاهرة..؟
وما هو مصدر هذه المفاهيم ؟
هل جاء بها من الكتاب ؟ أم من السنة ؟ أم من مصدر آخر ؟ ..
مع العلم أن هذا الإدعاء لا أثر له في الكتاب ولا في السنة..
وأين هو المخبر الذي تمت فيه التجارب من أجل دراسة هذه الظاهرة ؟
وأين البعد التاريخي الذي إستمد منه هذه المعلومات في دراسته لهذه الظاهرة ؟..
فالسحر كان قد بلغ ذروته في زمن الفراعنة المصريين وفي زمن سيدنا موسى عليه السلام ، حيث لم يكن قرآن ولا حديث ولا فاتحة معكوسة ، ولا إرتداء مصحف .. وفي وقت سبق حتى نزول التوراة ، فمن أين جاء الفراعنة المصريون بهذا السحر ؟
ومن أين جاء الكاتب بهذا المفهوم إذن ؟
والله سبحانه وتعالى أخبرنا على أن مصدر السحر هو الملكان هاروت وماروت وليس القرآن ، طبقا للآية:
" .. وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت .."
وهو ما سبق نزول القرآن بآلاف السنوات ، فكيف يكون السحر بارتداء المصحف ومخالفة الشريعة الإسلامية التي لم تكن موجودة آنذاك ؟..
عندما تقرأ هذه الكلمات في الإدلاء السابق ترى كلمة " قرآن " مكررة بشكل مكثف كما هو واضح في :
 إرتداء مصحف القرآن..
 كتابة آيات القرآن بقذارة ..
كتابة آيات القرآن أسفل القدمين..
وكتابة الفاتحة معكوسة..
وهو ما سيدفع بالقارئ بصورة عفوية إلى إستنتاج خطير..
سيستنتج لا محالة بأن السحر له علاقة بالقرآن..
وأن القرآن هو السحر نفسه ، وهو ما حدث بالفعل.. حيث أصبح الإنسان عندما يجد القرآن مكتوبا على أوراق من أجل التداوي به ، يرميه في المزابل والمراحيض أو يبول عليه ، عن مشاهدات عيانية ، بحجة أنه سحر والعياذ بالله.
  الله سبحانه وتعالى يخبرنا في القرآن على أن وظيفة الشيطان تتمثل في عملية الوسوسة لا في عملية الإتفاق ..
فالوسوسة شيء.. والإتفاق شيء آخر
.. كما جاء ذلك واضحا في سورة الناس.
 فنظرة واحدة كافية في أبسط سورة من القران وهي سورة الناس تعرفنا بالعلاقة الموجودة بين الإنسان والشيطان:
 " قل أعوذ برب الناس ، ملك الناس، إله الناس، من شر الوسواس الخناس ...الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس"[1] ..
ومنه فالعلاقة واضحة تتمثل في الوسوسة في إطار إبعاد الإنسان عن الجنة عن طريق الأمر في إفعل أو لا تفعل لاعن طريق الإتفاق كما يقولون..
بل أن الآية تشير إلى أن الشيطان يوسوس للإنسان من أجل أن يعمل عملا من الأعمال المحرمة.. وعندما يستسلم الإنسان لوسوسته يقول له هذا الشيطان:
 " إني بريء منك " 
وذلك كما هو واضح في الآية :
" كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين "[2]
وهكذا يكون من الواضح أن عبارة :
إني برئ منك
تتناقض مع فكرة الإتفاق بين الساحر والشيطان شكلا ومضمونا.
والله سبحانه وتعالى يعلم في غيبه الإهانة التي سوف يتعرض لها القرآن الكريم ، فوضّح
وظيفة الشيطان في أبسط وأصغر سورة من القرآن لكي تقرأها جميع الناس ، كبيرا وصغيرا ، ذكرا وانثى ، متعلما أو أميا أو جاهلا .. ولم يضعها في السور الكبيرة حيث يصعب على البعض قراءتها ...
إذن فالشيطان يدفع الإنسان إلى الكفر بوسوسته ، ثم يهرب منه بمجرد التنفيذ ، ولا يتفق معه مصداقا للآية الكريمة ، وعليه فمهمة الشيطان تنتهي بمجرد اسقاط الناس في الزلل فتتحدد بهذا الزلل والإيقاع لا بالإتفاق .
وقد جاء في قوله عز وجل :
" إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم "
ومن غير المعقول أن يتفق الساحر مع الشيطان في الوقت الذي يقول له إني بريء منك.. وهو تناقض واضح بين ما يقوله الله القرآن وبين ما يقوله الإنسان بأحكامه اللامنطقية والمضادة لهذا القرآن..
فالإتفاق شيء.. والبراءة شيء آخر..




[1] - سورة الناس
[2] - سورة الحشر-

الجمعة، 1 مايو 2015

في وضح النهار



في وضح النهار

الحاجّة بركاهم عجوز في الثانية والسبعين من عمرها.. تحكي لنا قصة شبح ظهرعليها أيام شبابها .
لقد سكنت مع زوجها في إحدى الضيعات التي خلفها الإستعمار الفرنسي والأقدام السوداء بالجزائر، وكان زوجها يعمل كفلاح في إحدى الضيعات الأخرى البعيدة عنهم ، بحيث يتركها وحدها طوال النهار ولا يعود إلا بعد العصر أو قبل المغرب بقليل..
وفي إحدى الصائفات ، في شهر أوت ، منتصف النهار ، كانت الحاجة بركاهم وحدها في الدار ، تشتغل بطهي الخبز على نار الحطب ..
وبينما هي كذلك على حين غفلة ، وإذا بإمرأة تدخل عليها ، وتقف بركاهم مذهولة دون حراك..
لقد كانت المرأة عظيمة الجسم ، طويلة القامة ، سوداء اللون ، كبيرة العيون ، ذات أسنان وأنياب بارزة.. وقد لوت بثدييها على كتفيها إلى الوراء .. وكانت تلبس لباسا يبدو عليه بأنه ليس من لباس ذلك العصر .. أو ينتمي لحظارة أخرى لا نعرفها..
كان جسمها وشكلها شكل آدمي ، لكنه يختلف بعظمته الغير معقولة والغير مألوفة ، وكل ما على جسمها من ثياب يدل على إنحدارها من زمن غير هذا الزمن ، وإلى حظارة قديمة من حظارات التاريخ..
وكل مافيها من نظرات وحركات يبعث على الشك في أن هذه المرأة كانت ميتة منذ آلاف السنوات وجاءت إلى هذه الحياة الدنيا بطريقة تختلف عن حياة بني آدم..
تقول الحاجة بركاهم بعد تحريات طويلة معها ، أن المراة الشبح قد طلبت منها أن تعطيها الخبز ، دون أن تؤذيها بشيء.. فأعطتها ذلك  بيدين مرتجفتين من شدة الخوف ..
 أخذت المرأة الشبح ذلك الرغيف بيدها ثم أدارت بظهرها الضخم وانصرفت بعيدة عنها بحوالي خمسين مترا أو ستين ، وجلست على الأرض جلسة التبول..
بدأت المرأة تبول حتى صنع بولها ساقية وصلت حتى عند الحاجة بركاهم وهي واقفة في ذهول .. ثم اختفت المرأة الشبح..
تقول الحاجة بركاهم بأنها لم تعد تدري كيف جاز عنها ذلك اليوم من شدة الخوف ، حيث كانت تتوقع دخولها عليها في أي لحظة.. إلى أن جاء زوجها ، فحكت له القصة بكاملها..
أخذ زوجها البندقية ، وراح يقتفي آثار أقدامها إلى أن إختفت عنه تلك الآثار ولم يعد له دور في الإقتفاء..
واتصل بأحد الجيران الذي كان يبعد عنه بحوالي كيلومترين ، لكنه لم يتحصل على شيء..
يقول زوجها الذي يبلغ الآن من العمر إثنتي وثمانين سنة ، بأنه أثناء إقتفائه لأثار الشبح ، وجد فعلا آثار أقدام آدمية في اتجاه الغرب ، لكنها كانت غير مألوفة في الطول والحجم .. ويبدو أنها كانت أقدام لكائن يشبه الإنسان لكنه ليس من فصيلته.
وفعلا فقد تكلمت القصص والأساطير ، عن مخلوقات غريبة كانت تظهر بين الحين والآخر في الأماكن الخالية ، خصوصا في الصحراء ، وفي وضح النهار ، تبدو أجسامها على هيئة وشكل الإنسان إلا أنها بطول وحجم يختلف تماما..
وتتميز هذه المخلوقات الغريبة بقدرتها على الإختفاء ، فلا تظهر إلا بحسابات دقيقة ولأسباب غير معروفة..
بنو آدم يخافون من هذا النوع من المخلوقات الغريبة ، لدرجة الرعب.. لكن الذي يظهر أيضا هو أن هذه الأشباح هي التي تخاف بني البشر ، بدليل إختفائها عنهم وعدم قدرتها على مقابلتهم ، خصوصا أمام الجماعة ، فلا تظهر أحيانا إلا لشخص واحد..
 أو ربما هناك أسباب أخرى ، قد ترجع إلى الإشعاعات التي تصدر عن أجسامنا والتي لا تتحملها أجسام هذه المخلوقات الغريبة.. حسب الآية :
" أفمن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس "
فقد يكون هذا النور هو تلك الإشعاعات الصادرة عن جسم الإنسان والتي تخافها هذه المخلوقات الغريبة.. لكن ليس بالضرورة أن يكون هذا التفسير صحيحا ، إنما هذه وجهة نظر فقط ، إذ يمكن لعلمائنا الأجلاء أن يأتونا يوما ما بالحقيقة المطلقة.
وغريب ما في الأمر أنه في وقتنا الحالي ، إختفت هذه المخلوقات الغريبة والأشباح عن الظهور تماما.. حتى نكاد نجزم بأنه لم يعد لها من وجود .
وقد تطرق أحدهم من أصحاب الرغبة في الإكتشاف والذي تتحكم فيه غريزة حب الإستطلاع ، بالذهاب إلى الأماكن الخالية منفردا ليلا ، خاصة في الأماكن المشهورة بالحوادث والقتل أيام الإستعمار الفرنسي.. وكرر التجربة طيلة سنوات حتى في أماكن أخرى ، ولم يحصل على شيء أبدا.
قد يبدو للقارئ أن هذا نوع من الهلوسة والوهم.. أو نوع من الخرافة والتسلية.. لكنه لو قام مثلنا بالتحقيق مع الذين رأوا هذه المشاهد ، وتأكد من مبادئهم السامية ، وأخلاقهم الكريمة ، والتزامهم الديني ، وصدقهم في الكلام.. لتأكد في نفس الوقت من أن الموضوع يحتاج إلى إهتمام .. إذ ربما أن الحياة في حقيقتها ليست على الشكل الذي نظنه تماما ، وأنها تخضع لقواعد وقوانين لازلنا لم ندركها بعد ، خصوصا إذا رجعنا لقوله عز وجل:
" ويخلق ما لا تعلمون "
وفي آية أخرى :
" ومن آياته أن خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة ، وهو على جمعهم إذا يشاء قدير"
ويظهر ربما من غير جزم ، أن موضوع الأشباح ، والمخلوقات الغريبة ، له علاقة كبيرة بموضوع تحضير الأرواح ، الذي قد نتطرق إليه ربما في أحد الواضيع القادمة في هذه المدونة بصورة مفصلة.
وإلى ذلكم الحين دمتم في رعاية الله وحفظه.    


الخميس، 30 أبريل 2015

الضعف الجنسي وعلاجه






أهدي هذه الوصفة الثمينة إلى كل عريس وعروسة.
هذه الطريقة في العلاج مجربة وصحيحة ، وتتم بواسطة التداوي الطبيعي بالأعشاب الطبية..
على أننا سنقدم في ما بعد علاجا ناجحا أكثر بواسظة علم التنمية البشرية دون تدخل أو مداخلة للدواء ، وبدون أي ثمن.
خذ على بركة الله كأسا كبيرا من بذور الحمص اليابس.
أفرغه في إناء.
ثم أفرغ عليه في نفس الإناء ، ثلاثة كؤوس من الماء إذا كان الفصل شتاء ، وأربعة كؤوس إذا كان الفصل صيفا.
أتركه ليلة كاملة.
وفي الصباح تشرب كل ذلك الماء على الريق..
سترى نتيجة عظيمة من الإنتصاب بعد ساعتين بإذن الله ، عن إعتبارات مجربة وصحيحة.
كرر العملية 5 أيام ، وكل مرة بكأس جديد من بذور الحمص.
التحسن يحدث منذ اليوم الأول ، لكن التكرار يزيد في النتيجة أكثر وأكثر..
يمكن أن يستعملها الزوج وحده ، ويمكن للزوجة أيضا إذا كانت تعاني من البرود الجنسي.
مبروك عليك يا عريس
ومبروك لك يا عروسة
البركة في مولود جديد بإذن الله.

ثنائية بين إثنين





إن الكلمة من حيث موقعها منفردة ، غير الكملة من حيث موقعها في جملة.. وغير الكلمة من حيث موقعها في نص .. وغير الكلمة من حيث موقعها في كتاب..
فالكلمة يختلف معناها حسب موقها ..
وهذا الموقع قد يحدد بنيتها..
تلك البنية التي تكون إما بنية فوقية.. وإما بنية تحتية..
البنية الفوقية تحدد المفهوم الظاهري للكلمة..
والبنية التحتية تحدد المفهوم الباطني لها ..
وبالتالي فإن المفهوم الظاهري للكلمة غير مفهومها الباطني ..
 فالمفهوم الظاهري يعطي المفهوم الأدبي للكلمة ..
والمفهوم الباطني يعطي المفهوم العلمي لهذه الكلمة..
ويترتب عن ذلك أن المفهوم الأدبي للكلمة غير المفهوم العلمي لهذه الكلمة ..
و هو ما يفرض منهجية خاصة في مناقشة أي فكرة من الأفكار ، وخاصة تلك التي تتعلق بنص قرآني بما يحوي من آيات وكلمات .. وهذا إلى جانب ما يحمله الإنسان من أفكار مسبقة عن مفهوم ما والتي تجعله أسيرا لها ، حيث تقف كعائق ابستيمولوجي تجاه أي تصور جديد ، مما يفرض لزومية الإنطلاق خارج إطار هذه القيود التي يفرضها عليه الغير بتصوراته اللاعقلانية.
وكثيرا ما بقي الإنسان أسيرا لنظرية طيلة آلاف السنوات ولم يكتشف خطأها إلا منذ سنوات قليلة ، مما جعل العلماء يقولون بأنه لابد من إعادة النظر في كل المفاهيم وتحديد نقطة الصفر للإنطلاق ، وهذا بمعنى البداية من اللامفهوم للوصول إلى المفهوم ..
 فعندما يعتقد الإنسان بمفهومية فكرة ما خارج سلطة المنطق ، فإنه يغلق على نفسه دائرة الفهم ويصبح أسيرا لفكرة قد تكون خاطئة من أساسها ، لأن الحقيقة المطلقة يعلمها الله وقد أودعها في العقل السليم المتحرر من التبعية للآخرين .
فالفكرة التي يؤمن بها الإنسان قد تكون عائقا إبستيمولوجيا تجاه المعرفة بحيث لا تسمح له بالبحث أو المناقشة لمفهوم ما.. إعتقادا منه بأنه يعرفه ولا داعي للبحث فيه.. وما هو من هذه المعرفة في شيء سوى أنه راح ضحية الإنقياد لأفكار الآخرين وآرائهم الخاطئة والمنطلقة أساسا من اللامفهوم.
فقديما كانت الآية :
" وجعلنا الرياح لواقح "
حملت إلى إعتقاد المفسرين إلى أن الريح تلقح السحاب في السماء فتحمله إلى أماكن مختلفة مما يؤدي إلى ظاهرة الرعد والبرق و... وكان هذا التفسير حقيقة مطلقة لا يمكن مناقشتها ولا الطعن فيها كونها من قول العلماء الذين لا يخطئون وبعبارة أخرى معصومين من الخطأ..
لكن علم الوراثة قلب موازين التفسير ، وعلم الإنسان تلك البنية التحتية التي لم يصل إليها التفسير الظاهري .. وأثبت بما لا يقبل الشك في أن الريح تقوم بحمل حبيبات الطلع من الأزهار الذكرية إلى الأزهار الأنثوية وبذلك تتم عملية التلقيح..
كما كان العالم  باستور عاكفا أيام زمانه على البحث في إيجاد ترياقا للقضاء على فيروس مرض الكلب الذي إنتشر آنذاك بصورة مروعة.. فقام بتجربة كلفته الثمين والأثمن لمدة شهور.. حيث زرع فيروس الكلب في إناء وبدأ يجرب الأدوية والترياقات الممكنة للقضاء على هذا الفيروس دون أن يهتدي لذلك..
وفي يوم ما تم بمشيئة الله سقوط جزء من التراب من السطح في إناء التجربة.. وراح باستور يتحسر ويتألم ويبكي خسارة التجربة.. لكنه تفاجأ في أن فيروسات الكلب لقيت حتفها عن بكرة أبيها.. مما ألزمه الإستنتاج بوجود مادة كيماوية بالتراب تقتل فيروسات الكلب..
لقد كانت هذه الحقيقة في حديث قرة أعيننا وسيدنا محمد(ص)  منذ أربعة غشر قرنا ، حيث يقول عليه الصلاة والسلام بما معناه أنه إذا لعق كلب في إناء فاغسله بالتراب سبعة مرات .. لكن التخلي عن البحث و تبليغ الأمانة العلمية لانتفاع البشرية بها.. هو الذي أدى إلى عدم وصول هذه الحقيقة إلى ميدان الطب ..
كما أن الخلفية الفكرية للإنسان تعتبر كعائق إيبستيمولوجي تجاه الفهم الصحيح للمعنى ... فالذي يؤمن بالمبدأ الإشتراكي مثلا ، يجد في القرآن التأييد المطلق للإشتراكية ... و الذي يؤمن بالرأسمالية يجد أيضا في هذا القرآن التأييد المطلق للرأسمالية ...في أنه لا هذا ولا ذاك ، والأمر يتعلق بمنطق الفهم لهذا التأييد الذي ينطوي وراء منطق آخر يدل على النظام الإسلامي الذي يوحد بين النظامين .
وبالمثل فالمؤرخ الذي يكتب عن النازية الهتلرية وهو يحمل خلفية الإنتماء  إلى هذه النازية غير المؤرخ الذي يحمل خلفية مضادة لها ..
 و المؤرخ الفرنساوي حينما يكتب عن الثورة الجزائرية غير المؤرخ الجزائري الذي يكتب عن هذه الثورة .... فالمؤرخ الفرنساوي يحمل خلفية فكرية تغير مفهوم النزعة الإستعمارية الفرنسية للجزائر بمفهوم الحماية مالإنتداب .. بينما المؤرخ الجزائري يراها أنها فكرة استعمارية بحتة .
و الذي يحمل خلفية المفاهيم السحرية لا يفسر الظواهر العلمية إلا بالرجوع للسحر كمرجع أولي ... أما الذي يحمل خلفية المفاهيم العلمية فلا يفسر إلا على أساس هذا الإتجاه ... ولا يشذ عن القاعدة الذي يحمل خلفيات سياسية...
أما إذا تطرقنا إلى مسألة تدخل الذاتية في الموضوع المعالج فإن ذلك يطرح عائقا آخر أكثر أهمية مما سبق وأكثر تأثيرا من حيث أنه يخلط العدد بالشيء المعدود .
وفي المقاييس الأدبية أو الإنسانية بصفة عامة ، تجد هذه الأشياء نقاط الضعف التي تتسرب منها ، أما المقاييس العلمية فتشذ عن القاعدة كون الواحد مع الواحد بالجمع لا يعطي إلا واحدا بالضرورة ، وهو ما تراه في شرح الأيات القرآنية يعطي خيطا واحدا منسجما مع بعضه البعض لا إنفصام فيه .
وعندما نريد شرح مفهوم ما مثل النفاثات في العقد ، فإن شرحنا يخضع للخلفية الفكرية التي يحملها الإنسان أو إتجاهه الفكري ....فإذا كان هذا الإتجاه أدبيا فإن الفكرة تصبح بما معناه أن ما يخرج من فم الإنسان على خيط به عقد لا أكثر ولا أقل .
وإذا كان الإتجاه سحريا فإن المفهوم يصبح عبارة عن قوة خارقة تظهر في النفث على الخيط لها قوة سحرية .
أما إذا كان الإتجاه علميا فإن المعنى يصبح عبارة عن تأثير قوة التخيل في علاقتها مع الإدراك  ، كما جاء ذلك واضحا في القرآن الكريم دون جدال ...
فالخلفية الفكرية للإنسان و إتجاهه الفكري إلى جانب الأفكار المسبقة التي يحملها عن مفهوم ما ، هي التي تحدد فهمه للمعنى الذي يفرض جدلية واضحة لا تزول إلا بانسجام هذا الفكر مع معطيات القرآن .
والعقليون يعترفون بأن العقل وحده بدون القرآن يصل إلى المتناقضات ..
 والقرآن بدون عقل يبقى كتابا مغلقا لا يفتحه إلا هذا العقل ..
 وهذا ما يفرض لزومية الإعتراف بثنائية لا مناص منها وهي ثنائية العقل والقرآن .. وأن القرآن هو الذي يشرح هذا القرآن اعتمادا على العقل الذي يتدبره ..
و القرآن هو الذي يصحح مسار العقل ، لأن الآية الواحدة قد تتكرر مرات عديدة لكنها بصغة مختلفة تسهيلا للمعنى وتقريبه للذهن وتثبيتا للمعلومات ، مما يسهل مهمة العقل في الوصول للمعنى المطروح .

الأربعاء، 29 أبريل 2015

زقـوق علـى شكـل حمـار





لا زال العلم قاصرا قصورا تاما عن تفسير بعض الحوادث والظواهر التي تجري في الكون والطبيعة.. ولا زالت معظم الألغاز مبهمة ، خصوصا في ما يتعلق بظهور الأرواح على شكل أشباح مخيفة..
وما يزيد اللغز أكثر إبهام وتعقيد ، هو ظهور هذه الأشباح على شكل أصحابها الذين قتلوا في فترة زمنية ما ، وفي مكان محدد ، بسبب تعرضهم لجريمة قتل أو حادثة ما..
ثم يزداد اللغز أكثر في تعقيده الذي يصل لغاية العجب والتعجب ، حينما يظهر هذا الشبح ، يروي حادثة قتله ، بإعادة بناء القصة كما حدثت ، وروايتها على شكل فيلم سينمائي ، بأمانة كاملة في التصوير الدقيق ، والتسلسل الذي يضمن توصيل المفهوم للمشاهد .
وكأن هذا الشبح يريد من المشاهد أن يعلم قصته المروعة والحزينة ، ليحكيها هو بدوره ، أو لينصفه في ظلمه الذي تعرض له..
أو كأنه يريد الإنتقام ممن غدروا به عن طريق إخبار الناس وإطلاعهم على السر الذي عجزت الناس من أهل التحقيق عن إكتشاف حقيقته.
أو كأنه يعتقد أنه ما زال حيا ، ومن حقه الرجوع إلى الحياة ، كما يقول بذلك مجموعة من العلماء وعلى رأسهم السيد كينيث ماكول الذي يقول بنظرية تناذر المس.
يقول السيد كينيث ماكول في نظريته تناذر المس بان الأرواح حين ظهورها لا ترغب في إيذاء أو إزعاج البشر، بل تحاول أن تظهر نفسها وتعلم الناس بأنها أرواح هائمة لم تمت ميتة طبيعية .. فتقوم بالظهور أمام بعض الناس.
ويقول السيد كينيث ماكول بأن القراءة تحول دون ظهورهم وتحسن الأمر كثيرا ، لأنها تعتبر بمثابة التهدئة والرثاء لهم.
لكن يعتبر هذا الكلام من وجهة منظور شخص ما ، يدور في الإطار النظري ولا يمكننا التأكد منه إلا إذا دخل تحت رعاية المنهج التجريبي في دراسة مثل هذه الأمور..  إذ ربما تظهر هذه الأشباح لأسباب وأهداف أخرى غير معروفة ، وما زلنا لم نصل إليها بعد.
ويظهر الشبح غالبا وقت الظلام الدامس ، وفي المكان الذي حدثت فيه جريمة القتل أو الحادثة.. ونادرا أن يحدث أمام جماعة من المشاهدين ، بل أمام شخص منفرد وحده.
وعندما قمنا بالتحري مع كثير من المشاهدين ، الذي ظهر عليهم الشبح في مكان ما ، أقنعنا كل منهم في أنه لم يكن على علم أبدا بأن هذا المكان حدثت فيه حادثة مات فيها صاحبها..
والعجب هو أن هذا المشاهد يحكي القصة كما حدثت لحظة الحادثة أو الجريمة كما لوكان حاضرا وقتها .. وهو ما يثبت صحة قوله بعيدا عن الشك في أمر الهلوسة والأوهام.
ثم أن هذا المشاهد غالبا ما يكون في سن السبعين والثمانين وقت تحرينا معه ، أو يكون من حجاج بيت الله الحرام ، يتمتع بسلوك أخلاقي رفيع ، ولم يثبت عنه الكذب يوما من الايام.
وكنا لا نكتفي بالتحري معه مرة واحدة ، بل نزوره بعد شهر ثم تطول مدة رجوعنا إليه بعد ستة شهور أو سبعة.. لكي نراقب التغير في الكلام ، والإختلاف في الرواية ، وتلك إحدى الطرق في التحقيق من صحة أمر الراوي من كذبه..
فإذا ظهر الإختلاف في مكانه ، فإنه يكون من المحتمل كذبه..
أما إذا لم يظهر الإختلاف في كلامه خلال المقابلات ، فإن ذلك دليل أكيد على صحة روايته.
هذا بكل إختصار ما يتعلق بما يسمى بالمقتول..
أما في ما يتعلق بالزقوقي فهو شيء آخر ، يظهر فيه الشبح دون أن يعبّر عن شيء ما مثل المقتول.. بل يظهر من أجل التخويف وبعث الرعب في المشاهد ، وربما الغدر به وقتله.. كم يظهر ذلك جليا في القصة التالية. 
ففي زمن الخمسينات .. كان عبد القادر بن أحمد في ريعان شبابه ، يتيما ، فقير الحال ، ليس له حرفة أو عمل يستجير به من ضربات الجوع.. يتخبط في المخلفات السلبية التي تركها الإستعمار الفرنسي .. ولم يجد شغلا سوى أنه يتولى توصيل البضائع التي يكلفه بها التجار إلى السوق الذي يبعد عنه بحوالي خمسين أو ستين كيلو متر.. يقوم بتوصيل هذه البضاعة مشيا على الأقدام لمدة يومين أو أكثر.. مقابل أجرة يتلقاها لسد رمقه ..
وكثيرا ما يكلفونه بتوصيل قطيع من الأغنام إلى السوق ، حيث يجد أصحابها ينتظرونه هناك من أجل بيعها..
كان عبدالقادر شجاعا للدرجة التي لا يخاف فيها من اللصوص أو قطاع الطرق أو الذئاب.. أو ربما كان مجازفا أو متهورا بسبب لقمة العيش..
و حدث ذات مرة أن كلفوه بتوصيل قطيع من الغنم من مهدية ولاية تيارت إلى سوق الماشية بالسوقر من نفس الولاية ، واختار هذه المرة أن يرافقه جاره السعيد في المهمة ، لأن القطيع كان كبيرا ولا يستطيع القيام بالمهمة وحده..
وفي اليوم الثاني من المشي ، بعد أن ضرب عليهم الليل نسيجه ، وتحت ضوء القمر، حيث أخذ منهم التعب مأخذا عظيما ، وحيث كان صديقه السعيد بعيدا عنه عند الطرف الثاني للماشية ، رأى عبدالقادر حمارا يمشي وسط الغنم.. وظن أنه ربما لأحد سكان الدوار الذي كان يبعد عليهم بكثير.. فقرر أن يركب عليه ليريحه من عناء المشي على الأقدام ..
ركب عبدالقادر الحمار، وبعد فترة قصيرة من الزمن ، بدأ هذا الحمار يكبر ويعلو ظهره عن سطح الأرض.. وازداد طولا وارتفاعا لحوالي أربعة أو خمسة أمتار.. دون توقف .. فأصابه الرعب الشديد وصاح بأعلى صوته ، ثم رمى بنفسه على الارض حيث إنكسر من ذراعه اليسرى..
وجاء صاحبه يجري نحوه في ذهول .. ولم يعرف شيئا عن سبب الحادث لأنه كان بعيدا عنه..
نزع السعيد عمامته وشد بها ذراع صديقه عبدالقادر ، ثم أذن له في أذنيه لكي يساعده في التغلب على الصدمة.. مع قراءة ما تيسر من بعض السور القصيرة للقرآن ، ومشى معه في خطوات ثقيلة وهو في حالة من فقدان وعيه ..
وكان يحمله تارة ، ويمشي معه تارة أخرى ، مع حراسة الغنم من الذئب واللصوص ..
ويقول صديقه السعيد عند التحري معه ، بأنه لم يجد الحمار المزعوم الذي حكى عنه عبدالقادر بل كان قد إختفى تماما.. كما أنه أخبرنا بأنه عانا معاناة شديدة بسبب المهمة التي صارت مزدوجة بالنسبة له ..
فمن جهة يتولى التكفل بصديقه عبدالقادر وهو في حالة غيبوبته .. ومن جهة أخرى يتولى حراسة الغنم من اللصوص أو الذئاب ، وسياقتها إلى السوق في الوقت المطلوب ..
ووصلا إلى السوق في ساعة متأخرة.. حيث قام السعيد بإسعاف صديقه عن طريق تقديم السكر المذاب في الماء شرابا .. ولم يرجع له وعيه إلا بعد أربعة أيام.. حيث أخبر بعدها صديقه السعيد بالأمر الذي وقع له.
قمنا بالتحري عدة مرات مع السيد عبدالقادر وهو في سن الخامسة والسبعين من أجل التأكد من صحة كلامه فأخبرنا بتفاصيل القصة كاملة بحيث لم يحدث خلل أو إختلاف في صياغتها ، مما يدل على صحتها..
ولما سألنا السعيد أخبرنا بأنه لم ير الحمار إطلاقا لأنه كان بعيدا عن صديقه عبدالقادر، بل سمع فقط تلك الصرخة التي صدرت عنه حين سقوطه بصوت  مرعب من بعيد ، ووجده ساقطا على الأرض مكسور الذراع.. وقال بأنه تأكد من صحة القصة بسبب وجود هذا الكسر الذي يدل بإنه سقط فعلا من أعلى..
كما أن الصوت نفسه كان يدل على أنه من أعلى للأسفل.
إن هناك الكثير من القصص التي أخذناها عن أصحابها وقت التحريات معهم ، في أزمنة متباعدة ، من أجل التأكد من صحتها أو خطئها.. ويشير أغلبها إلى التعجب والحيرة في هذه الظواهر التي لاتزال مجهولة.. وسنوافيكم بها في حينها ، في القصص القادمة..
دمتم في رعاية الله وحفظه.

                                      


الجمعة، 24 أبريل 2015

الأشبــاح





نحن بطبيعة الخال لا نعيش وحدنا في هذا الكون..
هناك مخلوقات غير الإنسان تعيش معنا..
ومن بين هذه المخلوقات ، الملائكة والجن والشياطين.. ومخلوقات أخرى..
وبعض المعلومات لا ندري صحيحها من خطئها ، تتكلم عن وجود ما يسمى بالأطباق الطائرة .. أو الصحون الطائرة.
كما تواترت المعلومات عبر العصور والأزمنة وتكلمت عما يسمى بالغول.. وهو نوع من المخلوقات شبيهة بالإنسان تأكل بني البشر.. وقد تمت هذه المعلومات عن شهود عيان..
وتكلم الكثير والكثير عما يسمى بالمقتول .. ومنهم من يسميها عندنا في الجزائر تسمية دارجة باسم " ترقو " Tergou.. ومنهم من يسميها " زقوق "..
"المقتول"  يظهر دائما بصفة الإنسان الذي تعرض لجريمة قتل في زمن ما..
" ترقو" تظهر دائما في صفة مرأة سوداء بشكل غريب ومخيف..
" زقوقي " يظهر بصفة حيوان مألوف في حجمه العادي.. ولا يلبث أن يكبر جسمه ويغير حجمه إلى شكل مخيف وخطير..
لقد سمعنا الكثير والكثير عن مثل هذه المخلوقات الغريبة.. من أشخاص كبار السن..
وغريب الأمر أن العلم وقف عاجزا على تفسير مثل هذه الأمور والألغاز..
يظهر المقتول ليلا بعد نوم الناس .. ونادرا ما يظهر في النهار وقت السكون في المكان الذي حدثت فيه جريمة قتل..
يظهر الشبح في صفة الإنسان الذي تعرض لجريمة قتل في زمن ما.. بنفس المواصفات التي قتل بها.. فيصيح كما لو كان قد قتل في هذه اللحظة بالضبط ويتخبط و هو مخضب بالدماء.. أو يظهر عليه صوت الإختناق إن كان قد قتل شنقا.. ويصيح من شدة الألم.. أو تسمع صراخه بكلمات الترجي والعفو والإستنجاد والإستغاثة بمثل الحال الذي ظهر عليه أثناء قتله.. وكأنه فيلم سينمائي يصور الحدث بطرق فنية رائعة.. أو كأن عدسات الكاميرا قد إلتقطت الحدث وقت حدوثه بصورة مدهشة..
يقول عدد كبير من شهود عيان.. أن المشاهد تنتابه حالة من الخوف والرعب الشديد .. و حالة من عدم القدرة على الحركة والهروب.. مع تسارع في نبضات القلب .. وشعور بحالة تنمل وشيء يشبه وجود الشوك في جسمه.. وقد يفقد القدرة أحيانا حتى على الصياح والإستنجاد..
ويغلب أن يظهر المقتول أمام شخص منفرد ومنعزل عن الآخرين .. لكنها في كثير من المرات تظهر لمجموعة من الأشخاص حسب بعض التحريات التي قمنا بها.. مع التحقيق التام والدقيق.. فكنا نتصل بالمجموعة التي تعرضت لهذا الحدث ونسأل كل واحد منهم على إنفراد بأسئلة دقيقة .. فيظهر عدم الإختلاف في رواياتهم .. وهو السبيل الوحيد للتأكد من صحة الرواية أو من خطئها..
ويقول بعضهم أن هذه الحالة ما هي إلا نوع من الهلوسة البصرية والسمعية .. تحدث للشخص الذي لديه الإستعداد للإصابة بحالة الهلوسة.. وهذا صحيح من جانب الطب النفسي.. غير أن الهلوسة تحدث للشخص الواحد وهو وحده فيرى المقتول أمامه دون أن يراه الآخرون.. لكن هذه النظرية غير صحيحة عندما يتعلق الأمر برؤية مجموعة من الأشخاص لنفس الحدث وبنفس التفاصيل.. أي أنه لا يمكن أن تحدث الهلوسة لمجموعة من الأشخاص حول موضوع واحد.. بمعنى أنه لا توجد هلوسة جماعية..
ويؤكد علماء النفس في أنها حالة من الأوهام ..
غير أن فكر الإنسان شيء والواقع الذي حوله شيء آخر..
فكثير من النظريات والأحداث التي لا يعترف بها العلم ، لا تزال تثبت وجودها على ساحة الواقع وتلوح كل مرة بألغاز يعجز العلم عن تفسيرها..
ويقول بعض العلماء أن الروح في حالة خروجها من جسد القتيل.. تخرج معتقدة بأنها لا تزال على قيد الحياة.. ولا زال حقها في هذه الحياة.. وبإمكانها العودة إلى جسدها.. أي أنها غير راضية بخروجها من الجسد وموتها.. ولذلك تحاول العودة كل مرة حسب قانون روحي يضبطها ..
لكن لماذا تحاول هذه الروح الرجوع إلى الجسد فقط أمام شخص منفرد أو أمام مجموعة من الأشخاص ؟ ولماذا وقت الظلام فقط أو وقت السكون ؟
وعند المسيحيين ، يقوم البابا بمعاينة مكان الحادث بنفسه ، والذي تكرر فيه الحدث بشكل مطول .. كما لو كان في سكن ما بحيث يبعث الرعب والخوف بين أهله .. ثم يقوم بإلقاء خطاب طويل يوعظ فيه هذه الروح بأن حياتها إنتهت .. وأنه لم يبق له بصيص أمل في الرجوع.. وأن تاريخ حياتهم قد توقف نهائيا .. وأنهم في دار الآخرة وهم من الأموات..ولا سبيل لهم من الرجوع إلى الدنيا.
ويؤكد المجربون في أنه إبتداء من هذا اليوم يتوقف المقتول عن ظهوره نهائيا..
أما عند المسلمين ، فيقوم من يسمى بالطالب أو الحكيم بكتابة بعض الآيات وأسماء الله الحسنى على قضيب من حديد ويدقه في ذلك المكان.. ويقول المجربون أيضا من أن المقتول يتوقف عن ظهوره إلى الأبد .. إلا في حالة إذا أنتزع هذا القضيب من مكانه..
ويقول علماء آخرون بأن الشيطان لحظة الجريمة يلحس أول قطرة من دم القتيل ليبق في حالة الظهور دائما وفقا لقانون مجهول.. لكن تفسير الحوادث بالرجوع إلى الشياطين أمر مفروغ منه.. لأن حوادث الكون تجري بصورة طبيعية مضبوطة ضبطا علميا ولا علاقة للشيطان بذلك على الإطلاق... تماما مثل المعادلات الرياضية أو الفيزيائية أو الكيميائية.. فإضافة الأوكسجين إلى الهيدروجين يعطي ماء بالضرورة ولا علاقة للشيطان في ذلك.
ويضيف شهود عيان أن المقتول يختفي بمجرد أن تقول : " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " .
ويؤكد البعض الآخر بأن المقتول يختفي تماما بمجرد إشعال النار بعود كبريت..
في حين يؤكد البعض الآخر أن هذه الأشباح المخيفة تهرب وتختفي من أمام الشخص إذا ظهر بمظهر الشجاع ..
كذلك يختفي الشبح عند إستماع صوت الحديد ، كصوت المفاتيح مثلا..
وقد روت لي أحد العجائز التي لا تزال على قيد الحياة وعمرها الآن يتجاوز الثمانين سنة.. قالت بأنها لما كانت في ريعان شبابها تزوجت وسكنت مع زوجها في أحد الضيعات التي خلفها المعمرون الفرنسيون..
ذهب يوما زوجها إلى العمل وتركها وحدها في الدار.. وكان الوقت صيفا.. فدخلت عليها مرأة سوداء اللون ، عظيمة الجسم ، طويلة القامة ، أسنانها كبيرة وبارزة ، عيناها كبيرتان تبدو بمظهر قبيح..لا جمال عليها.. وبين فتحتي الأنف مسافة كبيرة .. وقد لوت بثدييها فوق كتفيها.. ترتدي بذلة قديمة ، غير موجودة في ذلك الوقت.. وساقاها مكشوفتان.. ورأسها مكشوف أيضا.. ويدل شكلها عموما على أنها ليست من نساء ذلك العصر.. بل أن زمنها كان قديما ..
تقول الراوية بأن الشبح قد تقدم نحوها ، وطلب منها الخبز ، ثم الماء وانصرف دون أن يؤذيها.. ولم يظهر عليها الخوف سوى نوع من الإرتباك..
وأضافت تقول بأن المرأة إبتعدت عنها بحوالي مائتي متر ، ثم جلست في وضعية التبول.. وبالت بحيث أن بولها صنع مثل الساقية الطويلة حتى وصل عند العجوز.. وانصرفت..
ولما جاء زوجها وأخبرته ، أخذ البندقية وخرج يلتمس آثار أقدام الشبح .. لكن سرعان ما إختفت تلك الآثار ولم يصل إلى شيء.. واتصل بالجيران الذين يبعدون عنه بحوالي كيلومتر ودون جدوى.
وهناك قصص كثيرة من هذا النوع ، تمت وفق تحريات طويلة مع شهود عيان ، منهم من مات ، ومنهم من لا يزال على قيد الحياة .. وسنوافيكم بها في الصفحات القادمة بإذن الله.